منظمة حقوقية تطالب بتحقيق دولي ضد جرائم مسؤول إسرائيلي بالضفة

منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي، ومقرها واشنطن، تقدم مذكرة للمحكمة الجنائية الدولية حول تحقيق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وفصل عنصري يتهم بارتكابها نائب المدعية العامة العسكرية الإسرائيلية

منظمة حقوقية تطالب بتحقيق دولي ضد جرائم مسؤول إسرائيلي بالضفة

جيش الاحتلال يهدم بناية في الخليل، أمس (Getty Images)

طالبت منظمة حقوقية، تتخذ من واشنطن مقرا لها، المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بالتحقيق مع نائب المدعية العامة في الجيش الإسرائيلي، إيال توليدانو، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك جريمة الفصل العنصري.

وقالت منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي (DAWN) في مذكرة قدمتها إلى المحكمة الجنائية الدولية أمس، الأحد، إن هذه الجرائم المتهم بها توليدانو، والموثقة في تحقيق أجرته المنظمة، ارتكبت في الأعوام 2016 – 2020، وكان توليدانو يتولى حينها منصب المستشار القانوني للجيش الإسرائيلي للضفة الغربية، ما جعله أعلى سلطة قانونية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بشكل فعلي، وكان عمليا النائب العام للاحتلال الإسرائيلي.

وقعت جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية الموثقة في تقرير منظمة (DAWN) للمحكمة الجنائية الدولية، في إطار تحقيق استمر لأشهر، بين عامي 2016 و2020 في الضفة الغربية المحتلة، ما يجعلها زمانًا ومكانًا في نطاق تحقيق المحكمة الجنائية الدولية الحالي في الوضع في فلسطين.

قال مدير الأبحاث لشؤون إسرائيل وفلسطين في المنظمة، مايكل شيفر عمر مان، إنّ "ما يجعل قضية توليدانو مناسبة تمامًا للمحكمة الجنائية الدولية هو ليس فقط الجرائم المتورط فيها، وإنما أيضًا الفرصة المتاحة أمام المحكمة بأنه لا يمكن ’تقنين’ الجرائم الدولية من خلال تشريعات محلية". وأضاف أن "إحضار أشخاص مثل توليدانو، مهندس نظام الفصل العنصري الإسرائيلي، إلى العدالة هو سبب وجود المحكمة الجنائية الدولية، ونعتقد أن المدعي العام سيرى هذه الأدلة ويتوصل إلى نفس النتيجة".

خان الأحمر (Getty Images)

ولفت مايكل شيفر إلى أنه "يميل الناس إلى الحديث عن انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب وحتى الفصل العنصري كأفعال تقوم بها الدول، لكن الجرائم، بما فيها الجرائم الدولية، يرتكبها ويحرض عليها أشخاص مثل إيال توليدانو، أحد كبار محامي الجيش الإسرائيلي".

وكان توليدانو مسؤولا، في إطار منصبه كمستشار قانوني لجيش الاحتلال في الضفة، عن "التخطيط القانوني والمصادقة على جميع أنشطة وسياسات جيش الاحتلال الإسرائيلي غير القتالية، بما في ذلك تلك التي تنتهك القانون الإنساني الدولي ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. وتثبت الأدلة الموثقة أن توليدانو خطط أو صادق أو أشرف على أعمال وسياسات تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وانتهاكات لحقوق الإنسان، بما في ذلك هدم المئات من المنازل، ما تسبب في نزوح قسري وعقاب جماعي من خلال الهدم العقابي للمنازل، ووضع قيود تعسفية على الحركة، وتسهيل نقل المستوطنين إلى الأراضي المحتلة، وتعزيز الضم غير القانوني الفعلي، والحفاظ على نظام الفصل العنصري"، وفقا للمنظمة.

ووجدت المنظمة بتحقيقها أنه "بصفته مستشارًا قانونيًا للضفة الغربية، أشرف توليدانو وموظفوه على 618 عملية هدم للمنازل، ما أدى إلى تشريد 2,115 فلسطينيًا في الأراضي الفلسطينية المحتلة، منتهكًا كلًا من حظر القانون الدولي الإنساني لتدمير الممتلكات والتهجير القسري، وكلاهما من جرائم الحرب. كما أجاز العشرات من عمليات هدم المنازل العقابية ضد أفراد عائلات أبرياء من المسلحين المزعومين، وهي ممارسة تنتهك حظر العقاب الجماعي في القانون الدولي الإنساني العرفي. ولعب توليدانو دورًا رئيسيًا في التخطيط والتبرير والدفاع عن مخطط الهدم الجماعي والنقل القسري لقرية الخان الأحمر بأكملها، ولكن لم يتم تنفيذه بعد، وهو ما حذرت المدعية العامة السابقة للمحكمة الجنائية الدولية (فاتو بيناسودا) في ذلك الوقت من أنه يمكن أن يشكل جرائم حرب".

وأشار مايكل شيفر إلى أنه "من النادر أن تجد شخصًا واحدًا مثل توليدانو مرتبطًا بأنواع عديدة من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، مع توفر الكثير من الأدلة الموثقة والمتوفرة". وأضاف أنه "عادة ما تنظر المحكمة الجنائية الدولية فيما إذا كانت الدولة، إسرائيل، قد أجرت تحقيقاتها الخاصة في الجرائم لتحديد ما إذا كان لها اختصاص. وفي حالة توليدانو، كانت جميع أفعاله قانونية بموجب القوانين الإسرائيلية، وهي حقيقة يجب أن تلزم المدعي العام بجعل توليدانو نقطة محورية في تحقيقه في الوضع في فلسطين".

الاحتلال يضيق حركة الفلسطينيين - بيت فوريك، الأسبوع الماضي (Getty Images)

وأكدت المنظمة أن توليدانو "حرض على الضم غير القانوني الذي تقوم به الحكومة الإسرائيلية للأراضي المحتلة من خلال التطبيق التدريجي للقوانين المدنية الإسرائيلية، التي شرّعها البرلمان الإسرائيلي، خارج الحدود الإقليمية على الضفة الغربية المحتلة، عن طريق نسخها في أوامر عسكرية لها قوة القانون في الأراضي المحتلة. وتسمح هذه العملية القانونية للحكومة الإسرائيلية بالادعاء بأنها لا تطبق تشريعاتها المحلية مباشرة على الأراضي المحتلة، وهو أمر غير مسموح به بموجب القانون الدولي، مع تحقيق نفس النتيجة. ويرقى الضم غير المشروع إلى جريمة العدوان الدولي".

وأشارت المنظمة إلى أنه "في المجمل، عندما يتم تنفيذ هذه الجرائم وغيرها، والتي وجد تحقيق المنظمة أن توليدانو متورط فيها، للحفاظ على نظام القمع أو الهيمنة، فإنها ترقى إلى جريمة الفصل العنصري. وبموجب نظام روما الأساسي، تحدث جريمة الفصل العنصري عندما يتم ارتكاب فعل غير إنساني في سياق نظام مؤسسي للقمع والسيطرة المنهجية من قبل مجموعة عرقية على أخرى، بقصد الحفاظ على هذا النظام".

وأضافت أن "مثل هذه الأفعال، وفقًا لمنظمة هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، تشمل هدم المنازل عقابيًا والهدم التمييزي للمنازل والنقل القسري والحرمان من الحقوق الأساسية مثل القيود الصارمة على الإقامة والحركة، وكل منها سمح بها توليدانو أو أشرف عليها أو نفذها. إنّ هذه الجرائم الجماعية التي نُفذت بنية تمييزية، تشكل أيضًا جريمة اضطهاد بموجب نظام روما الأساسي، وهي أيضًا جريمة ضد الإنسانية".

وشدد مايكل شيفر أن "توليدانو يمثل فئة مهنية داخل الاحتلال الإسرائيلي يمكنهم اختيار عدم المشاركة في هذه الجرائم، ولديهم السلطة التقديرية المهنية للقيام بالأشياء بشكل مختلف إذا أرادوا ذلك، ويعني تدريبهم القانوني أنهم يجب أن يعرفوا عدم شرعية أفعالهم. وتوليدانو محامٍ مدرَّب، ولذا كان يجب أن يرفض الجرائم التي تم أمره بارتكابها".

وأطلعت المنظمة كلا من وزارة الخارجية الأميركية ولجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة بشأن الأراضي الفلسطينية المحتلة والمقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية على تحقيقها وحثتهم على شمل توليدانو ومن يخلفه في تقاريرهم، وربط العلاقات بين الفصل العنصري الإسرائيلي وجرائم الحرب والأفراد الذين ينفذونها.

كذلك قدمت المنظمة النتائج التي توصلت إليها إلى الكلية والمركز القانوني الأميركي للقضاة العامين، وطلبت منهم عدم استضافة توليدانو أو غيره ممن يتولون دوره، في ضوء مسؤوليته عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقوانين الإنسانية. وتمت استضافة ما لا يقل عن مستشار قانوني سابق للضفة الغربية في هذه الكلية.

قالت المديرة التنفيذية للمنظمة، سارة لي ويتسن، إنه "يجب أن يفهم العقيد توليدانو، المستشار القانوني الحالي للضفة الغربية، وكل من يخلفه، أنهم لم يعودوا قادرين على الاختباء خلف واجهة موظفي الخدمة المدنية الذين يؤدون وظائف غير استثنائية، وسيواجهون الملاحقة القضائية واللوم على جرائمهم ضد الفلسطينيين". وأضافت أنه "يقع على عاتق المجتمع القانوني الدولي والديمقراطيات في جميع أنحاء العالم، ولا سيما الموقعون على اتفاقية الفصل العنصري ونظام روما الأساسي، الالتزام برفض الفصل العنصري الإسرائيلي من خلال تحميل توليدانو المسؤولية عن تورطه في جريمة الفصل العنصري".

التعليقات