هل تشهد الضفة الغربية انتفاضة ضد السلطة وضد الاحتلال؟

وعلى غرار انتفاضة عام 1987 بدأ شبان فلسطينيون باخذ روح المبادرة، واستلهام روح المقاومة الشعبية من تلك الانتفاضة، بإعلانهم البدء بتشكيل لجان شعبية في عدد من مدن الضفة الغربية للتصدي لاقتحامات ومداهمات قوات الاحتلال، وذلك في خطوات تظهر وكأنها انقلاب شعبي على السلطة وأجهزتها، فما يدور من تحركات الشبان في شوارع المدن والقرى والمخيمات، وعلى مداخلها ومفاصلها المرتبطة حدوديا بنقاط التماس مع الاحتلال الإسرائيلي بعد منتصف الليل، يظهر وكأن القوات الضاربة الفلسطينية عادت من جديد

هل تشهد الضفة الغربية انتفاضة ضد السلطة وضد الاحتلال؟

راح شبان فلسطينيون من مخيم طولكرم في الضفة الغربية يسردون لموقع عــ48ـرب كيف ذاقت عائلة فلسطينية الأمرين من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي وأجهزة الأمن الفلسطينية للكشف عن ابنهم الذي كان مطلوبا، وذلك في تعقيبهم على ما يجري في الضفة الغربية من اعتقالات بالجملة للفلسطينيين، وعلى ما جرى في رام الله فجر الأحد من مواجهات بين الشرطة الفلسطينية والمتظاهرين الفلسطينيين. وقالوا إن ما يجري اليوم هو أصلا موجود من سنين، ولكنه ظهر أكثر لأن الاحتلال توسع في عملياته الاخيرة.

وقال محمد، وهو سجين سابق اعتقل لمدة خمس سنوات سابقا، إنه "من غير المهم إن كنت ابن هذا الفصيل أو غيره، ففلسطين أكبر منا جميعا، وشهداؤنا أكبر وأطهر من الجميع، لكن ما شهدناه سابقا من عمليات اعتقال وإهانة وتنكيل بعائلة خريوش يظهر حجم التنسيق الأمني بين السلطة والاحتلال الإسرائيلي، ويظهر الحالة المأساوية التي وصلنا إليها كشعب واحد يطمح بدولة وبأمن واستقرار تحت مظلة سلطة وطنية تأخذ بعين الاعتبار أمن مواطنيها أولا وقبل أي مكتسبات سياسية أخرى إن كان هناك مكتسبات تستحق أن نتمسك بها".

شبان فلسطينيون رفضوا تصويرهم، من بينهم شاب تخرج منذ عامين ولم يجد وظيفة، يجلسون في خيمة ويتبادلون النكات، وعرقهم يتصبب من جبهاتهم بعد يوم أمضوه في العمل تحت الشمس. وقال الشاب الخريج: "لا توجد وظائف، ولا يوجد اهتمام، ولا يوجد زواج ولا غيره، ما من أحد يشعر بالمواطن ولا بالخريج، ولا أعرف ما هو المجهول الذي ينتظرني".

ويخشى الشبان أن تنتقل الأحداث إلى طولكرم، فيقولون: "نحن هنا في طولكرم وجنين عادة ما ندفع الثمن مضاعفا، فأي حدث يتفجر في أقصى جنوب الضفة ندفع ثمنه في النهايات، وهناك الكثير من الدلائل تؤكد على ذلك".

وتبدو الصورة قاتمة وأنت تدخل لمدينة طولكرم للحد الذي قال لنا دكتور جامعي: "إنك تدخل إلى قرية وليس إلى مدينة. فانظر حولك، واسأل: أين الناس؟ ولماذا الشوارع خالية من البشر؟ الشوارع تظهر الحزن الذي يعيشه المواطن".

تأتي هذه المقدمة في اليوم الذي هدد به مسلحون ملثمون أجهزة أمن السلطة من عاقبة عدم إطلاق الأجهزة سراح شبان جرى اعتقالهم الأحد على خلفية إلقائهم الحجارة على مقر الشرطة وسط رام الله، وفي وقت خطف به مسلحون فلسطينيون أحد عناصر الشرطة الفلسطينية من بلدة كفر عقب، ويعمل بمركز المدينة، لمدة ربع ساعة، حيث أبلغوه رسالة مفادها أنهم يرفضون طريقة التعامل التي قامت بها الشرطة فجر أمس الأحد، والتي أدت إلى إصابة أحد شبان المخيم بالرصاص، قبل أن يفرجوا عنه بعد ذلك، حسب مصادر محلية.

وفي اليوم الذي أقدم به مجهولون، الأحد، على اختطاف فتاه (22 عاما) من وسط مدينة نابلس، مطالبين بفدية قدرها 50 ألف دينار أردني لإطلاق سراحها ليقول والدها الذي يعمل في البناء "لقد اختطفوا ابنتي بواسطة سيارة بالقرب من المجمع التجاري وسط المدينة، لأسباب لا أعلمها"، مؤكدا أنه تلقى اتصالا هاتفيا من الخاطفين طالبوه بدفع فدية قدرها 50 الف دينار أردني لقاء إطلاق سراح ابنته، ولتقول الشرطة الفلسطينية إنها تلقت شكوى رسمية، وأنها شكلت طاقما للتحقيق.

وتأتي هذه المقدمة في وقت أطلق به مسلحون فلسطينيون النار في الهواء في مخيمي الأمعري وقلنديا قرب رام الله، وأشعلوا الإطارات في شارع القدس الواصل بين رام الله ومخيم قلنديا، مهددين أمن السلطة إذا لم يسارع للإفراج عن الشبان الذين جرى اعتقالهم عقب مواجهات الليلة الماضية والهجوم على مقر الشرطة برام الله. وكان مئات الشبان قد هاجموا مقر شرطة رام الله الرئيسي خلال مواجهات مع الاحتلال، رفضا للتنسيق الأمني.

وأعلنت كتائب شهداء الأقصى في مخيم بلاطة بمدينة"براءتها" من الرئيس محمود عباس، بحسب بيان صادر عنها، وقالت الكتائب في البيان الذي حمل شعارها، ولم يتم تحديد تاريخ كتابته: "باسم الفتح وباسم أبو عمار، وجميع الشهداء والأسرى، نقول إننا بريئون من رئيس السلطة ورئيس فتح المدعو الخائن محمود عباس، لأنه لا يمثل إلا نفسه والاحتلال".

وخاطبت كتائب شهداء الاقصى في بيان لها الرئيس الفلسطيني محمودعباس بالقول: "نطالبك أن تتحدث عن نفسك، وإذا كنت لا تستطيع حماية أبناء شعبك والأسرى، فاذهب إلى قصورك وشركاتك وأموالك خارج فلسطين، التي جنيتها على حساب فلسطين، التي تنازلت عنها وعن دماء الشهداء"، مكررة الكتائب في نهاية بيانها البراءة من عباس".

من جهتها شرعت القيادة الفلسطينية بإجراء اتصالات مكثفة لعقد جلسة عاجلة لمجلس الأمن الدولي، لوضع حد للعدوان الإسرائيلي الذي وصفته بالغاشم، والتوجه إلى الجهات والمنظمات الدولية من أجل توفير الحماية لشعبنا. ونددت القيادة، في بيان صدر عنها بعد الأحداث التي شهدتها مدن الضفة الغربية، بالعدوان الغاشم والمفتوح، والعقوبات الجماعية التي ترتكبها قوات الإحتلال الإسرائيلي في جميع الأرض الفلسطينية، الذي أسفر حتى الآن عن ارتكاب عدد لا يحصى من الجرائم والانتهاكات بحق أبناء شعبنا وممتلكاته.

وأتى بيان القيادة الفلسطينية في الوقت الذي برّأ به تقرير الطب الشرعي الفلسطيني الأجهزة الأمنية من دم الشهيد الطريفي بعد تشريح الجثة عقب سقوطه في مواجهات فجر الأحد.

وقال تقرير الطب الشرعي إن الرصاصة التي أدت إلى استشهاد الشاب محمد إسماعيل الطريفي،30  عاما وهو متزوج وأب لطفلين في مدينة رام الله، هي رصاصة صادرة من سلاح إسرائيلي من نوع "M16"، وليست من سلاح فلسطيني كما روج البعض.

وكانت النيابة العامة الفلسطينية وحركة الجهاد الإسلامي التي ينتمي لها الشهيد وعائلة الطريفي التي فقدت شهيدا آخر من أبنائها، إياد الطريفي عام 2000، طالبت بإجراء تشريح لجثمانه الطاهر للوقوف على حقيقة استشهاده، حيث أثبت تشريح الجثمان أنه قتل برصاص قناص إسرائيلي.

وكانت بعض المواقع الإخبارية وصفحات التواصل الاجتماعي قد أشارت إلى احتمالية أن يكون الشهيد الشاب الطريفي قد سقط برصاص الشرطة الفلسطيية، وهو ما نفاه الطب الشرعي الفلسطيني.

وعلى غرار انتفاضة عام 1987 بدأ شبان فلسطينيون باخذ روح المبادرة، واستلهام روح المقاومة الشعبية من تلك الانتفاضة، بإعلانهم البدء بتشكيل لجان شعبية في عدد من مدن الضفة الغربية للتصدي لاقتحامات ومداهمات قوات الاحتلال، وذلك في خطوات تظهر وكأنها انقلاب شعبي على السلطة وأجهزتها، فما يدور من تحركات الشبان في شوارع المدن والقرى والمخيمات، وعلى مداخلها ومفاصلها المرتبطة حدوديا بنقاط التماس مع الاحتلال الإسرائيلي بعد منتصف الليل، يظهر وكأن القوات الضاربة الفلسطينية عادت من جديد.

التعليقات