بركة ينهي مسيرته السياسية بأحضان "هآرتس" واليسار الإسرائيلي

اختار النائب محمد بركة طرح رؤيته السياسية المليئة بالتناقضات وشن هجوم على التجمع وعزمي بشارة وحنين زعبي من منبر إسرائيلي، ففي مقابلة مع صحيفة "هآرتس" يتغنى بركة بعلاقته وصداقته مع رئيس إسرائيل رؤوفين ريفلين، ويشيد برئيس الوزراء السابق

بركة ينهي مسيرته السياسية بأحضان

اختار النائب محمد بركة اليوم أن ينهي مسيرته السياسية في أحضان صحيفة “هآرتس” وأحضان اليسار الإسرائيلي ومهاجمة التجمع الوطني الديمقراطي والمقاومة الفلسطينية.

فمع إعلان بركة عن نيته الاستقالة من الكنيست بعد ثلاثة شهور تقريبًا، يطوي مرحلة حاول فيها  المناورة بين اليسار الإسرائيلي واليمين الفلسطيني، وورط فيها الجبهة بعلاقات مشبوهة مع سيف الإسلام القذافي ومحمد دحلان.

وقد سعى رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام المساواة في الأعوام الأخيرة تصوير نفسه بأنه القيادي الوسطي المعتدل في خضم الصراع بين طرفين يفتقدان للقيادة العقلانية المتعقلة. وهو ما حاول أن يفعله في المقابلة التي نشرتها صحيفة 'هآرتس' اليوم إذ وصفه معد المقابلة بأنه وسطا بين 'اليمين المتطرف والعرب الانفصاليون' ففي الحملة الانتخابية في العام 2009 ، وصف نفسه بأنه ليس حماس وليس أولمرت، محاولا استرضاء الشارع الإسرائيلي واستمالته للتصويت للجبهة.

ويبدو أن ما يقوم به بركة ليس من دوافع انتهازية، بل ينبع عن قناعات راسخة بأن تحالفه مع اليسار الإسرائيلي أهم بكثير من الوحدة الوطنية في الداخل، وأن خطاب المواطنة الإسرائيلية يفوق الخطاب الوطني وقت الجد.

وبمناسبة إعلانه التنحي من منصبه، خصت صحيفة “هآرتس” العبرية بركة بمقابلة موسعة أشبه بمقابلات العلاقات العامة في الأنظمة الديكتاتورية، إذ صورته بأنه العربي الفلسطيني الوطني لكنه في الوقت ذاته العقلاني المتزن المعتدل. ولتصوير مدى اعتداله للقارئ اليهودي حاولت إجراء مباعدة (عكس مقاربة) بينه وبين مواقف الدكتور عزمي بشارة والنائبة حنين زعبي التي يعتبرها الجمهور الإسرائيلي شديدة التطرف.

بركة في لقاء انتخابي في تل أبيب في العام 2009

وبركة، الذي يكرر الأحاديث عن أن الجماهير العربية تواجه انفلاتاً عنصرياً شرساً وعن ضرورة حماية هذه الجماهير، سهل الاستدراج في وسيلة إعلام عبرية لمهاجمة الحركة الوطنية والتجمع الوطني الديمقراطي ومؤسسه عزمي بشارة ومواقفه وفكرته دولة جميع مواطنيها (الذي قال عن عمد أو عن جهل بأنها تهدف إلى دولة واحدة على كل أرض فلسطين، مع العلم أن دولة كل المواطنين تسعى لمواجهة فكرة يهودية إسرائيل من الداخل وكشف التناقضات الداخلية البنيوية بين ديمقراطية ويهودية إسرائيل وأن الاثنين لا يتعيشان سوية).

وفيما يواجه بشارة وزعبي ملاحقة وحملات تحريضية إسرائيلية، اختار بركة الدوس على خطاب الوحدة الوطنية في مواجهة العنصرية،  وتوجيه طعنة لهما في الظهر ليشن هجوما على زملائه من التجمع والتحريض عليهم.

ورغم أنه بدا حازماً في إدانة قتل المدنيين من جانب الفلسطينيين، إذ قال 'المقاومة لا تقتل المدنيين، وقتل المدنيين إرهابًا”، بدا لينا في إدانة ممارسات الإسرائيلية واكتفى في مهاجمة الاحتلال، وهو تعبير للمواربة عن مهاجمة إسرائيل مباشرة وتحدث عن علاقاته الوطيدة مع رئيس إسرائيل رؤوفين ريفلين.

وفي “القضايا الكبرى” إن جازت التسمية، حاول بركة اللعب على حبل فضفاض، ورفض الكشف عن موقفه مما يجري في سوريا، فلم يفصح للقارئ الإسرائيلي إن كان يؤيد الثورة أو النظام، وبدا جليًا أنه يتهرب من الأسئلة المحرجة.

بركة كال المديح لأبو مازن وإيهود أولمرت وبأنهما كانا قريبين من توقيع اتفاق،  لكنه اختار أن يهاجم بالعبرية ومن على صفحات “هآرتس” حسن نصر الله، عندما قال “أنا لا أحصل على إيحاء من نصر الله، أنا أعرف الواقع الإسرائيلي أكثر منه. الأفضلية لدي أنني أجيد العبرية والعربية أيضًا، ولا أقصد القدرة على استخدام اللغتين، وإنما ما هو أعمق، أنا أتحدث الثقافتين (العبرية والعربية)”.

في المقابل، عندما سئل بركة إن كان يرى بابن بلدته الضابط في وحدة جولاني في جيش الاحتلال، غسان عليان،  خائناً أو عميلاً؟ تهرب بركة من الإجابة وتستر خلف فائض الكلام، ورفض مهاجمة عليان الذي يتباهى بعدائه للعرب والفلسطنيين وكان أحد قادة الحرب الأخيرة على غزة.

حماس ترسل الشعب إلى الجحيم

ودعا بركة خلال المقابلة لـ 'إخراج المدنيين من دائرة العنف'  وهو بذلك يتعامل مع الصراع  كحرب متكافئة بين جيشين، متجاهلا بذلك أن الحديث يدور عن مقاومة أبشع وآخر احتلال في العالم. ورغم أنه يعرب عن تأييده لمقاومة الاحتلال إلا أنه سرعان ما يناقض نفسه.

وعندما سئل إن 'كان الكفاح المسلح الذي تقوم به حماس يضر المصلحة الفلسطينية العام؟'، أجاب: 'هناك 'أشخاص يريدون الوصول إلى الجنة  لكنهم يرسلون شعبا كاملا للجحيم'، وذلك في إشارة إلى حماس.

ويصرح بركة بأنه لا يتخلى عن حق العودة، لكنه في الوقت ذاته يعتبر نفسه معتدلا يدفع بحل «دولتين لشعبين»، فهل يشرح لنا بركة كيف يتحقق حق العودة الذي يتمسك به في في إطار الدولة اليهودية؟ وهل حق العودة بالنسبة لبركة مجرد نوستالجيا وذرف دموع على الأطلال في صفورية؟ هل هو يوم 'تراث' نحييه سنويا ونناقضه ببرنامج سياسي يرسخ المشروع الصهيوني من  خلال حل «الدولتين للشعبين»؟

الهروب من سلوان

وكتب معد التقرير، غيدي فايس، أن بركة ألغى زيارة له مؤخراً برفقة كتلته البرلمانية إلى سلوان في القدس للتضامن مع الأهالي هناك ، وذلك لتجنب زيارة خيمة العزاء التي أقامتها عائلة الشهيد عبد الرحمن الشلودي، الذي نفذ عملية دهس في القدس أسفرت عن مقتل إسرائليين اثنين. لكنه في المقابل، يقول الكاتب، بادر قبل عدة أعوام إلى المشاركة في جنازة سيدة إسرائيلية في عسقلان قتلت جراء سقوط قذيفة أطلقت من غزة، ولم يلق ترحيباً بل استقبل بالشتائم والمسبات من قبل الحضور.

التعليقات