تقديم شكاوى ضد قيادات إسرائيلية حرضت على العرب خلال حرب غزة

شكاوى ضد نواب ووزراء بالحكومة الإسرائيلية إلى "لجنة السلوكيات" بالكنيست وللشرطة الإسرائيلية، على خلفية تصريحاتهم العنصرية ضد العرب.

تقديم شكاوى ضد قيادات إسرائيلية حرضت على العرب خلال حرب غزة

تحريض إسرائيلي أرعن على المجتمع العربي خلال العدوان العسكري على غزة

في أعقاب حملة التحريض المحمومة على المواطنين العرب خلال العدوان الإسرائيلي على غزة، شرعت كتلة التجمع الوطني البرلمانية، هذا الأسبوع، وبالتعاون مع عشرات المواطنين العرب، في حملة لتقديم شكاوى ضد أعضاء كنيست ووزراء في الحكومة الإسرائيلية، تمادوا خلال الحرب بالتحريض على القيادات والجماهير العربية.

وتمثلت الحملة بتقديم نحو 50 شكوى إلى "لجنة السلوكيات" بالكنيست وللشرطة الإسرائيلية، على خلفية تصريحات دموية وعنصرية كانوا أدلوا بها ضد المواطنين العرب.

وطالب مقدمو الشكاوى التحقيق بالحملة التحريضية غير المسبوقة بعنصريتها وخطورتها التي شنها وزراء وأعضاء كنيست ضد المواطنين العرب الذين شاركوا بالأعمال الاحتجاجية ضد العدوان على غزة والمشاركة بالإضراب العام الذي أعلنته لجنة المتابعة العليا للتنديد بالعدوان الغاشم على القطاع  وعلى الشعب الفلسطيني.

وبرز تحريض وزير الخارجية، افيغدور ليبرمان، الذي دعا في صفحته على الفيس بوك  لمقاطعة التجار العرب المضربين، وغيرها من التصريحات التحريضية ضد القيادات العربية، كما تناولت الشكوى أيضا أعضاء الكنيست، اييليت شكيد وموشيه فيغلين.

وتهدف الحملة الواسعة إلى محاسبة الوزراء وأعضاء الكنيست المحرضين لارتكابهم مخالفات جنائية خطيرة وفقا لما ينص عليه القانون في بنود التحريض والعنصرية، وأعتبر مقدمو الشكاوى أن هذا التحريض يكون بمنتهى الخطورة عندما يصدر عن شخصيات تتربع على رأس الهرم السياسي والقيادي الإسرائيلي الرسمي لما لها من تأثير على الشارع والجمهور.

وإبان الحملة التحريضية المسعورة ضد المواطنين العرب خلال العدوان على غزة تعرض بأثر هذا التحريض العشرات من العمال والموظفين العرب للطرد من عملهم وملاحقة الكثيرين منهم، كما تم الاعتداء  جسديا على العشرات في موجة تحريضية عنصرية على مواطنين عزل بشكل غير مسبوق.

ورصد موقع " عرب 48" الذي سلط الضوء على الحملة ودلالاتها، بعض الردود من مواطنين قدموا شكوى ضد القيادات الإسرائيلية التي ساهمت بالتحريض والعنصري.

أبو الهيجا: موجة الاعتداءات العنيفة المنفلتة  على العرب كانت دون أدنى شك متأثرة بهذا الخطاب التحريضي العنصري

وأكد الناشط الاجتماعي والسياسي، محمود أبو الهيجا،  من عين حوض تقديمه شكوى ضد ثلاثة من القيادات الإسرائيلية، وأعتبر أن الأمر غاية بالخطورة وعلى العقلاء في هذه الدولة لجم هذه الحملة المسعورة التي تحمل بذور تداعيات مستقبلية على الأمن والأمان للمواطنين لا تحمد عقباها، وقال: إن "موجة الاعتداءات العنيفة المنفلتة  التي طالت العديد من المواطنين العرب والإقالات من العمل والملاحقات كانت دون أدنى شك متأثرة بهذا الخطاب التحريضي العنصري وعلى الدولة والمسؤولين فيها تدارك الأمر ومخاطره قبل فوات الأوان، وبالتالي يجب أن يقدموا هؤلاء للمحاكمة و للعدالة إذا وجدت أصلا، علما أنني لا أراهن على ذلك، ولكن كان من الضروري تقديم هذه الشكوى".

العلي: كمواطنة أرى من حقي أن أمارس دوري وأتصدى بالوسائل المتاحة لهذه الغوغائية

أما، الناشطة الاجتماعية، المربية سائدة العلي في ثانوية جسر الزرقاء، أكدت تقديمها الشكوى للجنة الآداب في الكنيست وللشرطة ضد المأفونين بالحقد والعنصرية ضد العرب وقالت: " لقد قدمت شكوى كمواطنة تعيش في وطنها وبلادها ضد مهاجر يأتي بصراحة ووقاحة من منبر يعتبر نفسه بيت التشريع للديمقراطية يحرض ويؤلب الرأي العام على العرب  بشكل سافر ودون أي اعتبار لما يتغنون به أمام العالم، وأنا كمواطنة أرى من حقي أن أمارس دوري وأتصدى بالوسائل المتاحة لهذه الغوغائية الذي اتخذوا من التحريض على العرب وسيلة لتعزيز مكانتهم أمام العنصريين أمثالهم من الجمهور والمسؤولين الإسرائيليين.

وأشارت العلي إلى أن بسبب هذا التحريض تعرض العديد من الضحايا العرب إلى الاعتداء بالشارع والطرد من العمل والملاحقة علما أن العرب فقط عبروا عن مشاعرهم الإنسانية ضد الحرب، أما حول التوقعات من محاسبة هؤلاء العنصريين، قالت: "التوقعات تقارب درجة صفر، لكن ليعلموا أننا موجودون وسنرفع صوتنا والسكوت محظور ويجب أن يصل صوتنا للعالم لفضح حقيقة هذه السياسات وما يتعرض له العرب في بلادهم.

الزبارقة: يجب أن يسجل هذا السلوك وهذه العدوانية ضد المواطنين العرب العزل بصفحات تاريخهم الأسود

بدوره، عضو المكتب السياسي للتجمع، جمعة الزبارقة،  الذي لا يعول على هذه الشكوى لمؤسسة تشرعن العنصرية وتقننها، إلا أنه أعتبر أن تقديم الشكوى هو أمر مهم، وقال: "يجب أن يسجل هذا السلوك وهذه العدوانية ضد المواطنين العرب العزل بصفحات تاريخهم الأسود وللمستقبل وأن في هذه المؤسسة مسؤولين يتصرفون كالعصابات ضد مواطنين عزل وهم لاحقوا النائبة حنين زعبي لمجرد انها أدانت العدوان الدموي على شعبنا ووقفت موقف إنساني ضد الحرب، وعلينا أن نفضح وجود مثل هؤلاء المأفونين في رأس الهرم السياسي بالدولة العبرية".

محاجنة: ضرورة وجود فعل واضح وممنهج ومنظم للفلسطينيين داخل إسرائيل حيال التحريض العنصري الشرس

إلى ذلك، أكد  المحامي والحقوقي علاء محاجنة، بأن تقديم الشكاوى أمام الجهاز القضائي الإسرائيلي على أذرعه ينبع من فكر عميق يرى بضرورة وجود فعل واضح وممنهج ومنظم للفلسطينيين داخل إسرائيل حيال التحريض العنصري الشرس الذي يقوده ضدهم سياسيون موجودون في موقع اتخاذ القرار وليس على الهامش السياسي الإسرائيلي فحسب، حيث يمكن أن يكون مثل هذا التحرك محفزا لخطوات مستقبلية ورافعة لعمل تصعيدي في سبيل الخروج من السلبية السياسية اتجاه ظواهر لا يمكن السكوت عليها وتجاوزها دون اتخاذ خطوات حقيقية لمجابهتها.
وأضاف محاجنة: "يخطئ من يوهم نفسه بأن الشكاوى ستعامل بتلك الموضوعية والنزاهة من قبل الشرطة الإسرائيلية أو من قبل المستشار القضائي للحكومة".

وشدد على أن نهج المؤسسة الإسرائيلية يهدف بجوهره المساس بالحق في التعبير عن الرأي السياسي في النظام الديموقراطي  لمنع حماية حقوق الاقليات واستعباد حرية التعبير مقابل استبداد الاغلبية الحاكمة.

وتابع: "أن قرار فتح تحقيق في الشرطة ضد النائبة حنين زعبي مؤخرا من جهة، وتجاهل التصريحات الخطيرة والشكاوى التي قدمت بموجبها والتي وقف ويقف وراءها قادة في مركز اتخاذ القرار الإسرائيلي من جهة أخرى، هو مؤشر قوي لازدواجية المعايير في تعامل جهاز القضاء الإسرائيلي وتسخيره للملاحقة السياسية ضد قيادة شرعية ومنتخبة للفلسطينيين في إسرائيل".

وأضاف: "بجوهره، يهدف الحق في التعبير عن الراي السياسي في النظام الديموقراطي لحماية حقوق الاقليات وضمان حرية التعبير مقابل استبداد الاغلبية الحاكمة. لكن الواقع في إسرائيل يثبت عكس ذلك، حيث أن تم تفسير هذا الحق بانه يوفر الحماية القانونية لموجات التحريض السياسي ضد الفلسطينيين في إسرائيل والتي هي غير قانونية أصلا. كما ويهدف مثل هذا التحرك أيضا لفضح هذه الازدواجية في التعامل وأحراج القضاء الإسرائيلي من خلال إثبات عدم موضوعيته ونزاهته في التعامل مع تطبيق القانون.

وخلص محاجنة بالقول: "إذا ما تم استثمار مثل هذا التحرك من خلال إدراجه ضمن عمل سياسي وشعبي أوسع، فأن ذلك كفيل بتحقيق مجابهة حقيقية للأخطار الكامنة في مثل هذا التحريض".

الحاج: علينا فضح هذه الحملة التي ربما هي الأعنف من حيث التحريض والعداء السافر، وكشف حقيقتهم التي تنحى منحى فاشي خطير

من جهتها، قالت عضو اللجنة المركزية للتجمع الوطني، إيناس الحاج: "رغم أننا لا نتوقع الكثير من مؤسسة أتاحت وتتيح لأمثال ليبرمان أن يمارس هذا الخطاب وهذا السلوك وهي تشرعن القوانين العنصرية ضد مواطنيها العرب، لكن تقديم هذه الشكوى هو أمر مهم باعتقادي على المستوى الإعلامي والثقافي. أننا أقلية أصلانية انتكبت تاريخيا ولازالت تلاحق حتى في تعبيرها عن موقف إنساني ضد العدوان وضد الحرب والمجازر".

وأضافت: "بينما هم يمارسون هذا الخطاب الحاقد والتحريض الدموي على مواطنيهم وعلى النائبة حنين زعبي وقيادات عربية، نحن نلجأ لمحاولة مقاضاتهم قانونيا وبرلمانيا رغم أننا لا نعول على ذلك، لكن نحن أقلية ليست عنيفة، وعلينا فضح هذه الحملة التي ربما هي الأعنف من حيث التحريض والعداء السافر وكشف حقيقتهم التي تنحى منحى فاشي خطير".

شحادة: علينا أن لا نترك الساحة لان مشكلتنا مع الجهاز والمنظومة السياسية وليس فقط مع اليمين ومع الفاشية

إلى ذلك، قال الباحث في مركز مدى الكرمل للأبحاث الاجتماعية والتطبيقية، مطانس شحادة: " في هذه القضية لسنا بهذه السذاجة لنعلق الآمال على الجهاز السياسي والتشريعي الإسرائيلي، إن هذه الأصوات هي ليست شاذة بل هي جزء من المنظومة السياسية ونتاج لها ولا نعول عليها، بالمقابل علينا أن لا نترك الساحة لان مشكلتنا مع الجهاز والمنظومة السياسية وليس فقط مع اليمين ومع الفاشية".

وأضاف: " نحن بهذا التوجه نحتج على الأدوات وعلى هذه المنظومة والقيم والمبادئ والسلوك الذي تمثله، وما قام به هؤلاء المأفونين منسجم مع أخلاقيات هذه المنظومة ونحن لدينا قيم وأخلاقيات إنسانية ديمقراطية وهذه القيم أقوى مما تبثه المؤسسة من ترهيب وتخويف وقمع".
وخلص القول: "نحن توقعنا هذا التدهور منذ زمن وقلنا أن دون إحداث التغيير وانهيار هذه  المنظومة والمبنى الاستعماري التي يسبقها إنهاء الاحتلال لن يكون هناك تغيير بل العكس ستتفاقم الأمور نحو الفاشية".

التعليقات