"دائرة الشباب والمجتمع" تمنع مجالس الطلاب من التعاون مع جمعيّة الثّقافة العربيّة

استهجنت جمعيّة الثّقافة العربيّة، في رسالة أرسلتها الأسبوع الجاري إلى دائرة الشباب والمجتمع في الوسط العربي (التابعة لوزارة المعارف)، منع قيادات مجالس الطلاب الثانويين من التعاون مع الجمعيّة، وتهديدهم بفصلهم عن المجلس اللوائي العربي بسبب علاقتهم معها

استهجنت جمعيّة الثّقافة العربيّة، في رسالة أرسلتها الأسبوع الجاري إلى دائرة الشباب والمجتمع في الوسط العربي (التابعة لوزارة المعارف)، منع قيادات مجالس الطلاب الثانويين من التعاون مع الجمعيّة، وتهديدهم بفصلهم عن المجلس اللوائي العربي بسبب علاقتهم معها، وبسبب مواقفهم الوطنيّة الرافضة للخدمة المدنيّة، كما رفضت الجمعيّة تحريض موظفي الدائرة عليها، وأكّدت أنّه حان الوقت لإنهاء وصاية الدائرة وتحكّمها بمجالس الطلاب الثانويّين وقمعها الفكريّ لممثلي الطلاب، وأن تأخذ هذه الأطر الديمقراطية المنتخبة استقلاليّتها ودورها القياديّ وتنسجم مع مؤسسات مجتمعها. وأشارت الجمعيّة إلى أنّها تدرس إمكانية اتخاذ إجراءات قانونية ضدّ موظف في الدائرة لتحريضه ضد الجمعية وتمييزه بين الطلاب على أساس موقفهم السياسي.

وأكّدت الجمعيّة في رسالتها أنّها "عملت مع قيادات مجالس طلاب المدارس الثانويّة خلال السنوات الماضية، وهي ماضية في هذا المسار لأنها تعي أهمية هذه الأطر الشبابيّة الديمقراطيّة المنتخبة في النشر الثقافيّ"، وأنّها "اجتمعت مع القيادات الطلابيّة (التي انتخبت مؤخرًا) لتحثّها على التطوع والعطاء، ولتتعاون معها في مشروع تشجيع القراءة ونشر الثقافة بين جمهور الطلاب الثانويّين"، كما أكّدت أنّه "يحق للطلاب أن يجدوا شركاء يتعاونون معهم في القضايا الثقافيّة والقضايا الأخرى بما يتلاءم وهويّتهم التي يعتزّون بها، وأولويّاتهم التي يقررونها"، وأضافت الرسالة أنّ "كلّ مقارنة مع مساحة التشبيك المتاحة للواء العبريّ لمجالس الطلاب مع الجمعيات الأهلية المختلفة توضح الفجوة الهائلة بين اللوائين".

هذا، وتعتمد الجمعية في توجّهها القانوني على قانون "حقوق الطالب" (2001)، الذي يتعتبر المجالس الطلابيّة فرصة لمحاكاة مفهوم المواطنة الفاعلة ضمن الحفاظ على حقوق الانسان والمواطن، حيث يجب ان تنتخب المجالس عبر انتخابات ديمقراطيّة وتمثّل كافّة الطلاب، وأن دور الموجّه والمرافق (دائرة الشباب والمجتمع) يكون في العمل على تطوير المهارات القيادية للطلاب، والمساعدة في بلورة دور قياديّ لمجالس الطلبة، وعلى إقامة علاقات مع أطر مجتمعيّة.

 كما تعتمد الجمعية في رفضها للقمع الفكري الممارس على البند الخامس الذي  يصنّف التمييز ضد طالب على أساس تتعلق بالمنهج السياسي للولد أو لأهله في موضوع "حقوق وواجبات الطلاب بما في ذلك قواعد السلوك وتطبيقها فإنه يخالف القانون ويرتكب مخالفة عقوبتها سنة واحدة وفقا للبند 61 (1)(3) من قانون العقوبات -1977.

 

أحمد عودة: سياسة الدائرة انتقلت من المماطلة إلى المواجهة

إن سياسة السيطرة والقمع الفكري التي تتبعها "دائرة الشباب والمجتمع" ليست بالجديدة، وقد انتهجتها خلال السنين الماضية التي تجدّد خلالها تنشيط مجلس لوائيّ لمجالس الطلاب الثانويين العرب، والذي يشارك فيه جزء من ممثلي الطلاب المنتخبين، لكنها انتقلت مؤخرًا من سياسة المماطلة والتأجيل والالتفاف حول مبادرات الطلاب إلى سياسة المواجهة المباشرة والواضحة، حيث قامت الدائرة بفصل عدد من الرؤساء المنتخبين للمجلس اللوائيّ بسبب مواقفهم السياسية الرافضة لفرض ممارسات سياسية مؤسرلة مثل الوقوف على نشيد "هتكفا".

أحمد عودة، الرئيس السابق للمجلس اللوائيّ للطلاب الثانويّين (2006-2007)، يشير إلى "تصعيد سياسة السيطرة على المجلس كانت موازية لزيادة المشاركة القيادية لطلاب وطنيّين فيه، فمنذ العام 2003 انتقلت قيادة المجلس لطلاب مسيّسين تبنَّوا خطّا وخطابًا قوميّا ووطنيّا، وزاد عدد المدارس المشاركة فيه، وبدأ العمل على تعديل الدستور، واتخذت العديد من الخطوات "الإبداعيّة" لتجاوز القيود التي يفرضها ارتباط المجلس بدائرة الشباب والمجتمع التابعة لوزارة المعارف، مثل إقامة "المجلس القطريّ للطلاب العرب" في العام 2006 كتسمية أخرى للمجلس اللوائيّ، حيث لم يكن لهذا المجلس هيئاته، بل كان ناشطوه أنفسهم أعضاء المجلس اللوائيّ، لكنّنا نفّذنا خلاله كلّ البرامج والفعاليات والأنشطة التي كان للدائرة إشكاليّة سياسيّة معها مثل برامج حول النكبة ويوم الأرض والحملة ضد الخدمة المدنيّة".

ويضيف عودة: "خلال فترتي واجهنا مماطلة من قبل الدائرة بهدف تمرير الفترة دون إنجازات والاكتفاء بالمخيم السنويّ وفعالياته، لكن اليوم يصرّح المسؤولون في الدائرة علنا أنه لا مكان للوطنيّين، ويمنعون ترشيحهم ويفصلونهم، وهذه ممارسات مناقضة للديمقراطية وللقانون، هناك تجاوزات كبيرة، إنهم يهدمون القيادات رغم أن  هدفهم الأول المعلن هو بناء قيادات، ويضعون جلّ تركيزهم على تعزيز الأسرلة، ويجبرون الطلاب على المشاركة في ذكرى رابين وبرامج صهيونية أخرى".

وحول العلاقة بين مجالس الطلاب والجمعيات، يقول أحمد: " مجالس الطلاب اليهود تتعاون مع عدد هائل من الجمعيّات الصهيونيّة، وقد فرضوا على طلابنا المشاركة في منتدى "يوريم" الذي تشارك فيه جمعيات تشجّع الخدمة المدنيّة، وجمعيات دعم الجنود و"الوكالة اليهوديّة" وغيرها الكثير الكثير"، أما بالنسبة للجمعيات العربيّة     " لقد دفعت في حينه للتعاون مع جمعيّاتنا العربيّة، وكانت لنا تجربة ناجحة جدّا، وأقمنا الكثير من الفعاليات مع جمعية الثقافة العربية واستفدنا منها كثيرًا، وتعاونّا مع جمعيّات أخرى أيضًا لتنفيذ برامج ثقافيّة وفنيّة وترفيهيّة، هذا التعاون هامّ جدّا لأنها الملجأ الوحيد لنا".

ويقترح عودة أن "يبقى الطلاب في المجلس اللوائيّ، رغم صعوبة الوضع خصوصًا أنّ شبابنا بمواجهة مباشرة مع السلطة، لكن بالمقابل يجب العمل على مجلس طلابيّ عربيّ مستقلّ ويدعم من لجنة المتابعة والجمعيّات الأهليّة الشبابيّة والثقافيّة والاجتماعيّة".

معاذ بيادسة: علاقة سلطويّة وإكراه فكريّ، يجب أن تكون المجالس الطلابيّة العربيّة مستقلة

معاذ بيادسة، رئيس المجلس اللوائيّ للطلاب الثانويّين العرب خلال السنة الدراسية 2008-2009، كان قد فُصِل من منصبه لأنه رفض الوقوف على نشيد "هتكفا"، يصف معاذ العلاقة بين "دائرة الشباب والمجتمع" و"المجلس اللوائيّ": "علاقة سلطوية، كل ما تسعى إليه الدائرة هو إرضاء وزارة المعارف وإظهار الطلاب العرب موالين لها ولرموز الدولة، لا يتعاملون معنا كمنتخبين، بل كمجرّد أفراد يمكن التحكّم بهم، بالمقابل يمكن لمجالس الطلاب في المدارس اليهوديّة إعلان إضراب. دورنا محدود، وعدد المدارس العربية الممثلة في المجلس اللوائيّ محدود، هم يختارون أية مدارس تكون، ولا يتوجّهون لمدارس جديدة، هناك بلدات كاملة مستثناة".

وأشار بيادسة إلى أن هناك "سياسة لصياغة هويّة مؤسرلة، وتجزئة للطلاب العرب، فأقاموا لواء "درزيّا" ولواء "بدويّا"، حاولوا إقناعنا بأنه يجب أن نظهر الولاء للدولة وأن نقف على نشيد "هتكفا" كي نحصل على الميزانيّات، وأنهم لا يريدون تسييسًا للمجلس! وأن هدفهم هو بناء قيادة، أية قيادة؟ يريدون قيادة تقبل ما يفرض عليها وما تريده الوزارة، أحبطوا مساعينا لصياغة دستور جديد مختلف عن الدستور العامّ المتبع، فصلوا من عارضهم وأبقوا من لم يفهم مآربهم".

ومثل عودة يؤمن بيادسة أنّ "الحلّ هو إقامة مجلس طلاب عربيّ مستقلّ عن وزارة المعارف، تتبنّاه لجنة المتابعة، لكن هناك أسئلة عمليّة يجب أن تطرح حول أفضل وأنجع السبل لإقامة هذا المجلس". 

التعليقات