تشرين الأول 2008 في عكا: تسلسل الأحداث

"التعايش هو شعار، في خاتمة المطاف عكا هي مدينة مثل رعنانا، كفار سابا وحيفا، ويجب الحفاظ على هويتها اليهودية. لا أعتقد أنّ هناك خلافًا، عكا هي عاصمة الجليل، آلاف السنين من التاريخ اليهودي. نحن هنا للحفاظ على الهوية اليهودية ولتقوية الروح ولاجتياز الامتحان القومي بشرف" رئيس المدرسة الدينية في عكا، الراب يوسي شطيرن

تشرين الأول 2008 في عكا: تسلسل الأحداث
توفيق الجمل، عربي يسكن في عكا، 48 سنة، يصل بسيّارته بيت أقربائه من عائلة شعبان، الذين يسكنون في "شيكون همزراح". أراد توصيل ابنته التي ساعدت الأقارب في إعداد الكعك لعرس مخطّط للأسبوع التالي. قاد الجمل سيّارته ببطء وبهدوء دون راديو أو سمّاعات. ورافقه في السيّارة ابنه، 18 عامًا، وصديق الإبن، 20 عامًا. وقد هاجمهم بالحجارة شبان يهود، بعد أن خرج من سيارته وصعد إلى بيت أقربائه، حيث اتصل من هناك بالشرطة. "حياتي، وحياة ابني وصديقه كانت على بُعد شعرة من الموت" – أفاد الجمل.
كان هناك 15 شخصًا محاصرين في بيت عائلة شعبان، محاصرين ويتعرّضون لهجوم من قبل الحشود اليهودية، في حين تقف الشرطة جانبًا. إنتشرت شائعة في مدينة عكا القديمة بأن أحد المحاصَرين قد قتل وكانت هناك دعوة للناس بالخروج لمساعدة المحاصرين وإنقاذهم. بالمقابل، أجرت الشرطة مفاوضات مع المعتدين اليهود (!) لإنقاذ أبناء العائلة العربية، في محاولة لمنع مواجهة إضافية بين العرب المتجمهرين في المكان وبين سكان الحي اليهود.
بعد عدة ساعات تم إنقاذ أبناء العائلة. مئات الشبان العرب الغاضبين عادوا للمدينة القديمة وفي طريقهم قذف بعضٌ منهم حجارة باتجاه سيارات ومحلات في شارع بن عامي في المدينة.
مع انتهاء يوم الغفران، تجمهرت جموع يهودية في منطقة محطة القطار في شرق المدينة وفي الشيكون الشمالي. قُدّر عددهم بنحو 1500 شخص. ضابط لواء الشمال في الشرطة، بريغادير شمعون كورين، أفاد عن بؤرتي شغب – الأولى بين مفترق شطراوس ومفترق نجمة داود الحمراء في الحي الشرقي في المدينة، حيث تجمع مئات اليهود الذين أرادوا الاعتداء على عرب، والثاني في حي فولفسون، شمالي محطة الباصات في عكا. قذف المعتدون اليهود حجارة، اصطدموا مع الشرطة، وهاجموا المارّة العرب. تم اعتقال 10، وجُرح عدد من المواطنين.
حاصر مئات اليهود بيت عائلة أبو عتبة في شارع أحاد هعام 21 ورجموه بالحجارة، متسبّبين بخرابٍ وسط صرخات "الموت للعرب". وقد جُرح عدد من أبناء العائلة.
في الليلة نفسها عقد مفتّش الشرطة العام، اللواء دودي كوهين، اجتماعًا مع قادة الجمهورين العربي واليهودي في عكا. في نهاية الاجتماع قال المفتش العام أنه "من المهم أن تخرج دعوة من الجميع للهدوء التام. على الجميع مراجعة الذات وتهدئة الخواطر. يجب الوصول إلى وضع يسود فيه الهدوء المدينة، وتعود فيه الحياة إلى مجراها الصحيح". خرجت دعوات للتهدئة، فورًا، من قادة الجمهور العربي، ولكن ليس من قادة الجمهور اليهودي. كذلك، فإن رئيس الحكومة إيهود أولمرت ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني طالبا بتهدئة الوضع، ولكن لم يُسمع حتى اليوم استنكار إسرائيليّ رسميّ لعنف المعتدين اليهود.
جُرح في أعمال الشغب مع انتهاء العيد 8 مواطنين على الأقلّ (كان الجرحى من الطرفين، ولكن وبشكل تكرّر مرارًا، جُرح اليهود من قبل الشرطة، خلال مواجهات معها، أما العرب فقد جرحوا من قبل المعتدين اليهود). وتم وضع 500 شرطي في المدينة. على الرغم من تصريحات الشرطة حول نيّتها منع تواصل أعمال الشغب في أحياء شرق المدينة، لم يتمّ صدّ المعتدين فعلا، حيث واصلوا اعتداءاتهم على العرب الذين يسكنون في المنطقة.
فرقت الشرطة تجمهرًا ليهود قرب مدرسة "اشكول". رجم المعتدون هناك بالحجارة عددًا من سيارات وبيوت العرب. خلال أعمال الشغب تم اعتقال عشرة أشخاص.
فرقت الشرطة تجمهرًا ليهود قرب مدرسة "اشكول". رجم المعتدون هناك بالحجارة عددًا من سيارات وبيوت العرب. خلال أعمال الشغب تم اعتقال عشرة أشخاص.
هاجم الحشد اليهودي بيت عائلة حماد قرب كلية الجليل الغربي، وبيت عائلة برغوثي في شارع هيوتسريم 3، وبيت آخر لعائلة عربية في شارع أحاد عام. تم إحراق بيتين اضافيين لعائلات عربية في الليلية نفسها في شارع الراب لوباز وشارع رمحال.
أعلن رئيس البلدية شمعون لنكري عن إلغاء "مهرجان عكا للمسرح الآخر"، الذي يعقد سنويًا في المدينة، وكان من المفترض أن يفتتح في الخامس عشر من الشهر الجاري. وقال لنكري: "أمام الشعور بالغضب والمهانة لدى السكان، سيكون عقد المهرجان عديم المعنى". وهذا على الرغم من دعوته في الليلة السابقة لجموع شعب إسرائيل إلى القدوم إلى عكا للمهرجان. جاء إلغاء المهرجان بعد دعوة المعتدين اليهود في المدينة لإلغائه كعقوبة اقتصادية ضد عرب المدينة.
أعمال شغب في شوارع يهوديّة في عكا: شارع الكلعي، بن شوشان وأحاد هعام. في هذه الأحياء أغلبية يهودية وتسكن فيها نحو 20 عائلة عربية. تجمهر المعتدون اليهود في الشوارع، صرخوا "الموت للعرب"، وهاجموا بيوت العائلات العربية، في محاولة منهم لتهجير سكانها، وتدمير البيوت وإحراقها. اعتقلت الشرطة ثلاثة شبان يهود. أعمال الشغب تتواصل: تم إحراق أشجار وحاويات نفايات في أرجاء المدينة. جرى نشر رسالة هاتفية قصيرة بين سكان المدينة اليهود تدعو إلى مقاطعة محلات العرب وتجّارهم.
قبيل منتصف الليل تم اعتقال ثلاثة يهود حين حاولوا الاعتداء على بيت عائلة عربية. المواجهات العنيفة تتجدّد في الحيّ الشرقي في المدينة. تم اعتقال 12 متظاهرًا.

بعض ممثلي الجمهور العرب في عكا أصدروا بيانًا استنكروا فيه السائق لقيادته سيّارته في يوم الغفران؛ السائق اعتذر علانية، بما في ذلك في لجنة الداخليّة التابعة للكنيست. ممثلو الجمهور اليهودي في المدينة، رئيس البلدية وراب المدينة رفضوا قبول الاستنكارات. الاعتداءات تواصلت، ورئيس البلدية يطالب باعتقالات إضافيّة.
تم نشر عريضة في الإنترنت وعليها تواقيع لمبدعين ومثقّفين عرب ويهود يطالبون بعقد مهرجان عكّا في موعده.
عند المساء يقوم حشد يهوديّ بإحراق بيت آخر لعائلة عربيّة. الشرطة تصطدم مع المعتدين اليهود.
عدد من النساء والأطفال العرب من العائلات التي تمّ إخراجها من بيوتها في المدينة، يُحاولون العودة إلى بيوتهم لأخذ أغراض وملابس، لكنهم لا ينجحون في ذلك. فتتظاهر العائلات في اليوم نفسه أمام مقر البلدية، حيث يأتي معتدون يهود، أيضًا، ويعتدون عليهم.
رئيس البلدية، لنكري، يغيّر من موقفه، ويُصرّح: "أنا مسرور من أن القيادة العربية تستنكر الحادث الخطير".
في أربعة أيام المواجهات، ألقي القبض على 54 شخصًا، نصفهم من اليهود ونصفهم الآخر من العرب. وبصورة منهجية، عندما أحضِر المُعتقلون إلى المحكمة، غالبية المُعتقلين اليهود أطلق سراحهم، في حين تمّ تمديد اعتقال العرب. وزير الثقافة أعلن مُعارضته لتأجيل مهرجان عكا.
وفي مُقابلة أجراها مع ynet، يقول قائد المنطقة الشمالية في الشرطة، اللواء شمعون كورن، إن العنصر المُسيطر الذي يقوم بأعمال الشغب الآن في عكا هم اليهود: "نحن نعرف بالضبط مَن هم هؤلاء، وإننا سنقبض عليهم". وقد أوضح أنه عندما تهدأ الأوضاع، أيضًا، ستستمرّ الاعتقالات: "في حيازتنا أدلّة وسنقوم بتقديم لوائح اتهام".
وفي ردّ على أحداث العنف يعِد رئيس المدرسة الدينية "رُوَح تسفونيت"، الحاخام يوسي شطرن، بأن يُقام، عاجلاً، حرم لمدرسة دينية للجنود المتدينين في المدينة، ويُعلن: "عكا هي الامتحان الوطنيّ في النضال من أجل طابع أرض إسرائيل".

تعتقل الشرطة ابن توفيق الجمل، المواطن العربي الذي دخل بسيارته في ليل الغفران إلى الحيّ اليهوديّ واتُهم بإشعال الأحداث، وتحقق معه على الرغم من أنه كان مُحاصَرًا وحياته في خطر. خلال اليوم تقوم الشرطة بإطلاق سراح الابن وتعتقل الجمل نفسه، الذي حُقق معه وتمّ تمديد اعتقاله. الشرطة تدعي أنه مُشتبه في قيادته السيارة بسرعة كبيرة جدًّا، وأنه هدّد حياة الناس، و"مسّ المشاعر الدينية" عندما سافر في شارع يهوديّ ليلة يوم الغفران.
يُذكر أن مسّ المشاعر ليس مخالفة قانونية، وكذلك السفر بالسيارة في ليلة يوم الغفران.
اعتداءات اليهود على العرب في مدينة عكا لم تبدأ ليلة يوم الغفران 2008. فمنذ عام 2002، وعشية إقامة المدرسة الدينية للجنود المتدينين وانتقال المُستوطنين إلى المدينة، بدأت موجة الاعتداءات، الإرهاب والتخويف.
وفي ما يلي تفاصيل عن بعض من الأحداث التي تمّ توثيقها، من ضمن أحداث كثيرة:
2002:
إحراق سيارة المحامية مديحة رمّال التي تسكن في شارع الكلعي، في أعقاب عملية تفجيرية في نتانيا.

2005:
إحراق 3 بيوت لعائلات عربية في شارع الكلعي 12: عائلة رمّال، شعبان وخلايلة.

أواخر 2007:
الاعتداء على صبحي مرسي، عربيّ يسكن في الحيّ نفسه، وإحراق سيارته.

8 نيسان 2008:
متطرّفون يهود يحرقون بيت عائلة رمّال، مرّة أخرى. زجاجات حارقة تُقذف إلى داخل البيت عند الساعات المتأخرة من الليل، حيث كان أفراد العائلة نائمين. وبأعجوبة لم يُسفر ذلك عن مُصابين.

23 نيسان 2008:
انتهاك حرمة مسجد المنشية من قبل أربعة شبّان يهود يسكنون في الحيّ. وقد اعترفوا في أثناء التحقيق معهم، أيضًا، بمُحاولة حرق بيت عائلة عربية قبل ذلك ببضعة أشهر.

بدءًا من عام 2002 وحتى اليوم، تُشاهد دعوات "الموت للعرب" مرشوشة على الحيطان في الحيّ، وفي داخل المصاعد الكهرَبائيّة بشكل دائم.
.وليد وتمام علي يسكنان في شارع لوبز 6 منذ عام 1976 مع ثلاثة أبنائهم. يوم الخميس الأخير، 9 تشرين الأول، في حوالي الساعة 19:30، لاحظ أبناء العائلة حشدًا كبيرًا - نحو ثلاثمئة شخص - يقترب نحو البيت. وخلال ثوانٍ بدأ الحشد بإلقاء الحجارة وإطلاق صرخات "الموت للعرب"، "أخرجوا من هنا، هذه دولتنا"، وما إلى ذلك. وابل من الحجارة الكبيرة (بلاط أرصفة) كسّر الأبواب والشبابيك في البيت، بما فيها باب زجاجيّ كبير على طول صالون البيت. استمرّ الحادث نحو ثلاثين دقيقة. كلّ ما في البيت تكسّر، وحاول المُعتدون الاقتراب. أم العائلة، السيدة تمام علي، أغمي عليها نتيجة هبوط ضغط دمها.
اتصلت العائلة مرّة تلو الأخرى بالشرطة، وكان الجواب الذي تلقته أن الحادث معروف، وأن هناك فوضى في كلّ عكا، وأنهم يُعالجون الأمر. الشرطة لم تصِل، وقد اتصل أفراد العائلة، أيضًا، بأقاربهم، ليأتوا لإنقاذهم.
أخو وليد علي، مع ابنه البكر، وصلا بسيارتهما، إلاّ أنه تمّ إغلاق الدخول إلى الشارع من قبل الشرطة ولم يسمحوا لهما بالدخول. ظلاّ ساعة ونصف الساعة تقريبًا يرجوان الشرطة، حتى وافق شرطيان عربيان كانا يقفان هناك على إدخالهما، وقد رافقاهما حتى البيت. فقاموا معًا بإنقاذ أفراد العائلة من بيتهم. كانت أم العائلة في حالة جسدية صعبة، وكانت العائلة كلها مُصابة بالذهول.
في أثناء عملية الإنقاذ، واصل المُعتدون إلقاء الحجارة والشتائم، كما أطلقوا الهتافات مُعربين عن سرورهم "لنجاحهم" في طرد أفراد العائلة من بيتهم.
وبعد أن خرج أفراد العائلة من بيتهم، قام المُعتدون بجرّ سيارة السيد علي إلى وسط الشارع، قلبوها، وواصلوا رجم البيت والسيارة بالحجارة. وفي وقت متأخر أكثر من ذلك المساء، اتصل أحد الجيران اليهود وحكى أن المُعتدين أضرموا النار في السيارة. وقد قامت الشرطة لاحقًا بوضع 6 من أفراد الشرطة على مدخل البيت.
وفي صبيحة يوم الغد، الجمُعة، وصل إلى البيت الابن البكر مع صديقه لأخذ ملابس، نقود، وعدد من الأغراض الأخرى. وفي اللحظة التي وصلا فيها إلى هناك، وصل إلى المكان عشرات المُعتدين اليهود وبدأوا بتهديدهما بأنهم سيعتدون عليهما إن لم يتركا المكان. وقد نادوهما "عرب قذرون" وشتموهما.
خاف الشابان، لم يأخذا شيئًا، وتركا المكان. وهما في طريقهما إلى الخارج، قال أحد الجيران، وهو مدير قسم في بلدية عكا، للمُعتدين: "أخرجوهما، لا تدعوهما يبقيان، لا نريد عربًا في الحيّ، ولا في الدولة، أيضًا، هذه دولتنا". أفراد الشرطة الذين كانوا هناك لم يتدخلوا.
وفي ذلك المساء أحرق المُعتدون، أيضًا، سيارة الابن البكر، على مرأى من أفراد الشرطة.
وفي يوم الغد، عند خروج السبت، أشعل المُعتدون النار في البيت، أمام أعين أفراد الشرطة. تصاعدت ألسنة النيران من البيت، ورغم أن الجيران اليهود اتصلوا بالإطفائية، ورغم قرب المحطة، استغرق وصول الإطفائية إلى المكان ربع ساعة.
في مساء الأحد، حاول الأبناء أن يأخدوا من البيت كتبًا وملابسَ يحتاجها الابن الأصغر للمدرسة.
عندما وصلوا إلى البيت، وجدوه محروقًا ومن دون كهرباء، ولم يستطيعوا الاطلاع على ما خلّفه الحريق من أضرار.
حكى لهم الجيران أنه تمّ نهب البيت قبل الحريق، وأنه تمّت سرقة أمتعة كثيرة.
.هناء وجلال سعدي يسكنان في شارع يوسف جديش في الحي الشرقي لعكا. للزوجين ثلاث بنات منهما، أعمارهنّ: 7، 6 و3.5، ولهناء ابنان بالغان من زواج سابق: تامر زيدان (24) وعُمري زيدان (20). يوم 9 أكتوبر، كان الزوجان، الابنان والبنات الثلاث، يمكثون في شقتهم، حيث تجمّع حشد هائج من اليهود خارج بيتهم.
قام الحشد باقتحام بوابة البيت، أتلفوا الحديقة وحطّموا أباجور الصالون وشباك الشرفة الزجاجيّ. توجّهات العائلة إلى الشرطة عبر الهاتف لم تجد لها جوابًا، ولم تحضر الشرطة للمُساعدة أو الإنقاذ. وبعد ذهاب الحشد، هربت هناء إلى الشرطة راجلة، وطلبت المُساعدة، في البداية من شرطيّ كان في الطريق، فأجابها: "لتتعلموا درسًا"، ثمّ لدى وصولها إلى محطة الشرطة، حيث طلبوا منها العودة إلى بيتها من دون مرافقة شرَطية، ووعدوها بأنهم سيُرسلون دورية استطلاع خاصّة، سريعًا.
رجعت هناء إلى بيتها راجلة، رغم المخاطر المُتربصة في الطريق. انتظرت ساعات طويلة حتى قدوم دورية الاستطلاع الشرَطية.
وفي يوم الغد، تجمهر الحشد اليهوديّ مرّة أخرى إلى جانب البيت. وقريبًا من الساعة 21:00 بدأوا برمي البيت بالحجارة، مع إطلاق المسبات، الشتائم والأقوال العنصرية، وقد ألحقوا بالبيت أضرارًا جسيمة، وزرعوا الخوف والرعب في قلوب أفراد البيت (ومعهم ثلاث بنات صغيرات!). وبعد عشرين دقيقة تقريبًا وصلت دوية استطلاع خاصّة وطلبت من أفراد العائلة إخلاء البيت من أجل إنقاذهم. تمّ إنقاذ أفراد العائلة بسيارة شرَطية، حيث قام الحشد المُستعر بقذف السيارة بالحجارة.
وصلت السيارة إلى محطة الشرطة، حيث أبلِغ أفراد العائلة البالغون بأنهم مُحتجزون، وقد تمّ نقل البنات الصغار إلى أقارب العائلة. في يوم الغد، 11 أكتوبر، عند الساعة 14:00 قامت الشرطة بإطلاق سراح هناء، إلاّ أنها واصلت احتجاز جلال، تامر وعُمري.
ثلاثتهم، بالإضافة إلى 5 مُحتجزين آخرين، تمّ إحضارهم لتمديد اعتقالهم، حيث أصدرت محكمة الصلح في الكريوت حكمها بإطلاق سراح كلّ المُحتجزين اليهود من جهة، وبتمديد اعتقال الثلاثة، من جهة أخرى.
عندما كان أفراد العائلة مُحاصَرين في البيت، وما من جواب من الشرطة، قاموا بإلقاء الحجارة ردًّا على المُعتدين، في مُحاولة منهم لإبعادهم. وبهذه الحجة، اعتقلت الشرطة أفراد العائلة البالغين. وقد تكرّر ذلك، أيضًا، في أحداث هجوم أخرى؛ حيث اعتقلت الشرطة ضحايا الاعتداء مع المُعتدين، وفي المحكمة شاهد الضحايا كيف أن المُعتدين يُطلق سراحهم، في حين يتمّ تمديد اعتقالهم هم.
.يوم الأربعاء الفائت تمّ إخراج عائلة رمّال من بيتها في شارع الكلعي في عكا، تحت حماية الشرطة، وذلك في أعقاب القلق على حياتهم. ولا يزال أفراد العائلة، حتى اليوم، يتنقلون من بيت إلى بيت ولا يستطيعون العودة إلى بيتهم. في مُقابلات للصحافة العربية، هاجمت أمّ العائلة، رونزا رمّال، الشرطة على تقاعسها في مواجهة المُتطرّفين اليهود الذين يفرضون حالة من التخويف والعدوانية، ويقومون بالاعتداء على العائلات العربية في الحيّ. وقد ذكرت أنها وأولادها يعيشون في ظروف صعبة جدًّا، مُتنقلين من بيت إلى بيت، من دون حاجاتهم الأساسية التي تحتاجها كلّ عائلة.
البنت، ولاء، ناشدت جميع المؤسسات والمسؤولين التدخل سريعًا لحلّ ضائقة العائلة وإعادتها إلى بيتها. تسكن العائلة في هذه الأيام في شقة مكوّنة من غرفتين في فولفسون، حيث يسكن فيها 10 أنفس.
يوم الأحد (12 أكتوبر) توجّهت ولاء إلى الشرطة لمُساعدتها على العودة إلى بيتها للتزوّد بالملابس والأغراض الأخرى التي تحتاجها العائلة. إلاّ أن الشرطة رفضت مرافقتها بحجة: "لسنا سائقي سيارة أجرة لكم". لكن بعد إصرار العائلة، وافقت الشرطة على تلبية الطلب فقامت دوريتان بمرافقة سيارة الأجرة التي سافر بها أفراد العائلة. وعند مدخل شارع القلعي لاقوا مظاهرة عنيفة قام بها يهود صرخوا "الموت للعرب". الشرطة انسحبت على الفور، وطلبت من العائلة أن تعود أدراجها.
رونزا رمّال تقول إن للاعتداءات هدفًا واحدًا: "طردنا من حيّنا، ودفع العرب إلى ترك عكا". وأوضحت: "لكننا سنبقى في عكا التي فيها وُلدنا، رغم أعمال العنف ضدّنا".
تمّ إخراج عائلة خلايلة من بيتها في شارع القلعي من قبل الشرطة، في 10 أكتوبر، بعد أن هاجم بيتهم مُعتدون يهود. أم العائلة وأربعة أبنائها يتنقلون في المدينة من دون سقف يؤويهم. في 12 أكتوبر توجّهت إلى بلدية عكا بطلب إيجاد حلّ لضائقتها.
قالت خلايلة خلال مُقابلة صحافية: "وضعنا خطير جدًّا. الأولاد لا يذهبون إلى المدرسة، لا يوجد ملابس، لا يذهبون إلى العمل. توجّهنا إلى البلدية للحصول على مُساعدة، حيث إن ذلك من واجبها، بطلب توفير مكان مؤقت. وقد طلبنا، أيضًا، أن يُرافقونا إلى حيّنا لجلب احتياجاتنا وملابسنا."
في 12 أكتوبر، حاولت العائلة العودة إلى بيتها لجلب أشيائها، إلاّ أنها هوجِمت وطُردت بيَد المُعتدين اليهود.
.بيت عائلة شعبان في شارع القلعي 3 سطا عليه المُتطرفون اليهود، عاثوا فيه فسادًا وأحرقوه بالكامل. الشرطة لم تحمِ البيت في ساعتها، واكتفت بإخراج أفراد العائلة منه.في 11 أكتوبر هاجم المُعتدون اليهود بيت صبحي مرسي في حي المنشية شرق المدينة. فكانت شهادة مرسي في مُقابلة صحافية: "لقد حطّموا وأتلفوا كلّ شيء؛ إنما يدلّ ذلك، فقط، على الكراهية الكامنة في صدورهم منذ سنوات طويلة". وبعد الهجوم تمّ إحراق بيت مرسي بالكامل.بيت عائلة برغوثي في شرق المدينة في شارع هيوتسريم، تمّت مُهاجمته أكثر من مرّة واحدة، خلال أعمال الشغب، تضرّر وتمّ إضرام النار فيه. من الجدير قراءة الدعوات العنصرية لمقاطعة المحلات العربية في عكا أسوة مع الدعوات للاستيطان في اللد (منذ 2002)، والتي تحول قسم منها حاليًا إلى واقع، من خلال رؤية العلاقة بينها وبين نشاط المستوطنين في يافا. تسللت في السنوات الأخيرة "بذور الاستيطان" التابعة لليمين القومي إلى اللد، الرملة، عكا ويافا وإلى مناطق تنطوي على "خطر ديمغرافي"، وبتشجيع من السلطات المحلية، إذ تتعهد بالقيام بـ "نشاط اجتماعي".
في عكا اليوم قرابة 200 طالب "يشيفا" (مدرسة دينية) بالإضافة إلى قرابة 1000 مستوطن.
."نواة أومتس" (جرأة بالعربية) – نواة توراتية اجتماعية – أسستها مجموعة مستوطنين خريجي "يشيفات هيسدير" من الخليل، كدوميم وجنوب الخليل. أحد مؤسسيها هو يشاي روبين، الذي ولد ونشأ في المستوطنة الـ "ايديولوجية" ألون موريه المحاذية لنابلس. كان روبين وصديقه دافيد كوهين في الطريق الى اقامة مستوطنة جديدة على إحدى التلال في منطقة الخليل، ولكنهما وصلا في خاتمة المطاف الى عكا.
في العام 1997، استوطنت في عكا مجموعة مؤلفة من عائلات شابة بغية تقوية "تهويد المدينة". بين مشاريعها المركزية: مشروع "دمج – طلاب متطوعون في المجتمع" – مشروع خاص لتشجيع الاستيطان في المدينة.
هناك المزيد والمزيد من المستوطنين الشباب الذين ينتقلون للاستيطان في مدن مختلطة كجزء من نواة دينية-قومية تتمحور في "النشاط الاجتماعي". قسم منهم ينظر الى هذا كأمثولة بحد ذاتها؛ بينما يرى فيه آخرون وسيلة لتعزيز الاستيطان بين الجمهور اليهودي في اسرائيل. يقود هذه النواة الراب نحشون كوهين، خريج الـ "يشيفا" في مستوطنة بيت رومانو في الخليل. في مقابلة لموقع "هآرتس" يقول: "ليس هناك أدنى شك في أن أهمية الاستيطان في يهودا والسامرة مماثلة لتلك التي في مسجاف عام أو كريات شمونيه".
في يافا ينشط "هئيحود هليئومي"؛ وقد خُصص اجتماع خاص في نيسان 2008 لـ "الاستيطان" في الرملة بمبادرة عناصر اليمين القومي: النواة التوراتية "عميحاي" وحركة "كومميوت"، التي تأسست بعد "فك الارتباط" (مع قطاع غزة). وبالضبط كما هو الحال في المناطق المحتلة، يمكن الاصطدام هنا بخطاب يتواجه مع مؤسسات الدولة وسلطة القانون – والى جانب هذا، دعم مؤسسي وسوبسيديا حكومية.
في قسم من الأمكنة يدور الحديث حول بعثات اجتماعية لشبيبة المستوطنين، القادمين لجعل المجتمع الاسرائيلي أكثر يهودية، وتقوية العداء للعرب. ويندمج هؤلاء أحيانًا في "عمليات" تضمن تمكين عائلات دينية-قومية من تحسين جودة حياتها في مستوطنات داخل اسرائيل، في مدن مختلطة، وبدعم اقتصادي من الدولة.
"عكا هي امتحان قومي، عكا الحالية هي أرض اسرائيل بعد 10 سنوات. ما يحدث اليوم في عكا هو ما سيحدث في أرض اسرائيل. نحن نشكل الجبهة التي تمنح المدينة الشرف، ويجب تقويتها بكل الطرق واجتياز الامتحان القومي بشرف".
"التعايش هو شعار، في خاتمة المطاف عكا هي مدينة مثل رعنانا، كفار سابا وحيفا، التي يجب الحفاظ على هويتها اليهودية. لا أعتقد أن هناك خلافًا، عكا هي عاصمة الجليل، آلاف السنين من التاريخ اليهودي. نحن هنا للحفاظ على الهوية اليهودية ولتقوية الروح ولاجتياز الامتحان القومي بشرف".
"كان هنا العديد من البيوت المعروضة للبيع، وما يحدث هو إما أن يشتريها العرب أو شبان الـ "يشيفا" الذين جلبناهم، ودخلت بعون الله الى هنا في الفترة الأخيرة 30 عائلة جديدة من النواة التوراتية. نحن اليوم نبني هنا "كرياه" لـ "يشيفا" كبيرة وحي لجنود دائميين". (موقع القناة السابعة)

أقيمت الـ "يشيفا" على أرض كنيس قديم في حي كريات فولفسون. وذلك بهدف معلن لوقف انتقال العرب الى الحيّ، والمساهمة في تهويد المدينة. وهكذا فإن بيوت الـ "يشيفا"، التي يسكنها الطلاب، تقع في بنايات وعمارات يتألف جميع ساكنيها، أو غالبيتهم الساحقة، من العرب.
تم تعميم رسالة نصية هاتفية بين سكان المدينة اليهود وهي تدعو الى مقاطعة اصحاب المهن، التجار وأصحاب المحلات العرب في المدينة.
تم فتح موقع انترنت خصيصًا لدفع مسألة المقاطعة الاقتصادية: www.akko.txt.co.il
في مظاهرات أقيمت في المدينة جرى توزيع مناشير، كُتب فيها: "اليهودي لا يشتري من العربي". وقد صادقت شخصية توراتية كبيرة في المدينة على اجراء المقاطعة. تم تنظيم مقاطعات من هذا النوع بشكل عفوي في اعقاب اكتوبر 2000، أيضًا، وعلى مدار فترة طويلة تقارب السنة قلّل اليهود من الشراء في عكا القديمة، بل حتى دخولها. وكانت محاولة أخرى شبيهة أيضًا في أعقاب الأحداث العنيفة في ختام عيد "سمحات توراه" قبل سنتين، لكن المقاطعة لم تنجح حينذاك.
منذ الآن، تعرضت المحلات العربية في عكا إلى ضربة قاسية. فقد ألغت البلدية مهرجان عكا للمسرح الآخر – وهو مصدر دخل غير قليل لأصحاب المحلات في المدينة القديمة.
أ. التضييق على حياة السكان العرب، التمييز ضدهم في الخدمات ودفعهم نحو الهامش بغية اجبارهم على مغادرة الأحياء المختلفة.
ب. محو كل دلائل الهوية العربية للمدينة، بما يشمل هدم مبان تاريخية، استكتاب التاريخ، ومحو جميع أسماء الشوارع والمواقع العربية.
ج. شراء مبان وعقارات عبر شركات حكومية، في اطار قوانين تمت ملاءمتها لمخططات التهويد، والتي تصعّب انتقال العقارات بالوراثة، وتسهّل السيطرة على أملاك الوقف. ويجري هذا كله مرفوقًا بتمويل غير محدود من أصحاب رساميل يهود من خارج البلاد.
د. تحويل قسم من الأحياء القديمة الى أحياء فنانين، صالات عرض ومشاريع سياحية – بدون مشاركة العرب بالطبع.
.

التعليقات