02/09/2018 - 17:33

اللاجئون الفلسطينيون في الأردن: فليمولوا "أونروا" أو فليعيدونا إلى بلدنا

"ذهبت بلادنا وها هم يلاحقوننا في لقمة عيشنا"، تقول زينب محمود العداربة المقيمة في مخيم البقعة للاجئين الفلسطينيين، وهي تتحدث مع سكان أعربوا مثلها عن قلق كبير بعد قرار واشنطن وقف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

اللاجئون الفلسطينيون في الأردن: فليمولوا

إحدى المدارس التابعة لـ"أونروا" في قطاع غزة (أ ب)

"ذهبت بلادنا وها هم يلاحقوننا في لقمة عيشنا"، تقول زينب محمود العداربة المقيمة في مخيم البقعة للاجئين الفلسطينيين، وهي تتحدث مع سكان أعربوا مثلها عن قلق كبير بعد قرار واشنطن وقف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

مخيم البقعة هو أكبر المخيمات الفلسطينية العشرة في الأردن وقد أنشئ بعد الحرب العدوانية الإسرائيلية ضد الدول العربية في 1967 (هزيمة حزيران)، ولذلك فإن أغلب سكانه من لاجئي الضفة الغربية وقطاع غزة وبعضهم في الأصل من لاجئي 1948.

ويقع المخيم المكتظ على بعد نحو 20 كيلومترًا شمال عمان، ويقيم فيه اليوم 119 ألف فلسطيني في مساكن صغيرة عشوائية متداخلة على امتداد شوارعه وأزقته الضيقة المغطاة بالأتربة، فيما تنتشر على أطرافها أكوام من النفايات وبقع المياه الآسنة.

تضيف زينب (78 عاما) التي تعيش في المخيم منذ إنشائه مع ابنها وأحفادها الخمسة بغضب "كيف سيواجه (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب رب العالمين يوم الحساب على ما يفعله بنا؟".

وتتابع وهي تقف أمام دكان صغير يملكه ابنها "أين نذهب؟ إنهم يلاحقوننا حتى في لقمة عيشنا، ما ذنب هؤلاء الأطفال إن أغلقت المدارس وكيف لنا أن ندفع أجور المدرسة ونحن بالكاد نجد ما يكفي لنعيش، أنظر إلى الدكان أنه شبه خال".

ثم رفعت المرأة المسنة التي ارتدت دشداشة بنية وغطت رأسها بمنديل أزرق يديها إلى السماء وقالت "الله وحده يعلم بأحوالنا (...) الوضع صعب جدًا والكثير من الناس عاطلون عن العمل".

يذكر أن الإدارة الأميركية، أعلنت الجمعة، وقف تمويل "أونروا" التي كانت أكبر مساهم منفرد فيها بمبلغ 350 مليون دولار سنويًا، وزعمت بأن الوكالة الدولية لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين تعمل على إدامة حالة اللجوء، في حين تعاني المنظمة من نقص التمويل الذي اضطرها لإغلاق مئات المدارس بصورة مؤقتة.

تأسست "أونروا" في 1949 بعد نكبة 1948 وقيام دولة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية المغتصبة وهي تقدم مساعدات أساسية على شكل خدمات صحية وتعليمية وإعاشية لأكثر من ثلاثة ملايين فلسطيني من أصل خمسة ملايين مسجلين لاجئين في الأراضي الفلسطينية والأردن ولبنان وسورية.

ويشدد الفلسطينيون على أن هذه الخدمات تقدم أساسًا للاجئين الفقراء واستمرارها أساسي لحين التوصل إلى حل نهائي للقضية الفلسطينية.

يبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين في الأردن نحو 2.2 مليون لاجئ وفق الأمم المتحدة. ويشكل الأردنيون من أصل فلسطيني نحو نصف عدد سكان الأردن، التي كانت الضفة الغربية تخضع لإدارتها قبل حرب حزيران/ يونيو 1967.

وبحسب آخر إحصاء للسكان لعام 2015، يبلغ عدد سكان الأردن 9.5 مليون عدد الأردنيين من بينهم 6.6 ملايين.

ويقول حسين أبو شنان (80 عاما) وهو أب لأربعة أولاد ونحو 20 حفيدًا وهو يجلس على الرصيف إن "هذا قرار مجحف وغير مسؤول وسيؤثر على حياة الفلسطينيين أكبر تأثير".

ويضيف الرجل الضعيف الذي كان يرتدى جلابية رمادية ويغطي رأسه بشماغ أحمر بصوت خافت: "لكن مهما فعلوا بنا نحن الفلسطينيين سنبقى، وسنبقى أصحاب الأرض، وستبقى القدس عربية، وحسبي الله ونعم الوكيل".

ضم المخيم الذي أنشئ ليكون مؤقتًا بعد حرب 1967 حوالي 5 آلاف خيمة وبعدها بسنوات قليلة قامت "أونروا" باستبدالها ووفرت للسكان نحو 8 آلاف مسكن اسمنتي لحمايتهم من ظروف الشتاء القاسية في الأردن. أما اليوم فبات أشبه بمدينة ويضم 16 مدرسة ومركزين صحيين ومركزًا لتوزيع المساعدات الغذائية.

وتقول نجية محمد فرج (70 عاما) وهي أرملة ولديها 13 ابن وابنة وهي تشارك الحديث بين سكان الحي "إذا كان الأميركيون لا يريدون أن يساعدونا فليعيدونا إلى بلدنا وأرضنا وأملاكنا".

ويؤكد الفلسطينيون أن حق العودة الذي نص عليه القرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ينطبق على كل الفلسطينيين الذين اضطروا لترك بلادهم ابتداء من 1948. ولكن الولايات المتحدة وإسرائيل بشكل خاص ترفضان الاعتراف به.

وتضيف المرأة التي ارتدت ملابس متواضعة: "كانت عوائلنا تملك بيوتًا عامرة ومزارع وحيوانات واليوم أصبحنا نشحذ المساعدات من هذا الطرف أو ذاك".

وخلصت نجية التي تستلم مائة دينار شهريا كمساعدات لها ولعائلتها إلى أنه "بعد أن شردونا من ديارنا منذ أكثر من نصف قرن أصبحوا اليوم يلاحقوننا في حياتنا وعيشنا ماذا يريدون منا؟ ألا يكفي ما حل بنا؟".

ويتدخل عامل النظافة هاني الجبارات (33 عامًا) وهو أب لطفلين بعد أن اشترى بضعة أرغفة لعائلته، "كان الله في عون الناس هم بالكاد يجدون الخبز لإطعام أطفالهم، ماذا سيحل بهؤلاء الأطفال"، قبل أن يتابع سيره وهو يهز برأسه.

 

التعليقات