تحليلات: الأوضاع في غزة وعدم استقرار الحكومة الإسرائيلية يقلصان إمكانية التصعيد

استبعد محللون سياسيون أن "يتدحرج" التصعيد الأخير بين فصائل المقاومة في غزة وجيش الاحتلال الإسرائيلي إلى مواجهة واسعة على غرار معركة أيار/ مايو 2021، في ظل الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعاني منها أهالي القطاع وحالة عدم الاستقرار التي تعاني منها الحكومة الإسرائيلية.

تحليلات: الأوضاع في غزة وعدم استقرار الحكومة الإسرائيلية يقلصان إمكانية التصعيد

توضيحية (Getty Images)

استبعد محللون سياسيون أن "يتدحرج" التصعيد الأخير بين فصائل المقاومة في قطاع غزة وجيش الاحتلال الإسرائيلي إلى مواجهة واسعة على غرار معركة أيار/ مايو 2021، في ظل الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعاني منها أهالي القطاع وحالة عدم الاستقرار التي تعاني منها الحكومة الإسرائيلية.

وتزداد فُرص التصعيد العسكري بين الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة وإسرائيل، في ظل ارتفاع منسوب التوتر في مدينة القدس على خلفية الاقتحام المتكرر للمستوطنين للمسجد الأقصى، واستمرار الاعتداءات الإسرائيلية في الضفة الغربية، بحسب ما أفاد محللون سياسيون، تحدثوا لوكالة "الأناضول".

ومساء أمس الإثنين، أطلق فلسطينيون، لم يكشفوا عن هويتهم، قذيفة من غزة باتجاه إسرائيل، اعترضتها منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية المعروفة بـ"القبة الحديدية". وردا على القذيفة، أغارت مقاتلات الاحتلال، فجر اليوم، الثلاثاء، على موقع لكتائب القسام، الجناح العسكري لحركة "حماس".

وفي أيار/ مايو الماضي، تسببت الانتهاكات الإسرائيلية في المسجد الأقصى، وحي الشيخ جرّاح في مدينة القدس المحتلة، لاندلاع مواجهة عسكرية بين إسرائيل والفصائل في غزة، استمرت 11 يوما.

ويستبع محللون سياسيون، تكرار هذا السيناريو في هذه المرحلة وذلك نظرا إلى "أوضاع قطاع غزة الاقتصادية، والاجتماعية، التي لم تتعاف بعد من العدوان الإسرائيلي الأخير، والتي من شأنها أن تُثني الفصائل عن خوض معركة جديدة مفتوحة".

من القصف الإسرائيلي في غزة، فجر اليوم (Getty Images)

فيما أرجع بعضهم ذلك إلى "خشية الحكومة الإسرائيلية، التي تعيش فترة عدم استقرار بعد تقليص قاعدتها في الكنيست وخسارتها الأغلبية، من الدخول في أي مواجهة تهدد استمراريتها".​

وتحذر الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، من استمرار اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى، والاعتداء على المصلين المسلمين فيه، متوعدة بأنها "لن تصمت، في حال تم تجاوز الخطوط الحمراء".

ومنذ بداية عيد الفصح اليهودي، الجمعة الماضي، ينظم المستوطنون اقتحامات متكررة للمسجد الأقصى، بحراسة شرطة الاحتلال، فيما تدعو المنظمات الاستيطانية إلى تكثيف الاقتحامات خلال فترة عيد الفصح.

وقبيل الاقتحام، تُجبر شرطة الاحتلال، المصلين المسلمين على إخلاء المسجد، الأمر الذي يرفضه المصلون ما يتسبب بحدوث مواجهات.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، حسام الدجني، أن شبح التصعيد بين غزة وإسرائيل، على خلفية أحداث القدس، ما زال قائما، إلا أن فرصه محدودة. واعتبر أن منع "شرطة الاحتلال لمتطرفين يهود من ذبح قرابين داخل المسجد الأقصى، أدى إلى خفض وتراجع فرص التصعيد بين غزة وإسرائيل".

وكانت جماعات إسرائيلية متطرفة قد دعت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلى ذبح قرابين داخل المسجد، خلال عيد الفصح، لكنّ شرطة الاحتلال أعلنت أنها لن تسمح بذلك، متعهدة بالحفاظ على "النُّظم المتبعة فيه".

إلا أن فرص التصعيد، وفق الدجني، ما زالت قائمة، إزاء "استمرار الاعتداء على المصلين في الأقصى، واقتحام باحاته من المستوطنين، وسفك المزيد من دماء الفلسطينيين". وأضاف "الكرة الآن في الملعب الإسرائيلي، فإذا تجاوز الخطوط الحمراء، في تدنيس المقدّسات والسماح بالمزيد من الاقتحام، فإن المقاومة لن تبقى بعيدة عن ذلك".

اعتداءات الاحتلال على المرابطات في الأقصى (Getty Images)

وبحسب الدجني، فإن مشاركة الفصائل في الدفاع عن القدس، ليس بالضرورة أن تبدأ بالعمل العسكري مباشرة، إنما قد يكون لها تدخلات "تتدحرج بالتصعيد في الضفة لتنتقل إلى غزة". كما يرى أن الحراكات السياسية والوطنية نجحت في دفع الوسطاء للضغط على إسرائيل، لنزع فتيل التصعيد.

من جانبه، يرى المحلل السياسي، مصطفى إبراهيم، أن "الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، لا يرغبان بالدخول في جولة جديدة من التصعيد العسكري، بسبب تكاليفها الباهظة ورغبة الطرفين في هدوء من شأنه أن يحقق مستوى من الاستقرار السياسي في إسرائيل، أو الاقتصادي والمعيشي بغزة".

لكن رغم ذلك، فإن الأحداث في المسجد الأقصى، تُعطي، وفق إبراهيم، مؤشرات لاحتمالية اندلاع تصعيد بغزة، نصرة لهم. وقال: "هناك خشية من أن يدفع استمرار التصعيد الإسرائيلي القاسي، إلى ردود فعل غاضبة، تؤدي إلى تدهور عنيف".

من الاعتقالات في الضفة (Getty Images)

واعتبر أن الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، "غير راغبة" بالدخول في جولة تصعيد جديدة، إلا أنها قد تضطر لذلك تحت ضغط الشارع الفلسطيني والعدوان في القدس. وقال: "حماس غير معنية بالتصعيد، لأن أوضاع قطاع غزة صعبة، وعملية الإعمار لم تبدأ بشكلها الحقيقي بعد، الحركة تضع هذه الملفات في اعتبارها، لرغبتها في تحسين الأوضاع بغزة".

وأضاف أن "أوضاع الفلسطينيين الداخلية صعبة وكارثية، سواء بغزة أو بالضفة، أكان ذلك من تداعيات الانقسام السياسي، أو حالة التطبيع العربي مع إسرائيل"، وتابع أن إسرائيل أيضا "لا ترغب بالتصعيد، في ظل حالة عدم الاستقرار التي تواجهها الحكومة الإسرائيلية، لذا قدّمت ‘تسهيلات‘ سواء لغزة أو للضفة خاصة بمدينة جنين بعد أيام من الإغلاق".

وأشار إلى أن "الحكومة الإسرائيلية تخشى من تنفيذ المزيد من العمليات داخل المدن الإسرائيلية، ومن سيناريو تدخل فيه مواجهة متعددة الجبهات، الأمر الذي يجعلها تبتعد عن أي معركة جديدة".

ويتوقع إبراهيم أن يكون "حجم التصعيد العسكري بين غزة والضفة في حال اندلاعه، محدودا، وأن يقتصر على إطلاق صواريخ باتجاه غلاف غزة، دون التوسّع لمواجهة مفتوحة تشمل إطلاق صواريخ بعيدة المدى".

اقتحامات المستوطنين لباحات الأقصى (Getty Images)

بدوره، يرى المختص في الشأن الإسرائيلي، وديع أبو نصار، أن "إسرائيل غير معنية بتصعيد مع غزة، وإنما بتهدئة طويلة المدى". وأضاف أن أي تصعيد محدود يبدأ من غزة، سيُواجه برد "محدود أيضا من إسرائيل".

وأرجع ذلك إلى حالة "الأزمة التي تعيشها إسرائيل، على عدة مستويات، والتي تجعلها غير معنية بفتح جبهة تصعيد جديدة". ويرجّح وجود جهود، تبذلها مصر وقطر، لإبقاء قطاع غزة "خارج دائرة الصراع".

وأوضح أن التفاهمات (التسهيلات الحياتية وحالة الهدوء) التي ما زالت جارية بين الطرفين (فصائل المقاومة وحكومة الاحتلال الإسرائيلية)، تشير إلى "عدم نية أي طرف، في الدخول بمعركة جديدة".

إلا أن التطورات الميدانية تبقى "سيدة الموقف"، بحيث قد يتسبب حدث صغير، غير محسوب، باندلاع مواجهة جديدة، بحسب أبو نصار، الذي شدد على أن "الكثير من المواجهات السابقة، بدأت بأزمات صغيرة خرجت عن سيطرة الطرفين، ويبقى لكل واحدة منهما حساباتهما الداخلية".

التعليقات