حيفا: ندوة ثقافية حول دير سيدة جبل الكرمل

نوقشت خلال الندوة الأحداث الأخيرة في دير سيدة جبل الكرمل (دير مار إلياس)، واستعرض المتحدثون تاريخ الدير ومستقبله، وكيفية التصدي لهذه الاعتداءات مستقبلا.

حيفا: ندوة ثقافية حول دير سيدة جبل الكرمل

جانب من الحضور في الندوة (عرب 48)

شارك العشرات، مساء أمس الأربعاء، في ندوة ثقافية بمبادرة من التجمع الوطني الديمقراطي والمنتدى الثقافي في حيفا حول "دير سيدة جبل الكرمل (دير مار إلياس) والرهبنة الكرملية، الماضي والحاضر والمستقبل".

وهذه الندوة الأولى التي تقام بعد اقتحامات متكررة من قبل مجموعات من المتطرفين اليهود، في العام الماضي، من أجل أداء طقوس وصلوات فيه والبحث عما يسمى "قبر النبي إليشع"، إذ تزعم هذه المجموعات أن الضريح داخل الدير.

ونوقشت خلال الندوة الأحداث الأخيرة، واستعرض المتحدثون تاريخ الدير ومستقبله، وكيفية التصدي لهذه الاعتداءات مستقبلا.

وأدار الحوار د. سرور عبود، وشارك فيه كل من د. جوني منصور، والأستاذ شربل دكور، والأب مجدي هاشول، والباحث والكاتب د. شكري عرّاف.

وشارك عدد من قيادات التجمع الوطني الديمقراطي في الندوة، بينها رئيس الحزب سامي أبو شحادة، والنائب السابق د. إمطانس شحادة، وسكرتير التجمع في حيفا، الأستاذ نزار زهرة، وأعضاء التجمع في المدينة بالإضافة إلى عدد من الناشطين السياسيين.

وفي كلمته، قال د. جوني منصور، إنه "استهل حديثي بالعودة إلى الأحداث التي حصلت في دير مار إلياس في حزيران/ يونيو العام الماضي، إذ تعرض الدير عدة مرات لاعتداءات من قبل متطرفين يهود الذين اعتدوا وادعوا أن داخل الدير يوجد قبر لرجل دين يهودي، منذ قرون، وهذه ادعاءات واهية، هي فقط للسيطرة على الدير".

وأضاف أن "علاقتنا التاريخية تعود لأكثر من 5 آلاف عام ونحن أبناء هذه البلاد، ومن دفنوا في تل السمك وفي الكرمل هم أجدادنا وأهلنا، لذلك علينا أن نحافظ على عاداتنا وتحديدًا في 20 تموز/ يوليو الذي لم نعد نحتفل به، ونطالب رجال الدين بإعادة الاحتفال بـ20 تموز الذي كان يستمر لعدة أيام، ومثل هذه النشاطات تجدد الارتباط بالمكان وتحديدًا للأجيال الصغيرة، هذه الاحتفالات تزيد من التشبث بالمكان، لذلك هناك حاجة ضرورية لإعادة الاحتفال بـ20 تموز في دير مار إلياس".

وتطرق خلال كلمته إلى الدور الذي لعبه دير مار إلياس في العام 1948، إذ قال إن "الدير كان مأوى لمئات العائلات التي هربت من العصابات الصهيونية التي اجتاحت المدينة، واحتضن العائلات لأيام وأسابيع حتى قلّ التوتر في المدينة واستطاعت العائلات الخروج من الدير، وهذا يمثل الأديرة في مختلف المناطق، ومنها دير الساليزيان في الناصرة وغيره الكثير في البلاد".

وتحدث منصور عن اقتحام ساحات دير مار إلياس، إذ قال إن "ما حصل خلال العام الماضي من اعتداءات وادعاءات كاذبة، كان محاولة للسيطرة على الدير، وهي صادرة من مجموعة متطرفة ومتدينة ويجب أن ننوه أنه لها صلة بالسياسيين وهذا مهم، ودليل أن ما يحصل هو موّجه من مجموعات سياسية أيضًا، وهذه الأفكار ليست جديدة إنما هي سياسات وأكبر مثال ما يحصل في المسجد الأقصى المبارك".

وأشار إلى التحرك الذي كان خلال الاعتداءات على دير مار الياس، إذ قال إنه "كان التحرك خلال تلك الفترة في مسارين، الأول السياسي الذي كان يعمل أمام السفارات والحكومات والجهات الدبلوماسية، بالإضافة إلى التحرك الشعبي الذي كان من أبناء شعبنا، وهذا التحرك مهم ولافت في ظل ما نعيشه".

وطالب منصور بـ"إعادة فتح الدير وعدم إغلاقه"، وقال إنه "نرفض أن يتم تقسيم الدير زمانيًا ومكانيَا، كما حصل في الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل، الدير يجب أن يبقى مفتوحًا ويستقبل الأهالي الوافدين وإغلاق الدير مرفوض".

وتطرق منصور إلى تطور خطاب رجال الدين المسيحيين، إذ قال إن "الخطاب الذي كان من خلال رجال الدين كان محصورا في البداية بالمكان والاعتداء على الدير، ولكن ما حصل تخطى الاعتداء على المكان، وخطاب رجال الدين تطور، ولكن بعد مدة طويلة من الاعتداء على المكان المقدس، لذلك كان يجب أن يكون الخطاب صارما منذ البداية حتى نبعد المخطط الذي تم وضعه من قبل تلك المجموعات المتطرفة، وهذه المجموعات ستعود وتكرر ما فعلته وبدعم أكبر، لأن ما يحصل اليوم من السيطرة على الدير، وما حصل عام 2023 سيتم تكراره فهذه الجماعات لا تمل وهي تبحث طوال الوقت وتلاحق المقدسات في كل مكان، لذلك يجب أن نكون يقظين".

وقال الأستاذ شربل دكور إنه "لا يمكننا الحديث والتطرق إلى دير مار إلياس دون التحدث عما يحصل في قطاع غزة والملاحقات السياسية للناشطين والفاعلين في الداخل، وأيضًا عما سيكون بعد الحرب، بالإضافة إلى ما تعيشه المدينة والعرب في البلاد بعد انتهاء الحرب، إذ أننا مقبلون على فترة صعبة وتحديدًا في مدينة حيفا، فنحن نرى ونسمع التصريحات العنصرية تجاه العرب".

وأضاف أن "المواطنين العرب في حيفا يعيشون في الوقت الحالي ظروفا صعبة، ولكن الأصعب سيكون بعد الحرب حيث سيتم التفرغ لنا بشكل أكبر من قبل المتطرفين، وأيضًا التغيرات التي تحصل وتتغير من قبل المرشحين للانتخابات في بلدية حيفا، الذين باتوا يستغلون كل فرصة للتحريض على العرب، إذ أن هؤلاء كانوا قبل ذلك يلهثون وراء العرب ويحاولون التواصل مع التجمع قبل الانتخابات وكنا نرفض ذلك، والآن يستغلون كل فرصة للتحريض على العرب".

ولفت شربل إلى أن "المواطنين العرب يتعرضون لهجمة شرسة، بينهم الموظفون والموظفات الذين تم طرد المئات منهم بادعاء دعم الإرهاب، على منشورات ليس لها علاقة بكل الادعاءات، وهذا كان مع إحدى الممرضات التي تعمل في مستشفى (بني تسيون) في المدينة، وحتى اللحظة لم يتمّ إعادتها إلى العمل لأسباب لم تعرف بعد".

وبشأن دير مار إلياس، قال إن "بلدية حيفا ورئيسة البلدية التي ذهبت للدير عندما كانت الاعتداءات، قررت بناء خزّان للماء على أرض الدير، رغم وجود مناطق شاسعة وواسعة في حيفا إلا أنهم قرروا بناء ذلك على الأراضي التابعة للدير، هذه البلدية قررت بناء خزّان للماء على أرض الدير، وهذا يظهر السياسات المبطنة التي تعمل عليها البلدية، لذلك من المهم العمل بكل الطرق القانونية لمنع هذه المخططات".

وقال الأب مجدي هاشول إن "الدير له تاريخ طويل جدًا، وهذا مهم ومرتبط بما يحصل الآن، لذلك علينا أن نذكُر تاريخ الكنيسة المرتبط بالجذور والتاريخ، لذلك من المهم إعادة ذكر تاريخ الكنيسة للتمسك بها والحفاظ عليها".

وأضاف أنه "كان العديد من الأعمال ومن خلف الكواليس التي حصلت خلال أحداث كنيسة دير مار إلياس، وكان تواصل مع شخصيات اعتبارية ودينية من البلاد وخارجها، وليس كل عمل قمنا به كان منشورا في وسائل الإعلام وهناك أمور لم تأخذ حقّها بالإعلام، لذلك لا نريد أن نظلم أحدا".

وقال د. شكري عرّاف إن "هذه الخطوة وعقد الندوة مباركة، ولكن هذا غير كاف، ويجب نقل ما يحصل إلى الجيل الشاب لأن الجيل الشاب بارع ورائع في نقل الحقائق عن طريق الوسائل التكنولوجية المتطورة، لذلك من المهم نقل التاريخ إلى الجيل الشباب، وعقد مثل هذه الندوات لأنها تقيم وتحسن من العمل وتطرح الأفكار، ويجب أن يكون أكثر ندوات من هذا النوع".

وأضاف عرّاف أنه "من المهم علينا ربط القصص الشعبية بأمور أسطورية كما يفعل الجانب الآخر، إذ أن ربط القصص بالأساطير وفلسطين يعزز من قوتها وتأثيرها وترسيخها أيضًا، لذلك يجب أن نربط كل شيء بالأساطير، التي تعزز القصة وتذوتها".

وأشار إلى أنه "يجب تعميق ما تم معرفته مما جرى، ويجب أن ينشر كل شيء في وسائل الإعلام وعقد اللقاءات والندوات في النوادي حتى لا تتم إعادة الخطأ مرة أخرى وحتى نتعلم منه، ورفع الوعي جانب مهم وضروري، وذلك من خلال كل الأحزاب ولمؤسسات التعليمية وكل جانب".

وختم عراف حديثه بالقول إن "ما يحصل ليس فقط في دير مار إلياس إنما يحصل في أماكن أخرى ومنها ليس بعيدًا هنا بالقرب منا في شفاعمرو، حيث يحاولون الاستيلاء على مكان مقدس للمسيحيين بادعاء أنه قبر لرجل دين يهودي، صحيح تم الاعتراض على الأعمال التي قاموا بها في شفاعمرو، ولكن الرد لم يكن كافيا، ويجب العمل بشكل أكبر مع الضغط العشبي لمنع الاستيلاء على المكان".

وفي نهاية الندوة، تم فتح المجال لطرح الأسئلة من قبل الحضور والإجابة عنها.

التعليقات