البلدات العربيّة تغرق في كلّ شتاء... "أزمة تتفاقم سنويًّا"

سبّب تسرّب مياه الأمطار إلى منازل السكان، خسائر مادية فادحة، بخاصة في الأحياء القديمة في البلدات العربية، والتي تعاني من سوء البنية التحتية، والتي لم تتجدد منذ عقود، وفقًا للمهندسة المعمارية في المركز العربيّ للتخطيط البديل، رنين عودة.   

البلدات العربيّة تغرق في كلّ شتاء...

في كلّ شتاء، تغمر مياه الأمطار شوارع كاملة في البلدات العربية

أظهرت الأمطار الأولى التي انهمرت في البلدات والقرى العربية، هشاشة البنية التحتية فيها، ما يتسبّب بغرق منازل وأحياء كاملة في كلّ شتاء، ولا سيّما في ظلّ شُحّ الميزانيات، وسوء التخطيط والتنظيم في البلدات العربية، الأمر الذي الذي يُفاقم المشكلة سنويًّا، إذ يزداد أعداد المنازل العربية التي تغمرها مياه الأمطار كل عام.

تابعوا تطبيق "عرب ٤٨"... سرعة الخبر | دقة المعلومات | عمق التحليلات

ويسبّب تسرّب مياه الأمطار إلى منازل السكان، خسائر مادية فادحة، بخاصة في الأحياء القديمة في البلدات العربية، والتي تعاني من سوء البنية التحتية، والتي لم تتجدد منذ عقود، وفقًا للمهندسة المعمارية في المركز العربيّ للتخطيط البديل، رنين عودة.

في كلّ شتاء، تغمر مياه الأمطار شوارع كاملة في البلدات العربية

ولا تقتصر أضرار سوء البنية التحتية على تسرّب المياه إلى المنازل، إذ تغمر مياه الأمطار، العديد من شوارع الأحياء في عدد من البلدات، ما يعيق تحركات السكان.

وفي حديث مع "عرب 48"، بشأن مدى جهوزية البلدات العربية لفصل الشتاء، قالت المهندسة عودة: "للأسف الشديد إن البلدات العربية ليست جاهزة لفصل الشتاء، وذلك يعود لأسباب عدّة؛ البنى التحتية القديمة في البلدات العربية، والأحياء القديمة التي لا يتم عادةً تجديد البنى التحتية فيها، أضف إلى ذلك الكثافة السكانية وازدياد البناء بدون ترخيص، مما يؤدي إلى زيادة الضغط على تصريف المياه، والذي لا يتلاءم مع البنى التحتية، وكل ذلك يجعل البلدات العربية غير جاهزة لاستقبال فصل الشتاء، ويؤدي إلى غرق مناطق معينة فيها، بسبب مياه الأمطار".

المهندسة رنين عودة

انعدام المساحات الخضراء

وذكرت عودة أن "فقدان الأماكن الخضراء، ووضع الأسفلت بالساحات مكان الأماكن الخضراء والتربة، يؤدي إلى فيضانات بسبب عدم امتصاص الأرض لمياه الأمطار، وذلك نتيجة وضع الأسفلت على التراب، وبالتالي يتمّ منع تسرّب مياه الأمطار إلى باطن الأرض، والنتيجة حدوث الفيضانات وغرق منازل وأحياء".

وحول سبب ذلك، قالت عودة إن "عدم توفّر أماكن لركن المركبات (في البلدات العربية)، يتسبب بتحويل الساحات الخضراء إلى أسفلت، وذلك نتيجة الكثافة السكانية، وعدم توّفر المواصلات العامة في الأحياء القديمة، ما يؤدي إلى ازدياد عدد المركبات، الأمر الذي يجبر المواطنين على إيجاد حلول، وللأسف؛ إن الحلّ السائد هو تحويل الساحات الخضراء إلى أسفلت".

وأضافت أن "البناء بدون ترخيص يؤدي إلى تفاقم الأوضاع في البلدات العربية، وبخاصة في المناطق والحارات القديمة، حيث يكون عدد السكان كبيرا مقارنة بالمساحة، وبالتالي يصعب استيعاب مياه الأمطار، الأمر الذي يؤدي إلى تفاقم الأزمة، ويجعل البلدات العربية غير جاهزة لاستقبال الشتاء، وفي كل عام تحصل فيضانات".

التجديد الحضري

وفي سياق دور السلطات المحلية، قالت عودة: "أعتقد أن جميع السلطات المحلية العربية معنية بأن يحدث تغيير، وأن تكون هناك بيئة ملائمة وتستوعب مياه الأمطار، لذلك نرى أن العديد من البلدات العربية تُقدّم للانخراط في مشروع التجديد الحضري الجديد، وذلك لتجديد الحارات القديمة، لكن هذا يحتاج إلى ميزانيات وقوى عاملة، وهذا مفقود بشكل وبآخر للأسف".

وأضافت: "لا أعتقد أنه يوجد سلطة محلية معنية في أن تغرق أحياء أو منازل في بلدتها، لكن موضوع البنى التحتية بحاجة إلى تخطيط وميزانيات كبيرة، كما أنّ هناك حاجة لتشجيع المواطنين على الحفاظ على المساحات الخضراء، وذلك حتى تدخل مياه الأمطار إلى باطن الأرض".

شحّ الميزانيات

وأشارت عودة إلى أن "المسؤولية لا تقع فقط على السلطات المحلية، إنما هناك عدة أسباب أهمها التخطيط والميزانيات، إذ أن السلطات المحلية العربية تريد وتطالب بإيجاد الحلول، لكن شح الميزانيات والتخطيط يؤدي إلى عدم التقدم في هذا الجانب، وإنني أرى أن هناك حاجة لأن تكون البلدات العربية مستقلة ماديًا".

وشدّدت عودة على أن ذلك "بحاجة إلى مناطق صناعية وتجارية، تحسّن اقتصاد البلدات العربية، والتي تمكنها من التخطيط الذاتي".

وقالت عودة: "نهايةً كل شيء يتعلق بالتخطيط، والمناطق المفتوحة، وتجديد الأحياء القديمة، التي من الممكن أن تُحسن من البلدات، بالإضافة إلى ذلك تقسيم البلدات بشكل مناسب ويتلاءم مع البيئة، وذلك لتفادي ما يحصل في كل شتاء".

التعليقات