اهالي باقة الغربية وجت يستعدون لخوض معركة جديدة على آخر ما تبقى لهم من أرض

بعد معركتهم ضد الشارع رقم 6، يأتيهم الآن شارع رقم 61 "الذي سيحرق الاخضر واليابس"

اهالي باقة الغربية وجت يستعدون لخوض معركة جديدة على آخر ما تبقى لهم من أرض
بمبادرة من جمعية الفيحاء الزراعية المشتركة لباقة الغربية وجت المثلث، يُعقد يوم السبت القادم اجتماع تشاوري للأهالي والفلاحين المتضررين من مخطط شارع رقم 61، والذي من المفروض وفق المخططات أن يربط غرب إسرائيل ومنطقة الساحل بشارع عابر اسرائيل، مخترقا أراضي باقة وجت التي سيصادر منها 560 دونمًا، ثم يتجه شرقًا نحو الأراضي الفلسطينية المحتلة ليرتبط بشارع رقم 55 الاستيطاني ويصل حتى منطقة وادي الأردن وسهل بيسان والحدود الإسرائيلية الأردنية.

ويهدف الاجتماع الى وضع خطة عمل للتصدي لهذا المخطط العنصري الذي سيفصل باقة الغربية عن قرية جت المثلث ويمنع أي تواصل جغرافي بينهما خصوصًا وقد تمّ دمجهما ضمن بلدية واحدة مشتركة. كذلك الأمر يسعى القائمون على جمعية الفيحاء ومجموعة من الفلاحين الى تعميق الوعي لدى المواطنين إزاء الأخطار المستقبلية المترتبة عن الشارع, ووضع آليات النضال وأساليبه لضمان حقوق الفلاحين والمتضررين والسعي لتجنيد الرأي العام العربي والقطري من خلال اشراك البلديات العربية ولجنة المتابعة وأعضاء الكنيست العرب, للتأثير على صانعي القرار في الدولة، خصوصًا وأنّ مخطط شارع 61 يستولي ويلتهم آخر ما تبقى من أراضي باقة وجت.

يذكر بأنّ دائرة الأشغال العامة وبالتنسيق مع المجلس القطري للتخطيط والبناء، قامت في مطلع شهر حزيران من العام الحالي، بإيداع الخرائط المفصلة للشارع في لجنة التنظيم والبناء اللوائية حيفا، ليتسنى للمواطنين تقديم الاعتراضات، وعلى الفور تقدمت بلدية باقة الغربية ومجلس جت باعتراضات الا أنها لم تقبل، وبفضل جهود لجنة التنظيم والبناء المحلية وادي عارة والمهندس شريف هندي، تمّ تمديد الفترة القانونية للاعتراضات حتى نهاية العام الحالي ليتمكن الأهالي والمتضررين من تقديم اعتراضات مهنية.

وقال شريف هندي مهندس لجنة التنظيم والبناء المحلية وادي عارة: "ما زلنا في مرحلة الاعتراضات، وإذا ما قبل جزء منها سيكون هناك تعديلات على مسار الشارع، لكن لا يمكن الغاء مخطط الشارع نهائيًا. ففي البداية كان اقتراح مسار الشارع بمحاذاة قرية جت، و كلجنة محلية طالبنا بنقل الشارع الى محاذاة الوادي الذي يفصل باقة عن جت وان يكون شارعا محليا وليس قطريا، وهذا كان مطلب مجلس جت وبلدية باقة اللذين عارضا المخطط بشدة".

لكن، يؤكد المهندس هندي "اللجنة اللوائية في حيفا هي التي تحمل الصلاحيات، وصادقت على المخطط بعد انه تمّ نقله بمحاذاة الوادي، رغمذلك فان مثل هذا الشارع سيمس بشكل صارخ بالمدينة الموحدة باقة-جت، ويمنع تطورها وتواصلها الجغرافي، لذلك مهم جدًا تقديم الاعتراضات، وأن تكون هناك اقتراحات بديلة وعملية لتقليل الأضرار والتطرق إلى سلبيات وتراكمات الشارع، والمطالبة بتقليص حجم ومساحة الأراضي المصادرة وتحويله لشارع منطقي وتقليص مناطق الارتداد".

ويتضح من الخارطة المفصلة لشارع 61 أن مناطق نفوذ الشارع ستكون على عرض 400 متر وهي تشمل عرض الشارع والذي يصل الى 50 مترا ومناطق الارتداد بعرض 150 متر، ومساحة 200 متر والتي ستكون منطق خضراء معدة للتطوير وبناء المشاريع والبنى التحتية بحيث لا يحق للأهالي استعمال هذه الأراضي ولا بأي حال من الأحوال، كما لا يحق للبلدية المشتركة إقامة أي مشروع في المنطقة لا بمصادقة خاصة من لجان التنظيم والبناء.

شارع 61 عمليًا وليد فكرة مخطط شارع رقم 9 والذي كان من المفروض ان يربط غرب اسرائيل وشارع الشاطئ بالأراضي الفلسطينية المحتلة، وذلك عندما كان مخطط شارع رقم 6 أو ما يسمى عابر إسرائيل قد خطط له ليقع شرقي الخط الأخضر وحدود الرابع من حزيران، لكن بسبب المعارضة التي ابدتها السلطة الفسطينية في حينه، تراجعت اسرائيل عن مخططاتها على الخط الأخضر ونقلت مسار عابر اسرائيل الى اراضي جت وباقة الغربية، وبالتالي تنازلت عن مسار شارع رقم 9 واضفت عليه تعديلات ليست بالجوهرية، بحيث ابقت على شارع رقم 9 كمفارق ترتبط بشارع عابر اسرائيل فيما خططت لشارع رقم 61 ليكون استمراريا باتجاه الأراضي الفلسطينية.

وقال الفلاح ابراهيم مواسي من المبادرين الى إقامة طاقم النضال "خضنا معارك شرسة مع الحكومة بخصوص كل ما يتعلق بشارع عابر اسرائيل واليوم نحن بصدد معركة جديدة على اخر ما تبقى لنا من اراضي، شارع 61 يسلب منا المسكن ويمنع من اهلنا في باقة وجت البناء والاسكان، ويحرمنا لقمة العيش حيث يصادر ويلتهم مئات الدونمات والدفيئات الزراعية والتي تعتبر مصدر رزق لمئات العائلات، كما سيدمر مخطط الشارع المنطقة الصناعية وسيشل حركة الصناعة والتجارة في المنطقة، فهذا الشارع يأكل الأخضر واليابس، لذا لا بد من التصدي له بشجاعة وحكمة، من خلال وحدة الصف الجماهيري والتجند لإنقاذ ما يمكن انقاذه، والحصول على ما يمكن الحصول عليه من حقوق، فلا يمكن للدولة ان تشق الطرقات على حساب أراضي ومستقبل العرب دون أن تفكر بمصيرهم".

ويؤكد مواسي "يصادرون الأرض دون أي اعتبارات لأي معايير، للأسف الشديد مخطط شارع 61 امر واقعي لا يمكن الغاءه، لكن بالإمكان إجراء تعديلات عليه وتحويله لشارع منطقي بدلاً من شارع قطري وبالتالي تقليص حجم مصادرة الأراضي، وتقليص مناطق نفوذ الارتداد، والتخطيط لإقامة مناطق صناعية ومحطات خدمات للأهالي على طول الشارع وتوفير بدائل تعويضات مقبولة على الفلاحين، لكن المُخطط والدولة، رسموا الشارع وحدوده ولم يكترثوا لوجود بشر في المنطقة، حتى جسر أو نفق يربط باقة وجت ببعضهما البعض لا يوجد له ذكر بالمخطط. والأخطر يقول مواسي "التعويضات جراء المخطط تم التطرق اليها بشكلٍ هامشي وتم ايداعها بيد وزير المالية، بحيث ستكون تعويضات مالية، دون تحديد حجم التعويضات وأسعار الأراضي، بل اكتفوا بالتأكيد بأنّ التعويض سيكون 75% فقط من قيمة سعر الأرض، ومبالغ التعويضات ستحول الى لجنة التنظيم والبناء المحلية وادي عارة والتي ستوزعها على المتضررين بعد خصم الضرائب والديون".

تجدر الإشارة انه بعد ان تدخل أوامر المصادرة الى حيز التنفيذ، ستنقل الأراضي المصادرة لملكية الدولة وسيتم المباشرة في شق الشارع فورًا، وتشمل اوامر المصادرة كذلك ، أوامر هدم لمخازن زراعية وسكنية ومواقع صناعية وتجارية، كذلك الأمر ستلغى كافة حقوق البناء والتطوير التي أدرجت في الخراط الهيكلية السابقة.

ان تقصير مسار شارع 9 واستبداله بمسار شارع 61، لا يخفف الكارثة عن أهالي باقة وجت بل يزيد من مأساتهم ويعمق من مصيبتهم ليحولهم الشارع الى لاجئين في بيوتهم بدون مستقبل ويدفعون ثمن المصادرة والمشاريع التجارية التي تعتزم الدولة إنشائها، وبالمقابل هذه المخططات تعني القضاء على زراعة الدفيئات وفرص إقامة مناطق صناعية ومشاريع تطوير مشتركة، وبذلك تطويق وتشديد الخناق على البلدان، ويترتب من شق شارق رقم 9 وشارع رقم 61 والجدار الأمني الفاصل الذي يقتطع أراضٍ أيضًا ن جهة الشرق من أهالي باقة وجت، مدلولات سياسية، فالمخططات ومساراتها توحي بدون أدنى شك، بأنّ الحديث يدور عن شق شارع عابر السامرة، اسوة بشارع رقم "5"، اريئيل وقد بات واضحًا ومن تجارب سابقة، ان هذه المخططات تعزز من إجراءات الضم الفعلي للأراضي العربية وإقامة المستوطنات وبالتالي فرض حقائق سياسية خطيرة، يدفع ثمنها أهالي باقة الغربية وجت المثلث.

التعليقات