بسبب إسرائيل: فرق عربيّة تقاطع مهرجان "بوب كلتور" الألمانيّ

"إسلام شيبسي": إحدى الفرق المنسحبة

لم تمض أيّام على دعوات ناشطين فلسطينيّين وعرب لمقاطعة مهرجان 'بوب كلتور 2017' (Pop-Kultur Berlin) في العاصمة الألمانيّة، حتّى انسحبت منه الفرق العربيّة التي كان من المفترض أن تشارك فيه، بعد اكتشاف أنّ السفارة الإسرائيليّة في برلين أحد الرعاة والمموّلين للمهرجان.

برعاية من السفارة!

المهرجان الذي سينطلق الأسبوع القادم، بمشاركة عشرات الفرق والفنّانين من حول العالم، منهم إسرائيليّون، يُعدّ من المهرجانات الضخمة التي تُقام في برلين، ويستقطب الآلاف، ويقوم على التنوّع والتعدّد الثقافيّ للمشاركين، وهو يُنظّم للسنة الثالثة على التوالي.

لكن ما أثار حفيظة العديد من الفنّانين والفرق العربيّة هذا العام، رعاية السفارة الإسرائيليّة ودعمها للمهرجان، إذ تستغلّ السفارة الأنشطة الثقافيّة بهدف تجميل صورة إسرائيل في الخارج، وللتعتيم على جرائم الاحتلال. وما أن اكتشف البعض أنّ للسفارة يدًا في المهرجان، حتّى بدأ الناشطون بالتوجّه للفرق العربيّة المزمع مشاركتها، والتي لم تعرف عن دور السفارة كما صرّحت في بيانات إعلان انسحابها ومقاطعتها.

'مزاج': نرفض كلّ ما هو استعماريّ وعنصريّ

وكانت فرقة 'مزاج' (Mazzaj Rap Band-Syria) السوريّة أولى الفرق التي أعلنت عن مقاطعتها يوم الجمعة الماضي، إذ كتب عضو الفرقة، محمّد أبو حجر، على صفحته في فيسبوك: 'مجدّدًا، نجد أنفسنا في موقف لا يمكننا فيه إلّا المقاطعة، هذا ما يحتّمه التزامنا السياسيّ الذي جعل من ’مزاج’ ما هي عليه، ولهذا نعلن وبكلّ فخر مقاطعتنا للمشاركة في مهرجان ’بوب كولتور’'.

فرقة 'مزاج' السوريّة

وأضاف: 'لم نفكّر لدقيقة في أنّ مهرجانًا يقبل بشراكة سفارة تمثّل بلدًا وحكومة كحكومة ’الليكود’، برئاسة نتنياهو، ليس مكانًا يتّسع لنا، فالقبول بوجود سفارة حكومة استيطانيّة كشريك للمهرجان، يعتبر بمثابة تلميع صورة لتلك الحكومة، وهذا يلغي أيّ دور آخر للمهرجان في جمع الثقافات المختلفة على خشبة مسرح واحدة. لسنا نتحدّث هنا عن ثقافة وثقافة بديلة، القضيّة قضيّة موقف سياسيّ من حكومة استيطانيّة، ولو قبلنا بأنّ الخلاف معها مجرّد خلاف ثقافات، لكان الحريّ بنا أن نقبل أنّ الخلاف مع النازيّين، والعنصريّين، والمصابين برهاب المثليّة خلاف ثقافات لا أكثر. وبناء على هذا، ولكي نصبح متّسقين مع وعينا السياسيّ الرافض دائمًا لكلّ ما هو استعماريّ، وتوسّعيّ، وعنصريّ، وقمعيّ، وقائم على الاضطّهاد والتمييز، فنحن، وبكلّ فخر، نعلن انسحابنا من المشاركة، ونعتبر أنّ المشاركة بالنسبة لنا بمثابة الموافقة على كلّ ما تمثّله سفارة دولة وحكومة إسرائيل من سلوكيّات عنصريّة و تمييزيّة'.

'إسلام شيبسي': نقاوم بأعمالنا العنف والتمييز

وأعلنت فرقة 'إسلام شيبسي' (Islam Chipsy)، أوّل أمس، انسحابها من المهرجان أيضًا، عبر صفحتها الرسميّة في فيسبوك: 'نعلن، نحن فرقة ’آسلام شيبسي’ انسحابنا من مهرجان ’بوب كولتور’ المقرّر إقامته في برلين الشهر الحالي، وذلك بسبب مشاركة السفارة الإسرائيليّة كأحد الرعاة للمهرجان، ونوضح أنّنا لم نكن على علم بهذا الأمر من البداية. نوضح أنّنا نسعى من خلال أعمالنا الموسيقيّة مقاومة العنف، والاضطّهاد، والتمييز من أيّ نوع تجاه الآخر، وعلى أيّ مكان في الأرض، وهذا تعبيرًا عن موقفنا وآرائنا الشخصيّة'.

آمال مثلوثي: علينا أن نكون صادقين ومخلصين

كما أعلنت الفنّانة التونسيّة، آمال مثلوثي، اليوم الثلاثاء، مقاطعتها المهرجان، وذلك عبر صفحتها الرسميّة في فيسبوك: 'أعزّائي جميعًا، كنت أتطلّع للقائكم نهاية الشهر الحاليّ والمشاركة في مهرجان ’بوب كلتور’، إلّا أنّني أدركت أنّ المهرجان مموّل من قبل السفارة الإسرائيليّة، لذلك سوف أضطّر إلى الانسحاب'.

الفنّانة آمال مثلوثي

وأضافت مثلوثي: 'عندما وافقت على المشاركة في المهرجان، لم يكن حينها معلنًا عن أسماء الرعاة والمموّلين. أريد أن أشكر جمهوري والناشطين على لفت الانتباه، وأعتذر للجمهور الذي كان من المفترض لقاؤه في المدينة العظيمة. آمل أن أراكم قريبًا في برلين. كلّما ازدات الأمور في فلسطين شدّة وقسوة، ما يستطيع أن يفعله كلّ شخص منّا هو إعلان تضامنه وتعاطفه، وكفنّانين، علينا أن نكون صادقين ومخلصين'.

​وأعلن 'هالو سايكلبو' (Hello Psychaleppo) من سورية انسحابه من المهرجان أيضًا، وكتب عبر صفحته الرسميّة في فيسبوك: 'عندما قمت بالموافقة على المشاركة في المهرجان من عدّة أشهر مضت، لم تكن الجهات الراعية اختيرت وصدرت بعد. أشكر المتابعين والزملاء الفنّانين على لفت انتباهي وإعلامي بهذا الخبر. أوجّه أسفي لمن كان يتطلّع لحضور العرض، على أمل أن نلتقي على مسرح آخر'.

وبهذا، انحازت الفرق العربيّة لفلسطين في وجه المحاولات الإسرائيليّة للتطبيع من خلال الثقافة، بهدف التغطية على جرائم الاحتلال، وما زالت حتّى كتابة هذا الخبر، فرقة عربيّة واحدة لم تعلن انسحابها، وهي 'أسيد أراب' (ACID ARAB) الأردنيّة.

'موقف مشرّف'

وقد أصدرت الحملة الفلسطينيّة للمقاطعة الأكاديميّة والثقافيّة لإسرائيل بيانًا، مساء اليوم، شكرت فيه جميع الفنّانين والفنّانات الذين انسحبوا من المهرجان، مشيرة إلى أنّهم فعلوا ذلك في وقت قياسيّ، ولا سيّما أنّ المهرجان أعلن عن مشاركة السفارة الإسرائيليّة في رعايته قبل أيّام من انطلاقه فقط.

'هالو سايكلبو' السوريّ

وجاء في بيان أنّ الحملة تثمّن 'الموقف المشرّف لهؤلاء الفنّانين/ ات، والذي يدلّ على التزامهم/ نّ بمبادئ العدالة والحرّيّة والمساواة والكرامة التي يناضل شعبنا الفلسطينيّ، وشعوب المنطقة العربيّة كافّة من أجل تحقيقها. كما تشكّل هذه المواقف نموذجًا لكلّ فنّان/ ة عربيّ/ ة يعبّر عن رؤية إنسانيّة وفنّيّة ملتزمة بحقوق الإنسان عالميًّا في مواجهة الاستبداد والاستعمار والعنصريّة والاضطّهاد بأشكاله'.
 

ربيع عيد

 

صحافيّ فلسطينيّ ومحرّر في فُسْحَة – ثقافيّة فلسطينيّة.  كتب في العديد من المواقع والصحف العربيّة، كما عمل رئيسًا لتحرير صحيفة فصل المقال. حاصل على بكالوريوس العلوم السياسيّة، ويدرس لنيل ماجستير الإعلام والدراسات الثقافيّة في معهد الدوحة للدراسات العليا.