28/11/2015 - 12:35

ملاحظات حول قرار التقسيم/ د. محمد عقل

تشير الدراسات إلى أن الوكالة اليهودية واللوبي اليهودي في أمريكا، آنذاك، قاما بالضغط على دول أمريكا الجنوبية بالترهيب والترغيب من أجل تأييد القرار المذكور ونجحا في ذلك

ملاحظات حول قرار التقسيم/ د. محمد عقل

في عام 1947 كانت هيئة الأمم المتحدة مؤلفة فقط من 57 دولة. لم تكن دول المحور مثل ألمانيا وإيطاليا واليابان ممثلة فيها، ناهيك عن أن معظم الدول العربية والإفريقية كان يرزح تحت نير الاستعمار.

في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 1947 اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار رقم 181 والذي ينص على تقسيم فلسطين إلى دولتين مستقلتين: الأولى يهودية على 55% من أراضي فلسطين، والثانية عربية على 45% من مساحة فلسطين، على أن تبقى القدس وبيت لحم تحت وصاية دولية لمدة عشر سنوات، ثم يجرى فيهما استفتاء لتقرير مصيرهما.

تشير الدراسات إلى أن الوكالة اليهودية واللوبي اليهودي في أمريكا، آنذاك، قاما بالضغط على دول أمريكا الجنوبية بالترهيب والترغيب من أجل تأييد القرار المذكور ونجحا في ذلك.

فاز القرار بـ 33  صوتًا مقابل 13 وامتناع 10 كالآتي:

مع القرار: أستراليا، بلجيكا، بوليفيا، البرازيل، بيلاروسيا (روسيا البيضاء)، كندا، كوستاريكا، تشيكوسلوفاكيا، الدانمارك، جمهورية الدومينيكان، إكوادور، فرنسا، غواتيمالا، هاييتي، إيسلندا، ليبيريا، لوكسمبورغ، هولندا، نيوزيلندا، نيكاراغوا، النرويج، بنما، باراغواي، بيرو، الفلبين، بولندا، السويد، أوكرانيا، جنوب أفريقيا، الاتحاد السوفياتي، الولايات المتحدة الأميركية، أوروغواي، فنزويلا.

ضد القرار: أفغانستان، كوبا، مصر، اليونان، الهند، إيران، العراق، لبنان، باكستان، المملكة العربية السعودية، سوريا، تركيا، اليمن.

امتناع: الأرجنتين، تشيلي، الصين، كولومبيا، السلفادور، الحبشة، هندوراس، المكسيك، المملكة المتحدة (بريطانيا)، يوغسلافيا.

غياب: غابت عن الجلسة دولة سيام (تايلاند).

بموجب القرار كان سكان الدولة اليهودية سيتألفون من 598.000 يهودي و 497.000 عربي فلسطيني (بما في ذلك جيب يافا)؛ أما سكان الدولة العربية المقترحة فكانوا سيتألفون من 725.000 عربي فلسطيني و 10.000 يهودي فقط. ولذلك فإن مشكلة اللاجئين كانت ستنفجر سواء قبل العرب بالقرار أو لم يقبلوا..!

قبلت الوكالة اليهودية، التي كانت شبه حكومة، بالقرار، وعقد اليهود حلقات الرقص في شوارع تل أبيب ابتهاجًا بذلك، بينما رفضه قائد 'الإيتسل'، مناحم بيغين وبعض الأطراف اليهودية المتشددة.

 أما العرب فقد رفضوا القرار، ونظموا مظاهرات تندد به.

لم يطبق قرار التقسيم، لكنه مهد لانتهاء الانتداب البريطاني لفلسطين وإلى قيام دولة إسرائيل.

نص القرار على أن تقوم بريطانيا بالانسحاب من فلسطين حتى موعد أقصاه الأول من آب عام 1948، ولكن بريطانيا سارعت بالانسحاب في 14 أيار، مبقية على شريط قريب من حيفا حتى شهر حزيران من ذلك العام.

منذ صدور قرار التقسيم بدأت المناوشات بين العرب واليهود، وسرعان ما تطورت لتبدأ الحرب بين الطرفين. نجح خلالها اليهود في السيطرة على حيفا ويافا وطبريا وفي تهجير الآلاف من مدنهم وقراهم بينما الدول العربية بقيت تنتظر موعد انتهاء الانتداب البريطاني!

في 15 أيار عام 1948 أعلن مجلس الشعب بقيادة بن غوريون عن قيام دولة إسرائيل رسميًا، بينما لم يقم العرب بالإعلان عن قيام دولتهم، وراحوا ينتظرون قدوم جيوش الدول العربية لإنقاذ ما تبقى من فلسطين. هذه الجيوش بعد أن دخلت الحرب لم تتعد حدود التقسيم، وبذلك لم تشكل خطرًا على الدولة اليهودية الفتية.

في عام 1950 قامت المملكة الأردنية بضم القدس القديمة والضفة الغربية إليها، وقد جوبه هذا القرار بالرفض من الجامعة العربية ودول العالم.

بذلك قبر حلم إقامة الدولة العربية في فلسطين. وفي نهاية حرب 1948-1949 استولت إسرائيل على 78% من مساحة فلسطين، وشردت حوالي 780.000 فلسطيني ليصبحوا لاجئين، بينما بقي في إسرائيل 150.000 فلسطيني منهم لاجئون في وطنهم. أما بقاء معظم هؤلاء في أراضيهم فكان نتيجة لاستبسالهم في الدفاع عن قراهم بمساندة الجيش العراقي حتى توقيع اتفاقية رودوس في 3/4/1949. في تلك الفترة  كان عدد اللاجئين قد بلغ ما ذكرناه ما دعا أمريكا ودول العالم إلى الضغط على إسرائيل لابقاء عرب ضمن حدودها. لكنها لم تأل جهدًا في التضييق عليهم كي يتركوا قراهم، ويغادروها.

في 11/12/1948 صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار رقم 194 الذي يقضي بوجوب السماح بالعودة للاجئين الفلسطينيين، أو التعويض، ولكن إسرائيل رفضت تطبيق هذا القرار بتاتًا.

ماذا لو قبل الفلسطينيون بقرار التقسيم، وأنشأوا دولتهم؟ سؤال ما زال يحير الباحثين.

التعليقات