خزّان الميّ: قصيدة لعامر بدران بأسلوب السيرك

Jack Picone

 

إثر الاجتياحات الإسرائيليّة المتعدّدة والّتي لا تتوقّف للضفّة الغربيّة، أصبح لدى الفلسطينيّين المقيمين فيها معرفة دقيقة بالآليّات العسكريّة، وأنواع الأسلحة الّتي تطلق النار عليهم. لكن هذا ليس وحده الأثر الّذي تتركه نزهات الدبّابات في الشوارع الفلسطينيّة. 

من التغيّر الّذي طرأ على مواضيع الحديث، إلى اللغة والمفردات والمعاني، وطبيعة العلاقات، والتوقّعات الّتي لا تنفكّ تتوقّف عن كونها طبيعيّة وتصبح طارئة مثل الظرف الّذي يعيشه الفلسطينيّ في أرضه؛ يتغيّر "حكي الشارع"، ويغيّر مصطلحاته، ودلالاته.

التقط الشاعر عامر بدران هذه الظاهرة، وسردها في قصيدة "حكي الشارع"عام 2011. بعد سبعة أعوام، جاءت مجموعة "السيرك" لتلحّنها وتؤدّيها في أغنية، أطلقت عليها اسم "خزّان الميّ".

 

 

عن السيرك

"السيرك" مجموعة من المبدعين الأصدقاء، اجتمعوا لصناعة أعمال مشتركة عبر - نوعيّة تمزج بين الشعر والغناء والعزف والراب. أصدرت المجموعة أغنية واحدة، "خزّان الميّ"، عن قصيدة "حكي الشارع" للشاعر عامر بدران، وتحضّر لعرض أدائيّ متكامل في المستقبل القريب. تتكوّن المجموعة من شادي زقطان، وفارس سباعنة، ونبيل برهم، وجريس بابيش، وحسين أبو الربّ.

 

كلمات الأغنية

تغيّر حكي الشارع عِنّا

وغيّر مصطلحاتُه وسَمَعُه

وصار الحاجز من لهجتنا

وصار الجندي اللّابس فزَعُه

ضيف ببيت الشعر الساحر

ضيف ببيت الشاعر، قادر

يكسر قلمُه

وصاروا الكِلْمات بْقعدتنا:

دخلوا، هجموا

اجتاحوا، اقتحموا

انسحبوا من الحارة الشرقيّة

انجرح الضابط ع الدبّابِة

جنودُه انصَرعوا

وخلّوا ليل الناس جهنّم

و عجهنّم عالصبح انقلعوا.


وحفظنا أرقام الدبّابات

من أيّ معسكر جايات

أي اللّي جايي لتروّح

والجايي لَتباتْ

صرنا نعرف نوع الفرقة

من الأنتين ولون الزيّ

حفظنا حتّى عيار الطلقة

اللّي خزقت خزان الميّ


تغيّر حكي الشارع عنّا

وإحنا تغيّرنا تغيّرنا

وصار بشعر الحبّ يفوت

الرشّاش ولوح التابوت

ومطرح كلمة "ميّت فيكِ"

حلّت كلمة "إوعى تموتْ"

إوعى تروح وما ترجعلي

وصار الشبّ
لو غافل دبابّة و حَبّ
وقالتله اللّي بْحضنُه بتغفي:
"إحكيلي عن حالك نتفي"
يبلّش يوصف...
كيف تصاوب، كيف تصدّى
كيف تحمّل أسبوعين
يفطر خبز وما يتغدّى
كيف تحايل عالدوريّة
وكيف تخبّى من القنّاصة
ولمّا يفاجئها بْهديّة
يلبّسها سنسال رصاصة.

 

تغيّر حكي الشارع عنّا
ولسّاني بقلبي الملهوف
داير ع زهور جنينتنا
بعزّ البردْ
أمشي وأتدعثر بالوردْ
وأسرق من نهداته حروفْ
وأكتب عن حيلي اللّي انهدّ
وعن وجهي، ولونه المخطوفْ
من حبّك
من كتر جنونِكْ
عن خوف عيوني من عيونكْ
عن ربط لساني وِسكوتي
لما بمشية طفلة تفوتي،
لمّا تنامي
لمّا تنطّيلي بأحلامي
حتّى لمّا الجيش يفوتْ
يعربد ويفتّش لبيوتْ
لا تلومي الأطرش بالزفّة
لو ظلّ بإسمك يتغنّى
لمّا إسمك يمرق صدفة
ويقلب حكي الشارع عنّا