أم الحيران: اقتحام وتجريف وتضييق بهدف التهجير

تستمر آليات وجرافات السلطات الإسرائيلية، لليوم الثاني على التوالي، بأعمال تجريف بين المنازل في قرية أم الحيران، مسلوبة الاعتراف في النقب، بحماية الشرطة، وذلك بهدف التضييق على السكان وإجبارهم على ترك قريتهم.

أم الحيران: اقتحام وتجريف وتضييق بهدف التهجير

أم الحيران صباح اليوم الإثنين

تستمر آليات وجرافات السلطات الإسرائيلية، لليوم الثاني على التوالي، بأعمال تجريف بين المنازل في قرية أم الحيران، مسلوبة الاعتراف في النقب، بحماية الشرطة، وذلك بهدف التضييق على السكان وإجبارهم على ترك قريتهم.

وقال مركز اللجنة المحلية في عتير- أم الحيران، رائد أبو القيعان، لـ'عرب 48'، إن 'الشرطة والجرفات اقتحمت القرية وباشرت العمل بين المنازلوالأجواء مشحونة جدا، ونحن نناشد الجماهير العربية الحضور إلى أم الحيران والوقوف إلى جانبنا في نضالنا من أجل المحافظة على أرضنا والبقاء فيها'.

وأضاف أن 'هذه الممارسات التعسفية التي تقوم بها السلطات الإسرائيلية تأتي استمرارا للمخططات الحكومية الهادفة إلى اقتلاعنا وهدم أم الحيران تمهيدا لإقامة قرية يهودية تحت اسم 'حيران'.

وقال إن 'الشرطة قامت أمس، الأحد، بالاعتداء علينا واعتقلت عددا من الشباب والأطفال'.



وقال مدير المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها في النقب، فادي المسامرة، لـ'عرب 48'، إن 'الوضع في أم الحيران خطير للغاية، والأخطر أن اقتحام أم الحيران يجري وسط صمت وتقصير لجنة المتابعة العليا والحركات والأحزاب السياسية العربية الفاعلة. المطلوب الآن وبشكل فوري من كوادر وقيادات الأحزاب السياسية التوجه إلى أم الحيران من أجل التصدي لمخطط اقتلاع وتهجير أهلها'.

يذكر أن المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها في النقب، استنكر في بيان أصدره، أمس، 'هذه الأفعال العنصرية التي تمارسها السلطات ضد شعبنا الصامد في القرى مسلوبة الاعتراف، والتي تتمثل في مسلسل الهدم اليومي في قرانا ومحاولة إيقاف عجلة الحياة الطبيعية والتضييق على الأهالي لإجبارهم على التخلي عن حقهم الطبيعي في العيش الكريم'.

وناشد الناشط عزيز صياح الطوري، من قرية العراقيب، عبر موقع 'عرب 48'، 'قيادات وكوادر الحركات والأحزاب العربية ولجنة المتابعة والقائمة المشتركة بالوقوف إلى جانب أم الحيران، شقيقة العراقيب، في نضالها من أجل الصمود في أرض الوطن، رفضا للتهجير والتشريد'.

أم الحيران وشبح التهجير

تقع قرية عتير- أم الحيران غير المعترف بها بمنطقة وادي عتير شمال شرقي بلدة حورة (على شارع 316) ويقطنها قرابة نحو 2200 نسمة جميعهم من أبناء عشيرة أبو القيعان وذلك ضمن مجمعين منفصلين – عتير وأم الحيران.

حتى النكبة عام 1948 سكن أهالي القرية لسنوات طويلة في أراضيهم الواقعة في منطقة 'وادي زبالة' (وهي اليوم جزء من الأراضي الزراعيّة التابعة لـِ 'كيبوتس شوفال'). في أعقاب النكبة، أمر القائد العسكري أبناء العشيرة بإخلاء أراضيهم والانتقال أولا إلى منطقة 'اللقية' ومن ثم، سنة 1956، هُجروا، للمرة الثانية، إلى موقعهم الحالي في منطقة 'وادي عتير'. منذ ذلك الحين استقر أبناء العشيرة في المنطقة وقاموا بتقسيم الأراضي فيما بينهم والقيام بأعمال البناء المطلوبة للسكن بالمنطقة. بالرغم من هذا، لم تقم الدولة بالاعتراف بالقرية وعليه لم يتم وصلها لشبكات الماء، الكهرباء والصرف الصحي أو توفير أي خدمات أساسية أخرى لسكانها.

منذ عام 2003 تواجه قرية عتير- أم الحيران شبح التهجير بحيث تخطط دولة إسرائيل لهدم القرية بهدف إقامة بلدة يهودية باسم 'حيران' على أنقاض أم الحيران وتوسيع 'غابة يتير'- غابة قام بزرعها الصندوق القومي اليهودي- ومناطق المراعي على أراضي عتير.

مثّل مركز عدالة أهالي عتير- أم الحيران منذ أكثر من عشر سنوات بمختلف المسارات القضائيّة والتخطيطية التي تهدف إلى تهجيرهم، بما فيها 25 أمر إخلاء، 32 أمر هدم و3 خرائط هيكليّة تهدف كلها لهدم القرية وتهجير سكانها.

مخططات تهويد النقب

ولا تعترف الحكومة الإسرائيلية بنحو 51 قرية عربية في النقب، وتستهدفها بشكل مستمر بالهدم وتشريد أهلها، بينما تشرع بشكل مستمر ببناء تجمعات استيطانية لصالح اليهود في النقب.

وتتعرض قرى النقب في الآونة الأخيرة لحملات هدم كبيرة طالت مئات المنازل بحجة البناء بدون ترخيص.

وتواصل الجرافات تساندها قوات كبيرة من الشرطة على حرث وتدمير آلاف الدونمات الزراعية التابعة للمواطنين في التجمعات السكنية العربية في القرى التي لا تعترف بها إسرائيل بالنقب. وتشكل إبادة المحاصيل الزراعية للعرب في النقب حلقة أخرى في سياسة المؤسسة الإسرائيلية وملاحقتها لعرب النقب في إطار سعيها الحميم للسيطرة على الأرض والهيمنة عليها، وفي كل عام وقبيل الحصاد وبعد أن تتزين الأرض باللون الأخضر تتقدم جرافات عملاقة تابعة لما يسمى بدائرة الأراضي لتحدث خرابا ودمارا وإبادة للمحاصيل الزراعية لتتحول الأرض من خضراء يافعة إلى صفراء قاحلة في مشهد مؤلم يدمي القلب.

والحديث يدور عن إلحاق الأذى بعشرات آلاف الدونمات في كل عام في كافة أرجاء النقب، بحجة أن الأرض التي تم زرعها ليست ملكا لأصحابها حتى وأن ملكوها من الآباء والأجداد منذ عقود طويلة من الزمن، ويبدو المشهد مؤثرا للغاية في نفوس أصحاب الأرض وهم يرون آليات الدمار والخراب تعيث في أرضهم فسادا بعد أن كانوا ينتظرون بفارغ الصبر حصاد زرعهم وتوفير الأعلاف لمواشيهم وما هي إلا سويعات قليلة حتى تبدو حال الأرض جرداء.

وأثبتت التجارب على مر السنين أن إهلاك الزرع في النقب كانت له الثمار الإيجابية في تطوير وتنوع وسائل الصمود والتحدي والرباط على الأرض وتعميق مفهوم قدسية الأرض والحفاظ عليها وغرس نبتة الإيمان في قلوب أصحابها بأنها لب الصراع المحتدم بين المؤسسة الإسرائيلية والعرب الفلسطينيين عموما وأهل النقب خصوصا.

وتواصل السلطات الإسرائيلية جرائم هدم المنازل العربية في منطقة النقب، بادعاء عدم ترخيصها، في حين يناشد المواطنون العرب في النقب وكافة الأهل في الداخل الفلسطيني كافة المؤسسات الدولية الإنسانية والحقوقية زيارة النقب ومشاهدة حجم الجريمة المقترفة بحق أهله.

ويعيش في صحراء النقب نحو 220 ألف عربي فلسطيني، يقيم نصفهم في قرى وتجمعات بعضها مقام منذ مئات السنين. ولا تعترف المؤسسة الإسرائيلية بملكيتهم لأراضي تلك القرى والتجمعات، وترفض تزويدها بالخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء.

اقرأ/ي أيضًا | النقب: مواجهات في أم الحيران

بحسب مؤسسة عدالة الحقوقية، فإن المخطط المفصّل رقم 11/03/264 وهو مخطط 'غابة يتير' فإنه سيمتد على مساحة 124500 دونم بما فيها قرية عتيّر والتي تُعتبر بحسب المخطط منطقة خالية من السكان مع أن عدد سكُانها حوالي 900 شخص، ولكن المخطط يتجاهل وجود القرية وسكانها تماماً ولهذا فإنه يسمح للسلطات بهدم كُل مبنى قائم دون الحاجة إلى دفع تعويضات أو توفير بدائل سكنيّة للسكان الأصليين.

التعليقات