الحبّ... رحلة في العربيّة

لوحة سيراميكيّة تجسّد حكاية مجنون ليلى، ق 17

 

الحبّ عاطفة توّجتها اللغة والتجربة الشخصيّة بأشكال شتّى، ممّا يصعّب من قصر تتبّع طريقة وحالة واحدة للحبّ، فكلّما نضجت هذه العاطفة بلورت حالة جديدة فيها. هذه الحالات المتنوّعة كلّها تتموضع تحت مظلّة المحبّة، الّتي لا تقتصر فقط على الحالات الشعوريّة في حدّ ذاتها، بل تتنوّع في تفصيلها وتسميتها، بل تسمية آثارها وصفاتها أيضًا وما ليس فيها؛ فالحبّ - الّذي تأتّى من مفردة المحبّة - في حالة دائمة من التحوّل والاستمرار، ولذلك واصل في تنوّع تفلسف تسمياته وصفاته.

امتدّت رحلة مفردة ’الحبّ‘ عربيًّا – أي لغةً عربيّة - في رقع عدّة، بداية من التراث العربيّ المتمثّل بشفاهيّة التغنّي به شعريًّا، وورودها في القرآن الكريم والسنّة النبويّة، ووصولًا إلى الصوفيّة. كان تفلسف الحبّ متنوّعًا ومكثّفًا في العربيّة بحمولاتها المعجميّة وفِكْر التصوّف، أي أنّ الاستخدام الصوفيّ لمفردة ’الحبّ‘ كان مختلفًا عن استخدامه في المعجم، الّذي تلاقى - أي الاستخدام اللسانيّ المعجميّ لمفردة ’الحبّ‘ - مع استخدامها في الشعر العربيّ، ما دام الشعر لا يحمل نزعة الصوفيّة، وإلّا اختلفت سياقات المعنى ودرجاته.

امتدّت رحلة مفردة الحبّ عربيًّا في رقع عدّة، بداية من التراث العربيّ المتمثّل بشفاهيّة التغنّي به شعريًّا، وورودها في القرآن الكريم والسنّة النبويّة، ووصولًا إلى الصوفيّة...

يثير هذا التأمّل في كون استخدام المفردة بسياقات فكريّة يعزّز استقلالها وفردانيّتها، بل بشكل أعمق يُثْري المعنى المصاحب لهذه المفردة؛ فرحلة المفردة الثقافيّة والفكريّة تُنْشِئ سياقات متنوّعة لتفلسف المعنى؛ خاصّة مع كون مفردة الحبّ – مثالًا - دائمة الحركة والتغيّر. إضافة إلى أنّها تمسّ شعور الإنسان وعاطفته؛ فهي بالنسبة إليه - أي الإنسان - حالة قريبة دائمة، إلّا أنّها متنوّعة السياقات والصفات، فوجب عليه التفكّر فيها وفي منازلها، خاصّة مع كون مفردة الحبّ تنتقل باستمراريّة متفرّدة في العربيّة، بين صفحات معاجمها وطرائق الصوفيّين.

غير أنّه - رغم هذه الاستمراريّة - كان ثمّة تعثّر في فهم المفردة والمراد منها في سياقات استخدامها، لذلك برع اللسانيّون والفلاسفة في التفكّر في هذه المفردة، وتتبّع رحلتها وعبورها في اللغة العربيّة نفسها، وأيضًا في تفلسف الصوفيّة.

 

الحبّ في اللغة العربيّة

لطالما تغنّى متحدّثو العربيّة وناظمو الشعر قبل الإسلام بالحبّ والتغزّل بالمحبوب في مطالع قصائدهم؛ فذهبوا لاشتقاق الحبّ من المحبّة نفسها الّتي تعني الصفاء؛ إذ كانت العرب تقول لصفاء الأسنان وبياضها ‘حِبَب‘ الأسنان[1]. عليه؛ لا يُبْنَى الحبّ إلّا على صفاء ومودّة وقبول. وقد قيل بأنّ الحبّ يأتي من ’الحَباب‘، وهو ما يعلو الماء عند المطر الشديد[2]. ثمّ إنّ العرب ردّت أصل المحبّة إلى ’حَبَّة‘ القلب، وهي سويداؤه[3]. وبالتالي سُمِّيت المحبّة بذلك لقربها من القلب وسكناها إيّاه. على أنّ الحبّ فعل القلب، ووحده القلب يتقبّل تقلّب الحبّ وأوجهه. 

قيل في المحبّة الكثير، واشْتُقّ منها أسماء عدّة حاول العرب ترتيبها، إلّا أنّ فردانيّة رحلة الحبّ مفردةً وحالةً، ومن ثَمّ تجربة شخصيّة فرديّة، أضافت تحدّيًا مستمرًّا لهذه الرحلة؛ الأمر الّذي صعّب حدّ مفردة ’الحبّ‘ بمراحل أو ترتيب عامّ ينطبق على عموم المفردات الملاصقة للحبّ، إلّا أنّهم حاولوا التطرّق إليها وتحليلها معجميًّا ونفسيًّا؛ فكان محمّد بن داود أوّل مَنْ تناول مصطلحات الحبّ، ورتّبها عاطفيًّا؛ فابتدأ بالاستحسان، ثمّ المودّة فالمحبّة، ثمّ الخلّة فالهوى والعشق والتتيّم[4]. هنا، جعل المحبّة في المرتبة الرابعة، في حين أنّها معجميًّا كانت أصل الحبّ. وربّما من هنا جاء تعدّد أسماء الحبّ في العربيّة، ومعضلة ترتيبها؛ فنجد في كتاب «فقه اللغة» للثعالبيّ ترتيبًا يوجز الحبّ في اثنتي عشرة درجة بترتيب واضح؛ يبتدئ فيها بالهوى ويختم بالهيوم. والطريف أنّ الكسائيّ في ترتيبه لدرجات الحبّ، كانت أعلى درجة عنده الهوى الّتي هي أقلّ درجة عند الثعالبيّ؛ وهذا ما يؤكّد أنّ تراتبيّة درجات الحبّ أمر نسبيّ، ولا يمكن الفصل فيه بشكل كامل.

ذكر ابن قيّم الجوزيّة نحو واحد وخمسين اسمًا للحبّ، أجاز القسم الأكبر منها اسمًا للحبّ، ومنها ما فصّل فيه على أنّه من لوازم الحبّ أو حتّى آثاره...

بالتالي؛ دعت الحاجة إلى رصد أسماء الحبّ في التراث العربيّ دون تراتبيّة. وعلى إثر ذلك ذكر ابن قيّم الجوزيّة نحو واحد وخمسين اسمًا للحبّ، أجاز القسم الأكبر منها اسمًا للحبّ، ومنها ما فصّل فيه على أنّه من لوازم الحبّ أو حتّى آثاره، مثل الاستكانة. ومن الجدير بالذكر أنّ ابن القيّم لم يتّبع ترتيبًا لأسماء الحبّ، بل اكتفى بسردها وسرد معانيها. وهذا يضعنا أمام سؤال حول ماهيّة معنى هذه الأسماء وطبيعة سياقاتها، حتّى تجاربها وتصوّراتها أيضًا. ومن هنا اتّضحت محطّة رحلة الحبّ في المعجم اسمًا وتفلسفًا، وفقًا لكلٍّ من ابن القيّم ولسان الدين الخطيب، دون الرجوع إلى ترتيب معيّن، بل من خلال مناقشة تفلسف كلّ مفردة على حدة.

 

العلق/ العلاقة

وفقًا لابن القيّم، فـ ’العلق‘ هو الهوى. وسُمِّي علاقة لتعلّق القلب بالمحبوب[5]. الجدير بالانتباه أنّه عاد وناقش مفردة الهوى وحدها، مفيدًا بأنّها ميل النفس إلى الشيء. بالتالي، أيكون الميل أعمق من التعلّق، أم يجاوره؟ مع التنبيه على أنّ اللغة لا تحمل ترادفًا، بل تحمل قربًا إلى المعاني. في حين أنّ الخطيب ذكر ’العلق‘ بأنّه مشتقّ من التعلّق ويعني اللزوم، وعليه؛ فإنّ ’العلق‘ بالنسبة إلى الخطيب يعني الحبّ الملازم للقلب[6]. عليه، فإنّ فهم المفردة ذاتها داخل سياق اللغة العربيّة - قبل التطرّق إلى الصوفيّة - يحتمل تعذّرًا للتأويل، ومِنْ ثَمّ الفهم. وبالتالي تعذُّر رحلة المفردة حين انتقالها من فكر شخص إلى آخر؛ فما بال المفردة حين تنتقل إلى استخدام مغاير داخل اللغة نفسها، مثل الصوفيّة الّتي سيأتي عليها الحديث لاحقًا.

 

الصبابة

وفقًا للخطيب فإنّ ’الصبابة‘ تقع في منزلة العشق نفسه. في حين يتّفق ابن القيّم  في تعريفه ’للصبابة‘ مع تعريف الصحاح بأنّها رقّة الشوق وحرارته. من هنا يتأتّى أنّ ’الصبابة‘ اسم من أسماء الحبّ، لكنّ تعريفها كحالة يتوقّف على عيشها؛ فهي قد تكون شوقًا بل عشقًا؛ فالشوق يقود إلى العشق ويكمله. لكن، أيمكن ترسيم حدود المفردة رغم كلّ هذا التنوّع فيها، أم أنّ المفردة مرنة لتسع غير رأي وغير سياق؟ ففي حالة ’الصبابة‘ قد لا تقتصر رحلة المفردة على تعذّر التأويل، بل تمتدّ إلى محاولات فهم المفردة حالةً معيشة. هذا ما سبق التنبيه إليه في البداية بأنّ الحبّ تجربة شخصيّة وفرديّة؛ فالتعامل مع المفردة بشكل موضوعيّ قد يكون صعبًا؛ فلا يمكن الوصول إلى حدود واضحة مع المفردة بشكل أساسيّ. لكنّ هذا يجعلنا نتساءل حول مدى تمكّن فلسفة تعريف المصطلح من أن تحدّ المعنى، وتعذُّر تأويله كذلك؛ ألذلك يُتَعامَل مع المفردات بحالة بحث وتأويل دائمين مع الاحتفاظ بفردانيّتها؟ لكن رغم ذلك لا يكفّ الباحث - واللسانيّ أيضًا - عن إيجاد مقابل قريب لأيّ مفردة، فهذا يثير أيضًا التساؤل عن عدم الكفّ عن محاولة الفهم والتتبّع لرحلة المفردة وتأويلاتها حتّى في سياق اللغة نفسها. هل هو سؤال نحو الفهم بشكل أساسيّ، أم إبحار في اللغة قياسًا لمرونتها أو حتّى لطاقاتها الإبداعيّة والفلسفيّة؟

 

الحبّ في الصوفيّة

ترتكز التجربة الصوفيّة على ذات المتصوّف، وعليه، فإنّ أيّ رحلة تعبيريّة يخوضها تنطلق من ذاته باتّجاه الآخرين، وليتمكّن من التعبير عن ذاته عليه استخدام لغة الآخرين وممارستها، وفي هذه الحالة اللغة العربيّة. لكن يبقى السؤال قائمًا: هل سيستخدم اللغة العربيّة بمفردات الإنسان العاديّ - غير المتصوّف - أم أنّه سيبتدع مفردات خاصّة به من ضوء تجربته؟ الخيار الثاني هو الأرجح، لأنّ كلّ إنسان يحمل علاقة خاصّة باللغة، ويضيف إليها جزءًا من روحه؛ فما بالنا بالمتصوّف الّذي يحتاج إلى مفردات خاصّة به تمامًا ليتحدّث عن تجربته؟ من هنا تبرز فردانيّة اللغة، سواء من خلال الاستخدام الفرديّ لها، أو من خلال الاستخدام الصوفيّ. يكاد ابن عربيّ يكون أوّل المتصوّفة انفتاحًا في استخدام اللغة، أي في قدرته على استخدام اللغة تعبيرًا عن رحلته وبمفرداته الخاصّة، دون حاجة إلى التكلّف أو استخدام صياغات معيّنة للحديث، كما اعتاد الصوفيّون من قبله.

الكلمة عند ابن عربيّ تتحدّد بمضمونها لا لتعبّر عنه بل لتكونه، والحرف لديه يتحوّل إلى ذات مضمونه، وبالتالي لا تتعدّد لديه المترادفات، بل كلّ مفرد هو غير الآخر؛ إذ - وإن كان يرمز إلى الحقيقة الواحدة - إنّ نسبته إليها من وجه خاصّ، لا يشترك فيه مع غيره[7]. الكلمة عند ابن عربيّ تمتاز بمضمون وحيد؛ لأنّها تمكّنت من أن تكون المراد منها؛ وعليه لم يحتج ابن عربيّ إلى التعداد. ثمّ إنّه يعمل على تفريغ المفردة من ذاتيّتها وتركيزها على مضمونها وحده. وبعد ذلك يتنقّل بالمفردة من مستوًى إلى آخر. بالإضافة إلى ما أسماه ’معراج الكلمة‘، الّذي يعني أنّ الكلمة تعرج من مضمون أدنى إلى مضمون أعلى... لا تستقرّ في مضمون بل تتركه دومًا إلى مضمون أعلى دون أن تصل أبدًا... وذلك بديناميكيّة جدليّة خاصّة، تلتقط في كلّ مضمون ما يحمله في حناياه[8].

الكلمة عند ابن عربيّ تتحدّد بمضمونها لا لتعبّر عنه بل لتكونه، والحرف لديه يتحوّل إلى ذات مضمونه، وبالتالي لا تتعدّد لديه المترادفات...

 هذا ما نشهده في تعبير ابن عربيّ عن مفردة مثل الحبّ، فيقول: "مَنْ حَدّ الحبّ ما عرفه، ومَنْ لم يذقه شربًا ما عرفه، ومَنْ قال رويت منه ما عرفه"[9]؛ يقصد أنّ مَنْ يضع حدودًا لمفردة الحبّ ما عرف الحبّ. وتتدرّج مفردة الحبّ عنده من مستوًى أدنى إلى أعلى، تمامًا مثلما فعل الثعالبيّ بترتيب الحبّ - الّذي يقصد به في ذلك المقام الحبّ الإنسانيّ - لكنّه لا يصل أبدًا، وهنا يتّفق مع ما يقوله: "ومَنْ قال رويت منه ما عرفه"؛ أي أنّ الوصول إلى مرحلة الاكتفاء يعادل الفناء أو العدميّة. وبالتالي فإنّه لا وصول إلى الاكتفاء، بل بحث دائم مستمرّ عن المفردة نفسها، وكينونتها، ومضمونها. 

بالنسبة إلى ابن عربيّ، فإنّ الحبّ أربعة ألقاب متمثّلة بـ ’الهوى‘ و’الحبّ‘ و’العشق‘ و’الودّ‘؛ وبالتالي فإنّه يختزل المحبّة في هذه المفردات، مع الحفاظ على تفلسف كلّ مفردة منهنّ. وهنا يتّضح تعذّر نقل هذه المفردات بنفس المصطلح إلى العربيّة، مقارنة باستخدامها الصوفيّ. وعليه، من الممكن إنشاء مقاربة بسيطة حول بعض هذه المفردات من خلال التطرّق إلى الفلسفة الصوفيّة الملازمة للمفردة، ومقاربتها مع المفردة معجميًّا، الّتي سبق ذكرها.

 

الهوى والعشق عند ابن عربيّ

الهوى؛ يقال الهوى عند ابن عربيّ على نوعين، الأوّل سقوطه في القلب، في حين أنّ الثاني لا يكون إلّا مع وجود حكم الشريعة[10]. ثمّ إنّ ابن عربيّ يقول إنّ بالهوى يُخْتبَر الإنسان، فينزل أو يعلو، وينجو أو يشقى؛ أي أنّ الهوى هنا لا يقتصر على كونه اسمًا من أسماء الحبّ بمعنى السقوط في القلب، الّذي قد يتقارب مع مفردة الهوى في اللغة العربيّة، الّتي تعني ميل القلب وسرعة تقلّبه لأجل المحبّة؛ بل يمتدّ ليصبح وجوده مقترنًا بحكم الشريعة. وبهذا يخلق مضمونه الخاصّ الّذي يجعله متفرّدًا في سياقاته.

العشق؛ تقارب مفردة العشق ما بين اللغة العربيّة والاستخدام الصوفيّ للغة، في كونه إفراطًا في المحبّة وتأكيدًا لها، لكنّه – العشق - حمل خصوصيّة في الصوفيّة تكمن في إضافة نسبة مفردة الله إليه، ليصبح عشقًا إلهيًّا. تنوّعت الآراء في ما يتعلّق بهذه النقطة؛ فأصبحت المقارنة لا بين العشق وحده مفردةً، بل بين العشق الإلهيّ والحبّ الإلهيّ على حدّ سواء. وأيّة مفردة يمكن استخدامها مع الله! لحلّ هذا التعذّر استُخْدِم الحبّ الإلهيّ مفردةً أكثر من العشق الإلهيّ، بدايةً لاستحسان مفردة الحبّ، خاصّة بعد أن استخدمتها رابعة العدويّة لأوّل مرّة في البصرة، كما أنّها لائقة بشكل أكبر حين التعامل مع الله؛ فبعض الصوفيّين وجدوا أنّ كلمة ’العشق‘ لا تناسب التعامل مع قدسيّة الله وسموّه؛ فهي تجري بين البشر فقط، كعلاقة الرجل والمرأة، لا بين المحبّ ومحبوبه (أي الله). ومن خلال تتبّع هذه العمليّة، نجد محاولات فلسفيّة في التعامل مع مفردة ’العشق‘ في سياقها اللغويّ المعجميّ، وفي سياقها الصوفيّ أيضًا. هذه المحاولات ما هي إلّا لنقل مضمون المفردة بخصوصيّتها وفردانيّتها، واستخدامها في سياقاتها، مع المحافظة على مرونة اللغة، وما تحمله المفردة من حمولات ثقافيّة وفكريّة.

 

خاتمة

للمفردات كينونتها الخاصّة، إضافة إلى مضمونها وحمولاتها الثقافيّة والمعرفيّة المختلفة، الأمر الّذي يجعل رحلتها مع اللغة، وداخل اللغات، خاصّة جدًّا ومتأمّلة؛ فلا يكون من السهل انتقال المفردة، بل يحمل هذا الانتقال في طيّاته فلسفة التعامل مع المفردة وما تحملها، سواء من خلال نقل حريص للمفردة أو حتّى محاولة فهمها في سياقات مختلفة، مع الحفاظ على فردانيّتها وخصوصيّتها.

بالنسبة إلى كلمة ’الحبّ‘، فقد تنوّعت بين تصنيفات معجميّة وتأويلات علماء وأئمّة، بل تصوّرات صوفيّة أيضًا بطرقها المختلفة في التعامل مع الحبّ مفردةً، الّتي كانت تركّز على الحبّ الإلهيّ في الصوفيّة. وفي اللغة كانت حبًّا إنسانيًّا وُصِف بأنّه الحبّ المجازيّ، وبأنّ الحبّ الإلهيّ هو الحبّ الحقّ في الصوفيّة، وهو ما يُعْمِلُ هذه الحياة؛ فتطوّرت المفردة من كونها حالة فرديّة إلى حالة كونيّة لامست اللغة نفسها، وتملّكت أنساقًا فكريّة مختلفة، وكانت قادرة على الاحتفاظ بفردانيّتها، الأمر الّذي فاقم من تعذّر تأويلها.

 


إحالات

[1] ابن قيّم الجوزيّة، روضة المحبّين ونزهة المشتاقين، (مكّة، دار عالم الفوائد، 2009)، ص 27.

[2] مرجع سابق، ص 27.

[3] مرجع سابق، ص 28.

[4] محمّد حسن عبد الله، الحبّ في التراث العربيّ، (القاهرة، دار المعارف، 1994)، ص 107.

[5] مرجع سابق، ابن قيّم الجوزيّة، ص 36.

[6] لسان الدين الخطيب، روضة الحبّ الشريف، (القاهرة، دار الفكر العربيّ، 1970)، ص 342.

[7] سعاد الحكيم، المعجم الصوفيّ، (بيروت، دندرة للطباعة والنشر، 1981، ط1)، ص 16.

[8] مرجع سابق، ص 19.

[9] علاء محسن، الحبّ الإلهيّ عند الصوفيّة، (المكتب الإعلاميّ للطريقة العليّة القادريّة الكسنزانيّة)، آخر دخول في:  20\02\2022، متوفّر في: https://bit.ly/3I8whid .

[10] مرجع سابق، سعاد الحكيم، ص 302-303.

 


 

منى المصدر

 

 

 

شاعرة وكاتبة فلسطينيّة تعيش في قطاع غزّة. صدر لها عن الأهليّة مجموعة شعريّة بعنوان «لأنّني أخشى الذاكرة» عن «دار فضاءات» (الأهليّة، 2020)، «أعدّ خطاي» (فضاءات، 2017).