9 أيام من الحصار... نابلس "سجن كبير"

أغلق الاحتلال كافة مداخل المدينة، بسواتر ترابية وحواجز عسكرية، مما أعاق حركة المرور بشكل كبير، وواصل حصار المدينة لليوم التاسع تواليا، فيما شددت الرئاسة الفلسطينية على أن العدوان على المدن الفلسطينيّة إعلان حرب شاملة.

9 أيام من الحصار... نابلس

فلسطينيون ينتظرون الوصول إلى أراضيهم شرق نابلس ("أ ب")

لليوم التاسع على التوالي، تعيش مدينة نابلس بالضفة الغربية المحتلة ومخيماتها، تحت حصار مشدد فرضه جيش الاحتلال الإسرائيلي، عقب مقتل أحد جنوده، الأسبوع الماضي، فيما وصفت الأمم المتحدة، العام الجاري، بأنه الأكثر دموية بالضفة، بما فيها القدس المحتلة، منذ عام 2006.

وأغلق الاحتلال كافة مداخل المدينة، بسواتر ترابية وحواجز عسكرية، مما أعاق حركة المرور بشكل كبير.

ويؤكد السكان أنهم يقضون أكثر من 3 ساعات للخروج من المدينة أو الدخول إليها، إذ يسلكون طرقات فرعية وترابية، أو ينتظرون على الحواجز.

يأتي ذلك فيما استشهد شاب فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي، مساء الأربعاء، قرب مستوطنة "معالي أدوميم" شرقي مدينة القدس المحتلة، وذلك بزعم تنفيذه عملية إطلاق نار استهدفت عناصر أمن الاحتلال الذين تواجدوا عند مدخل المستوطنة، وزعمت شرطة الاحتلال أن منفذ العملية على مدخل "معالي أدوميم" هو الشاب عدي التميمي (22 عاما)، منذ عملية شعفاط.

من مكان العملية في "معالي أدوميم"

أشبه بحصار المدينة في انتفاضة الأقصى

ونقلت وكالة "الأناضول" للأنباء عن مراد عبد الله، وهو سائق مركبة نقل بضائع، القول إنّ "الحال أشبه بالإغلاق الذي شهدته المدينة في انتفاضة الأقصى عام 2000".

ويضيف عبد الله أن "الجيش الإسرائيلي أغلق كافة المداخل، وينصب حواجز عسكرية في محيط المدينة".

وكانت جامعة النجاح الوطنية في نابلس، قد أغلقت أبوابها وحوّلت طلبتها إلى التعليم عن بعد منذ بداية الحصار، غير أنها أعلنت عودة الطلبة إلى الدراسة مطلع الأسبوع المقبل، في محاولة منها لكسر الحصار، بحسب بيان صادر عن إدارتها.

(Getty Images)

وتبدو الحركة التجارية في المدينة ضعيفة للغاية، بالرغم من كونها مركزًا تجاريًا رئيسيًا في شمال الضفة الغربية.

تصاعد جرائم الاحتلال؛ "انتفاضة بشكلٍ يوميّ"

بدوره، يقول محمد أبو شمر، إن "جرائم إسرائيل تتصاعد بحق الشعب الفلسطيني، من قتل وسرقة أراضي، وتوسّع استيطاني، واقتحامات للمسجد الأقصى".

وأضاف أن "إسرائيل المسؤول الأول عن أي تصعيد، المسلحون (الفلسطينيون) يدافعون عن المدينة"، فيما أكد أن "الحصار لن يكسر إرادة أهالي المدينة".

من جانبه، يقول تاجر الملابس أسيد الخراز: "منذ سنوات ونحن نعاني من الاحتلال، الحصار لن يكسرنا، المال يعوّض، نحن نعيش انتفاضةً بشكلٍ يوميّ".

ويقول عمر الأسمر: "عشنا سنوات فيما مضى تحت الحصار، وقادرين أن نتخطى هذا الحصار".

فيما تحدث صامد عودة، عن أن "الأهالي يتذمرون من استمرار الانتهاكات الإسرائيلية".

وأضاف: "الجيش يدخل ويقتل في وضح النهار، ماذا يتوقع أن يرى، هل نخرج لاستقباله بالورود مثلا؟"، وأكد أن "المقاومة حق والحصار لن يكسر إرادة شعبنا".

مبادرة لكسر الحصار؛ "شلل في الحياة"

ورفضًا للواقع الذي يسعى الاحتلال إلى فرضه، أعلن منسق القوى والفعاليات بمحافظة نابلس، نصر أبو جيش، عن مبادرة مجتمعية بالشراكة مع مؤسسات أهلية وحكومية وجامعات، لكسر الحصار.

وقال أبو جيش: "وجّهنا دعوة لكافة الفصائل والمؤسسات الأهلية للخروج بمسيرات إلى كافة الحواجز العسكرية لفكّ الحصار".

(Getty Images)

وتابع: "في الأيام القادمة نبدأ تنفيذ مثل هذه المسيرات السلمية"، بحسب ما نقلت عنه "الأناضول".

ودعا أبو جيش كافة المواطنين من مختلف المحافظات للوصول إلى نابلس لمحاصرة الاحتلال بدلًا من حصار نابلس".

ووصف الوضع في المدينة بـ "الصعب للغاية"، وشدد على أنّ "الحياة معطلة، الاقتصاد متدهور، شلل في الحياة، إسرائيل حوّلت نابلس لسجن كبير".

التفاف حول "عرين الأسود"

وفي 12 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، أعلنت جماعة "عرين الأسود" تنفيذها 5 عمليات إطلاق نار ضد أهداف إسرائيلية أسفرت عن مقتل جندي وإصابة آخرين.

وظهرت المجموعة علنًا في عرضٍ عسكريّ مطلع سبتمبر/أيلول الماضي في البلدة القديمة بنابلس، وينتمي أفرادها لمختلف الفصائل الفلسطينية.

وتشهد مناطق متفرقة من الضفة منذ مطلع العام الجاري تصعيدا ملحوظا وارتفاعا لوتيرة عمليات جيش الاحتلال فيها.

(Getty Images)

والخميس الماضي، قال وزير الأمن الإسرائيلي، بيني غانتس، إن نابلس وجنين شمالي الضفة الغربية تشكلان "تحديا كبيرا" لجيشه.

وأضاف: "رغم سيطرة قوات الأمن على الوضع، إلا أنها لا تزال فترة متوترة للغاية".

وتوعّد بالقضاء على "عرين الأسود"، وزعم أن "نابلس وجنين هما السبب في تعزيز القوات الإسرائيلية والجهود الاستخبارية في الضفة".

ومساء الإثنين الماضي، طلبت المجموعة من سكان مدينة نابلس الخروج عند منتصف الليل والتكبير، تعبيرًا عن نصرتهم ودعمهم للجماعة. وخرج آلاف السكان إلى الشوارع العامة والميادين وأسطح المنازل مكبّرين.

ولم تقتصر تلبية الدعوة على نابلس، فقد خرج الفلسطينيون في غالبية مدن ومخيمات وبلدات الضفة الغربية وقطاع غزة استجابة لنداء الجماعة المسلحة.

الرئاسة الفلسطينيّة: حصار نابلس والعدوان على المدن الفلسطينيّة إعلان حرب شاملة

بدورها، أكدت الرئاسة الفلسطينية، أن الحصار الذي تتعرض له محافظة نابلس منذ تسعة أيام، واقتحام المدن والقرى والمخيمات، واستمرار اقتحامات المسجد الأقصى المبارك والحرم الإبراهيمي، ومحاولة تغيير الوضع التاريخي فيهما، هو "بمثابة إعلان حرب شاملة على الشعب الفلسطيني وقيادته".

وقال الناطق باسم الرئاسة، نبيل أبو ردينة، اليوم، إن "استمرار هذه السياسة الطائشة وغير المسؤولة خلقت مناخا لزيادة التوتر وانفجار الأوضاع، وهو ما حذرنا منه طويلا".

وأضاف: "على حكومة الاحتلال أن تعي أن هذه السياسة لن تجلب الأمن والاستقرار، بل تدفع الأمور نحو وضع خطير"، مؤكدا أن الشعب الفلسطيني لن يقبل باستمرار الاحتلال بأي شكل من الأشكال.

(Getty Images)

ووفق أبو ردينة، حذّر الرئيس محمود عباس، "من مغبة هذه السياسة الإسرائيلية، مشددا على أن قرارات المجلس المركزي التي بدأ بتنفيذها سوف تستمر".

وأضاف أبو ردينة أن "جيلا جديدا من الشعب الفلسطيني ازداد قوة وعزيمة وإصرارا على هزيمة الاحتلال، وأن التراكم النضالي الفلسطيني عبر سنوات طويلة، قادر على إفشال سياسة الاحتلال والمفاهيم الاستعمارية والصفقات المشبوهة سواء إقليميا أو دوليا".

وذكر أن "القضية الفلسطينية بمقدساتها لا يمكن تجاوزها، كما أنه لا يمكن إنهاء التوتر والصراعات القائمة في المنطقة، بدون حل عادل للقضية الفلسطينية يحظى بموافقة الشعب الفلسطيني وقيادته".

الأمم المتحدة: العام الجاري هو الأكثر دموية في الضفة منذ 2006

من جانبها، وصفت الأمم المتحدة، الأربعاء، العام الجاري، بأنه الأكثر دموية بالضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية منذ عام 2006.

وقالت المنسقة الإنسانية بالوكالة للأرض الفلسطينية المحتلة في الأمم المتحدة، لوشيا إلمي، في بيان: "تشكّل سنة 2022 الأكثر دموية بالنسبة للفلسطينيين من سكان الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، منذ سنة 2006 على أساس المتوسط الشهري".

وأضافت: "قُتل ما لا يقل عن 105 فلسطينيين، من بينهم 26 طفلًا، على يد القوات الإسرائيلية بالضفة الغربية منذ بداية العام".

وأضافت المسؤولة الأممية: "ارتفع المتوسط الشهري لعدد الضحايا الفلسطينيين بما نسبته 57 بالمئة بالمقارنة مع السنة الماضية".

(Getty Images)

وأشارت إلى انه بالمقابل "قتل فلسطينيون من الضفة الغربية عشرة مدنيين إسرائيليين، وثلاثة أجانب وأربعة جنود إسرائيليين في العام 2022".

وقالت: "منذ مطلع تشرين الأول/ أكتوبر وحده قتلت القوات الإسرائيلية 15 فلسطينيًا، منهم 6 أطفال، خلال عمليات تفتيش واعتقال، أو تبادل إطلاق النار أو مواجهات بينها وبين الفلسطينيين في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وذلك غالبًا عقب هجمات المستوطنين على القرى الفلسطينية أو اقتحامها".

وتابعت: "في بعض الحالات، لم يظهر أن هؤلاء الضحايا شكلوا تهديدًا ملموسًا أو وشيكًا يبرّر استخدام القوة المميتة، مما يثير القلق إزاء الاستخدام المفرط للقوة".

ولفتت إلمي إلى أنه "فضلًا عن هذا الوضع المنذِر بالخطر، يساور القلق الأمم المتحدة حيال تزايد القيود المفروضة على التنقل".

وقالت: "في وقت سابق من الشهر، وبعد إطلاق النار على جنديين إسرائيليين ومقتلهما على حاجزين في نابلس (شمالي الضفة) والقدس الشرقية، فرضت القوات الإسرائيلية قيودًا مشددة على التنقل، مما حدّ من إمكانية وصول الكثيرين إلى الرعاية الصحية والتعليم وسبل العيش".

(Getty Images)

وأضافت إلمي: "وقد رُفعت هذه القيود إلى حد كبير في مخيم شعفاط للاجئين (شمالي القدس)، ولكنها لا تزال مفروضة على نابلس كما شهدت حوارة، التي تعد إحدى نقاط الوصول القليلة إلى مدينة نابلس، زيادة في حدة عنف المستوطنين ووتيرته".

وتابعت: "تقع على السلطات الإسرائيلية مسؤولية قانونية عن ضمان حماية الفلسطينيين كافة، وهذا يشمل ضمان أن تدابير تُتخذ لا تؤثر على الناس على نحو غير متناسب".

وأضافت: "ويحتل خفض التصعيد أهمية حاسمة لتفادي المزيد من الخسائر في الأرواح ولحماية المدنيين وضمان إمكانية الوصول إلى الخدمات الإنسانية الأساسية".

(Getty Images)

التعليقات