الأفوكادو: ما بين التأثيرات البيئيّة والمافيات المتحكّمة بالأسواق العالميّة

في ولاية ميتشواكان المكسيكيّة، الّتي تنتج حوالي 80% من الأفوكادو في العالم، استنزفت زراعة الأفوكادو إمدادات المياه المحلّيّة، وتسبّبت في أضرار بيئيّة شديدة، حيث أظهرت الدراسات أنّ زراعة الأفوكادو أدّت إلى إزالة الغابات وتآكل التربة والتسبب التلوّث الكيميائيّ لمصادر المياه

الأفوكادو: ما بين التأثيرات البيئيّة والمافيات المتحكّمة بالأسواق العالميّة

(Getty)

خلال الأعوام الماضية، برزت صناعة الأفوكادو وانتشرت بشكل كبير حول العالم، وذلك بعد أن أصبحت هذه الثمرة، عنصرًا أساسيًّا في العديد من الأنظمة الغذائيّة في جميع أنحاء العالم، وزادت شعبيّتها إلى حدّ بعيد بسبب الفوائد الصحّيّة المتعدّدة. إلّا أنّ الطلب على هذه الفاكهة أدّى إلى آثار بيئيّة ضارّة وظهور مافيا تتحكّم في إنتاج وتوزيع الأفوكادو في بعض البلدان.

وقالت دراسة تشيليّة نُشرت نتائجها مؤخّرًا، أنّ زراعة الأفوكادو تسبّبت بنقص حادّ في المياه، وكذلك الأمر في بيرو، حيث يهيمن كبار المزارعين على سوق الأفوكادو منذ التسعينات، حيث تحتاج زراعته إلى كميّات هائلة من المياه، فإنتاج كيلواغرام واحد من الأفوكادو، يستهلك نحو 1000 لتر من المياه، أي أكثر بكثير من محاصل أخرى كالطماطم أو البرتقال.

وتحدث غالبيّة إنتاج الأفوكادو في المناطق الّتي تندر فيها المياه، فوفقًا لتقرير صادر عن شبكة "ووتر فووتبرنت نيتورك"، وبالمقارنة، فإنّ إنتاج كيلوغرام واحد من الطماطم يتطلّب حوالي 300 لتر من الماء، وأدّى الاستخدام المرتفع للمياه من إنتاج الأفوكادو إلى ندرة المياه ونضوب طبقات المياه الجوفيّة في بعض المناطق.

وفي ولاية ميتشواكان المكسيكيّة، الّتي تنتج حوالي 80% من الأفوكادو في العالم، استنزفت زراعة الأفوكادو إمدادات المياه المحلّيّة، وتسبّبت في أضرار بيئيّة شديدة، حيث أظهرت الدراسات أنّ زراعة الأفوكادو أدّت إلى إزالة الغابات وتآكل التربة والتسبب التلوّث الكيميائيّ لمصادر المياه.

وحسب التقرير، فإنّ نقل الأفوكادو من موقع الإنتاج إلى السوق له أيضًا تأثير كبير على المناخ، إذ يزرع الأفوكادو بشكل رئيسيّ في البلدان النامية، ويتمّ تصديره إلى الدول المتقدّمة مثل الولايات المتّحدة وأوروبا واليابان، ويساهم نقل الأفوكادو لمسافات طويلة في انبعاثات غازات الاحتباس الحراريّ الضارّة بالبيئة، وحسب دراسة أجراها معهد "كاربون تراست"، فإنّ نقل الأفوكادو من أمريكا اللاتينيّة إلى المملكة المتّحدة ينتج ما يقرب من 5.4 كجم من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لكلّ كيلوغرام من الأفوكادو.

وأدّى إنتاج الأفوكادو أيضًا إلى ظهور مافيا تتحكّم في إنتاج وتوزيع الأفوكادو في بعض البلدان، حيث تعمل مافيا الأفوكادو بشكل رئيسيّ في المكسيك، إذ تتحكّم في إنتاج وتصدير الأفوكادو، وتتكوّن هذه المافيا، بحسب تقارير إعلاميّة، من منظّمات إجراميّة تستخدم العنف والترهيب للسيطرة على إنتاج وتوزيع الأفوكادو، وغالبًا ما يبتزّون الأموال من المزارعين، ويجبرونهم على بيع منتجاتهم بسعر أقلّ، كما تستخدم مافيا الأفوكادو العنف للقضاء على المنافسين والسيطرة على سوق التصدير، حيث أظهرت الدراسات أنّ هذه العصابات مسؤولة عن إزالة الغابات والاستيلاء على الأراضي والعنف ضدّ مجتمعات السكّان الأصليّين في المكسيك.

وحسب عشرات الدراسات التي نُشرت نتائجها خلال السنوات الأخيرة، فإنّ لزراعة الأفوكادو أيضًا آثار سلبيّة على المجتمعات المحلّيّة، ففي بعض المناطق، أدّى الطلب على الأفوكادو إلى الاستيلاء على الأراضي، وتهجير المجتمعات المحلّيّة، واستغلال العمالة، كما أدّت زراعة الأفوكادو في ولاية ميتشواكان المكسيكيّة، إلى تهجير مجتمعات السكّان الأصليّين واستغلال العمّال المهاجرين الّذين غالبًا ما يتقاضون أجورًا منخفضة، ويتعرّضون لظروف عمل سيّئة، كما أظهرت بعض الدراسات أنّ التوسّع في زراعة الأفوكادو أدّى إلى إزاحة المحاصيل التقليديّة، ممّا أدّى إلى انعدام الأمن الغذائيّ وفقدان التنوّع البيولوجيّ.

وحسب الدراسة، فإنّه يمكن للحكومات حول العالم اتّخاذ تدابير مختلفة للتخفيف من تأثير هذه الزراعة على المناخ، ويتمثّل أحد الأساليب، في تعزيز ممارسات زراعة الأفوكادو المستدامة الّتي تقلّل من استخدام المياه وتقليل استخدام الموادّ الكيميائيّة، إذ يمكن للمزارعين استخدام طرق الريّ الفعّالة، مثل الريّ بالتنقيط، الّتي تقلّل من استخدام المياه بنسبة تصل إلى 60%، واستخدام الأسمدة الطبيعيّة والمبيدات للحدّ من التلوّث الكيميائيّ وحماية البيئة، وتقديم حوافز ماليّة للمزارعية وسنّ قوانين من شأنها ردع الممارسات غير القانونيّة والإجراميّة في هذه الدول.

التعليقات