بعد السابع من أكتوبر: اسم محمّد الزواري يعود للواجهة من جديد

كان أوّل ظهور قتاليّ لمسيرة "الزوّاري" في 19 مايو/أيّار2021، خلال معركة "سيف القدس"، بعدما تمكّن الزوّاري عام 2008، من صنع 30 مسيرة بنفسه قبل اغتياله، ودرّب عليها عدد من مقاتلي "كتائب القسّام"...

بعد السابع من أكتوبر: اسم محمّد الزواري يعود للواجهة من جديد

الشهيد المهندس محمد الزواري

عاج اسم مهندس الطيران التونسيّ محمّد الزوّاري إلى الواجهة مجدّدًا.، بعد تنفيذ كتائب القسّام في السابع من أكتوبر، وما تبعها من حرب إسرائيليّة مدمّرة على قطاع غزّة

وتضامنًا مع الفلسطينيّين خرجت احتجاجات مندّدة بالحرب الإسرائيليّة المستمرّة على غزّة، رافعة شعار "الزوّاري خلّى (ترك) وصيّة..لا تنازل عن القضيّة".

آلاف الحناجر هتفت بهذه العبارة الّتي تعدّ إرثًا تركه الزوّاريّ (1967- 2016)، في التظاهرات الّتي نظّمت في أرجاء تونس لمساندة المقاومة الفلسطينيّة، والتنديد بالاعتداءات الإسرائيليّة على غزّة.

والزواري مهندس طيران تونسيّ كان في الـ49 من عمره عندما اغتيل في 15 ديسمبر/ كانون الأوّل 2016، أمام منزله بمدينة صفاقس جنوب تونس، وهو يستعدّ لركوب سيّارته.

وعند اغتياله، أكّدت حركة "حماس" في بيان آنذاك، انتماء الزوّاري لجناحها العسكريّ "كتائب القسّام"، وإشرافه على مشروع تطوير طائرات دون طيّار أطلق عليها اسم "أبابيل1".

واتّهمت "حماس" جهاز الموساد الإسرائيليّ باغتيال الزوّاري، ووعدت بالانتقام له.

وكان الزوّاري تلقّى 20 طلقة ناريّة مباشرة، بينما كان يعمل وقتها على الإعداد لمشروع الدكتوراه، والمتمثّل في إنشاء غوّاصة تعمل بالتحكّم عن بعد.

واليوم بعد نحو 7 سنوات على مقتله، أعادت "القسّام" تخليد ذكرى الرجل بإعلانها دخول مسيرة "الزوّاري" الانتحاريّة الخدمة واستخدامها في عمليّة "طوفان الأقصى".

وكان أوّل ظهور قتاليّ لمسيرة "الزوّاري" في 19 مايو/أيّار2021، خلال معركة "سيف القدس"، بعدما تمكّن الزوّاري عام 2008، من صنع 30 مسيرة بنفسه قبل اغتياله، ودرّب عليها عدد من مقاتلي "كتائب القسّام".

وتمتاز مسيرات "الزوّاري" بصغر الحجم والبصمة الحراريّة القليلة، ممّا يصعب على الرادارات كشفها، ويمنحها فرصة الاقتراب من الهدف وتدميره، كما أنّها لا تحتاج إلى مدرّج لتقلع، بل يمكن إطلاقها من مقلاع بسيط.

وولد الزوّاري، بمدينة صفاقس، ودرس الهندسة الميكانيكيّة قبل أن يتعلّم الطيران، وعقب اغتياله قالت "كتائب القسّام" إنّه التحق بصفوفها قبل 10 سنوات، وهو تاريخ يقابل تاريخ استقراره في لبنان، وفق مصادر متعدّدة.

في لقاء إياب الدور الربع النهائيّ للدوريّ الإفريقيّ لكرة القدم، وخلال مباراة ضدّ نادي "تي بي مازمبي" الكونغوليّ في 25 أكتوبر، نظّم مشجّعو فريق "الترجي" الرياضيّ التونسيّ عرضًا يسبق بدء المباراة (دخلة) احتفوا خلالها بالزوّاري.

وزيّن المشجّعون مدرّج ملعب رادس الأولمبيّ بلافتة عملاقة، عليها صور بالحجم الكبير للزوّاري، وكتب فوقها: "يا خيل اللّه اركبي .. وبالجنّة ابشري".

وبينما كانت اللافتة ترفرف في أرجاء المدرّج، تعالت مئات من الأعلام الفلسطينيّة، وردّد جماهير الترجّي شعارات تمجّد أعمال الزوّاري، متعهّدين بالسير على دربه.

وفي حديثه للأناضول، وصف فادي أولاد عمر، عضو المكتب التنفيذيّ للاتّحاد العامّ التونسيّ للطلبة، الزوّاري بأنّه بمثابة "القائد المخلص".

ويعدّ الاتّحاد العامّ التونسيّ للطلبة، منظّمة طلّابيّة أسّسها أسّست عام 1985، ونشط فيها محمّد الزواوي في بداية التسعينات.

وقال أولاد عمر: "الشباب خاصّة والناس عامّة في وطننا العربيّ في ظلّ الضعف والهوان الّذي تعيشه يبحثون عن قائد يخلّصهم، فتراه يحاول أن يصنع رموزًا نضاليّة من العدم، فكيف برجل ومقاوم مثل الزوّاري ابن هذا الوطن".

وأضاف: "الزوّاري رمز للمقاومة في ظلّ وضع عربيّ دكتاتوريّ مستبدّ، فهو صنع ونحت في ظلّ هذه الظروف، وبالتالي لا يمكن لك أن تراه إلّا على أعناق هذه الأمّة".

ولفت إلى أنّ الزوّاري "أحدث نقلة نوعيّة في تاريخ المقاومة"، مؤكّدًا عليّ أنّ المهندس التونسيّ "سيبقى ملهمًا للأجيال، ولن تنساه ذاكرة التونسيّين، أو ذاكرة العدوّ".

وأوضح أنّ الزوّاري صاحب أوّل طائرة دون طيّار محلّيّة في غزّة، دخلت عدّة معارك مع جيش إسرائيل وأطلق عليها اسم "أبابيل"، علاوة على محاولته صناعة غوّاصة "كانت لتكون نقطة فارقة في تاريخ المقاومة على جميع الأصعدة، لولا يد الغدر الّتي طالته".

من جهته، قال أيّوب تليش، طالب في جامعة الزيتونة التونسيّة (حكوميّة) إنّ الزوّاري "لا يزال حيًّا" في نفوس التونسيّين.

وأضاف للأناضول أنّ الشباب عندما يرفع شعار "الزوّاري خلّى وصيّة.. لا تراجع عن القضيّة"، فهو يؤكّد أنّ محمّد الزوّاري "ما زال حيًّا في قلوبنا".

وأشار تليش إلى أنّ ما قام به الزوّاري خلال حياته هو "فخر للأمّة العربيّة، وأنّ الوصيّة الحقيقيّة هي عدم التراخي أو التراجع من أجل المقاومة".

وتابع: "محمّد الزوّاري رحمه اللّه شهيد بأتمّ معنى الكلمة، فهو رجل آمن بتحرير الأراضي المغتصبة، وننظر له بعين الفخر والاعتزاز فما قدّمه من اكتشافات حربيّة حديثة أدّت به إلى الاغتيال".

بدوره، أعرب رضوان الزوّاري شقيق محمّد، عن شعور العائلة بأكملها بـ"الفخر والاعتزاز" عندما يرون شباب تونس يهتفون باسم ابنهم.

وقالك "الشباب يهتف باسم الشهيد، لأنّه (محمّد الزوّاري) كان صادقًا، واكتشافاته العلميّة أعطت نقلة نوعيّة للمقاومة".

وبالحديث عن عمليّة "طوفان الأقصى"، أوضح: "يوم 7 أكتوبر أحسسنا أنّ جراحنا ضمدت، عندما استعملت المقاومة 35 طائرة من طائرات الزوّاري، وكبّدت الكيان الصهيونيّ خسائر فادحة".

وفيما يتعلّق بملابسات مقتله، اتّهم رضوان شخصًا قال إنّه "جاسوس مجريّ (لم يسمّيه) جاء إلى مدرسة المهندسين بصفاقس، حيث كان يعدّ محمّد الزوّاري أطروحة الدكتوراه، ورفع تقريرًا للموساد، ما دفع المجرم بنيامين نتنياهو إلى وضعه (محمّد الزوّاري) رقم 10 على قائمة الاغتيالات"

وأوضح: "عندما اكتشف الموساد أنّ محمّد الزوّاري يعمل على مشروع غوّاصة (يتمّ التحكّم فيها عن بعد)، استعجل اغتياله".

يذكر أنّ الزوّاري غادر تونس عام 1991، عندما كان نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، يلاحق الطلبة المنتمين للاتّحاد العامّ التونسيّ للطلبة.

وبحسب معلومات حصلت عليها الأناضول من مصادر خاصّة في صفاقس، استقرّ الزوّاري لسنوات بالسودان مع كثير من الطلّاب التونسيّين، ثمّ توجّه إلى سوريا، ومنها إلى لبنان.

وبعد ثورة يناير/ كانون الثاني 2011 الّتي أطاحت بنظام زين العابدين بن علي، عاد الزوّاري إلى تونس ليستقرّ ويكمل دراساته الهندسيّة، حيث كان يعدّ أطروحة دكتوراه.

التعليقات