18/08/2022 - 23:37

تصعيد الاحتلال في الضفة يتواصل... استهداف منظمات المجتمع الأهلي

تسود حالة من التوتر في الضفة الغربية مع استمرار قوات الاحتلال الإسرائيلي تصعيدها عمليات الاقتحام والاعتقال والهدم في جميع المناطق، وسط تحذيرات من انفجار الوضع.

تصعيد الاحتلال في الضفة يتواصل... استهداف منظمات المجتمع الأهلي

اقتحام مقار منظمات مجتمع مدني في الضفة (تصوير: جيش الاحتلال)

يواصل الاحتلال الإسرائيلي تصعيد اعتداءاته على الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، الخميس، إذ أعدمت قواته الشاب وسيم ناصر خليفة (18 عاما) وهو من مخيّم بلاطة، في مواجهات اندلعت الليلة الماضية قرب نابلس، فيما تواصلت حملة الاعتقالات ضد ناشطين في مختلف أنحاء الضفة، فيما استهدف الاحتلال منظمات المجتمع الأهلي والمدني واقتحم مقار سبع جمعيات قبل إغلاقها.

وتسود حالة من التوتر في الضفة الغربية مع استمرار قوات الاحتلال الإسرائيلي تصعيدها عمليات الاقتحام والاعتقال والهدم في جميع المناطق، وسط تحذيرات من انفجار الوضع.

وأفادت مصادر فلسطينية بأن قوات الاحتلال اعتقلت الشاب حسين عيسى من بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى في القدس المحتلة، أثناء مروره من حاجز الجيب، مساء الخميس، كما اعتقلت قوات الاحتلال الشابين باسم نضال أبو الرب وسلاح نزال، من بلدة قباطية جنوب جنين، أثناء مرورهما من حاجز زعترة العسكري جنوب نابلس.

ولا يقتصر تصعيد الاحتلال على اعتقال "المطلوبين" وملاحقة "المطاردين"؛ ففي صباح الخميس، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مقار 7 مؤسسات أهلية فلسطينية، في مدينتي رام الله والبيرة، وصادرت محتوياتها، وأصدرت قرارا "جديدا" بإغلاقها، زعم أنها تحول مساعدات المانحين إلى منظمات متشددة.

والمؤسسات هي: الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، والحركة العالمية للدفاع عن الأطفال – فلسطين، والحق، واتحاد لجان العمل الزراعي، واتحاد لجان العمل الصحي، واتحاد لجان المرأة الفلسطينية، ومركز بيسان للبحوث والإنماء. إذ أغلقتها قوات الاحتلال وثبتت ألواحا حديدية على بواباتها وعلقت أوامر إغلاق تام عليها، بعد أن عبثت بمحتوياتها واستولت على ملفات ومعدات عدد منها.

الاحتلال يغلق مقر "الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال" فرع فلسطين

وفي ظل غياب المساءلة عن جرائمها، تواصل قوات الاحتلال "مداهماتها واعتداءاتها العسكرية وقتل وجرح المزيد من الفلسطينيين، بمن فيهم الأطفال"، بحسب ما أوضح مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، في رسائل بعث بها إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الخميس.

وأوضح منصور أن "إسرائيل تستمر في ترويع السكان الواقعين تحت احتلالها"، ولفت إلى "حملة الترحيل القسري التي تشنها إسرائيل في أجزاء إستراتيجية من الأرض الفلسطينية المحتلة".

وقال إن إسرائيل تحاول "ترسيخ احتلالها الاستعماري غير القانوني" مشيرا إلى هدم 491 مبنى فلسطينيا، بما في ذلك 81 مبنى تم تمويلها من قبل المانحين، منذ مطلع العام الجاري.

وأضاف أن الهدم أدى إلى نزوح 626 شخصا، 302 منهم أطفال، في جميع أنحاء الضفة. وتابع أن "غياب المساءلة عن جرائم إسرائيل المستمرة يشجعها على الإفلات من العقاب، ويشجع مسؤوليها السياسيين والعسكريين وعصابات المستوطنين والميليشيات التابعة لإسرائيل على مواصلة اعتداءاتهم وقمعهم للشعب الفلسطيني".

ناشطون مدنيون يتضامنون مع المنظمات السبع المستهدفة

إدانات دولية واسعة

وفي السياق ذاته، أكد ممثل الاتحاد الأوروبي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، سفن كون فون بورغسدورف، مساء الخميس، أنه لا يوجد أي إثباتات على الادعاءات الإسرائيلية بارتباط المؤسسات السبع التي أغلقها الاحتلال صباحًا، في مدينتي رام الله والبيرة بـ"منظمات إرهابية"، أو سوء استخدام الأموال.

جاء ذلك على هامش زيارة تضامنية لبورغسدورف مع ممثلي 16 دولة معظمها أوروبية لمقر مؤسسة الحق، في رام الله وسط الضفة الغربية، وعقد اجتماع مع ممثلي المؤسسات السبع، الذين تحدثوا للوفد عن تفاصيل اقتحام جيش الاحتلال للمؤسسات وإغلاقها.

اقتحام المؤسسات الفلسطينية، فجر الخميس

والمنظمات الفلسطينية التي استهدفها الاحتلال هي: مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، ومركز بيسان للبحوث والإنماء، والحركة العالمية للدفاع عن الأطفال/ فرع فلسطين، ولجان العمل الصحي، واتحاد لجان العمل الزراعي، واتحاد لجان المرأة الفلسطينية.

وقال بورغسدورف إن "اللقاء يأتي للاستماع لتلك المؤسسات وفهم ما حدث، ليتمكن أعضاء الفريق الأوروبي من إرسال التقارير إلى عواصمهم في أقرب فرصة"، وعبر بورغسدورف عن تضامنه مع المؤسسات الشركاء للاتحاد الأوروبي، والتي يقدم لها الدعم منذ سنوات.

وأشار الممثل الأوروبي إلى أن ذلك الدعم كان له الأثر الكبير في تمكين المجتمع المدني من تقديم الخدمات للمحتاجين والعمل على مساءلة جميع الجهات؛ بما فيها إسرائيل كقوة احتلال، والسلطة الفلسطينية و"حماس" في قطاع غزة، معتبرا أن "ذلك الدعم لا غنى عنه من أجل حقوق الإنسان في فلسطين".

وشدد بورغسدورف على أنه "لا يوجد أي سبب على الإطلاق لعدم مواصلة التعاون مع شركائنا منذ فترة طويلة، والذين تم تصنيفهم من قبل الإسرائيليين والقادة العسكريين على أنهم منظمات إرهابية".

وشارك في اللقاء ممثلو البعثة الأوروبية بالإضافة إلى ممثلي دول: الدنمارك، وإسبانيا، وإيطاليا، وفرنسا، وبلجيكا، وألمانيا، وهولندا، وبولندا، وسويسرا، وبريطانيا، وإيرلندا، وفنلندا، والسويد، والنرويج، وتشيلي، والمكسيك.

وقالت تسع دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي إنها ستواصل العمل مع هذه المنظمات، مشددة على عدم وجود أدلة على الاتهام الإسرائيلي.

وذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، مساء الخميس، أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي قالت إنها ستقدم معلومات إضافية إلى الولايات المتحدة بشأن إغلاق المنظمات الفلسطينية السبع.

وقال برايس، في مؤتمر صحافي، إن واشنطن اتصلت بمسؤولين إسرائيليين، ومن بينهم مسؤولون رفيعو المستوى، للحصول على مزيد من المعلومات، وذلك بعد أن داهم جيش الاحتلال مقار الجمعيات الفلسطينية السبع، بزعم أنها "منظمات إرهابية". وأضاف برايس "سنراجع ما يقدم إلينا وسنتوصل إلى استنتاجنا الخاص".

من جانها، نددت الأمم المتحدة بعمليات الإغلاق وقالت إنه لا يوجد دليل ذو مصداقية يدعم الاتهامات الإسرائيلية. وقال مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، في بيان، إنه "على الرغم من عروض القيام بذلك، لم تقدم السلطات الإسرائيلية إلى الأمم المتحدة أي دليل موثوق به لتبرير هذه الإعلانات. وبناء عليه، تبدو عمليات الإغلاق تعسفية تماما".

بدوره، أكد رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد اشتية دعم الحكومة للمؤسسات الحقوقية والأهلية التي أغلقها الاحتلال الإسرائيلي، مشددا على أنها مركب رئيسي في النسيج الوطني الفلسطيني.

جاء ذلك خلال تفقد اشتية، الخميس، لمؤسسة الحق، وهي من ضمن سبع مؤسسات أغلقتها قوات الاحتلال في مدينتي رام الله والبيرة. وأضاف أن هذه المؤسسة وباقي المؤسسات مسجلة لدى دولة فلسطين، وبالتالي هي مؤسسات قانونية تعمل ضمن إطار القانون، لذلك ستستأنف العمل رغم إغلاقها من قبل الاحتلال.

وشدد على أن عمل الحكومة لا ينحصر فقط في ترخيص هذه المؤسسات، إنما بالدفاع عنها لأنها هي صوت الحق.

وأشار اشتية إلى أن الحكومة ستواصل دعم هذه المؤسسات وستجند لها الأموال، وستواصل مخاطبة دول العالم الذي لم يستجب للادعاء الإسرائيلي حين هاجمها المرة السابقة. وشدد على أن وزير الأمن الإسرائيلي، غانتس، لا يملك الحق في شرعنة وجود وعمل المؤسسات الفلسطينية؛ ولا بأي شكل من الأشكال.

وأضاف أن "هذا الاحتلال الذي يدفعنا فاتورة انتخاباته بالدم والتحريض الذي رأيناه أمس، واليوم اجتياح في قلب المدن الفلسطينية، فكل الأراضي الفلسطينية مستهدفة وكل الشرعيات الفلسطينية مستهدفة، لذلك نحن نقف في خندق واحد، المجتمع المدني والحكومة والقيادة الفلسطينية وشعبنا، موحدين في مواجهة الاحتلال وكل اجراءاته، ولكن نحن سوف نستمر في دعم هذه المؤسسات".

وأوضح شتية أن "ما رأيناه اليوم ليس اعتداء على المؤسسات فقط بل اعتداء أيضا على الكنيسة، وتم اقتحام الكنيسة المجاورة لمؤسسة الحق، وواضح تماما أن هذا الاحتلال ليس لديه خطوطا حمراء لا بالمؤسسة الرسمية ولا بالمؤسسة الدينية ولا بالمؤسسة المدنية ولا بكل المؤسسات، وجرائم الاحتلال رأيناها بحق الأطفال في غزة، وفي نابلس ورأيناها اليوم، لذلك حرب الاحتلال على الإنسان والمؤسسات في كل أبعادها".

المؤسسات التي استهدفها الاحتلال

- مؤسسة "الحق": تأسست مؤسسة "القانون من أجل حقوق الإنسان (الحق) عام 1979 من قبل مجموعة من المحامين الفلسطينيين. تهدف المؤسسة إلى "توطيد مبدأ سيادة القانون، وتعزيز صون حقوق الإنسان واحترامها في الأراضي الفلسطينية المحتلة".

وتتمتع "الحق" بالصفة الاستشارية لدى المجلس الاقتصادي الاجتماعي في الأمم المتحدة، وعضوية الشبكة اليورومتوسطية لحقوق الإنسان، والمنظمة الدولية لمناهضة التعذيب، والتحالف الدولي للموئل، وهي فرع لجنة "الحقوقيين الدوليين – جنيف"، وعضو شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية.

وينصب عمل "الحق" على رصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان الفردية والجماعية في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 ومتابعتها. وتعمل الجمعية على تقديم مرتكبي الجرائم الدولية أمام القضاء سواء الفلسطيني أو الدولي.

وشاركت "الحق" في إعداد ملفين عن جرائم الاحتلال في الأراضي المحتلة قدما للمحكمة الجنائية الدولية أحدهما يتعلق بالأسرى والآخر بالاستيطان.

- مؤسسة "الضمير": تأسست "مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان"، في مدينة القدس المحتلة أواخر عام 1991 من قبل مجموعة من النشطاء والمهتمين بحقوق الإنسان. وتختص المؤسسة بحقوق الإنسان ودعم ونصرة الأسرى في السجون الإسرائيلية، ومناهضة التعذيب عن طريق المراقبة والمتابعة القانونية والحملات التضامنية.

و"الضمير" عضو في شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، ومجلس منظمات حقوق الإنسان، والشبكة العالمية لمناهضة التعذيب، والائتلاف من أجل الدفاع عن الحقوق والحريات، والائتلاف الدولي لمناهضة سياسة العزل وغيرها.

ومن أهداف المؤسسة مناهضة التعذيب والاعتقال التعسفي وضمان المحاكمة العادلة والنزيهة، ودعم وإسناد معتقلي الرأي، والمساهمة في سن قوانين فلسطينية تصون مبادئ حقوق الإنسان.

- الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال - فرع فلسطين: أنشئت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال - فرع فلسطين عام 1991، وتعد فرعا من فروع الائتلاف الدولي للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال.

تُوفّر الحركة الخدمات القانونية للأطفال الذين هم بحاجة ملحة لها، وتتواصل مع الهيئات الوطنية والدولية لحماية هذه الشريحة، وهي المنظمة الحقوقية الفلسطينية الوحيدة التي تُعنى بشكل خاص بحقوق الطفل.

تتمتع الحركة بصفة استشارية في المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو)، والمجلس الأوروبي.

- مركز "بيسان" للبحوث: تأسس "مركز بيسان للبحوث والإنماء" عام 1989، كمؤسسة أهلية "تقدمية ديمقراطية" تعمل من أجل تعزيز صمود الشعب الفلسطيني، وللمساهمة في بناء مجتمع مدني فلسطيني ديمقراطي وتقدمي فاعل ومؤثر.

وينفي المركز تبعيته "لأي جهة سياسية كانت أو حزبية"، وإنما تأسس "في ذروة الانتفاضة الأولى من مجموعة من التقدميين والأكاديميين الفلسطينيين".

- اتحاد لجان المرأة: منظمة نسوية أهلية تصف نفسها بأنها تقدمية، تأسست عام 1980، و"تناضل من أجل بناء مجتمع فلسطيني مدني ديمقراطي تقدمي خال من كافة أشكال التمييز وتحقيق العدالة".

يهدف الاتحاد إلى "الارتقاء بوضع المرأة الفلسطينية وتمكينها بما يكفل المساواة الحقيقية مع الرجل والعدالة الاجتماعية لكافة فئات المجتمع".

- اتحاد لجان العمل الزراعي: واحد من أكبر مؤسسات التنمية الزراعية في فلسطين، وتأسس عام 1986 بمبادرة من مجموعة من المهندسين الزراعيين.

كان اعتماد المؤسسة منذ تأسيسها على المتطوعين بالكامل، بحيث شكلت لجانا زراعية في الضفة الغربية وقطاع غزة تعمل على تحديد أولوية المزارعين، وتساعد المؤسسة في تنفيذ برامجها وأنشطتها المجتمعية.

من أهداف الاتحاد تعزيز صمود واستدامة سُبل العيش لصغار المزارعين، تعزيز السيّادة على الموارد الطبيعيّة وملاءمتها مع التغيرات المناخيّة، وحماية حقوق المزارعين الوطنيّة والديموقراطية والدفاع عنها.

يقول الاتحاد عن نفسه، إنه "مؤسسة تنموية، زراعية مستقلة تماما، محايدة سياسيًا وفقًا للوائحها الداخلية، وسياساتها ورؤيتها، ورسالتها وممارساتها".

والاتحاد عضو في العديد من الشبكات الدولية والوطنية منها: الشبكة العربية للسيادة الغذائية، والاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN)، وشبكة المعاملة التبادلية (MER)، والمنتدى الاجتماعي العالمي، وشبكة المنظمات غير الحكومية الفلسطينية (PNGO)، وشبكة المنظمات البيئية الفلسطينية غير الحكومية (PNGON)، وائتلاف المؤسسات الأهلية الزراعية الفلسطينية، وائتلاف العدالة البيئية الدولي.

حصد الاتحاد ثلاث جوائز عالمية خلال عام واحد (2014 - 2015) وهي: "جائزة السيادة الغذائية"، و"جائزة خط الاستواء"، و"جائزة الإبداع العربي في الإبداع الاقتصادي".

- لجان العمل الصحي: تُعرّف نفسها بأنها "مؤسسة فلسطينية أهلية تقدمية تعمل في التنمية الصحية والمجتمعية في الأرض الفلسطينية بمنظور حقوقي، من خلال تقديم خدمات الرعاية الصحية وبناء النماذج التنموية لكافة شرائح المجتمع وخاصة الفقراء والمهمشين".

تأسست المؤسسة عام 1985 بمبادرة من مجموعة من المتطوعين الفلسطينيين العاملين في القطاع الصحي، لتلبية الاحتياجات الصحية للسكان الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة. وعملت قبل تأسيس السلطة الفلسطينية باسم "اللجان الشعبية للخدمات الطبية". وللمؤسسة أفرع في كافة مدن الضفة الغربية وقطاع غزة.

التعليقات