طيران الاحتلال: حي الرمال كومة ركام

دمرت الغارات الجوية الإسرائيلية، حي الرمال الذي كان ينبض بالحياة في قطاع غزة، قبل أن تصبح المباني الشاهقة كومة من الركام، وكأن "زلزالا" أصابه، لكن "الزلزال العدواني" أكثر ضراوة من كوارث الطبيعة.

طيران الاحتلال: حي الرمال كومة ركام

غزة (أ ب)

دمرت الغارات الجوية الإسرائيلية، حي الرمال الذي كان ينبض بالحياة في قطاع غزة، قبل أن تصبح المباني الشاهقة كومة من الركام، وكأن "زلزالا" أصابه، لكن "الزلزال العدواني" أكثر ضراوة من كوارث الطبيعة.

وأحدث قصف الاحتلال الإسرائيلي، حفرا كبيرة في الطرق، ولم تسلم أي بقعة في الحي الذي تسكنه عائلات غنية والذي يعرف بأنه شريان أساسي للحياة التجارية في قطاع غزة، من الدمار.

وتعرض الحي لأكثر من مئتي غارة جوية إسرائيلية خلال أيام الحرب التسعة.

غزة (أ ب)

ويقول أبو أحمد الحسنات (50 عاما) من حي الرمال "كأننا نعيش في منطقة زلازل من شدة الانفجارات ورعبها. عندما تشن إسرائيل غاراتها يهتز البيت كله، كأنه تعرض لهزة الأرضية. ضربوا المنطقة وكانت أغلب الغارات وأعنفها علي حي الرمال".

ويقول الحسنات الذي انتقل قبل سنوات إلى حي الرمال معتقدا أنه أكثر أمنا من غيره، "كنت أسكن في منطقة المغراقة (إلى جنوب مدينة غزة). خلال حرب 2014، قررت مغادرة المغراقة بسبب خطورة الوضع وانتقلت للإقامة في مدينة غزة. وللأسف دمّر بيتي".

ويضيف "المنزل دمّر كليا، وهي المرة الثالثة التي يدمّر منزلي. لا أعرف أين أذهب للبحث عن الأمان".

غزة (أ ب)

وتقول دنيا الأمل اسماعيل (50 عاما)، مديرة جمعية "المرأة المبدعة" الأهلية والتي تسكن في وسط الحي، "قبل اندلاع هذه الحرب، كنا نعتبر حرب 2014 الأشد صعوبة ومرارة وقتلا وتشريدا على قطاع غزة"، مضيفة "حرب 2021 عدوان لعدم وجود توازن قوى بيننا وبينهم".

واستمر العدوان الإسرائيلي عام 2014 على قطاع غزة 51 يوما، وأسفرت عن استشهاد 2251 فلسطينيا.

وتتابع دنيا الأمل اسماعيل، مشيرة إلى استشهاد أكثر من 42 فلسطينيا معظمهم نساء وأطفال في شارع الوحدة في الحي الذي تم تدمير عدد من المنازل فيه، "إسرائيل تجاوزت كل الخطوط الحمر. للأسف الشديد لم يعد هناك أحد بمأمن من العدوان الإسرائيلي في هذه الحرب".

غزة (أ ب)

وتشير إلى أن "إسرائيل في حرب 2014 كانت تركّز في السابق على المناطق الجانبية والمناطق الحدودية وعلى بعض الأماكن التي تعتقد أنها تشكّل خطرا عليها. بينما اليوم، شمل القصف "قلب المدينة وأناسا عزلا بالمطلق لا يشكلون خطرا على أحد أو على دولة الاحتلال".

وتتحسّر دنيا على منطقة الرمال التي كانت "أكثر المناطق أمانًا وهدوءا، ولكن للأسف إسرائيل دمرت معالمها. وصارت كل صور الحي مرعبة، وستبقى في الذاكرة إلى أبد الآبدين". وتضيف "تحوّل كل جمال الحي إلى دمار".

كذلك دُمِّر شارع الرشيد الساحلي بعشرات الصواريخ، وكان يعتبر المتنفس الوحيد لسكان غزة، إذ توجد فيه الفنادق والمطاعم والاستراحات وطريق الكورنيش التي كانت تعج كل صباح لمئات المتنزهين وممارسي الرياضة، لا سيما خلال مرحلة تفشي وباء كوفيد-19.

غزة (أ ب)

ودّمّرت في الغارات استراحات على طول شاطىء بحر مدينة غزة ومدن القطاع الأخرى. وكان عدد كبير من الغزيين ينتقل إلى هذه المنطقة للاصطياف.

ويروي معين عباس (47 عاما)، وهو صاحب محل للمثلجات ويقيم في حي تل الهوا في جنوب غرب غزة، "كنت أجلس مع جيراني عندما اتصل بي ضابط من مخابرات جيش الاحتلال الإسرائيلي الليلة الماضية عرّف عن نفسه باسم موسى، وقال لي: سوف نقصف منزل جارك وطلب مني تبليغه بذلك".

ويضيف "توجهت إلى منزل جيراني، وأبلغت أبو محمود نظمي الدحدوح الذي يبلغ من العمر (70 عاما)"، ثم "تنقلت من بيت إلى بيت وأبلغت جميع سكان الشارع بإخلاء منازلهم... وكان الضابط الإسرائيلي طوال الوقت معي على الهاتف".

وتعرض منزل الدحدوح للضرب بصاروخ من طائرة استطلاع ثم صاروخ من طائرة حربية فدُمّر كليا.

ووصف عباس القصف الإسرائيلي بـ"الأصعب من كل الحروب السابقة" في 2008 و2012 و2014.

وتقول الفنانة التشكيلية إلهام أبو سته (28 عاما) "كل مرة تكسر إسرائيل حلمي، وأعود لأقف وأبدا من جديد. لكن للأسف، كل حرب تكون أصعب من التي قبلها. الاحتلال كل مرة يقصف منزلي ويدمّر إنتاجي".

التعليقات