لنْ أموت!

شمع ذائب | كاتينا كوت

كنّا كأيِّ اثنينِ يأكلُنا الزّمانُ،

كأيِّ ممسوسَيْنِ بالحلمِ

الزّمانُ يمدُّ (سُفْرَتَهُ) الشّهيّةَ فوقَ جلدٍ غارقٍ في الوهمِ

يأكلُنا ونُطْرِقُ

هكذا...

والظّلُّ لا يُخفي الحكايةَ

ثمَّ كانَ مساءُ شمعٍ صدفةً

وامتدَّ كأسٌ دامعٌ بالخمرِ...

حتّى فجرِ تغييرِ الملابسِ والمكانِ وسُكنةِ الجوعِ...

انتظرْنا لحمَنا...

ثمَّ انتبهْنا أنَّنا

يومًا إذا جعْنا

سنلتَهِمُ الزّمانَ!

 

وكنتُ أكبُرُ

- يا صديقتيَ الصّغيرةَ -

صرتُ وحشًا طاعنًا في القبحِ

أختارُ الصّغيراتِ، الكبيراتِ، الجميلاتِ، القليلاتِ الجمالِ...

أقشّرُ الأجسادَ 

لكنّي...

سأكذبُ لو صرختُ: 'عرفتُ حبًّا'

كنتُ أكبُرُ

دونَ أنْ أدري

تأقلمَتِ المرايا مع جنونيَ

فاتّفقْنَ على مواصلةِ الخديعةِ

 

هذِهِ الصّحراءُ عامرةٌ بوجهِيَ

لستُ نحّاتًا...

كتبتُ على وصيّةِ عاشقٍ قبلي

وزوّرتُ النّهايةَ:

'لنْ أموتَ... لديَّ ما يكفي مِنَ الشّعرِ المقاتلِ فكرةَ القصصِ السّعيدة'

 

كنّا كأيِّ اثنينِ

يسألُنا الرّحيلُ: 'أما بدا للعتمِ وجهَكما؟'

- بلى في الحبِّ نختلسُ الظّلامَ لنقتلَ الموتَ!

اختلفْنا بعدَها...

أعلنتُ أنّيَ:

'لنْ أموتَ... عليَّ أنْ أنهي كتابةَ نكبتي في الحبِّ ما بينَ المخيّمِ والجريدة'

 

ما زلتُ أكبُرُ دونَ أنْ أدري

ووجهُكِ متعبٌ

والخوفُ ألقى نطفتينِ برحمِ أغنيتي!

اقتربْتُ...

وقلْتُ: أمهلْني قليلًا

'لنْ أموتَ غدًا، سأرسمُ نهدَ أغنيتي الجديدة'

 

يا أيّها العمرُ القصيرُ كنخلةٍ

قَصّوا لها حلمًا

لماذا... حينَ أنظرُ في الوجوهِ - وجوهَهُنَّ

أقولُ:

لا أبدو كبيرًا، كلَّهُنَّ الآنَ أكبُرُ

رغمَ أنَّ العمرَ واحدُ؟

'لنْ أموتَ اليومَ، تسعفُني يدايَ لكيْ أمسّدَ شعرَ عمّانَ البعيدة'

 

يا أيُّها الزّمنُ الّذي اخترْناه ربًّا

ثمَّ جعْنا!

لنْ أموتَ الآنَ...

متُّ الأمسَ مِنْ فِرْطِ الحياةِ 

وأَخْفَتِ الأمرَ القصيدة'

 

* شاعرٌ وصحافيٌّ فلسطينيٌّ يقيم في كتالونيا الألمانيّة.