آخر العزلة... أوّل الحلم

اللوحة للفنان عمّار النحّاس

 

لمَنْ تزرع وردةً في سرّةِ المنام؟

إذا انطفأت شهيّة الصبح فيكَ

وكان الليلُ صحراءَ من نعسٍ ومن تعبٍ،

صحراءَ تمتدّ ظامئة 

لا ماءَ فيها، لا ماءَ يرويها،

لمَنْ تزرع وردةً في سرّة المنام إذن؟

 

لمَنْ تسرجُ هذا الخيال؟

إذا المواعيد جميعها تأجّلت،

ورأيتَ قافلة الكلام عالقةً على شفة الوقت

تحاول فكفكة الشراكِ الّتي أخّرَتها

لتصطاد وجهتها،

لمَنْ تسرج هذا الخيال إذن؟

 

لمَنْ تشقّ شفتيكَ باسمًا؟

كلّما أغمضتَ عينيكَ سوى عن حلمٍ 

لا يألفُ الدربَ إليكَ،

ولا يشتهي حضنَك أو ضمّتَك،

لمَنْ خبّأتَ ضحكتك إذن،

قبل أن يفضح الخدّان مرماها؟

 

لمن توقدُ جمرةَ الشوقِ في بردِ غربتك؟

وأنتَ الوحيد في حشد القلوب اليابسة،

تحتار في كلِّ عناقٍ

وتختار أجنحةً مثقلةً بالمراثي،

ثم في برد الغربة تنهار وحدك.

لمن توقد جمرة الشوق إذن؟

 

لمن تحيا يا صديقي، يا أنا؟

لو لم تَجد وردةً في سرّة المنام،

وسرجًا سابحًا في الخيال.

لمن تحيا إن لم تلحظ ابتسامة 

تنمو على شفتيكَ في السرّ، وتشتاقُ،

لمن تحيا إذن؟

 

كان عليّ أن أهرب إلى الحلم

كلّما أرهقَتني صورةٌ أوسع من حدود الرؤية،

لم أجِد وجهتي في هذا الواقع الأرضي.

تسلّلتُ إلى الحلم،

على رؤوس الأصابع كنت أمشي

خفيةً، كي لا أوقظ رغبةً نائمة.

 

وفي الحلمِ كنتُ وحدي بلا ظلٍ 

والآخرون ظلالٌ فقط.

تسلّلتُ إلى الحلم، خفيةً

دون أن يَلمَح ظلّي أحد،

فهل حقًا كان أحدٌ 

يلمَحُ قبلَ هذا الحلم ظلّي؟

 

 

ياسر خنجر

 

 

شاعر وناشط سياسيّ من الجولان السوريّ المحتلّ، وعضو مؤسّس في مركز «فاتح المدرّس للفنون والثقافة». أمضى سبع سنوات في سجون الاحتلال، وأصدر عددًا من المجموعات الشعريّة، منها ؛ «طائر الحرّيّة»، «سؤال على حافّة القيامة»، «السحابة بظهرها المنحني».