يوتوبيا وديستوبيا الرواية العربيّة

تونس، 20 كانون الثاني (يناير) 2023 | MARTIN BUREAU/AFP via Getty Images

 

تعني ’اليوتوبيا‘ المكان الخياليّ والمستحيل وجوديًّا[1]، ويبدو أنّ الحرّيّات في المنطقة العربيّة باتت أمرًا يوتوبيًّا، حيث الابتعاد المستمرّ عن احتمال تحقّق ديمقراطيّة، ولو نسبيّة؛ ومن ملامح ذلك عوائق تشكّلها الرقابة على التفكير والإبداع، حيث تردّي الأوضاع السياسيّة، وتضييق الحرّيّة الّذي تصاعد بعد نجاح الثورات المضادّة للانتفاضات العربيّة 2010 - 2011، ما كان له انعكاسات على إنتاج المعرفة والإبداع، وهو ما اقتضى التعبير عن الرغبة في واقع لا يعتريه الفساد، وأقرب إلى اليوتوبيا بمفهوم ’المدينة الفاضلة‘، الّتي يتخلّلها اتّساع الحرّيّات والعدالة. مقابل اليوتوبيا فإنّ الواقع يبدو ديستوبيًّا، حيث تسود ’المدينة الفاسدة‘، وينسحب ذلك على ما يواجهه الإنتاج المعرفيّ والإبداعيّ في المنطقة العربيّة.

 

رواية «يوتوبيا»، عالم موازٍ

تُعَدّ رواية «يوتوبيا» (2008) للكاتب أحمد خالد توفيق، نموذجًا أدبيًّا صوّر النقيض من ’اليوتوبيا‘ بانعدام العدالة، وتنامي الفقر، وتراجع الحرّيّات وتلاشيها؛ فاتّضح أنّ اليوتوبيا في الرواية هي حياة الطبقة الثريّة، الّتي تعيش واقعًا يوتوبيًّا برفاهيّة وثراء فاحش، وتحت حماية قوّات أجنبيّة، في حين أنّ الطبقة الأخرى تعيش في فقر مدقع لا تتوفّر لها الحماية وتمثّل مادّة الأغنياء للاستبداد، حتّى تتحوّل الرواية بجلّها إلى صورة للديستوبيا[2]. بالاشتباك مع العالم التخييليّ في الرواية، يتّضح أنّ اليوتوبيا تكتسب معنًى انحيازيًّا يتحقّق في رؤية مَنْ يمتلكون السلطة، وهي سلطة ممارسة من أصحاب القوّة على الأقلّ نفوذًا، بحيث تصبح اليوتوبيا واقعًا في نظرهم بممارسة فعل الإخضاع، وبالاشتباك مع الواقع، وتحديدًا واقع الحرّيّة الفكريّة عربيًّا. تتحقّق اليوتوبيا في عيون أصحاب السلطة والنفوذ في قمع الثورات المطالبة بالديمقراطيّة، والحفاظ على الواقع الشكليّ الخالي من الحروب، في حين أنّ الهدف حماية واجهات الحكم من الانهيار والسقوط؛ وهو ما يستدعي أن تكون مفردة اليوتوبيا ذات معنًى لا ينفكّ عن كونه مرادفًا للديستوبيا، في سياق قمع الحرّيّات بهدف كبحها، وهو ما انعكس على طبيعة الإنتاج المعرفيّ والإبداعيّ المرتبط بتصوير الواقع العربيّ؛ فنتج عنه تزايد استحضار الديستوبيا للتعبير عن الأمل بواقع يوتوبيّ.

تُعَدّ رواية «يوتوبيا» (2008)، للكاتب أحمد خالد توفيق، نموذجًا أدبيًّا صوّر النقيض من ’اليوتوبيا‘ بانعدام العدالة، وتنامي الفقر، وتراجع الحرّيّات وتلاشيها...

إلّا أنّ أبعاد الديستوبيا لم تقتصر على مضمون الإنتاج المعرفيّ، إذ ثمّة انعكاسات لها في نوع آخر من الديستوبيا، وهي الديستوبيا الفكريّة، وتشديد الرقابة على الإبداع، وهو ما دفع إلى توليد رقابة شديدة على الكلمة الّتي تتطرّق لبثّ الوعي السياسيّ؛ فكيف عبّرت الديستوبيا عن اليوتوبيا الفاشلة في قراءة واقع الحرّيّة الفكريّة في العالم العربيّ، وبالرجوع إلى سياق فرض الرقابة على المعرفة؟

 

فرانكشتاين يتسلّل إلى واقع السلطة في تونس

شهد المشهد الأدبيّ في القرن الحادي والعشرين تصاعد الديستوبيا العربيّة، وكان لموجة ثورات الربيع العربيّ، الّتي شهدتها المنطقة العربيّة، دور كبير في الاتّجاه نحو الديستوبيا؛ لقربها من المشهد الّذي بات أشبه بالكابوس اليوميّ المعيش.

تُعَدّ شخصيّة فرانكشتاين من الشخصيّات الّتي تنتمي إلى عالم الديستوبيا الغربيّة، الّتي ابتكرتها أدبيًّا ماري شيلي في رواية «فرانكشتاين» (1818)، وتحكي حكاية كائن عملاق اخترعه ’فيكتور فرانكشتاين‘ لمقاومة الشرّ، إلّا أنّه لا يلبث حتّى ينقلب عليه؛ ليكون هو أحد الشخصيّات الشرّيرة في العالم بامتهانه القتل.

ظهرت شخصيّة فرانكشتاين في الرواية العربيّة في رواية «فرانكشتاين في بغداد» (2013) لأحمد سعداوي. أخذت الشخصيّة موقعها في الرواية ضمن فضاء مكانيّ يصف ديستوبيا الغزو الأمريكيّ على العراق، وأثر الحرب المدمّر في النسيج البشريّ المجتمعيّ[3].

أخيرًا، ظهرت شخصيّة فرانكشتاين للواقع التونسيّ بشخصيّة ’فرانكشتاين تونس‘، وهو اسم الكتاب الّذي صدر لمؤلّفه كمال الريحاني، فصودر الكتاب من معرض كتاب في تونس، بعد زيارة الرئيس التونسيّ قيس سعيد للمعرض، وبالرغم من تأكيده حرّيّة الفكر في الخطاب الّذي افتتح به المعرض، قائلًا: "المهمّ هو تحرير الفكر لأنّه لا يمكن أن نحقّق أيّ شيء في ظلّ فكر جامد"[4]، إلّا أنّ ما جاء في ما بعد برّر التناقض بين الدعوة إلى الحرّيّة الفكريّة وقمعها، من خلال ما جرى من منع تعسّفيّ على كتاب «فرانكشتاين تونس» (2023).

تُعَدّ شخصيّة فرانكشتاين من الشخصيّات الّتي تنتمي إلى عالم الديستوبيا الغربيّة (...) وتحكي حكاية كائن عملاق اخترعه ’فيكتور فرانكشتاين‘ لمقاومة الشرّ...

كانت تونس من أوائل الدول الّتي اندلعت فيها الثورة ضدّ نظام زين العابديني في أواخر عام 2010، وتكلّلت بالنجاح في إسقاط نظام الحكم، حتّى كان مجيء سعيّد للحكم التونسيّ صفعة تلقّاها الشعب من جديد، بعد أن استفرد بالحكم عام 2021، ما زعزع الاستقرار الديمقراطيّ في البلاد وشكّل مبرّرًا لمنع السلطة الرقابيّة للكتاب. تتّضح السلطة الرقابيّة في صورة غلاف الكتاب الّتي أظهرت الرئيس التونسيّ سعيّد في شكل كاريكاتيريّ بوصفه ’فرانكشتاين تونس‘، بصورة مروّعة؛ فملامح الوجه تتّخذ البُعْد القامع والرافض للحوار، وخلفه جماهير من الشعب التونسيّ تحمل العلم وتواصل الهتاف.

يمكن قراءة صورة الغلاف في سياق الواقع السياسيّ في تونس، على إثر تراجع الحرّيّات وقمعها في حكم سعيّد للبلاد، وهو ما يُظهر تناقضًا واضحًا بين طبيعة نظام الحكم المتراجع إلى الأسوأ في تونس، وبين مقولته الّتي افتتح فيها المعرض، الّتي أكّد فيها الحرّيّة الفكريّة، على اعتبار أنّ الحرّيّة الفكريّة تتجاوز دفّتَي كتاب لتأخذ أبعادًا واقعيّة تعطي الحقّ في المطالبة بالتغيير الجذريّ.

 

كتاب «فرانكشتاين تونس» (2023)، لكمال الرياحي.

 

أمّا محتوى الكتاب، فبالرغم من كبح تسريبه لمواقع الوصول المفتوح؛ إلّا أنّ صورة الغلاف احتوت على أبعاد الكتاب الداخليّة، الّتي استند الكاتب فيها إلى حكاية ’فيكتور فرانكشتاين‘، في رواية ماري شيلي، محيلًا إلى أنّ مشاعر الحاجة الّتي دفعت ’فيكتور فرانكشتاين‘ إلى صناعة وحشه الّذي دمّر العالم، هي ذات الحاجة الّتي دفعت الشعب التونسيّ إلى انتخاب سعيّد، إلّا أنّها كانت حاجة مدفوعة بمشاعر الأمل للتغيّر نحو الأفضل؛ فكانت النتيجة أن انقلب الأمل على مأموليه بالخيبة؛ فأدركوا تردّي الأوضاع بصناعة وحش من خيباتهم. إذ يقول الغلاف: "فلم يكن أمام هذه الحشود من الجماهير، ومَنْ لم يقتنع بأحد سوى صناعة وحش من خيباتهم؛ شخص لا يعدهم بشيء؛ لأنّهم ملّوا الوعود الكاذبة ..."، وهو ما برّر فرض المنع على الكتاب لما طرحه من تأمّلات في الواقع السياسيّ التونسيّ في عهد الرئيس التونسيّ الحاليّ[5].

 

ديستوبيا الرقابة في رواية «حارس سطح العالم»

في سياق امتهان منع الكتب، والرقابة على الإنتاج المعرفيّ بكثافة في المجتمع الكويتيّ والمنطقة العربيّة، تقول الكاتبة بثينة العيسى، مؤلّفة رواية «حارس سطح العالم» (2019): "روايتي جاءت لتُظْهِر أنّك لا ترى النظام الرقابيّ مجرّد تروس وآليّات وإجراءات، بقدر ما هو إنسان يتعامل معها... العمل هنا يختلف عن كلّ أعمالي السابقة الّتي كانت تجسّد عالمًا واقعيًّا، وتعتمد على مجهود بحثيّ كبير، بينما في روايتي الأخيرة تحدّثت عن تجريم الخيال من قِبَل النظام الرقابيّ... وهنا جاءت روايتي لتحكي عن عالم يريدوننا فيه أن نبقى على سطح اللغة، وألّا نتعمّق في المعنى، حتّى لا نسقط فيه"[6].

يكشف فضاء الرواية عن واقع هيئات الرقابة على الكتب؛ إذ يحصل حارس سطح العالم على وظيفة رقيب في إحدى الهيئات الحكوميّة المسؤولة عن مكافحة القراءة بوصفها فعلًا إجراميًّا، وتجريم المخيّلة. يُكَلَّف الحارس بمهمّة منع كلّ ما يحفّز المخيّلة، بما في ذلك أيّ كتب تمسّ الحكومة، وهو ما يتعدّى تعرّض الرواية لصورة واحدة للسلطة، بحيث تتضافر فيها كلّ الأجهزة الرقابيّة لجعل الشعب عبارة عن آلة روبوت مبرمجة، بما في ذلك رقابة الإنسان على الإنسان الآخر؛ إذ تُمْنَع الكتب التخييليّة من روايات أدبيّة تحفّز على الخيال والتحرّر من قيود المجتمع المفروضة.

يفشل حارس سطح العالم بمهمّته رقيبًا حتّى ينتهي به المطاف إلى الجنون، وهو جنون أساسه دكتاتوريّة السلطة الرقابيّة على الفكر والمعرفة...

يفشل حارس سطح العالم بمهمّته رقيبًا حتّى ينتهي به المطاف إلى الجنون، وهو جنون أساسه دكتاتوريّة السلطة الرقابيّة على الفكر والمعرفة. يفشل  الرقيب يفشل في مهمّة السيطرة على رغبته الملحّة في قراءة كتب أكثر، وبالتالي الاحتفاظ بها، حتّى يُعَدّ الاحتفاظ بالكتب الممنوعة جريمة يعاقب عليها القانون؛ لتشكّل رواية «حارس سطح العالم» عملًا أدبيًّا لاستقراء واقع السلطات الرقابيّة ودورها في خلق واقع أشبه بالكابوس، وطرح شكل من أشكال الديستوبيا القائمة على عدم التقدّم بسبب وضع البشريّة في وضع زمنيّ لا يتحرّك، مع توقّف المعرفة.

بالرغم من تعرّض الرواية لسلطة الرقابة على الكتب، إلّا أنّ الرواية لم تُمْنَع، ولم تواجهها أيّ عوائق من قِبَل هيئات الرقابة في الكويت؛ وهو ما طرح تساؤلات حولها فور صدورها في عام 2019، ونجاتها من السياسات الرقابيّة، فما السرّ؟ وما علاقة عوالم الفانتازيا والفضاء المكانيّ؟

 

الفانتازيا بين حرّيّة التعبير ومنعها

طُرِحَت رواية «حارس سطح العالم» بوصفها ديستوبيا تقع ضمن عالم روائيّ يتوسّط بين الفانتازيّ والواقعيّ؛ فنجحت في خلق حواريّة مع عوالم أدبيّة تندرج تحت الفانتازيا، مثل روايتي «أليس في بلاد العجائب» (2010) و«بينوكيو اللعبة الخشبيّة» (1883)، وتعالقت المحاورة الروائيّة للفضاء الأدبيّ، أيضًا، مع توظيف عوالم ديستوبيا من حقل الرواية الغربيّة، مثل رواية جورج أورويل «1984» (1949) و«451 فهرنهايت» (1953). أمّا شخصيّة فرانكشتاين فقد أخذت بُعْدَ الفانتازيا العلميّة، أي أنّها رواية خيال علميّ، على يد ماري شيلي، وقد كان دخولها للرواية العربيّة ضربًا من ضروب الواقعيّة السحريّة؛ أي الفانتازيا المختلطة بالواقعيّ، حيث راهن سعداوي في رواية «فرانكشتاين في بغداد» على تكريس الوعي بواقع الغزو الأمريكيّ الإرهابيّ، فتحارب شخصيّة فرانكشتاين الإرهاب الممارَس من قِبَل الغزو الأمريكيّ على الشعب العراقيّ، بعد أن يخلقها مخترعها من أشلاء الضحايا.

أمّا الريحاني فقد شكّلت شخصيّة ’فرانكشتاين‘ في كتابه الوعي بصورة تجعل من ’فرانكشتاين تونس‘ أقرب إلى الوحش، الّذي اخترعه فيكتور فرانكشتاين في رواية شيلي؛ وهذا ما يبرّر أنّ توظيف شخصيّة فرانكشتاين في كتاب الريحاني، نتج عن وعي الشعب التونسيّ بدكتاتوريّة ما آل إليه الحكم في تونس، بحيث عكست شخصيّة فرانكشتاين تونس – بناء على النصّ الّذي رافق الغلاف - صورة من صور الشرّ، كما كان فرانكشتاين في رواية شيلي. يوضّح ذلك إمكانيّة عوالم الفانتازيا في قول ما هو على المحكّ في الواقع، لا سيّما أنّ الأعمال الإبداعيّة الّتي استلهمت عوالم الفانتازيا، باتت تكشف عن الواقع السياسيّ والاجتماعيّ. لكنّ رواية «حارس سطح العالم»، رغم صراحة السياق بالتعرّض لواقع الرقابة على الكتب، لم تُمْنَع رغم محتواها، في حين أنّ كتاب «فرانكشتاين تونس» مُنِع مقابل رواية «فرانكشتاين في بغداد» الّتي لم تُمْنَع بل تصدّرت الترجمة، وتكلّلت بالحصول على «جائزة البوكر للرواية العربيّة»، فما علاقة المكان؟

 

بين التعتيم والإفصاح

يُعَدّ عنصر المكان على قدر من الأهمّيّة الوجوديّة في النصّ لأسباب عدّة، من ضمنها موضعة القارئ بين ثنايا السياق المتناول، حيث يعيد فضاء النصّ، بما في ذلك عنصر المكان، إنتاج القارئ في سياق العمل الإبداعيّ والمعرفيّ؛ فيجعل المكان حاملًا لدلالة معيّنة[7] يوظّفها الكاتب؛ مدفوعًا باستقطاب القارئ وبعلاقة به تجمعهما خارج النصّ. فالمكان بوصفه بناءً لغويًّا، جاء في الأعمال الأدبيّة الثلاثة بصورة تتراوح بين التعتيم والصراحة.

في رواية «حارس سطح العالم»، تطرح الكاتبة فضاء العمل في مكان مجهول لا يقتصر على تسمية جغرافيّة معيّنة[8]، وهو ما قد يفسّر نجاة الكتاب من السلطة الرقابيّة، في ما ولّد التعتيم على المكان مع العوالم الفانتازيّة حرّيّة في طرح سياق أعرب عن التنديد بالسياسات الرقابيّة، ومحاربة الفكر، وهو ما يدعم بناء إسقاطات مكانيّة لا تقتصر على مسقط رأس الكاتبة وهو الكويت؛ لتتّسع وتأخذ بُعْدًا أكثر شمولًا للسياسات الرقابيّة على المعرفة، المعمول فيها في العالم العربيّ كلّه.

 في ما ارتبطت رواية «فرانكشتاين في بغداد» بالعاصمة العراقيّة، كما هو واضح من العنوان، وعلى غرار ذلك جاء كتاب «فرانكشتاين تونس»، الّذي ارتبط حصرًا بتونس مكانًا، والإحالة إلى الرئيس التونسيّ قيس سعيد من خلال صورة الغلاف. بالرغم من أنّ الأخير كان عبارة عن سلسلة مقالات سياسيّة، وليس عملًا روائيًّا حسبما تداولت مواقع التواصل الاجتماعيّ، إلّا أنّ التناصّ مع رواية «فرانكشتاين في بغداد» جاء واضحًا في العنوان، في استحضار شخصيّة فرانكشتاين مع تغيير المسمّى المكانيّ، في حين أنّ تناصًّا آخر جاء مع رواية شيلي في تصوير شخصيّة الرئيس التونسيّ قيس سعيد بفرانكشتاين شخصيّةً شرّيرة؛ ممّا أدّى إلى فرض قرار المنع.

يُفْهَم ممّا سبق أنّ المكان وارتباطه بالديستوبيا، له أبعاد سياسيّة قد تفضي إلى المنع أو السماح، وأنّ أبعادًا أخرى يمكن قراءتها للديستوبيا، مثل ديستوبيا صورة الغلاف في كتاب «فرانكشتاين تونس»، الّتي حدّدت مصير الكتاب بالمنع، مقابل رواية «فرانكشتاين في بغداد» الّتي أخذت من الغلاف بُعْدًا خارجيًّا لا يحتوي على أيّ رسالة سياسيّة. في ما اعتمدت العيسى في صورة الغلاف لروايتها صورة أرنب قابع أسفل الكرة الأرضيّة، مجسّدة العنوان كما هو في الصورة، ومستلهمة الفانتازيا في رواية «أليس في بلاد العجائب»، ما يحيل إلى أنّ البُعْد السيميائيّ لتفكيك صورة الغلاف، ينمّ عن خطاب مُسْتَهْدَف له دور يتضافر مع خطاب العنوان؛ فيجعل منهما عتبة مؤدّية في الإحالة إلى مضمون الكتاب.

 


إحالات

[1] لبابة صفّوري، تحليل رواية يوتوبيا، خير جليس، 26 حزيران (يونيو) 2022، تمّ الاسترجاع: https://shorturl.at/bvMW5

[2] مرجع سابق.

[3] كمال الريحاني، ""فرانكشتاين في بغداد" ... صناعة وحش لمقاومة الوحشيّة"، الجزيرة، 12 يناير، 2014، تمّ الاسترجاع من: https://shorturl.at/eoAV9

[4] فرانس برس، "بعد زيارة سعيد لمعرض الكتاب ... السلطات تصادر "فرانكشتاين تونس""، الحرّة، 29 أبريل، 2023، تمّ الاسترجاع من: https://shorturl.at/myGP0

[5] المرجع نفسه.

[6] محمّد عبد الناصر، "بثينة العيسى: "تحرّشت" روائيًّا برقيب الكتب"، القبس، 12 نوفمبر، 2019، تمّ الاسترجاع من: https://shorturl.at/aex68

[7] آسية البوعلي، "أهمّيّة المكان في النصّ الروائيّ"، مجلّة نزوى، 1 أبريل، 2002 تم الاسترجاع من: https://shorturl.at/atGRZ

[8] بثينة العيسى، حارس سطح العالم (الكويت، منشورات تكوين، 2019)،5.

 


 

مها زيادة

 

 

 

باحثة فلسطينيّة، حاصلة على الماجستير في «الأدب المقارن» من «معهد الدوحة للدراسات العليا»، مهتمّة بقضايا الأدب وتحليل الصورة المرئيّة.