تامر أبو غزالة: "ثُلْث" حصاد ثماني سنوات من المعرفة الموسيقيّة

ستكون حيفا هذه اللّيلة على موعد مع حفل استماع إلى ألبوم 'ثُلْث' للموسيقيّ الفلسطينيّ تامر أبو غزالة، وذلك في 'كباريت'، عند العاشرة مساءً، وهو جزء من حفلات استماع تنظّمها شركة 'مستقلّ' للألبوم في مدن عربيّة عديدة، منها؛ القاهرة، عمّان، بيروت، تونس، رام الله.

ألبوم 'ثُلْث'، الّذي سيصدر عن شركة 'مستقلَ' يوم 29 أيّار (مايو) 2016، هو الألبوم الثّاني لأبو غزالة، بعد ألبومه الأوّل 'مرآة'، والّذي صدر عام 2008. وعن تسميته 'ثُلْث'، قال أبو غزالة في حديث خاصّ مع مجلّة فُسْحة: 'هو ثُلْث ألبوماتي حتّى الآن، ويعكس ثُلْثَ مراحلي العمريّة، كما أنّ أغنياته التّسع مقسّمة إلى ثلاث مراحل، كلّ مرحلة متمثّلة بثلاث أغانٍ. يعجّ الألبوم بالأثلاث!'

يضمّ 'ثُلْث' تسع مقطوعات معظمها لم تصدر من قبل، من بينها أغنيتان من 'مرآة'، بتوزيع جديد، بالإضافة إلى أغنيات طُوّرت خلال عروض أبو غزالة في العالم العربيّ وأوروبا في السّنوات الأربع الماضية.

فُسْحَة: ما الجديد الّذي يأتي به 'ثُلْث' بعد ثماني سنوات على 'مرآة'؟ على مستوى الموسيقى من جهة، ومستوى التّجربة الشّخصيّة من جهة أخرى؟

أبو غزالة: خلال الثّماني سنوات هذه، تعلّمت الكثير من عدّة فنّانين مستقلّين في المنطقة، ومن المشاريع المشتركة الّتي أنجزناها خلال هذه الفترة، مثل فرقة 'كزا مدى'، وفرقة 'الألف'، وغيرها، ما عرّفني إلى أنماط وأساليب موسيقيّة فنّيّة وتقنيّة لم أكن على دراية بها أثناء عملي على ألبوم 'مرآة'. بالإضافة إلى ذلك، لا شكّ أنّ عملي المؤسّسيّ أيضًا، عرّفني إلى موسيقى جديدة محلّيًّا وعالميًّا، ما أثّر في تذوّقي نفسه، فاختلفت أغنيات الألبوم تباعًا لاختلاف مراحل تذوّقي للموسيقى، بين التّجريب العنيف، والانسياب، والدّيناميكيّة، والـ 'جروف'، والإلكترونيّات، والشّعبيّ، وغيرها.

فُسْحَة: من أين أتت فكرة إطلاق ألبومك على شكل حفلات استماع في مدن عربيّة مختلفة؟ ولماذا؟

أبو غزالة: من المعيقات الأساسيّة أمام الإنتاج الإبداعيّ في المنطقة هو إمكانيّة التّنقّل، من حيث الإجراءات والتّكاليف على حدّ سواء. بالإضافة إلى صعوبات تنظيم الحفلات، لوجستيًّا ومادّيًّا أيضًا. لذلك، ومع أنّ الإطلاق نفسه سوف يحصل خلال حفلات في القاهرة وبيروت، ومن ثمّ في مدن أخرى في العالم، أحسست أنّه من الضّروريّ توفير وسيلة استماع للألبوم لمتابعي الموسيقى المهتمّين في كلّ المدن العربيّة الممكنة، وبشكل فوريّ، دون حاجة لانتظار وصول الألبوم المطبوع إلى كلّ بلد، أو انتظار تنظيم حفل هناك.

قبل أعوام، وضمن مهرجان 'وين عَ رام الله'، كان أحيى تامر أبو غزالة قد أحيى حفلًا موسيقيًا في رام الله، مقدّمًا أغاني من ألبوم 'مرآة' ومسيرته الموسيقيّة المتنوّعة. ثمّة مخطط لأن تكون فلسطين ضمن جولة عروض 'ثُلْث'، لكنّ المخطّط بعيد قليلًا. 'أتمنّى لو كانت فلسطين أوّل بلد لعرض الألبوم، لكن، للأسف، لم نتمكّن من ترتيب ذلك لصعوبة الإجراءات والتّكلفة.' يقول تامر أبو غزالة.

تامر أبو غزالة

تمتلئ سيرة تامر أبو غزالة بالمشاريع المشتركة مع غيره من الموسيقييّن؛ عام 2012 شارك في تأسيس فرقة 'الألف' مع موريس لوقا وخيام اللّامي؛ وفي نفس العام أنتج 'مش بغنّي'، أوّل ألبومات مريم صالح. في 2011 تعاون مع يعقوب أبو غوش في ألبومه 'كزرقة أنهار عمّان'، وفي 2010 أنشأ المجموعة العابرة للأنماط 'كزا مدى' مع زيد حمدان ومحمود الرّدايدة ودنيا مسعود. في 2008 أصدر 'ثورة القلق'، وهي مسرحيّة موسيقيّة قامت بتأديتها فرقة الطّمي المسرحيّة. عمل أبو غزالة مع فنّانين فلسطينيّين ومصريّين في فرقة 'جهار'، إلى جانب هدى عصفور، وتعاون في 'ثنائي بزق' مع ربيع جبران، وفي 'كلام مزّيكا' مع سلام يسري، كما شارك، عازفَ عود، في ألبوم 'مزامير' لخالد جبران عام 2005.

أنتج أبو غزالة ألبومه الثّاني، 'مرآة'، عام 2006، عندما كان في العشرين من عمره، وصدر الألبوم عام 2008. كان أبو غزالة قد كتب أغاني الألبوم السّبعة أثناء أحداث الانتفاضة الثّانية، وكان يلحّن الأغاني أثناء حظر التّجوال، فجاء الألبوم مضطّربًا، عاكسًا التّجربة الاستثنائيّة للحياة في فلسطين خلال تلك الفترة. ألبومه الأوّل، 'جناين الغنا'، صدر عام 2001، ليضمّ أغاني كان قد ألّفها أو غنّاها بين سنّ الخامسة والخامسة عشرة. أصدر أبو غزالة أوّل أغانيه، 'ما في خوف'، عام 1991، ونالت انتشارًا واسعًا كنشيد احتجاجيّ خلال الانتفاضة الأولى.

عام 2007، أبو غزالة المؤسّسة الموسيقيّة المستقلّة الرّائدة، 'إيقاع'، حاضنة للمشاريع الموسيقيّة العربيّة، وأسّس من خلالها شركة للإنتاج الموسيقيّ (مستقلّ)، ووكالة حجوزات (المحرّك)، ووكالة ترخيص موسيقيّ (أوياڤ)، كما شارك في تأسيس مجلّة النّقد الموسيقيّ (معازف).

نتيجة لكلّ هذا، تراجع أبو غزالة عن إنتاج ألبوماته الخاصّة مدّة ثماني سنوات حتّى العودة جديدًا، والّتي طال انتظارها مع 'ثُلْث'، المقرّر أن يصدر في أيّار (مايو) ،2016 عن شركة 'مستقلّ'.

ولد تامر أبو غزالة لأسرة فلسطينيّة في القاهرة عام 1986، كان يغنّي ويؤدّي في الثّانية من عمره، وبدأ في التّأليف في سنّ التّاسعة. عام 1998، بدأ دراسة الموسيقى في المعهد الوطنيّ للموسيقى في رام الله (معهد إدوارد سعيد للموسيقى حاليًّا). هناك، وتحت إشراف الموسيقار الفلسطينيّ الشّهير، خالد جبران، درس أبو غزالة العود والبزق، والنّظريات الموسيقيّة، والتّاريخ والتّحليل والتّلحين، والتّوزيع والأداء.