"عدالة" يرصد انتهاكات خلال الحرب على غزة: حملة قمع صارمة لفلسطينيي الداخل وملاحقة سياسيّة جماعيّة

أكد عدالة أن المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل، يتعرّضون إلى "حملة قمع صارمة، تشكل ملاحقة سياسية جماعية بحقّهم". وأشار إلى أن "الإجراءات القانونية تفاوتت ما بين استدعاء لتحقيق، واعتقال، وتقديم لوائح اتهام، وطلبات اعتقال حتى انتهاء الإجراءات القانونية"، وغيرها.

أمهات في غزة يخبزن ما توفّر من دقيق (Getty Images)

أكّد مركز "عدالة" الحقوقي، أنه رصد عشرات الانتهاكات خلال الحرب على غزة، مشيرا إلى مئات الحالات من الملاحقات متعددة الأشكال؛ كما شدّد على أنّ معظم الاعتقالات والتحقيقات تمحورت حول منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، مشيرا إلى أن المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل، يتعرّضون إلى "حملة قمع صارمة، تشكل ملاحقة سياسية جماعية بحقّهم".

وذكر "عدالة" في بيان أصدره، اليوم الجمعة، أنه "في الأسابيع الثلاثة الأخيرة، توالت إلى مركز عدالة توجّهات من شرائح مختلفة في المجتمع الفلسطيني في إسرائيل... إثر تعرّض المواطنين لملاحقات متنوعة؛ إن كانت جنائية، أو ملاحقات في أماكن تعليمهم، أو عملهم، وذلك على خلفية تعبيرهم عن آرائهم، في ما يخصّ الأحداث الجارية في البلاد".

وأوضح البيان أنه "بالتعاون مع هيئة الطوارئ العربية، المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا، واللجنة الحقوقية التي يركّزها ’عدالة’، قام مركز عدالة برصد 161 حالة (لا يشمل شرق القدس) لإجراءات قانونية جنائية على خلفية الوضع الراهن، وذلك منذ تاريخ 7.10.2023".

وأشار إلى أن "الإجراءات القانونية تفاوتت ما بين استدعاء لتحقيق، واعتقال، وتقديم لوائح اتهام، وطلبات اعتقال حتى انتهاء الإجراءات القانونية، وما بين استدعاء ’لمحادثات تحذيرية’من قبل الشرطة أو جهاز الأمن العام (الشاباك)".

قائمة المنسقين المناطقيين الذين يوصي "عدالة" أي شخص تعرض لملاحقة قانونية بالتواصل معهم.

وشدّد عدالة على أن "معظم الاعتقالات والتحقيقات تمحورت حول منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، وبشكل أساسيّ، على منصّات وفيسبوك، وإنستغرام، وتيك توك وواتس آب".

وفي هذا الصدّد ذكر البيان أن "الحديث يدور في هذا السّياق عن 58 حالة تم رصدها حتى اللحظة (نرجّح أن تكون الأرقام أكبر من ذلك). بالمقابل، جرت اعتقالات اخرى إثر المشاركة في وقفات احتجاجية. في هذا السّياق، رصد مركز عدالة 22 حالة اعتقال، من بينها 12 حالة على خلفية مظاهرة أم الفحم (19.10.2023) وحدها".

وقال المركز إن "معظم الشبهات التي وُجّهت أثناء التحقيقات دارت حول القيام مخالفة ’تصرف غير لائق قد يؤدي الى الإخلال بالأمن العام’، وفقًا لقانون العقوبات، إضافةً إلى تهمتيّ ’التحريض على الإرهاب’ و’التماهي مع منظمة إرهابية’، وفقًا لقانون مكافحة الإرهاب".

ووفقًا لرصد المركز، فقد "أُطلق سراح معظم الأشخاص الّذين حُقّق معهم أو تمّ اعتقالهم فورًا بعد التحقيق، ضمن وضع شروط مقيدة كالحبس المنزلي، والإبعاد، والكفالات والضمانات المالية. في 64 حالة على الأقل، تم تقديم طلبات للمحاكم لتمديد الاعتقال".

"القائمة جزئية ولا تعكس الصورة الكاملة"

وأكد عدالة أنه "قُدّمت 11 لائحة اتهام ضد مواطنين فلسطينين وذلك على خلفية منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي". وأشار إلى أن "جميع لوائح الاتهام تشمل تهم ’التحريض على الإرهاب’ و/أو ’التماهي مع منظمة إرهابية’ وفقًا لقانون مكافحة الإرهاب الذي تم تشريعه عام 2016، كما قُدّمت 8 لوائح اتهام أخرى ضد سكان القدس الشرقية، 6 منها على خلفية منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، ولائحتا اتهام على خلفية إلقاء خطب في المساجد. في إحدى لائحتيّ الاتّهام على خلفية خطب المساجد، استندت لائحة الاتّهام على بند بقانون العقوبات يتطرق إلى ’إظهار قرار بالخيانة’، وهي تهمة قد تصل عقوبتها إلى 10 سنوات سجن".

وفي ما يخص التوزيع الجغرافي للمعطيات، "فقد رُصدت 81 حالة في منطقة الشمال، 56 حالة في منطقة المثلث والمركز، و20 حالة في منطقة النقب (بالإضافة لحالات قليلة لم نستطع رصد المعطيات الجغرافية بها).أما في سياق التوزيع الجندري للحالات، فقد استهدفت الإجراءات القانونية نساءً في 40 حالة، وذلك مقابل 121 حالة استُهدف فيها رجال. أما لوائح الاتهام(لا يشمل شرق القدس) 5 منها قُدّمت ضد نساء، و5 أخرى ضد رجال".

وعلى الرغم من تخصيص مركز عدالة طاقمًا لرصد حالات الاعتقال ومتابعة التطورات فيها، والعمل أمام مجموعات المحامين المتطوعين من كافة مناطق البلاد، والمنسقين المناطقيين، شدّد المركز "على كون هذه القائمة جزئية ولا تعكس الصورة الكاملة، ونعزو ذلك للزيادة المستمرة في أعداد الحالات، كما إلى ارتفاع وتيرة الملاحقات القانونية التي نشهدها".

وذكر المركز أنه "في ما يخصّ الطلاب، فقد شنّت المؤسسات الأكاديمية حملة ضد الطلاب العرب وتم تقديم العشرات منهم لإجراءات تأديبية على خلفية مشاركتهم لمحتويات على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بهم".

وأضاف أنه "في بعض الحالات قامت المؤسسات التعليمية بتعليق تعليمهم أو حتى فصلهم فعليًا، بدون سابق إنذار وقبيل إجراء جلسات تأديبية. من الجدير بالذكر أنه في الأيام الأخيرة، هنالك عدة حالات قامت بها الشرطة بالتحقيق مع طلاب على خلفية نفس المنشورات المطروحة أمام اللجان التأديبية".

ورصد مركز عدالة "99 حالة ملاحقة للطلاب بالمجمل، يمثّل عدالة 83 منها. عدد الطلاب الذين تلقّوا رسالة بتجميد تعليمهم حتّى اللحظة هو 48 طالبًا. ، قامت ’همخللاه لمنهال’ بايقاف 7 طلاب عن التعليم بشكل فوري ودون أي إجراء. عدد الطلاب الذين تلقّوا دعوات لجلسة استماع هو 74، 41 جلسة منها قد عقدت بالفعل".

أما بالنسبة لأعداد الطلبة الذين انتهت الإجراءات المتَّخذة بحقهم في لجان الطاعة (مع إمكانية للاستئناف) "فهم 14. بثمانية من الحالات انتهت الإجراءات بنتيجة مرضية تتراوح بين إغلاق الملف أو فرض عقوبات بسيطة. بخمسة حالات أخرى تم اتخاذ قرار بفصل 5 الطلاب فصلًا نهائيًا من أماكن تعليمهم. باثنتين من الحالات تمّ تعليق التعليم لمدة سنة دراسية أو فصل دراسيّ واحد، وهذه القرارات قابلة للاستئناف".

حملة قمع صارمة؛ ملاحقة سياسية جماعية

وشدد المركز على أن "كل هذه الإجراءات تندرج تحت أساليب القمع والاضطهاد السياسي التي يتعرض لها راهنًا المواطنون الفلسطينيون في إسرائيل على كافة شرائحهم. وتشمل هذه الإجراءات على استهداف الطلاب العرب الفلسطينيين في الجامعات والمؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية، وإيقاف العمال الفلسطينيين عن العمل وطردهم من وظائفهم، وحملة التحقيق والاعتقالات على أساس تتبّع المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، وحظر الشرطة للاحتجاجات التضامنية مع غزة، وقمع حرية المحامين الفلسطينيين في التعبير، والتحريض ضد أفراد وضد ممثلي الأحزاب السياسية العربية الفلسطينية".

وأكّد المركز أن "هذه الإجراءات تشكّل معًا حملة قمع صارمة ضد الفلسطينيين المواطنين في إسرائيل، كما تشكل ملاحقة سياسية جماعية لهم (بحقّهم)".

التعليقات