تبحث وزارة الصحة منذ العام الماضي الإعلان عن مدينة حيفا وخليجها كمنطقة موبوءة بيئياً بسبب كثرة المصانع ومصفاة تكرير النفط فيها، وفي المقابل تمارس بلدية حيفا ورئيسها، يونا ياهف، ضغوطا من أجل تأجيل الإعلان أو إلغائه لعدة أسباب: الأول هو هروب المستثمرين من المدينة، والثاني هو أن خطّة تطهير التلوّث البيئي تحتاج إلى الكثير من الميزانيات التي ستتحمّلها البلدية، بالإضافة إلى أن تعريفها كمدينة موبوءة بالتلوث سيؤثر على مكانتها في العالم.
وكانت وزارة البيئة وجمعية مكافحة السرطان نشرتا تقريراً في منتصف العام الماضي، جاء فيه أن نسبة المصابين بأمراض سرطانية في منطقة خليج حيفا ومدينة عكا، أعلى ب 16% من المعدّل العام في الدولة.
وقالت وزارة الصحة، الشهر الماضي، إن هناك علاقة مؤكدة بين النسبة المرتفعة للإصابة بالأمراض السرطانية في منطقة حيفا أكثر من مناطق أخرى في البلاد، والتلوّث البيئي الموجود فيها، خاصة أن نسبة أمراض سرطان الرئة هو أكثر الأمراض السرطانية الشائعة وتهدّد سكّان المدينة ومحيطها بما فيه عكا.
وأضافت الوزارة أن نسبة الإصابة بالأمراض السرطانية في ازدياد واضح في محيط مدينة حيفا نتيجة لانتشار المصانع، ومصفاة البترول ومخلّفات هذه المصانع.
فاتن غطّاس: يجب التخلّص من التلوث البيئي وإخراجه
وفي تعقيبه على التلوث البيئي في حيفا، قال مدير فعاليات جمعية مكافحة السرطان في المجتمع العربي، فاتن غطّاس، لـ"عرب 48" إن "منطقة حيفا هي منطقة منكوبة بيئياً، ولا شك أن هذا التلوّث هو المسبّب الأساسي للارتفاع بنسبة الأمراض السرطانية في المدينة ومحيطها، إلّا أنه وبالإضافة إلى الأمراض السرطانية هنالك العديد من الأمراض الأخرى كالربو وأمراض القلب والحساسيات المختلفة".
وشدّد غطّاس، على أن ما يجب تسليط الضوء عليه ولفت نظر الجمهور العربي إليه الآن هو طريقة التخلّص من التلوث البيئي وإخراجه. وقال إن "ما علينا أن نطلبه الآن هو مشاركتنا كمجتمع عربي في عملية إخراج التلوّث البيئي ضرورية، فما قامت به السلطات الإسرائيلية في أوقات سابقة كان أن أخرجت التلوّث البيئي إلى مناطق عربية وقرى ومدن عربية".
وأضاف: "على سبيل المثال أخرجت السلطات التلوّث البيئي من معسكر الجيش في الجليل الغربي إلى مدينة سخنين، ومن المزبلة القريبة من عبلين إلى عبلين وطمرة، وبالتالي من الواجب إشراك المجتمع العربي بمسيرة التخلّص من التلوّث البيئي الناتج عن الصناعة وتكرير النفط في حيفا ومحيطها".
نمارنة: الهم الرئيسي لرئيس بلدية حيفا هو عدم زعزعت مكانتها الجمالية في العالم
أمّا الناشط البيئي، عبد نمارنة، فقال لـ"عرب 48" إن "المنظّمات البيئية القطرية تسعى إلى وضع منطقة حيفا على سلم الأولويات والعمل والمتابعة كونها فعلاً منطقة ملوثة بيئياً".
وأضاف أن "المعطيات التي نتابعها هي معطيات مذهلة بالنسبة للامراض المختلفة في السنوات الأخيرة، وهي نسبة أعلى من نسبة الأمراض العامّة في الدولة بما فيها أمراض القلب والسرطان خاصة سرطان الرئة بأنواعه".
وتابع أن "التجمّعات السكّانية القريبة من المصانع هي الأكثر تضرراً، حتى أنه وبحسب التقارير، نسبة الأطفال المصابين بأمراض القلب والأمراض السرطانية أكثر من المعدّل العام للدولة أيضاً".
وعن معالجة التلوّث، قال نمارنة إن "الناشطين والجمعيات تحاول ومن خلال التواصل مع وزارة البيئة الوصول إلى حلول ملائمة لأزمة التلوّث البيئي في منطقة خليج حيفا، وتركيب أجهزة قياس التلوّث البيئي غير الموجودة في حيفا والتي نحتاج لوجودها لقياس التلوّث ومعرفة طرق التخلّص منه".
وعن بلدية حيفا، قال نمارنة إن "الهم الرئيسي لرئيس بلدية حيفا هو عدم زعزعة مكانتها الجمالية في العالم، وتصميمه على عدم إدراجها ضمن الأماكن الموبوءة بيئياً كون هذا الإدراج سيضر بمكانتها وموقعها الجمالي في العالم".
التعليقات