30/04/2021 - 01:24

الانتخابات الفلسطينية... بانتظار القدس

قرر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، تأجيل الانتخابات التشريعية لحين ضمان سماح السلطات الإسرائيلية مشاركة مدينة القدس المحتلة.

الانتخابات الفلسطينية... بانتظار القدس

من خطاب الرئيس الفلسطيني قبل اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية (وفا)

قرر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، تأجيل الانتخابات التشريعية لحين ضمان سماح السلطات الإسرائيلية مشاركة مدينة القدس المحتلة. وقال عباس في ختام اجتماع القيادة الفلسطينية في مقر الرئاسة في رام الله، إن القرار "يأتي بعد فشل كافة الجهود الدولية بإقناع إسرائيل بمشاركة القدس في الانتخابات".

وقال عباس إنه "قرّرنا تأجيل موعد إجراء الانتخابات التشريعية إلى حين ضمان مشاركة القدس وأهلها في هذه الانتخابات، فلا تنازل عن القدس ولا تنازل عن حقّ شعبنا في القدس في ممارسة حقّه الديموقراطي".

وأضاف أنه سنعمل على تشكيل حكومة وحدة وطنية تلتزم بالقرارات الدولية. وقال إن "اجراء الانتخابات يجب أن يشمل كل الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس... سنواصل العمل على تعزيز الوحدة الوطنية وتعزيز المقاومة الشعبية السلمية".

وقال إنه " نطالب المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لوقف ممارساتها العدوانية".

"حماس" ترفض التأجيل

وأعربت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عن رفضها قرار الرئيس الفلسطيني بتأجيل الانتخابات. وقال المتحدث باسم الحركة، سامي أبو زهري، في تغريدة عبر "تويتر" إنه "‏نرفض قرار حركة فتح تأجيل ‎الانتخابات الفلسطينية".

وأضاف "نعتبره إعلان هزيمة أمام القوائم الأخرى، وهو يمثل تنكراً للإجماع الفلسطيني، واستغلالاً للشماعة الإسرائيلية للتغطية على الهزيمة".

وأعلن الرئيس عباس، في وقت سابق الخميس، أن السلطة الفلسطينية لن تجري الانتخابات دون مدينة القدس المحتلة، مشيرا إلى أن هناك رسائل وصلت من إسرائيل بأنهم لا يستطيعون إعطاء جواب (بشأن إجراء الانتخابات في القدس) لعدم وجود حكومة إسرائيلية تتخذ قرارا بهذا الشأن.

ووفق مرسوم رئاسي، من المقرر أن تجرى الانتخابات الفلسطينية على 3 مراحل خلال العام الجاري: تشريعية (برلمانية) في 22 أيار/ مايو، ورئاسية في 31 تموز/ يوليو، وانتخابات المجلس الوطني في 31 آب/ أغسطس.

وأعلن عباس، مساء الخميس، أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي امتنعت عن الرد بشأن إجراء الانتخابات في مدينة القدس، بذريعة "عدم وجود حكومة إسرائيلية"؛ وذلك في خطاب ألقاه من مقر الرئاسة في رام الله، قبل انعقاد اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، لحسم مصير الانتخابات الفلسطينية.

وقال عبّاس إنه "وصلتنا اليوم رسالة من إسرائيل تؤكد الامتناع عن الرد بشأن سماحها بإجراء الانتخابات في القدس، بسبب عدم تشكيل حكومة إسرائيلية"، وشدد على أن القيادة الفلسطينية رفضت الرد الإسرائيلي واعتبرته "كلاما فارغا"، وأضاف "الأعذار الإسرائيلية لن تنطلي علينا وغير مقبولة".

وأوضح أن إسرائيل نقلت رسالتها عبر الولايات المتحدة الأميركية وأطراف أوروبية، وأضاف خلال اجتماع مع الفصائل الفلسطينية "أريد عمل انتخابات في القدس وليس في السفارات الموجودة في المدينة أو في أبو ديس وغيرها في محيط القدس".

وذكر عبّاس أن "أوروبا، في البداية، دعمت مسعانا في إقامة انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني وطالبتنا بإصدار مراسيم لإقامتها، ووعدتنا بالضغط على إسرائيل لتحقيق حلم الانتخابات"، مستدركا أن الأوروبيين أكدوا في الأيام الماضية أن "إسرائيل لن تسمح بإجراء الانتخابات في القدس".

وشدد على أنه "لن نجري الانتخابات من دون القدس"؛ وأوضح أن الاجتماع الذي تعقده تنفيذية منظمة التحرير، مساء الخميس، هدفه "اتخاذ القرار المناسب والحفاظ على القدس الشرقية عاصمة أبدية لنا"؛ وأضاف "قضية تنظيم الانتخابات في القدس ليست مسألة فنية وإنما قضية سياسية وطنية بالدرجة الأولى".

وقال "نحن لا نتلكأ، نحترم ما يصدر عنا وملتزمون به"، مستطردا بالقول: "إجراء الانتخابات في القدس يثبت حقنا في فلسطين، مع إمكانية تنظيم الانتخابات في القدس سنعلن عن إجرائها فورا"، مشددا على أنه "نحن جاهزون لإجراء الانتخابات وننتظر الموافقة من إسرائيل".

وتعليقا على الرد الذي تلقاه من سلطات الاحتلال بزعم عدم وجود حكومة إسرائيلية تبت بمسألة إجراء الانتخابات الفلسطينية في القدس، قال: "يوميا تصدر أوامر حكومية ببناء آلاف المستوطنات، من أين جاءت هذه الحكومة ومن أصدر هذه القرارات؟ من أصدر قرار أن تقف الشرطة الإسرائيلية جانب المستوطنين لقتل أهل القدس، من أين جاءت هذه الحكومة؟".

وأضاف عبّاس: "لو جاءت إسرائيل ووافقت بعد أسبوع نعمل الانتخابات في القدس مثلما فعلنا عام 2006"، مكررا أنه "إلى الآن لا موافقة إطلاقا" من سلطات الاحتلال الإسرائيلي على إجراء الانتخابات في القدس.

وشارك في اجتماع اللجنة التنفيذية ممثلون عن الفصائل الأعضاء في منظمة التحرير، في حين قاطعت حركة حماس الاجتماع.

وفي وقت سابق، الخميس، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أحمد مجدلاني، إن "القيادة ستقيّم في اجتماعها الليلة كافة المعطيات الموجودة حول إمكانية مواصلة الخطوات باتجاه إجراء الانتخابات".

وأضاف مجدلاني في تصريحات صدرت عنه، أن الاجتماع يسعى "إلى أوسع اتفاق وطني فلسطيني لمعرفة الخيار الأفضل في مواجهة مسألة إجراء الانتخابات في القدس المحتلة"؛ وشدّد على "أن الذهاب الى الانتخابات من دون القدس اعتراف بإجراءات الضمّ الإسرائيلية".

كما اعتبر نائب رئيس حركة فتح، محمود العالول، أن الذهاب الى الانتخابات من دون القدس "خيانة وجريمة"، وفق ما نقلت عنه وكالة أنباء الفلسطينية ("وفا")، مؤكدا أن إسرائيل "لم تعط حتى الآن ردا واضحا رغم مخاطبتها عن طريق جهات أوروبية وإقليمية".

رفض قاطع للتأجيل

ويجمع ممثلو قوائم مستقلة بالإضافة من ضمنها قائمة "الحرية" التي يترأسها القيادي المفصول من حركة فتح، ناصر القدوة، ويدعمها القيادي الأسير مروان البرغوثي؛ وقائمة "المستقبل" التي يخوض من خلالها تيار محمد دحلان، أحد أبرز معارضي عباس داخل حركة فتح والمفصول من الحركة، عن معارضتها لتأجيل الانتخابات.

كما أكدت حركة حماس رفضها القاطع لتأجيل الانتخابات، في حين قررت حركة الجهاد الإسلامي عدم المشاركة فيها. وكان نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خليل الحيّة، قد حذّر الأسبوع الماضي، من مغبة أي تأجيل للانتخابات حتى "ولو ليوم واحد"، لأن ذلك "سيدفع الشعب الفلسطيني إلى المجهول".

وشددت حركة حماس على أنها "ترفض فكرة تأجيل أو إلغاء الانتخابات الفلسطينية، وترى أن الحل هو الاجتماع على المستوى الوطني لبحث آليات فرض الانتخابات بالقدس دون إذن أو تنسيق مع الاحتلال الإسرائيلي".

وأظهر استطلاع نشره هذا الأسبوع مركز "القدس للإعلام والاتصال" وأُجري بالشراكة مع مؤسسة "فريدريتش إيبرت" الألمانية، أن 79% من الفلسطينيين يعتبرون إجراء هذه الانتخابات أمرًا مهمًا.

"القدس ذريعة لتأجيل مرجّح"

ويُتهم عباس من قبل خصومه بالتذرّع بمسألة تصويت الفلسطينيين في القدس المحتلة لتأجيل الانتخابات، معتبرين أنه يريد إرجاءها لأنه قد يتعرض لهزيمة لا سيما بسبب الانقسامات الداخلية العميقة داخل حركة فتح.

وقالت نادية حرحش، المرشحة في قائمة "معا نستطيع" التي يدعمها رئيس الوزراء الفلسطيني السابق سلام فياض، إن عباس "يستخدم القدس ذريعة".

ووفق بروتوكولات اتفاقيات أوسلو، يُسمح لسكان مدينة القدس المحتلة بالانتخاب في مقرات البريد الإسرائيلية.

وادعى المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية، ألون بار، خلال اجتماع مع دبلوماسيين من الاتحاد الأوروبي، أول أمس، الثلاثاء، إن الانتخابات "قضية فلسطينية داخلية، وليست لدى إسرائيل نية للتدخل فيها أو منعها"، من دون إعطاء أي إيضاح بشأن القدس.

وكانت السلطة الفلسطينية قدمت رسالة إلى سلطات الاحتلال الإسرائيلي تطلب فيها السماح لـ6300 مواطن فلسطيني في القدس المحلتة بالتصويت في مكاتب البريد، كما كان الحال في الجولات السابقة، ولم ترد إسرائيل كتابيا على الإطلاق.

وسبق للفلسطينيين من سكان القدس، أن شاركوا في الانتخابات في الأعوام 1996 و2005 و2006 ضمن ترتيبات خاصة متفق عليها، جرى بموجبها الاقتراع في مقرات البريد الإسرائيلي، وبإشراف موظفي البريد نفسه.

وأجريت انتخابات 1996 وانتخابات 2006 وفق نظام الترشيح المختلط، أي ضمن نظام القوائم ونظام الدوائر الجغرافية والترشيح الفردي فيها. وأصرّ الرئيس الراحل ياسر عرفات في الانتخابات الأولى التي أجريت في الأراضي الفلسطينية على تمثيل الدوائر حتى تتمثّل دائرة مدينة القدس المحتلة.

وسيعتمد نظام الانتخابات القادمة نظام القوائم، واستبعد نظام الدوائر. ويفترض أن تبدأ الحملة الانتخابية في نهاية الأسبوع. وتتنافس نحو ست وثلاثين قائمة في الانتخابات التشريعية.

الاحتلال يتأهب

وعلى صلة، رفع جيش الاحتلال الإسرائيلي، حالة التأهب في صفوف قواته في المنطقة الجنوبية والضفة الغربية، قبيل خطاب عباس، الذي يتوقع أن يعلن خلاله تأجيل الانتخابات الفلسطينية، على خلفية رفض إسرائيل إجراءها بالقدس.

وتقدر الأجهزة الأمنية الإسرائيلية احتمال إجراء الانتخابات في موعدها بـ"الضئيل جدًا"، بحسب المراسل العسكري لموقع "معاريف"، طال ليف رام، الذي أضاف أن جيش الاحتلال يتركّز في الاستعداد لاحتمال أن يؤدي الإرجاء أو الإلغاء إلى عنف و"إرهاب" متزايد في الميدان.

بينما أشار المراسل العسكري لموقع "واللا"، أمير بوحبوط، إلى أن التأجيل أو الإلغاء سيؤّديان إلى مواجهات في القدس والضفة الغربيّة لا في قطاع غزّة.

وقالت القناة 12 الإسرائيلية إن "القيادة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي رفعت حالة التأهب وتدرس كل ردود الفعل المتوقعة على الجانب الفلسطيني". وادعت أنه "من الواضح تماما أن إعلان عباس تأجيل الانتخابات سيثير حنق حماس التي تشعر بأنها على وشك الفوز".

وتابعت أنه "بالنسبة لإسرائيل، فإن فوز حماس في المجلس التشريعي هو كابوس. ومع ذلك، يمكن لمثل هذه الخطوة (التأجيل) زيادة التوترات بالتأكيد"، وقالت إن الجيش الإسرائيلي يستعد للتعامل مع احتجاجات في رام الله وسط الضفة الغربية يمكن أن تتسع في مناطق أخرى بالضفة وصولا إلى حدوث مواجهات مع قوات الاحتلال.

ويتوقع الاحتلال انطلاق تظاهرات داخل المدن الفلسطينيّة، لكن الخشية هي من أن تنتقل هذه المواجهات إلى مناطق التماس مع الاحتلال في الضفة الغربيّة. أمّا في قطاع غزّة، فالخشية هي ليست من إطلاق صواريخ تجاه إسرائيل، إنما من مظاهرات شعبيّة عند الجدار الأمني الفاصل.

التعليقات