دراسة تظهر تحيّزا عرقيًّا أكبر لدى الأشخاص البيض

اختبارات تكشف عن التحيزات الضمنية، استخدمها الباحثون، بيّنت أن البيض يربطون بشكل أكثر منهجية السمات البشرية -أكثر من الحيوانية- بفئتهم العرقية.

دراسة تظهر تحيّزا عرقيًّا أكبر لدى الأشخاص البيض

(توضيحية - Getty Images)

لا يختلف اثنان على أن جميع البشر ينتمون إلى النوع نفسه، وهو الإنسان العاقل، ولا يُنكر هذا الأمر سوى قلة، ولكن ثمة فجوة بين ما يقول الناس إنهم يعتبرونه صحيحا، وما يؤمنون به في أعماقهم، وفقا لدراسة جديدة نُشرت، الإثنين، في مجلة "بروسيدينغز أوف ذي ناشونال أكاديمي أوف ساينسس" الأميركية.

وتولّى فريق من الباحثين من جامعتي "هارفارد" و"تافتس" جمع بيانات من أكثر من 60 ألف شخص شاركوا في مجموعة تجارب، لاختبار أحكامهم المسبقة.

وعندما وُجِّهت إلى المشمولين بالدراسة أسئلة صريحة مباشرة، اعتبرت غالبيتهم العظمى أن البيض وغير البيض ينتمون جميعا إلى الجنس البشري.

لكنّ اختبارات تكشف عن التحيزات الضمنية، استخدمها الباحثون، بيّنت أن البيض يربطون بشكل أكثر منهجية السمات البشرية -أكثر من الحيوانية- بفئتهم العرقية.

ولم يُظهر المشاركون السود والآسيويون والإسبانيون، أي تفضيل من هذا القبيل، إذ قرنوا بشكل متساوٍ مجموعتهم والأشخاص البيض بسمات بشرية.

وقالت الباحثة في جامعة "هارفارد"، كيرستن مورهاوس، إن "أهم ما أظهرته الدراسة في نظري، هو أننا لا نزال نواجه بأشكال جديدة أفكارا قائمة منذ قرون"، بحسب ما أوردت وكالة "فرانس برس" للأنباء.

وعلى مر التاريخ، استُخدم نزع الصفة البشرية عن بعض الجماعات العرقية، ذريعة لمعاملتها بشكل مختلف، مما أدى أحيانا إلى إبادات جماعية.

وتستند الدراسة إلى اختبار يُسمّى بـ"الربط الضمني"، ابتُكر للمرة الأولى في أواخر تسعينيات القرن العشرين، وبات مستخدما بصورة كبيرة مُذاك.

ويُجرى "الربط الضمني" على جهاز كمبيوتر، ويتمثل في اختبار قوة الربط بين سمات ذات دلالات إيجابية أو سلبية ومفهومين، كالربط بين السود والبيض مثلا، أو بين الأشخاص المثليين أو المغايرين جنسيا.

وتكمن الفكرة في أنّ عمليات الربط التي يكوّنها الشخص بسرعة أكبر، تكون متأصلة في ذهنه أكثر من تلك التي يقوم بها ببطء.

ويشير الباحثون إلى أنّ هذا النوع من الاختبارات يمكن أن يكشف عن الأحكام المسبقة التي لا يدركها الشخص.

وفي المجموع، ربط 61% من المشاركين البيض بسهولة أكبر بين ذوي البشرة البيضاء وكلمات مرتبطة بالبشر ("شخص"، "رجل"، "إنسانية"...)، وبين الأشخاص السود وكلمات مرتبطة بالحيوانات ("مخلوقات"، "وحوش"...).

ووصلت هذه النسبة إلى 69% عندما تعيّن على الأشخاص البيض مقارنة مجموعتهم مع الآسيويين أو اللاتينيين.

وأتت النتائج متشابهة لدى الجميع بغض النظر عن أعمارهم، ومستويات التعليم لديهم، والدين الذي يعتنقونه. إلا أنّ الأشخاص المحافظين والرجال ربطوا بصورة أكبر "البيض" و"البشر".

ولم يظهر الأشخاص غير البيض تحيزا لصالح مجموعتهم، مقارنة بالأشخاص البيض؛ إلا أنهم أقدموا على ربط الأشخاص البيض بصفات بشرية أكثر مما ربطوا هذه الصفات بمجموعة عرقية أخرى من الأقليات.

وتعتبر كيرستن مورهاوس أنّ هذه النتيجة يمكن تفسيرها على أنها ترجع إلى الهيمنة الاقتصادية والاجتماعية للبيض في الولايات المتحدة، حيث يعيش 85% من المشاركين في الدراسة (8,5% متحدرين من أوروبا الغربية).

وحتى لو لم ترق نتائج اختبارات مماثلة لبعض الأشخاص الذين لا يلاحظون أحكامهم المسبقة، فإن معرفتهم بها هي خطوة أولى لمناهضتها، بحسب مورهاوس.

التعليقات