29/12/2017 - 12:38

اغتصاب فلسطينية بمركز شرطة بالقدس: تساهل وتجاهل بالتحقيق ولا مشتبه

المحقق الأول تحرش بها لفظيًا وجسديًا خلال التحقيق، وبعد برهة، خرج من الغرفة وتركها وحيدة، وبعد ذلك دخل شخص آخر يرتدي ثياب ما يسمى بحرس الحدود، قام بالاعتداء عليها واغتصابها بعد تكبيل حركتها وإغلاق فمها بيده خلال دقائق،

اغتصاب فلسطينية بمركز شرطة بالقدس: تساهل وتجاهل بالتحقيق ولا مشتبه

صورة توضيحية

قبل أكثر من خمس سنوات، قدمت شابة فلسطينية شكوى في مركز التحقيق مع رجال الشرطة (ماحاش) في القدس المحتلة، قالت فيها إن أحد عناصر الشرطة اغتصبها في أحد مراكز الشرطة في القدس قبل يوم واحد، إلا أن ماحاش، ورغم الإمكانية الكبيرة لمعرفة المجرم وإدانته في حينه، قررت إغلاق الملف بعد 10 أشهر، بذريعة أن المجرم غير معروف.

وبدأت القصة، بحسب ما رواه محامي الفتاة، مؤيد ميعاري، لـ"عرب 48"، عندما أوقف أحد عناصر شرطة الاحتلال في القدس فتاة فلسطينية بذريعة عدم حمل تصريح ملائم يتيح لها التواجد في المدينة، ونقلها لأحد مراكز الشرطة في القدس للتحقيق معها قبل أكثر من خمس سنوات.

تقول الفتاة إن المحقق الأول تحرش بها لفظيًا وجسديًا خلال التحقيق، وبعد برهة، خرج من الغرفة وتركها وحيدة، وبعد ذلك دخل شخص آخر يرتدي ثياب ما يسمى بحرس الحدود، قام بالاعتداء عليها واغتصابها بعد تكبيل حركتها وإغلاق فمها بيده خلال دقائق، وخرج من الغرفة.

بعد الجريمة، ارتدت الفتاة ملابسها وخرجت من مركز الشرطة مسرعة، دون أن توقع أي مستند إطلاق سراح أو غيره، ودون أن يعترضها أحد رغم خروجها من البوابة الرئيسية، ما لا يمكن أن يحدث في أي مركز للشرطة. وكان هذا أحد الثغرات التي تجاهلها محققو ماحاش خلال تحقيقهم في الجريمة.

وبعد وقت قصير من خروجها من مركز الشرطة تقيأت أكثر من مرة من شدة الاشمئزاز، وفي ذات الليلة قامت بالاغتسال أكثر من مرة وغسلت الملابس التي كانت ترتديها، والتي كان عليها آثار من السائل المنوي للمجرم، وأخبرت زوجها بما حدث صباح اليوم التالي، حيث توجه معها لتقديم الشكوى في مركز ماحاش.

وتبين صدق الفتاة بعد عرضها على جهاز كشف الكذب، حيث تعمد المحققون سؤالها أسئلة محرجة ومهينة في بعض الأحيان، كذلك أثبت الفحص الطبي تعرضها للاعتداء وكشف عن كدمات وعلامات عنف بقيت على جسدها، خاصة على ذراعها الأيسر.

وبحسب ميعاري، علمت الفتاة وزوجها بإغلاق الملف بعد أكثر سنتين، لكن في الحقيقة قرر ماحاش إغلاق الملف بعد 10 أشهر فقط دون إعلام المجني عليها أو إخبارها بآخر التطورات، وبناء عليه "قدمنا طلبًا لإعادة فتح التحقيق بعد أن اطلعنا على مواد التحقيقات، التي كشفت الثغرات الكبيرة التي تجاهلتها ماحاش خلال التحقيق، ما أدى بالمحكمة أن تفرض على ماحاش إعادة التحقيق".

إهمال أم تجاهل؟

وأكد ميعاري لـ"عرب 48" أن "مواد التحقيق تكشف إهمالًا كبيرًا، وهذا الإهمال هو ما أدى لعدم محاكمة الجاني، ومن جملة الإهمالات كان التناقض في شهادات رجال الشرطة الذين كانوا بالمركز، وخروج الفتاة من مركز الشرطة دون أن يعترضها أحد، وجهاز كشف الكذب الذي أثبت صدقها إضافة إلى عدم عرض صور رجال الشرطة للتعرف على الجاني، إذ لا يمكن أن لا يعرف الجاني بين قائمة قصيرة جدًا من المشتبهين".

وكذلك كان هنالك خرق كبير في اعتقال الفتاة ونقلها لمركز الشرطة، كذلك تركها لوحدها في غرفة التحقيقات، وعند سؤال المحقق الذي حقق معها عن ذلك قال إنه تركها وحيدة وخرج بضع دقائق لدورة المياه، ما يعتبر في عرف الشرطة إهمالًا وخرقًا كبيرًا للبروتوكول المتبع.

وكذلك لم يفحص محققو ماحاش أشرطة كاميرات المراقبة بعد تقديم الشكوى، إذ تنتشر الكاميرات في كل مراكز الشرطة ومن بينها تلك المثبتة على مداخل الغرف والبوابات الرئيسية، ومن خلال هذه الأشرطة كان يمكنهم معرفة من دخل إلى غرفة التحقيق وكذلك كيف خرجت الفتاة من البوابة الرئيسية دون أن يعترضها أحد.

وذكر ميعاري أن "المشتبهين المحتملين كانوا 19 أو 20 شخصًا كانوا في مركز الشرطة، ومع عرض صورهم التي كانت في مواد التحقيق عند تقديم الاستئناف بعد إغلاق الملف للمرة الثانية، تعرفت الفتاة فورًا على مغتصبها وعلى المحقق الآخر الذي تحرش بها، وفي حال تم اتخاذ الإجراءات المتبعة بطريقة صحيحة في حينه كانت تعرفت عليه، ولا حاجة لانتظار أكثر من سنتين من أجل فعل ما هو بديهي وبسيط ومن أساسيات عمل الشرطة في مثل هذه المواقف".

شهادات متناقضة

وبعد تقديم الاستئناف لوزارة القضاء بفترة جاء الرد، الذي نص على قبول الاستئناف وإعادة الملف لماحاش لتجديد التحقيق في الجريمة، ولكن، بحسب ميعاري، بعد سنة قام ماحاش بإغلاق الملف مرة أخرى بذات الادعاء، المجرم غير معروف.

وأشار ميعاري إلى أنه رغم الشهادات المتناقضة لرجال الشرطة، لم يلجأ محققو ماحاش للتحقيق مع جميع عناصر الشرطة الذين تواجدوا في المركز حينها، كذلك لم يحققوا مع أحد تحت طائلة التحذير، لا سيما أولئك الذي تناقضت شهاداتهم.

وقال أحدهم في شهادته إنه فتح لها البوابة الرئيسية لمركز الشرطة عندما كان برفقة زميل له، في حين قال زميله إنه كان وحيدًا عندما فتح لها البوابة، ما كشف عن شهادات مختلفة لذات الحادثة.

وكذلك لم يعقد محققو ماحاش مواجهة بين المجني عليها والمشتبه بارتكاب الجريمة، مع أن هذا الإجراء يعتبر أيضًا من الإجراءات الأساسية والتي يجب عملها في البداية.

تحقيق بعد أكثر من 5 سنوات

وبعد الاستئناف لوزارة القضاء وإعادة فتح التحقيق مجددًا، تم التحقيق مع الجاني، الذي اعتمد في التحقيق على أن الجريمة التي يتم التحقيق فيها وقعن قبل أكثر من خمس سنوات، وكانت معظم إجاباته "لا أعرف، لست أذكر، مر وقت طويل"، وعند عرضه على جهاز كشف الكذب تبين أنه لم يكذب خلال الفحص.

وقال ميعاري لـ"عرب 48" إلى أنه تقدم باستئناف آخر لوزارة القضاء بعد إغلاق الملف قبل 10 أشهر، وحاليًا يتم فحص الاستئناف من المتوقع أن يتم الإجابة عليه قريبًا.

ولدة سؤالنا عن احتمال رفق الاستئناف من قبل الوزارة، قال ميعاري "نحن لا نتوقع الكثير من وزارة القضاء، ومن المحتمل رفض الاستئناف وعيوننا على المحكمة العليا حيث سيتم تقديم استئناف يشمل اتخاذ إجراءات قضائية ضد الأجهزة التي تعمدت إهمال هذا التحقيق والتصرف باستهتار خلاله، ومن بينها وزارة القضاء وماحاش ومركز الشرطة".

 

التعليقات