ميتة واحدة ودفنان: تجدّد الأحزان مع نقل جثامين الشهداء في غزّة

شهدت جميع مناطق قطاع غزّة عمليّات دفن للجثّامين في مقابر مؤقّتة أو جماعيّة، وخصوصًا في المناطق المحاصرة بمدينة غزّة وشمال القطاع، فضلًا عن انتشار عمليّات الدفن العشوائيّ في باحات المدارس والمستشفيات والشوارع والأسواق...

ميتة واحدة ودفنان: تجدّد الأحزان مع نقل جثامين الشهداء في غزّة

جثامين شهداء إثر القصف الإسرائيليّ في غزّة (Getty)

بعد انسحاب الجيش الإسرائيليّ وآليّاته من مدينة غزّة ومحافظة الشمال بالقطاع خلال الأيّام الماضية، شرع الفلسطينيّون بإعادة فتح القبور المؤقّتة "للشهداء" في الشوارع والمرافق العامّة ومراكز الإيواء بهدف نقلها إلى المقابر العامّة.

وكانت بعض العائلات قد اضطرّت إلى دفن الجثّامين في مقابر مؤقّتة أثناء توغّل الجيش الإسرائيليّ برًّا في غزّة والشمال، بسبب عدم قدرتها على الوصول إلى المقابر العامّة بفعل الاستهداف الإسرائيليّ لكلّ جسم متحرّك.

وشهدت جميع مناطق قطاع غزّة عمليّات دفن للجثّامين في مقابر مؤقّتة أو جماعيّة، وخصوصًا في المناطق المحاصرة بمدينة غزّة وشمال القطاع، فضلًا عن انتشار عمليّات الدفن العشوائيّ في باحات المدارس والمستشفيات والشوارع والأسواق.

وتعتبر المقبرة الشرقيّة شرق مدينة غزّة ومقبرة الفالوجا في جباليا والمقبرة الغربيّة في بلدة بيت لاهيا هي المقابر الثلاث المصرّح بالدفن فيها من وزارة الأوقاف والشؤون الدينيّة في غزّة والشمال.

ويتمكّن المواطنون من الوصول إلى مقبرة الفالوجا على حدود مخيّم جباليا، عند انسحاب الجيش الإسرائيليّ من مناطق شمال القطاع، لكنّها أصبحت ممتلئة عن آخرها، بعد دفن أعداد كبيرة من الشهداء فيها.

آثار الدمار إثر القصف الإسرائيليّ على غزّة (Getty)

عائلة مراسل قناة "الجزيرة" الصحفيّ أنس الشريف، نقلت جثمان والده جمال الشريف من قبره المؤقّت داخل مركز للإيواء بمخيّم جباليا إلى مقبرة الفالوجا.

وكان الجيش الإسرائيليّ استهدف قبل شهرين منزل الشريف بمنطقة الترنس وسط مخيّم جباليا، ما أسفر عن مقتل الوالد وهو مختار العائلة الّتي يوجد معظم أفرادها في المخيّم.

وأجبرت العائلة في حينه على دفن جثمان فقيدها داخل باحة إحدى المدارس بسبب فرض الجيش حصارًا على المخيّم من كلّ الجهات واستهداف جميع مناطقه، وفق شقيقه أبو إياد الشريف.

ويقول "أبو إياد"، إنّ "معظم الشهداء في تلك الفترة دفنوا في مراكز الإيواء والشوارع والحدائق العامّة بسبب التوغّل البرّيّ الإسرائيليّ شمال قطاع غزّة".

ويضيف: "اليوم بإعادة نبش القبور وإخراج جثامين الشهداء فتح الجرح مجدّدًا وتجدّدت الأحزان والأوجاع".

ويكمل: "هذا ديدن الاحتلال الإسرائيليّ منذ 75 عامًا، القتل والتدمير والتشريد ومحاربة الأحياء والأموات"، مؤكّدًا أنّ الدفن بمراكز الإيواء والشوارع والطرقات "أمر مرفوض".

وفي مدينة غزّة، يصعب منذ بداية الحرب الإسرائيليّة الوصول إلى المقبرة الشرقيّة نظرًا لوجودها في منطقة حدوديّة شرقيّة.

آثار الدمار إثر القصف الإسرائيليّ على غزّة (Getty)

واضطرّ المواطنون في غزّة إلى دفن قتلاهم في مقابر جماعيّة خاصّة بالعائلات الغزيّة كمقبرة البطش وغيرها، لكن سرعان ما امتلأت عن بكرة أبيها بسبب العدد الكبير من الضحايا.

وشوهد عشرات من المواطنين في غزّة ينبشون قبور الشهداء الموجودة في الشوارع وباحات المستشفيات ومراكز الإيواء وينقلون الجثّامين إلى المقابر العامّة.

وبينما كانت جموع من المواطنين تستخرج جثامين من ساحة مجمع الشفاء الطبّيّ، يقول حسن أحمد (34 عامًا): "تتجدّد الأحزان اليوم بنبش قبور الشهداء واستخراج جثامينهم لدفنها في مقابر المدينة، بعد انسحاب الجيش الإسرائيليّ".

ويضيف أحمد النازح في مجمع الشفاء الطبّيّ من غرب مدينة غزّة: "اليوم يتمّ إكرام الشهداء بدفنهم في المقابر، فيما تواصل عائلات كثيرة البحث عن جثّامين أبنائها تحت الأنقاض".

ويشنّ الجيش الإسرائيليّ حربًا مدمّرة على قطاع غزّة منذ 7 أكتوبر/تشرين أوّل 2023، خلّفت حتّى الاثنين "29 ألفًا و92 شهيدًا و69 ألفًا و28 مصابًا، معظمهم أطفال ونساء"، إضافة إلى آلاف المفقودين تحت الأنقاض، بحسب السلطات الفلسطينيّة، وتسبّبت في "دمار هائل وكارثة إنسانيّة غير مسبوقة"، بحسب الأمم المتّحدة.

ولا يزال 7 آلاف فلسطينيّ مفقودين في قطاع غزّة منذ بداية الحرب، 70 بالمئة منهم أطفال ونساء، وفق تقرير صادر عن المكتب الإعلاميّ الحكوميّ في غزّة.

التعليقات