16/02/2018 - 12:01

خطر "السياقة المبكرة" ودور الأهل

السيارة ليست اختراع  تكنولوجي ممكن تجريبه والتعامل مع معطياته كلعبة، السيارة ممكن أن تكون "مصيدة" تأخذ الشاب لهلاكه، بدون مبالغة، فكم وردة قصفت من عمرها وبسهولة وأودت بأرواح آخرين نتيجة هذا الخطر

خطر

باتت السياقة اليوم من المهمات الصعبة  في الشوارع نظرا للاكتظاظ المروري الملحوظ  في السنوات الأخيرة، وباتت السيطرة على السيارة والخطورة من السياقة لا تتعلق بالسائق نفسه بل ببقية مستعملي السيارات من حوله، ونلحظ اليوم نسبة لا يستهان بها من السائقين، من جيل مبكرة في السياقة، نستطيع أن نعرفهم عن بُعد، نتيجة تجاوزاتهم المفرطة وتسللهم بشكل لولبي إلى حيزنا وحيز الآخرين أو الشبابيك المفتوحة والموسيقى الصاخبة بأعلى صوت، العصبية المفرطة وعدم الصبر لتجاوز سيارة أخرى وبالقوة وبدون تفهم لما يجري في الشارع، أو السياقة وكرسي السائق ملقى نحو الخلف ،أشبه بحالة النوم والاسترخاء، نضطر هنا للتوقف عند هذه الظاهرة الآخذة بالانتشار يوميا وهي السياقة "المبكرة"، وخاصة في ظل ارتفاع كبير في عدد القتلى نتيجة حوادث طرق.  
السياقة "المبكرة" :
توجهنا بالسؤال والاستفهام عن ظاهرة تعلم السياقة في جيل مبكرة (جيل 16.5- 18)  لدى اليافعين للأستاذ شكري حنا، فقد عمل معلما في المدرسة ومعلم سياقة لأكثر من 35 عاما، واكب أجيالا عديدة، وعلم مئات الطلاب السياقة، قال لنا:

"ما شهدته في الأعوام الأخيرة من زيادة لطلاب السياقة في جيل مبكرة، لم أشهده من قبل، فجيل السياقة المسموحة اليوم هو 16.5 عاما، قبل ذلك كان العمر المسموح هو 17 عاما وقبلها 18 عاما ، ومن حدد الجيل الأخير هو وزارة الدفاع والجيش، حيث تحدد الجيل المسموح للسياقة 16.5 عاما وهكذا توحد الجيل المسموح للجميع، وما نلحظه اليوم، بأن طلاب السياقة في جيل تحت ال 19 عاما في معظمهم، في الوقت الذي كانوا بين أجيال 23 -40 (قلائل) عاما، بعد أن ينخرط الفرد في سلك العمل ويكون منتجا ومسؤولا عن دفع تكاليفه الباهظة ليحصل على الرخصة وبعرق جبينه، ثم بعدها يقتني سيارته بعرق جبينه أيضا بمسؤولية ونضوج كامل، فرخصة السياقة هي وسيلة لتحسين الظروف الحياتية وهي ليست هدفا بحد ذاتها، أما اليوم فقد تحولت لضرورة من ضروريات جيل المراهقة والبلوغ التي يطمح الشباب بالوصول إليها، مع العلم بأن تكلفتها باهظة جدا على الأهل أصحاب الدخل المحدود، نرى اليوم طلاب الثواني عشر يصلون لمدارسهم بالسيارات، التي تضاهي أحيانا أنواع سيارات المعلمين وينافسونهم في ذلك، هذه ليست المشكلة بل تكمن المشكلة في كون الطلاب يحصلون على الرخص بأسهل الطرق والإمكانيات، والموضوع أصبح تقليدا أعمى بغض النظر عن الحاجة للرخصة، تنافس بين الأصدقاء، هو معه رخصة اذا أنا سأحصل على الرخصة، وحتى تنافس بين الأهل، ابن فلان معه سيارة وأنا سأعطي ابني السيارة، يعني أن الموضوع تقليد ومنافسة، وكل ذلك عدا عن الخطر المتربص للأولاد على الشوارع، وهنا يجب أن نسأل السؤال، ما حاجة طالب في الصف الحادي عشر ان يقتني رخصة سياقة ويكون مسؤولا عن سياقة مركبة كبيرة مهما بلغت مهارته في السياقة، وبالرغم من أن القانون يسمح بذلك ويشترط على السائق الجديد بأن يرافقه بالغ لمدة ستة أشهر بعد حصوله على الرخصة، وبالرغم من أن السياقة في جيل مبكرة يكون التعلم فيها أفضل من جيل متأخرة، فإن هذا الجيل من مميزاته الاندفاع أحيانا وعدم التروي في اتخاذ قرارات مناسبة، وهنالك احصائيات تثبت ذلك". 


 بحثنا عن احصائيات حسب استطلاعات أجريت بهذا الشأن، وحسب جمعية أور يروك(ضوء أخضر)، فتبين بأن 45"% من الشباب يعترفون بأنهم "أحيانا أو دائما" هم أو سائق السيارة التي يستقلونها (في نفس الجيل) لا يعطون حق الأولوية للمشاة، و25% من الشباب لا يضعون دائما حزام الأمان أثناء السفر في المدينة(السائق أو من معه)، و 50% من الشباب يعترفون بأنهم "أحيانا أو دائما" هم أو سائق السيارة التي يستقلونها، يسيرون بسرعة مفرطة، و 38% من الشباب يعترفون بأنهم "أحيانا أو دائما" هم أو سائق السيارة التي يستقلونها يتحدّثون بالهاتف الخليوي بدون سماعة أو مكبر صوت أثناء قيادة السيارة".


 ونحن نعلم هنا بان الأهل لا يحفزون الأولاد بان يكونوا على هذا الشكل من الاستهتار، ولكن يجب أن يسألوا  فعلا ما حاجة الولد لاقتناء رخصة سياقة، وإن كان لا بد من ذلك ما مدى تأثيرهم ومراقبتهم لسياقة اولادهم، وللأسف ما يغري الجيل الصاعد بأن يرفعوا سقف وصول ساعة السرعة لحدود أعلى مما وصلها اصحابهم، فتصبح السيارة للعب واللهو وبعدم تحكم بها، فالسيارة ليست اختراع  تكنولوجي ممكن تجريبه والتعامل مع معطياته كلعبة، السيارة ممكن أن تكون مصيدة تأخذ الشاب لهلاكه، بدون مبالغة، فكم وردة قصفت من عمرها وبسهولة وأودت بأرواح غيرهم نتيجة هذا الخطر، سياقة جنونية، سباق طفولي بين سائقين وكأنهما في سباق سيارات ألعاب عادية وليست سيارات حقيقية، والأخطر من ذلك ،وهنا تقع المسؤولية كاملة على الأهل، السياقة بدون رخصة (سيارة أو دراجة نارية أو جرار- تراكتور صغير)، فكيف يمكن أن يأخذ شاب سيارة من أهله "بإذن أو بدون إذن" ويمر ذلك دون الحديث عنه والتطرق إليه في البيت، على من تقع المسؤولية؟؟.


وهنالك آخر معطى سنة 2017 والذي أقرته مؤسسة بطيريم بالنسبة لاحتمالات الوفاة بحوادث الطرق، يقول بأن هنالك مؤشرا ملحوظا يشير إلى أن المراهقين بعمر 15-17 هم عرضه للحوادث, حيث ان هذه الفئه العمرية تشكل 38% من مجمل حالات الوفاة بحوادث الطرق بالسنوات 2013-2017، وفي هذه الفئة العمرية حالات الوفاة لدى المراهقين ابناء 17 عاما، يشكلون 22% من مجمل حالات وفاة المراهقين والاطفال نتيجة حوادث الطرق.


سألنا خبير فحص السيارات السيد جميل نخلة عن التحكم بالسيارة ومهاراتها قال:

" دروس السياقة المقرة هي 28 درسا قبل الامتحان المؤهِل لتلقي الرخصة، وهذه الدروس لا تؤهل الطالب ومستلم الرخصة الجديد لأن يكون معرضا ومجربا لكل حالات الخطر من الشارع والسيارة وتعلم تفادي هذا الخطر، كمنع انزلاق السيارة وانقلابها، فإذا كانت السياقة لسيارة قوية وبقوة كبيرة 280-300 حصان مثلا، فالسرعة الفائقة قد تفقد القدرة على التحكم، فالمصير هو عدم السيطرة المؤكدة، وللأسف التطور التكنولوجي للسيارات وقوتها لا تلائم إمكانيات الشوارع ونوعياتها الرديئة وخاصة في البلدات العربية، ونصيحتي للأهل اليوم بأن يهدوا أبناءهم هدية بعد حصولهم على رخصة، بتوجيههم لكي يجربوا السياقة والسيارة في مساحات خاصة نقية من السيارات الأخرى فتحت مؤخرا لهذا الهدف، يستطيع السائق الحديث التدرب بسيارته على كيفية التحكم في السيارة أثناء سياقتها ولا يعرض الأخرين للخطر."
وأثناء كتابة هذا الخبر أسمع في المذياع " وفاة شاب بعمر 18 عاما نتيجة تعرضه لحادث طرق مروع نتيجة عدم تحكمه بالسيارة"

 

التعليقات