تحذير من خطورة مشروع التسوية الإسرائيلي على القدس ومستقبلها

حذر مسؤول وحدة المناصرة الدولية في مركز العمل المجتمعي بجامعة القدس الفلسطينية، منير مرجية، من أخطار مشروع تسوية الأراضي الذي تنفذه سلطات الاحتلال الإسرائيلي في القدس.

تحذير من خطورة مشروع التسوية الإسرائيلي على القدس ومستقبلها

شرطة الاحتلال توفر الحماية لبؤرة استيطانية بالشيخ جراح (عرب 48)

حذر باحثون وحقوقيون من أخطار مشروع تسوية الأراضي الذي تنفذه سلطات الاحتلال الإسرائيلي في القدس، باعتبار أنه يندرج إطار تهويد المدينة، وتعزيز السيطرة الإسرائيلية عليها، وإلغاء الحقوق الفلسطينية فيها.

وتسعى الحكومة الإسرائيلية إلى إنهاء ما يقارب %25 من "تسوية أراضي القدس" المحتلة حتى نهاية العام الجاري، ضمن مشروع باشرته عام 2018، على أن تنتهي من تسوية كامل الأراضي المحتلة لغاية العام 2025، والذي يشمل إحلال "قانون أراضي الغائبين" و"حارس أملاك الغائبين"، إذ تهدد تسوية الأراضي نحو 75% من أراضي وعقارات القدس بما فيها المنازل القائمة، ورغم أن تسوية الأراضي في القدس تستهدف أراض محتلة وتتناقض مع الأعراف والقوانين الدولية، لا يلاحظ أي نشاط فلسطيني جاد للوقوف في وجه المشروع الذي يهدف للاستيلاء على الأراضي والعقارات الفلسطينية.

وقال مسؤول وحدة المناصرة الدولية في مركز العمل المجتمعي بجامعة القدس الفلسطينية، منير مرجية، لـ"عرب 48" إنه "كما هو معلوم بعد النكبة بأربعة شهور وقعت اتفاقية رودوس وتحديد ما يسمى 'الخط الأخضر'، والتي حددت وقوع شرقي القدس تحت الإدارة الأردنية، وغربي القدس تحت الإدارة الإسرائيلية، وحتى عام 1967 أجرت الأردن تسوية على أراضي القدس بنسبة 5 - 10% فقط، والقصد تقسيم وفرز الأراضي إلى أحواض وحدود واضحة للقطع والأحواض، علما أن بريطانيا كانت بدأت في عهد الانتداب بتسوية الأراضي في المناطق التي ستخضع مستقبلا لليهود، وفقا لقرار التقسيم، وبعد احتلال القدس ضمت الحكومة الإسرائيلية شرقي القدس إلى سيطرتها بما يناقض القانون الدولي، ولكن من ذلك الحين لم تجر إسرائيل تسوية لأراضي شرقي القدس، لأسباب سياسية وعملية، وخلال السنوات اتبعت إسرائيل قرارات مصادرة الأراضي عندما أرادت وضع يدها على الأراضي في القدس، وهي خطوة سريعة وغير معقدة بالنسبة للقانون الإسرائيلي تحت زعم 'أراضي مصادرة لخدمة الجمهور'، بينما التسوية تستغرق مسارا طويلا ومعقدا قانونيا وفعليا على الأرض (إعلان الأراضي المسوية، الادعاءات للملكية وغيرها)، وبعد إنهاء هذه المسارات يصدر مأمور التسوية قائمة الملكيات، وعلى كل حوض يكون مالك واحد على الأقل، وكما هو معلوم فإن مسار تسوية الأراضي محظور وفقا للقانون الدولي، كما يحظر القانون الدولي سلطة قائمة بالاحتلال بأن تنقل مواطنيها إلى أراض محتلة، وكذلك تهجير قسري للسكان في الأراضي الواقعة تحت الاحتلال، والواقع أن إسرائيل تسيطر على ما نسبته 35% من أراضي شرقي القدس، ويسكنها 220 ألف مستوطن، وفقط 13% من الأراضي في شرقي القدس يسكنها فلسطينيون، يبلغ تعدادهم 350 ألف نسمة، لا يمكنهم التطور خارج حدود ما نسبته 13% من أراضي شرقي القدس".

"عرب 48": ما هي الأهداف التي وضعتها الحكومة الإسرائيلية من مشروع تسوية الأرض؟

مرجية: منذ العام 2018 مررت الحكومة الإسرائيلية قرارا، رقمه 3790، يزعم تقليص الفجوات وتطوير شرقي القدس، ومن ضمن مواضيع القرار تسوية الأراضي وتحت المسميات الجميلة للقرار يكمن مشروع استثمار إسرائيل لبسط سيادتها في القدس، عدا عن كون البنود الأخرى في القرار تهدف إلى تدجين سكان شرقي القدس إلى "عرب إسرائيل" وطمس هويتهم الوطنية أي برنامج أسرلة.

"عرب 48": كيف يترجم القرار على أراضي القدس، بمعنى ما هو حجم الأراضي المهددة؟

مرجية: معظم الأراضي بالملكية الفلسطينية مهددة نتاج هذا القرار، ولا يوجد إحصاء محدد، لكن الحديث يدور عن 60 - 70% من الأراضي والعقارات. قادة كبار في إسرائيل يرون بهذا القرار خطوة سيادية في القدس، بينهم زئيف ألكين وأييليت شاكيد، وتسوية الأرض في القدس تشمل جميع القوانين الإسرائيلية المتعلقة بالأرض وضمنها 'قانون أملاك الغائبين' الذي يهدد بشكل كبير أراضي القدس، والذي ينص بأن أي شخص ترك دولة إسرائيل وسكن في مكان آخر هو غائب (الضفة وغزة مثلا) وكذلك أي شخص ترك أرض إسرائيل وسكن في دولة معادية (الدول العربية جميعها، يوم تشريع القانون) يصبح غائبا، وعمليا يخرج هذا القانون الفلسطينيين من ملكيتهم للأرض، أي ملايين الدونمات تحول بهذه الطريقة للملكية الإسرائيلية، والواقع أن كل من سكن القدس بعد العام 1967 بدون استثناء هم غائبون في أملاكهم وفقا لتعريف هذا القانون، لأنهم جميعا أردنيون يسكنون في القدس (جنسية أردنية في ذلك الوقت)، وجرى تعديل على القانون لسكان القدس حينها بعد عملية تسجيل قيد نفوس للساكنين في القدس باعتبارهم خارج تعريف القانون، ولكن أراض كثيرة في القدس يملكها أشخاص يسكنون في الضفة الغربية ولم يشملهم تعديل القانون، وهذا يعني أنهم غائبون بالنسبة لأملاكهم في القدس، عدا عن كون أحد أعضاء لجنة تسوية الأراضي هو 'حارس أملاك الغائبين'، وعمليا كل قطعة أرض تمر في تسوية يفحص 'حارس أملاك الغائبين' حقوقه فيها، وفقا لهذا القانون.

"عرب 48": ماذا يجري فلسطينيا للتصدي للمشروع الإسرائيلي؟

مرجية: عدا عن نداء المقاطعة لم يصدر شيئا. الناس لا زالت صامتة ولا شيء يجري على أرض الواقع للتصدي للمشروع الإسرائيلي. على مستوى المؤسسات الحقوقية الفلسطينية هناك عمل، لكنه لا يكفي. هذه المؤسسات طبعا تعمل ضمن إطار القانون الدولي، وإسرائيل أصلا لا تعترف فيه بالقدس، لذلك التوجهات تكون للأمم المتحدة وغيرها من المؤسسات الدولية، وفعليا لا يوجد أي عمل لوقف هذا الخطر، وهناك خوف من فقدان الأراضي والبيوت في القدس، عدا عن الضرائب التي ستفرض على هذه الأراضي، ونحن نتحدث عن تجميع ضرائب منذ العام 1967 ولغاية اليوم، وعن 75% من سكان القدس يعيشون تحت خط الفقر.

"عرب 48": دعنا نتوقف عند ادعاءات الملكية فهذه قضية يمكن أن تؤدي للسيطرة على أراض واسعة ونقل ملكيتها عمليا إلى 'سلطة أراضي إسرائيل'؟

مرجية: قضية رفع مذكرات ملكية ووجود تضارب في الملكيات يؤدي إلى تحويل الملف إلى المحكمة المركزية، وهذا يستغرق وقتا طويلا، عدا عن وجود بعض الأوراق الثبوتية في الأردن أو حتى في تركيا، وهذا يعني قضية المواريث، ومن يسكن في القدس ومن يسكن خارجها، فالتسوية أصلا أداة سيادية على الأرض، ونعرف من تجربة النقب والجليل مثلا أن كافة الادعاءات المتضاربة لملكية الأرض في النقب التي وصلت للمحكمة المركزية لم يحكم فيها لصالح البدو في النقب حتى في ملف واحد، وفي الجليل أيضا قُدم للمحكمة المركزية 8300 ملف ملكية أرض متضاربة و86% من الملفات خسرها الفلسطينيون. تاريخيا التسوية أداة سياسية لفرض السيادة وتثبيت ملكية الدولة للأراضي وتهجير السكان الأصليين، وكما هو معروف فإن لجنة الأمن والخارجية الإسرائيلية كانت قد أقرت نهاية العام الماضي إجراء تسوية أراض في ما تُعرف بأراضي المنطقة c في الضفة الغربية المحتلة".

التعليقات