«جباية الثمن»: اعتداءات المستوطنين المنظمة على الفلسطينيين

-

«جباية الثمن»: اعتداءات المستوطنين المنظمة على الفلسطينيين
بدأت مؤخرا اعتداءات المستوطنين على القرى الفلسطينية في الضفة الغربية تتصاعد وتأخذ طابعا منظما، وكشف النقاب نهاية الأسبوع، أن مئات المستوطنين من كافة المستوطنات انتظموا في إطار حركة أطلق عليها اسم «تنزيم» نسبة إلى «تنظيم فتح» الذي أسسه الأسير مروان البرغوثي عام 1989.

هذا التنظيم الاستيطاني الجديد حدد مبادئه في نشرة وزعت مؤخرا على مئات المستوطنين الذين انتظموا فيه، ويرفع شعار «جباية الثمن». ويعني ذلك جباية الثمن من الفلسطينيين حتى على خطوات تقوم بها سلطات الاحتلال ضد الحركة الاستيطانية، وهي قليلة جدا إذ أنها تغض النظر وتتجاهل ممارسات المستوطنين ضد الفلسطينيين.

وتحاول الحركة الاستيطانية عرض التنظيم الجديد على أنه تنظيم شعبي لعدم الدخول في صدام مع سلطات الاحتلال إلا أنه في حقيقة الأمر يهدف إلى تنظيم الاعتداءات على الفلسطينيين والقرى الفلسطينية. ويوضح أحد النشطاء أن النشرة التي وزعت على النشطاء والتي تحمل عنوان «جباية الثمن»، توضح أن التنظيم الجديد ينتهج سياسة «التنفيذ والهرب» . أي الاعتداء على الفلسطينيين وممتلكاتهم بطريقة «نفذ واهرب».

وبدأ المستوطنون باستخدام وسائل جديدة في الاعتداء على الفلسطينيين وشهد الشهر الماضي عمليات إطلاق قذائف صاروخية من المستوطنات باتجاه القرى الفلسطينية. كان آخرها إطلاق قذيفتين صاروخيتين من مستوطنة يتسهار القريبة من نابلس بالضفة الغربية سقطتا في سهلين زراعيين قرب قريتي عودلة وعورتا جنوبي المدينة.
كثير من اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين لا تصل إلى وسائل الإعلام، وما يصل قليل، وانتشرت في الضفة الغربية مؤخرا ظاهرة تصوير الاعتداءات من قبل جيش الاحتلال والمستوطنين ونشرها في وسائل الإعلام، وقامت منظمة بتسليم لحقوق الإنسان بتوزيع نحو 100 كاميرا تسجيل فيديو في المناطق التي تتعرض لاعتداءات، حيث يقوم الفلسطينيون بتوثيق الاعتداءات وعمليات التنكيل. آخر شريط خرج إلى النور ذلك الذي وثق إطلاق النار على أشرف أبو رحمه في قرية نعلين، وسبقه تصوير لاعتداء على مسن فلسطيني وزوجته وقريبه بمضارب البيسبول على يد أربعة مستوطنين ملثمين في شهر يونيو حزيران الماضي بالقرب من مستوطنة "سوسيا" القريبة من الخليل .

ويعترف ضابط إسرائيلي بأنه لا يتم فرض القوانين ضد المستوطنين الذين يخلون بالنظام ولا تقوم الشرطة بردع المستوطنين عن الاعتداءات على الفلسطينيين، ويعزو ذلك ليس إلى سياسة الاحتلال التي توفر الغطاء للممارسات المستوطنين بل إلى العدد القليل من أفراد الشرطة العاملة في الضفة الغربية. ويوضح الضابط أن الجيش يتجنب المواجهة مع المستوطنين، وتوكل مهمات التعامل معهم إلى الشرطة.

ويؤكد الضابط أن المستوطنين يتعاملون مع «سلطات فرض القانون» باستخفاف بل يتعمدون إهانتهم . ويسرد حادثة قام فيها المستوطنون باقتحام مركز للشرطة قريب من مستوطنة "موديعين"، كان عدد من نشطائهم قد اعتقلوا فيه في ذات اليوم. وقام المستوطنون بإغلاق باب مركز الشرطة الرئيسي واحتجاز أفراد الشرطة لأكثر من ساعة وقاموا بإضرام النار بحاويات القمامة.

ويعترف عدد من المستوطنين في مقابلة نشرتها صحيفة "معريف" يوم الجمعة بالقيام بالاعتداء على الفلسطينيين وممتلكاتهم. ويقرون بأنهم قاموا بإضرام النار في كروم اللوز والزيتون التابعة لسكان قرية بورين القريبة من نابلس ولعدد من القرى القريبة من مستوطنة "يتسهار"، التي تعتبر مركزا لنشاطات الحركة الاستيطانية في الضفة الغربية. ويقول المستوطنون إن الاعتداءات على ممتلكات الفلسطينيين جاءت ردا على قيام السلطات بإخلاء حافلة مهجورة وضعها المستوطنون على تلة قريبة من مستوطنة "شيلا". أي أن الفلسطينيين هم ضحايا الاعتداءات في كافة الحالات حتى لو كان غضب المستوطنين ينصب على الشرطة أو الجيش في الضفة الغربية، بالرغم من تساهلهم في التعامل مع المستوطنين.

وعن رد المستوطنين على إخلاء الحافلة المهجورة يقول الضابط إن إخلاء حافلة قرب مستوطنة "شيلا" رد عليه المستوطنون بإضرام النار بالحقول الفلسطينية للقرى القريبة. ويضيف: دون سابق إنذار بدأت الفوضى . ألقوا الحجارة على الجيبات العسكرية كأننا أعداء".

ويسرد ناشط آخر رد المجموعات الاستيطانية على قيام شرطة الاحتلال بإخلاء حافلة قديمة وضعها المستوطنون على تلة قرب مستوطنة يتسهار. ويقول: استدعينا مئات النشطاء وخلال فترة قصيرة كانوا في المنطقة وانتشرنا في عشرة مواقع، رشقنا الحجارة وأغلقنا المفارق أحرقنا حقولا(فلسطينية) وواجهنا قوات الأمن".
ويضيف: " ولت الأيام التي كنا فيها لا نرد على حرب الشرطة. نحن على أعتاب حقبة جديدة وسنرد على كل إخلاء أو هدم أو تدمير وكل حجر يتحرك من مكانه سيواجه بالحرب.


«نحن مجانين وعلى الشرطة أن تفهم ذلك وليخافوا من التعامل معنا» هذا ما قاله احد نشطاء التنظيم الجديد في مقابلة مع الصحيفة ذاتها ويضيف: " يجب أن يفكروا مئة مرة قبل أن يقرروا إزالة عامود كهربائي. فعلى كل عملية تدمير تقوم بها السلطات(الاحتلال) في جنوب الخليل سنشعل كافة الضفة الغربية".

اعتداءات الحركة الاستيطانية على الفلسطينيين تصاعدت مؤخرا، إلا أن هذه الاعتداءات لا يحاسب عليها أي منهم وتذهب شكاوي الفلسطينيين أدراج الرياح إلى درجة جعلتهم يحجمون عن تقديم الشكاوي لسلطة الاحتلال لعلمهم أنها لن تعيد إليهم حقهم ولن تنصفهم وتحاسب المجرمين.

ويبقى الفلسطينيون في القرى التي تتعرض لاعتداءات المستوطنين بين نارين، فكل رد غير محسوب سيؤدي إلى اعتقالات ومضايقات من قبل قوات الاحتلال، وعدم التصدي للمستوطنين سيزيد من اعتداءاتهم. فوجدوا معادلة للصمود والتصدي بشكل محسوب واتخاذ الحيطة والحذر في آن واحد.

قرية بورين حول المستوطنون العيش فيها شبه مستحيل، وتعاني العائلات في القرية والقرى المجاورة من اعتداءات متكررة زادت وتيرتها، وتتعرض لكافة صنوف الاعتداءات: الاعتداء الجسدي، والتعرض للقنابل الحارقة، الاعتداء على الممتلكات، السرقة تدمير الدفيئات الزراعية، الأشجار والحضائر والأراضي الزراعية ألخ.

عائلة النجار التي تسكن أطراف قرية بورين تعتبر صيدا سهلا للمستوطنين وتتعرض لاعتداءات بوتيرة عالية. وتحجم العائلة عن تقديم شكاو ضد المستوطنين بعد تجربة مريرة في هذا الشأن.

فقد قام المستوطنون بإضرام النار بحضيرة للخراف تابعة للعائلة أسفرت عن نفوق 25 خروفا احتراقا. وكانت لاشرطة قد قدمت في وقت سابق شكوى للشرطة حينما سرق المستوطنون 40 خروفا من الحضيرة، إلا أن الشرطة لم تقم بأي خطوة لإعادة المسروقات لأصحابها. وحينما قالت العائلة أن الخراف التي سرقت رؤوها بأم أعينهم في المستوطنة ادعت الشرطة الشرطة انه لا يوجد طريقة للتعرف على الخراف.

التعليقات