رمزية عروق: زوجي يتحدى المرض كما تحدى الظلم والسجن

ناشدت رمزية عروق، زوجة الأسير موفق عروق من قرية يافة الناصرة، عبر "عرب 48" كل صاحب ضمير أن يتدخل من أجل تحرير زوجها ليقضي أيامه الأخيرة، على حد اعتقادها، بين أبناء عائلته التي حرمت منه، وحرم منها 17 عاما.

رمزية عروق: زوجي يتحدى المرض كما تحدى الظلم والسجن

رمزية عروق تحمل صورة زوجها الأسير (عرب 48)

ناشدت رمزية عروق، زوجة الأسير موفق عروق من قرية يافة الناصرة، عبر "عرب 48" كل صاحب ضمير أن يتدخل من أجل تحرير زوجها ليقضي أيامه الأخيرة، على حد اعتقادها، بين أبناء عائلته التي حرمت منه، وحرم منها منذ 17 عاما، دون ذنب اقترفه سوى أنه نقل بسيارة الأجرة التي كان يعمل عليها شخصين لا يعرف هويتهما، من وادي عارة إلى تل أبيب، ولم يكن يعلم بأنهما منفذا عملية التفجير التي وقعت في تل أبيب عام 2003 إلا بعد اعتقاله من بيته واقتياده للتحقيق.

ولا تزال رمزية عروق متمسكة بموقفها وواثقة من براءة زوجها الذي أنهكه المرض وساءت صحته في السجن، وتم قبل أيام استئصال معدته بعملية جراحية أجريت له في مستشفى "برزلاي" في عسقلان، بسبب المرض الخبيث الذي ألم به وهو يقبع خلف القضبان.

ومن جانبها، ناشدت الابنة نهى موفق عروق، رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، ومؤسسات حقوق الإنسان ووزير شؤون الأسرى، قدورة فارس، بالتدخل وممارسة الضغط على إسرائيل من أجل الإفراج عن والدها الأسير.

وقالت نهى عروق في حديث لـ"عرب 48" إن مناشدتها هذه لاقت أصداء واسعة في الشارع الفلسطيني، وإن مظاهرات انطلقت في نابلس ومدن فلسطينية أخرى رفعت فيها صور والدها الأسير.

وأضافت أنه "نسعى من أجل العفو عن والدي في أيامه الأخيرة، بواسطة المحامين والهيئات المختلفة. لا نريد لروحه أن تغادر جسده وهو يقبع بين أربعة جدران. نريد أن نودعه ونأخذه بالأحضان". وهو الأمر الذي أكدت عليه زوجة الأسير: "لا نطلب سوى أن نضمه إلينا. موفق صاحب القلب الحنون الذي ترك لنا الحسرة في البيت، نذكره كل يوم وفي كل المناسبات، وحتى حين نتناول الطعام الذي كان يحبه نتمنى لو أنه بيننا".

وصفت الزوجة الزيارات الدورية التي تقوم بها مع أولادها لزوجها الأسير بأنها ضرب من المعاناة والتنكيل بالعائلة، إذ تتعرض العائلة لتفتيش مهين من قبل عناصر سلطة السجون، وبالتالي "لا يسمح لنا باللقاء إلا عبر زجاج سميك لا يسمحوا لنا حتى بمصافحته للشعور بدفء قلبه الذي اعتدنا عليه حين كان بيننا".

اللقاء الأخير الذي جمع رمزية عروق بزوجها الأسير، كان قبل نحو شهر، كانت برفقة ابنتها نهى التي أكدت هي أيضا أن صحة والدها كانت سيئة للغاية، وجاء اللقاء معه بعد جلسة من العلاج الكيماوي الذي حصل عليه قبل أن تجرى له عملية استئصال المعدة. وقالت الابنة إنه "في المرة الأخيرة التي شاهدناه كان يترنح في مشيته وغير ثابت، بينما كان يمسك به عنصران من الأمن، كان شعره متساقطا ولون وجهه أصفر، لكنه طمأننا بأنه سينتصر على المرض وأنه سيصبر ويتحدى المرض كما تحدى الظلم والسجن".

وأكثر ما يؤلم الزوجة أن زوجها الأسير لم يرَ أحفاده منذ ولادتهم، وقالت "إنهم لا يعرفونه ولم يرونه إلا في الصورة، فهم ممنوعون من زيارته، باستثنائي وأولاده وأشقائه. وحتى حين فقد شقيقه لم يسمحوا له بالخروج من السجن لحضور مراسم التشييع، كما أنه لم يخرج في إجازة على الإطلاق منذ يوم اعتقاله الذي دخل عامه الثامن عشر".

رمزية عروق وزوجها الأسير موفق عروق

كان لدى العائلة أمل في أن يتم تحرير الأسير عروق في إطار صفقة التبادل مع الجندي الإسرائيلي، غلعاد شاليط، وفي حينه توجه نجله مراد موفق عروق، إلى سجن مجيدو حاملا معه الأوراق الثبوتية وكل الوثائق المتعلقة بوالده. ذهب دون أن يعير نشر أسماء أسرى الداخل والذين أفرج عنهم في تلك الصفقة أي اهتمام فقد حركه شوقه وأمله الجارف بتحرير والده من السجن. أما زوجة الأسير فلم تستطع القيام بأي شيء سوى متابعة أخبار الصفقة ورصد كل صوت جاء من الخارج، "كنت كل ما سمعت صوت كلام أو ضجيج أعتقد أن موفق أفرج عنه في إطار الصفقة. لكن سرعان ما كان هذا الأمل يتبدد حين يطبق الصمت على المكان مجددا".

وعن ذلك اليوم المشؤوم الذي تم فيه اعتقال عروق من بيته في يافة الناصرة، قالت الزوجة إن "قوات كبيرة من الشرطة المعززة بالوحدات الخاصة داهمت المنزل في الساعة الثانية صباحا، فتشوا البيت وعاثوا فيه وبمحتوياته فسادا، واعتقلت زوجي واثنين من أولادي دون أن نفهم السبب، ومن صدمتي نقلت للمستشفى وتم تشخيص الضغط المرتفع والسكري في جسمي نتيجة الصدمة والرعب. حاولنا أن نفهم وأن نستفسر عن سبب الاعتقال والأكثر من ذلك لم نكن نعرف أين يتواجد زوجي، واستمر هذا الحال لمدة شهر بعدها علمنا بتفاصيل التهمة وبمكان اعتقال زوجي في بئر السبع في حين وضع اثنان من أبنائي رهن الحبس المنزلي لشهر إضافي".

لم تنته معاناة عائلة عروق هنا بل بدأت المعاناة حين حكم على موفق عروق والبالغ من العمر 58 عاما في حينه (77 عاما اليوم) بالسجن الفعلي لمدة 42 عاما بعد أن أدين بتهمة "تقديم المساعدة في عملية ضد أهداف إسرائيلية" سقط فيها 25 قتيلا.

معاناة الزيارة والتفتيش الانتقامي لذوي الأسرى

في أيام الزيارة تنطلق العائلة في ساعات الفجر الأولى، فقد اعتقل عروق بداية في سجن "كتسيعوت" في بئر السبع ومن ثم نقل إلى سجن "هداريم"، وسط البلاد، وبعدها إلى "جلبوع" في منطقة المروج، ثم إلى "مجيدو" ليعيدوه بعد ذلك إلى "جلبوع" ثم سجن الرملة. "لم يتركوا سجنا إلا نقلوه إليه وذلك لزيادة معاناتنا"، قالت الزوجة. وعن يوم الزيارة، أكدت أن "التفتيش الذي نتعرض له مهين للغاية ويجري التدقيق بكل التفاصيل. ننتظر تحت المطر في الشتاء وتحت أشعة الشمس الحارقة في الصيف ونصل للتفتيش وقوانا منهكة".

وأضافت زوجة الأسير أنه "إذا أردنا تزويده بصور لأحفاده لا يسمح لنا بأكثر من 5 صور، والأنكى من كل ذلك أن اللقاء مع زوجي يتم عبر حاجز زجاجي سميك، والتواصل معه يكون عبر الهاتف وفي مكان ضيق". وشددت عروق على أن وضعها الصحي لم يعد يسمح لها بتحمل الضغط الذي يتعرض له أهالي الأسرى. ومن الأمور غير المفهومة أن سلطة السجون تمنع "الكانتينا" (مصروف الجيب للشراء من مراكز البيع في السجون) عن الأسير منذ الإعلان عن "صفقة القرن"، وهي لا تدري ما العلاقة بين الأمرين!

تعيش عائلة الأسير عروق، اليوم، على أمل أن يتم تحرير الأسير موفق نظرا لوضعه الصحي السيء والآخذ بالتدهور تدريجيا، إما من قبل المحكمة أو من قبل الرئيس الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين، حتى ولو كان هذا الأمل ضئيلا، إلا أنه يبقى سببا في توحيد أبناء عائلة الأسير عروق المؤلفة من ثلاثة أبناء وثلاث بنات، على هدف واحد هو الجلوس حول سرير والدهم بعد عودته إلى البيت.

التعليقات