وسائل إعلام عربية تخرق الإجماع وتروج للخدمة المدنية

ظاهرة مقلقة: تقوم اذاعة الشمس وموقع بانيت في الأيام الأخيرة ببث اعلانات ترويجية للخدمة المدنية، وردود فعل ساخطة تعتبر النشر خرقاً للاجماع الوطني

وسائل إعلام عربية تخرق الإجماع وتروج للخدمة المدنية

من حملة "لن أخدم جيشكم" المناهضة للخدمة المدنية والعسكرية

في ظاهرة متكررة لدى بعض وسائل الإعلام العربية في الداخل التي لا زالت تقوم بترويج للخدمة المدنية الإسرائيلية التي تستهدف تشويه  وعي وهوية الشباب العربي، وذلك في اطار تكريس الاقصاء و حالة التشوه التي اتخذتها مؤسسات الدولة العبرية منهجا واعتمدت الابتزاز وسيلة لتنفيذ مآربها. فإن استمرار هذا الترويج  بأدوات عربية أثار استياء أوساط واسعة من المجتمع العربي. وقد وجه مئات الناشطين انتقادات لاذعة عبر شبكات التواصل الاجتماعي لموقع بانيت ولإذاعة الشمس بسبب قبولهما نشر إعلانات ترويجية للخدمة المدنية، فيما تتدعي هذه المؤسسات الإعلامية إنها مرغمة على نشر هذه الإعلانات بفعل ضغوطات مكتب الدعاية الحكومي، الذي يعتبر معلناً هاماً ومصدر دخل رئيسي للعديد من وسائل الإعلام العربية والعبرية.

ناشف: عمل مخزي لامبرر له…

قال مدير جمعية الشباب العرب - بلدنا، نديم ناشف، التي تدير مشاريع مناهضة للخدمة المدنية، في أعقاب موافقة وسائل اعلام عربية على نشر اعلانات ترويجية للخدمة المدنية: نحن نتفهم أن الحديث عن إعلام تجاري ويحتاج إلى تمويل ويسعى وراء الربح، لكن حتى في هذا المفهوم يجب أن يكون هناك معايير وضوابط وأخلاقيات للعمل، والمتوقع من هذه المؤسسات الاعلامية وبمواضيع أساسية من هذا القبيل أن ترفض هذا الترويج بشكل واضح وقاطع".

وأضاف ناشف: هذه ليست أول مرة يتم فيها الترويج للخدمة المدنية وخرق الإجماع الوطني، بل تكرر الأمر في السابق دون أن تلقى وقفة جدية وهذه مسؤولية المؤسسات الوطنية ولجنة المتابعة ومركز اعلام ونقابة الصحافيين العرب بوضع الضوابط والمعايير لذلك.

وتابع ناشف: للذين يقولون إن الامتناع عن الترويج يؤدي إلى قطع التمويل نقول ليس كل تمويل هو تمويل شرعي، لا سيما ونحن نتحدث عن واحدة من قضايانا الحارقة التي تحظى بإجماع لدى العرب، ونحن نتحدث عن التجنيد واعلانات تستهدف عقل وإرادة ووعي شبابنا، بالتالي نتوقع من كل المؤسسات الوطنية بمن فيها لجنة المتابعة ومركز اعلام ونقابة الصحافيين أن تتخذ مواقف أوضح في هذا الأمر وتحديد معايير وضوابط واضحة، إذ لا يجوز خرق الإجماع الوطني عندما يكون إجماع واضح وصارم.

أبو رحمون: علينا الضغط على كافة وسائل الإعلام أن لا تحيد عن الخط الوطني الجامع

وقالت الناشطة والمربية نيفين أبو رحمون، المشرفة على مشروع "لن أخدم جيشكم"الذي أطلقه اتحاد الشباب الوطني الديمقراطي إنه "في سبيل أن يحقق مجتمعنا العربي الفلسطيني انجازاته ومواجهة مجمل التحديات المتزايدة و المطروحة على الساحة السياسية، يحتاج ذلك إلى إعلام وطني حر مساند،لا يهادن، إعلام يحمل الهم العام ورافعة في تقديم مجمل قضايانا، ويعمل على فضح ممارسات المؤسسة الإسرائيلية العنصرية الإقصائية، إعلام يتماشى مع نبض المجتمع".

وأضافت: استهجن ما تبث بعض وسائل الإعلام العربية، وهو حسب ما علمت به حتى الآن راديو الشمس وموقع بانيت، من ترويج إلى ما يسمى الخدمة المدنية وبكل وقاحة تحيي وتخاطب قلوب الشباب. باعتقادي علينا تصعيد نضالنا في مناهضة كافة أشكال التجنيد، وبالتالي كسر الروتين المتوقع في النضال، وأن لا نسمح للمؤسسة وأعوانها اختراق مجتمعنا وسرقة شبابنا من أحضان هذا المجتمع عبر مثل هذه الاعلانات الترويجية . ومن جهة أخرى علينا الضغط على كافة وسائل الإعلام أن لا تحيد عن الخط الوطني الجامع، ومن هنا أدعو كل من تسرع في نهجه، أن يعود إلى طريق الصواب، وإلا فسنسعى إلى مقاطعة هذه الوسائل لأنها لا تمثلنا وتخرق الإجماع الوطني في قضية هي في صلب وجودنا وهويتنا ووعينا، وليست حملة ترويجية عادية أو عابرة".

جمّال: وسائل الإعلام العربية يجب أن تعكس ضمير جمهورها… والمواطن العربي حسم ضميره..

وفي أعقاب المطالبات لمركز "إعلام" كمؤسسة وطنية مختصة بأن يضع ضوابط  إعلامية واضحة في هذا الموضوع ووضع آليات لمواجهة الضغوطات الحكومية على وسائل إعلام لنشر إعلانات مثل اعلان الخدمة المدنية، توجه موقع عرب ٤٨ للبرفيسور أمل جمّال،  أستاذ العلوم السياسية في جامعة تل أبيب ومدير مركز "إعلام" الذي قال إنه يرى أن "وسائل الإعلام هذه يجب ألا تأخذ هذا الدور الترويجي لأنه واضح جدا أن المستهلك العربي أبدى وحسم رأيه ضد الخدمة المدنية، وكل الاستطلاعات تدلل على أن العربي يرفض هذه الخدمة. وإذا كانت وسائل الإعلام تعكس ضمير المجتمع العربي، فعليها إيجاد الطريق المناسب لتحقيق ذلك. ومن جهة أخرى علينا أن  ناخذ بعين الاعتبار حيز المناورة لديهم، بمعنى أن السلطة قادرة على فرض سلطتها وآلياتها والتهديد بقطع الاعلانات الحكومية عن هذه الوسائل الاعلامية إذا امتنعت عن النشر".

ونوه برفيسور جمال إلى أن هذا تفسير وليس تبرير وعلينا أن نعي الضغوطات الواقعة على المجتمع العربي ومؤسسات هذا المجتمع بممارسة الضغوطات السياسية والمالية، وقال:  أنا لا أتهمهم بالتعاون مع المؤسسة الحاكمة، لكن أعتقد أن على وسائل الاعلام هذه أن تبيّن موقفها المبدئي والأخلاقي أمام المؤسسات التي تمارس الضغط عليها، لأن هذا الترويج  لا يمثل ضمير الجمهور العربي، بل ويمس بمشاعر المجتمع العربي و يمس بمصداقية وسائل الاعلام هذه. فيجب إبداء الرأي الواضح أن هذا يسبب لهم احراجاً ولا يتماشى مع إرادة المواطن العربي".

وأوضح جمّال: "كما اعتقد أن على جميع المؤسسات الوطنية وعلى رأسها لجنة المتابعة أن تسعى لإيجاد المخرج لهذا الابتزاز من قبل المؤسسات الحكومية التي تشترط هذه المعادلة من التبعية بسبب الموارد والتمويل".

تعقيبات

توجه موقع عرب ٤٨ إلى مدير ومالك موقع "بانيت"، بسام جابر، للحصول على تعقيبه، لكنه فضل عدم التعقيب واكتفى بالقول: يحق لكم أن تكتبوا ما تشاؤون. 

بدوره عقب مدير عام ومالك إذاعة "الشمس، سهيل كرام، بالقول إن "إذاعة الشمس تؤكد على التواصل مع قضايا أبناء شعبنا بما فيه خدمة أهلنا، ونحن لا نملك موقفاً سياسيًا، بل نتبع لسلطة البث الثانية الإسرائيلية".

وعن اعلان الخدمة المدنية في إذاعته، قال كرام: هذا اعلان مدفوع الأجر وعلى مسؤولية صاحبه، ولا يمت للإذاعة بصلة. وأضاف: هذا الاعلان مفروض علينا فرضًا والقضية ليست مادية بل مهنية، إذ إن مجرد الرفض أو القبول يعتبر موقف يمس بالإذاعة، لكن أقول إن موقف الإذاعة من قضايا شعبنا يأتي من خلال طرح قضاياه، ونحن مع شعبنا ونحن منبر مفتوح أمام الجميع.

التعليقات