الرّجولة في السّينما الفلسطينيّة كما رصدها صالح ذبّاح

من فيلم "بدون موبايل" لسامح زعبي

عُقِد في مقهى المحطّة بمدينة حيفا، الأربعاء الماضي، لقاء تحت عنوان 'تصوّرات لنماذج الرّجولة في السّينما الفلسطينيّة'، من تقديم الباحث السّينمائيّ صالح ذبّاح، في محاولة قراءة تصوّرات لنماذج رجولة مختلفة في أفلام فلسطينيّة بارزة، وتأثّر هذه التّصورات بالأحداث السّياسيّة الّتي رافقت الشّريط السّينمائيّ.

العقيم... الصّلب

عرض ذبّاح في النّدوة التّغييرات الّتي طرأت على صورة الرّجل في السّينما الفلسطينيّة، أو تلك الّتي كانت أدبًا فلسطينيًّا وتحوّلت إلى عمل سينمائيّ، وقد تناول أبرز هذه التّجارب، وباكورتها فيلم 'المخدوعون' (1972) عن رواية 'رجال في الشّمس' للأديب غسّان كنفاني، والّذي أخرجه المصريّ توفيق صالح، مؤسّسًا به تيّارًا استدعى العقم الرّجوليّ لإسقاطه على العجز السّياسيّ الفلسطينيّ، وهو توظيف حضر بقوّة لاحقًا في الأفلام الرّوائيّة الطّويلة الّتي أُنتجت داخل فلسطين، وتحديدًا منذ منتصف الثّمانينات، وذلك على عكس صورة الفدائيّ الصّلب الّتي قدّمتها الأفلام الوثائقيّة الّتي أنتجتها فصائل الثّورة الفلسطينيّة.

ومن أبرز الأفلام الّتي ركّز عليها ذبّاح، فيلم 'عرس الجليل' (1986) لميشيل خليفي، بالإضافة إلى ثلاثيّة المخرج إيليا سليمان السّاردة لسيرته الذّاتيّة، 'سجلّ اختفاء' (1996)، و"يد إلهيّة" (2002)، و"الزّمن الباقي" (2009).

قتل الأب وتعدّد البطل

كما تطرّق ذبّاح لتقاطع انتهاك الأرض مع استغلال جسد الرّجل في تجارب المخرج توفيق أبو وائل، كما في فيلمه الرّوائيّ القصير، 'يوميّات عاهر' (2001)، المستوحى من رواية 'الخبز الحافي' للكاتب المغربيّ، محمّد شكري، وفيلمه الرّوائيّ الطّويل، عطش (2005)، وقد تجلّى فيهما عنصر 'قتل الأب' بمعانيه الرّمزيّة والفعليّة.

وكانت لتجربة المخرج هاني أبو أسعد، كما عرضت في النّدوة، تحديثات على نموذج البطل في أفلام مثل 'الجنّة الآن' (2005)، و 'عمر' (2013)، حيث اختلط فيها الفلسطينيّ بالهوليووديّ، في إشارة إلى لمسات وتأثيرات ما بعد الحداثة على صورة البطل الفلسطينيّ من خلال زيّه، ومظهره، وتخبّطاته الإنسانيّة، وتقديم صورة غير أحاديّة البعد للفدائيّ أو الرّجل.

صالح ذبّاح خلال لقاء "هوامش"

واستعرض ذبّاح في ختام الندوة، التّغييرات الّتي طرأت على النّماذج المقترحة للرّجل البطل في الأفلام الرّوائيّة الطّويلة، والّتي سمحت بها قوالب الكوميديا والمفارقات الّتي لجأ إليها بعض المخرجين الفلسطينيّين في تجاربهم خلال السّنوات الأخيرة، من أبرزها شريط 'بدون موبايل' (2011) للمخرج سامح زعبي؛ و'حبّ، سرقة ومشاكل أخرى' (2015) للمخرج مؤيّد عليّان.

هوامش

هذا اللّقاء من تنظيم 'هوامش'، وهو مُلتقى فكريّ حول قضايا التّعدّديّة الجنسيّة والجندريّة في المجتمع الفلسطينيّ، يُعقَد شهريًّا في مدينة حيفا، حيث يسعى القيّمون على اللّقاء، من خلال هذا الملتقى، إلى ملء الفراغ في الخطاب السّائد لدى التّنظيم المثليّ والكويريّ الفلسطينيّ، بخاصّة، وفي النّشاط الجنسانيّ الأوسع بعامّة، وذلك في محاولة لخلخلته وتوسيع نطاقه. بالإضافة إلى ذلك، يهدف ملتقى 'هوامش' إلى مواكبة قضايا مختلفة مؤثّرة، تطرحها مجموعات مثليّة وكويريّة مختلفة في فلسطين، وإعادة تأطيرها بشكل يحاكي السّياق المجتعيّ الأوسع، لإخراجه من فقاعة النّقاشات الدّاخليّة المثليّة/ الكويريّة.

المحطّة

أمّا "المحطّة"، فهي تعاونيّة شبابيّة فلسطينيّة، تشغل مقهى - حانة في مدينة حيفا، وتتوفّر فيها مساحة حرّة للإبداع والإنتاج، محتضنة مشاريع ثقافيّة مختلفة بالتّواصل مع تعاونيّات ومجموعات وأجسام أخرى. تتميّز 'المحطّة' بهويّتها الفلسطينيّة الثّقافيّة العربيّة، وبنموذجها التّعاونيّ المعتمد على الشّفافيّة والتّمويل الذّاتيّ، واستثمار الأرباح بمشاريع اجتماعيّة وثقافيّة وسياسيّة جديدة. كذلك تعتمد 'المحطّة' على تفاعلها مع روّادها وإشراكهم من خلال المساهمة والمبادرة.