وزير القضاء يقصر عقوبة سليمان العبيد والجدل يتواصل حول القضية..

 وزير القضاء يقصر عقوبة سليمان العبيد والجدل يتواصل حول القضية..
قرر وزير القضاء، دانئيل فريدمان، مؤخرا، تقصير مدة عقوبة سليمان العبيد، من النقب، الذي، أدين بقتل الفتاة، حنيت كيكوس قبل 15 عاما، وكان قرار الحكم مثار جدل حيث يعتقد الكثيرون ومنهم عائلة الفتاة أن عبيد لا شأن له بالقضية وأن القتل الحقيقي طليق. وحسب قرار وزير القضاء سيصبح بوسع عبيد ابتداء من السنة المقبلة تقديم طلب للجنة الإفراج والحصول على تخفيض ثلث مدة الحكم.

ويقول محامي عائلة كيكوس إن إدانة العبيد كانت مصحوبة بشكوك من قبل عدد من القضاة فقسم منهم أدانوه وقسم برءوه، ومن ناحية أخرى ثبتت المحكمة العليا قرار الإدانة ومن الصعب عليها اتخاذ قرار بالعفو. العائلة على قناعة أن القاتل الحقيقي طليق والآراء متباينة، وتستقبل هذا التبأ بمشاعر مختلطة.

وكانت وزارة القضاء قد عينت في أغسطس/ آب العام الماضي، قاض متقاعد لدراسة "منح العفو" للسجين سليمان العبيد، من سكان رهط في النقب، الذي أدين بقتل الفتاة اليهودية حانيت كيكوس، قبل نحو 15 عاماً، وذلك في أعقاب الطلب الذي تقدم به محاميه في حزيران/ يونيو من العام الماضي.
وكان العبيد قد أدين عام 1995 دون العثور على جثة القتيلة ودون أن يتمكن من تحديد مكان وجودها، ويقول تحقيق نشرته صحيفة "معاريف" العام الماضي، إن في شهر حزيران/ يونيو 1995 قام كبار المسؤولين في النيابة العامة بعقد جلسة طارئة وسط حالة من الارتباك، بعد العثور بالصدفة على جثة الفتاة حانيت كيكوس، في داخل حوض لتجميع المياه في أحد مواقع البناء في بئر السبع. وذلك بعد أن كان سليمان العبيد، من رهط في النقب، قد أدين باغتصاب وقتل الضحية. إلا أن النيابة كانت قد ادعت في حينه أنه قام بإلقاء الجثة في مكان آخر، في مكان عمله في "مزبلة دودائيم"..

وفي حينه قال المحامي، زئيف لامف، من النيابة العامة، إن هذه التطورات تلزم بالتراجع عن اتهام عبيد وإطلاق سراحه، وانضم إلى موقفه هذا اثنان من النيابة العامة، في حين عارض ثلاثة آخرون إطلاق سراح عبيد، وتم الاتفاق على أن تحسم المحكمة في القضية.

وفي ظل الخلاف في النيابة العامة، قررت المدعية العامة في حينه، دوريت بينيش، أن تحسم في الموضوع، وقررت مواصلة الادعاء بأن العبيد هو مرتكب جريمة القتل بالرغم من الشكوك التي تخيم على القضية. وقررت المحكمة العليا في حينه إعادة محاكمة عبيد بعد أن تمت إدانته من قبل المحكمة المركزية في بئر السبع.

وبالرغم من الحقيقة المذهلة بأنه تم العثور على الجثة في مكان آخر، وبالرغم من أن رئيس المحكمة، غلعاد غلعادي، اعترف بأنه أخطأ في حكمه الأول، وكتب قراراً يبرئ فيه ساحة عبيد، إلا أنه تمت إدانة المتهم، بعد تراجع غلعادي بضغط من القاضي تسفي سيغل، الذي كان يؤيد إدانة عبيد طوال الوقت، بل وقام بإجراء اتصالات مع النيابة في الجنوب، وكان على اتصال مع الشرطة بشأن التحقيق الذي تجدد بعد الكشف عن مكان الجثة. أما القاضي الثالث، نيل هاندل، فقد أيد تبرئة عبيد في المحكمة الثانية.

وكتب عمير رببورط،(معريف) الذي تابع القضية منذ بدايتها حين عمل مراسلاً لصحيفة "يديعوت أحرونوت" في الجنوب، ود.أرئيل ليفنا، في صحيفة "معاريف"، قبل أربعة شهور، أن عبيد يجلس في السجن منذ 14 عاماً، في حين يتجول القاتل طليقاً. وكان الاثنان قد طالبا إعادة التحقيق في القضية منذ بدايتها. وأدلى أكثر من 100 شخص بشهادتهم، وبينهم كثيرون لم تبادر الشرطة إلى التوجه إليهم، وجرى فحص آلاف الوثائق بتعمق، وتبين في النهاية أن الصورة التي عرضت في محاكمة عبيد مخالفة تماماً للواقع.

وتبين أنه لم يتم التحقيق في اتجاهات أخرى بشأن من هو القاتل الحقيقي، وسارعت الشرطة إلى تلفيق الملف لسليمان العبيد. وتبين أنه لم يحدث وأن جرت سلسلة طويلة من الأعمال غير القانونية من قبل الشرطة والنيابة العامة والمحكمة، والتي أدت في نهاية المطاف إلى إدانة بريء.

وبحسب "معاريف" التي كانت قد نشرت تقريرها بهذا الشأن قبل أكثر من سنة، كان هناك أمل بإطلاق سراح العبيد، وأن تبدأ الشرطة بالبحث عن القاتل الحقيقي. وفي حينه قال وزير القضاء، حاييم رامون، أنه فوجئ بالحقائق الجديدة، وأعلن أنه سيقدم طلباً منح العفو بعد موافقة العبيد على تقديمها بعد أن تم التعهد له بأنها لن تكون بديلاً عن إعادة محاكمته. ومن جهته كان قد صرح رئيس إسرائيل في حينه، موشي كتساف، بأنه سيدرس الطلب بأقصى سرعة. كما بدأت الشرطة بدراسة مواد التحقيق مرة أخرى، وبدأ يظهر بوادر تشير إلى نيتها بإعادة فتح التحقيق مجدداً منذ بدايته، قبل 14 عاماً.

ولسوء حظ العبيد، اضطر حاييم رامون إلى تقديم استقالته بعد تقديم لائحة اتهام ضده، بتهمة الاعتداء الجنسي، كما لم يتمكن كتساف من دراسة الطلب في أعقاب الفضائح الجنسية التي تورط بها، وكانت الشرطة منشغلة بلجنة القاضي زيلر، والذي، للمفارقة، أشار إلى علاقات إشكالية بين الشرطة والنيابة العامة في الجنوب في قضية أخرى..
كان سليمان العبيد في سن 44 عاماً عندما وصل للمرة الأولى في حياته إلى مركز شرطة، ويبلغ اليوم 59 عاماً.. وبالنسبة للجهاز القضائي في إسرائيل فمن الأفضل أن "يتعفن في السجن على أن يتم الاعتراف بالجريمة الرهيبة التي ارتكبت بحقه"..

ولا يثير العجب أنه وبالرغم من النتائج الأولية التي توصلت إليها الشرطة في أعقاب التحقيق الذي أجرته صحيفة "معاريف"، يدعي المحامي إلعاد روننطال، الذي يشغل منصب نائب المدعي العام، أن دراسة التحقيق سواء من قبل الشرطة أو النيابة العامة، قد بينت أنه لا يوجد في التقرير الذي نشر بهذا الشأن وفي المواد التي تم تقديمها للشرطة، أية مواد نوعية لم تطرح على المحكمة في السابق، بحيث تشكل أساساً لإعادة التحقيق..

وفي المقابل فإن نتائج التحقيق قد بينت أنه من بين مئات التفاصيل بشأن الطريقة التي تم تلفيق التهمة فيها لسليمان العبيد، تم الكشف عن عدم فحص الشهادة الكاذبة التي أدلى بها أحد الذين كانوا قد اعتقلوا في السابق، والإشارة هنا إلى صديق القتيلة كيكوس، وهو من العالم السفلي وكان قد سبق وأن هددها بالقتل.

كما تبين وجود شهادة مزيفة، كان للشرطة يد فيها، وتثير علامات استغراب بشأن الطريقة التي انتزع المحققون فيها الاعتراف الكاذب من العبيد من خلال ممارسة ضغوط شديدة عليه.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن قاضية المحكمة العليا، داليا دورنر، والتي كان رأيها بأنه يجب تبرئة العبيد، خلافاً لأغلبية القضاة، كانت قد طالبت بإطلاق سراحه بعد الاطلاع على التفاصيل الجديدة، ولا تزال تصر على براءته. وكانت قد صرحت قبل بضعة شهور أن الأدلة التي عرضت لإدانة عبيد غير كافية لإدانته.

وكشفت أنه تمت إدانة العبيد في المحكمة الأولى بموجب اعترافه بأنه أخفى جثة الضحية في "مزبلة دودائيم"، وفي المحكمة الثانية، وعندما لم تعد "دودائيم" ذات صلة، اعتمد القضاة على بئر/ حوض كدليل الإدانة..

التعليقات