13/11/2021 - 21:08

د. عاص أطرش: "الامتحان هو بتنفيذ الخطة الاقتصادية وتحويل الميزانيات"

أقرت الحكومة في مستهل شهر آب/ أغسطس ميزانية الدولة لعام 2021 بقيمة 432.5 مليار شيكل وميزانية العام 2022 بقيمة 452.5 مليار شيكل (والتي صادقت عليها الكنيست مطلع الشهر الحالي) وذلك بعد أن تعذر إقرارها ثلاثة أعوام متتالية.

د. عاص أطرش:

من أحد الأسواق المحلية

أقرت الحكومة في مستهل شهر آب/ أغسطس ميزانية الدولة لعام 2021 بقيمة 432.5 مليار شيكل وميزانية العام 2022 بقيمة 452.5 مليار شيكل (والتي صادقت عليها الكنيست مطلع الشهر الحالي) وذلك بعد أن تعذر إقرارها ثلاثة أعوام متتالية.

وتناولت ورقة تقدير موقف صدرت عن مركز "مدى الكرمل" تأثير الميزانية الجديدة على فرص تطوير وتنمية الاقتصاد العربي وادعت أن مشروع الميزانية على الرغم من الوعود بتخصيص ميزانيات كبيرة للمجتمع العربي في السنوات الخمس القادمة، لا يحمل تغييرا حقيقيا في السياسات الاقتصادية المعمول بها تجاه المجتمع العربي في العقد الأخير، وأنه علاوة على هذا ليس ثمة تطوير وتنمية مستدامة للاقتصاد العربي.

وأوردت الورقة أنه بعد معاينة بنود الميزانية يظهر أنها استمرار لسياسات الحكومات الإسرائيلية السابقة في تعويض السلطات المحلية العربية عن ميزانيات كانت محرومة منها في السابق وهذه المبالغ معدة أصلا للمصروفات العامة في ميزانية السلطة المحلية الاعتيادية، مشيرة إلى أن الميزانيات وضعت في بنود لا تؤدي إلى تنمية اقتصادية مستدامة أو في إحداث تغيير بنيوي حقيقي في الاقتصاد العربي.

هذا ناهيك عن الشكوك بشأن توفير وتخصيص الميزانيات التي وعد بها المجتمع العربي ضمن الاتفاق مع القائمة العربية الموحدة لدى انضمامها إلى تحالف بينيت - لبيد على غرار التنفيذ الجزئي للخطة الاقتصادية 922، كما جاء في الورقة.

د. عاص أطرش

حول هذا الموضوع والخطط الاقتصادية الحكومية بالمجتمع العربي، والخطة الأخيرة بشكل خاص، كان هذا الحوار مع الباحث الاقتصادي د. عاص أطرش مدير مركز يافا للأبحاث واستطلاعات الرأي.

"عرب 48": الخطة الاقتصادية التي أُقرّت ضمن ميزانية الدولة وجاءت ثمرة لاتفاق ائتلافي مع القائمة العربية الموحدة، هي كما يبدو من عنوانها "خطة تقليص فجوات" وليست خطة تنمية وتطوير اقتصادي للمجتمع العربي، وهي تنحو منحى خطة 922 التي سبق وأقرتها حكومة بنيامين نتنياهو عام 2015 وتندرج كما يبدو ضمن رؤية اقتصادية إسرائيلية لاستغلال طاقات المجتمع العربي وموارده البشرية كرافعة لنمو الاقتصاد الإسرائيلي؟

أطرش: منذ انضمام إسرائيل لمنظمة التعاون والتنمية (أو. إيي. سي. دي) أخذت تستفيد من تقاريرها وتحاول إصلاح الثغرات التي تعتري اقتصادها من جهة وتتوخى الالتزام بتوجهاتها في الحفاظ على نوع من المساواة والعدالة الاقتصادية بين القطاعات السكانية المختلفة داخل دولها من جهة أخرى.

لذلك بدأت تهتم في عملية تطوير اقتصاد المجتمع العربي الذي يشكل إلى جانب اليهود الأرثوذكس (الحريديين) أهم هذه الثغرات وأكثرها مدعاة لنقد هذه التقارير، إضافة إلى أنه يحول دون ارتفاع نسبة نمو الاقتصاد الإسرائيلي التي تقف منذ سنوات عند حدود الـ3% تقريبا (قبل جائحة كورونا).

وقد تمحور هذا الجهد في تكثيف العمل على زيادة نسبة تشغيل النساء في المجتمع العربي والرجال بين الحريديين، وفي وقت سجلت نجاحات نسبية في زيادة نسبة النساء العربيات المنخرطات في سوق العمل لتصل إلى نسبة أكثر من 30%، وبرزت في السنوات الأخيرة مشكلة تراجع هذه النسبة بين فئة الشباب غير المتعلمين والذين يفتقرون إلى التأهيل المهني بشكل خاص وذلك بسبب التغيرات التي طرأت على سوق العمل الإسرائيلي.

وجدير بالذكر أنه قبل الخطة الخمسية 922 التي أقرت في عهد حكومة نتنياهو وبجهد وتعاون من اللجنة القطرية للسلطات المحلية العربية والقائمة المشتركة، كانت هناك خطة خمسية بميزانية أكثر تواضعا، كما أن خطة 922 جرى إقرارها والقائمة المشتركة في المعارضة ومن قبل حكومة يمينية.

أما بخصوص شق السؤال المتعلق بالتنمية فإننا عندما نتحدث عن التنمية الاقتصادية أو التطوير الاقتصادي بالمفاهيم الحديثة، فنحن نعني عدة أمور إلى جانب النمو الاقتصادي منها نمو دخل الفرد وزيادة الانتاجية بوتيرة عالية والتغيير في المبنى الاجتماعي والتغيير في مبنى المؤسسات الوظيفية، وأهم شيء لدى الحديث عن التنمية الاقتصادية هو انخفاض معدلات عدم المساواة واستئصال الفقر.

ضمن هذا المفهوم فإن الخطة الاقتصادية الخمسية للمجتمع العربي التي أقرتها الحكومة الإسرائيلية تأخذ بعين الاعتبار هذه الأمور، لأنها تتحدث عن المبنى الاجتماعي من كل جوانبه بدءا من زيادة الاستثمار في التعليم إلى تحسين الخدمات الاجتماعية وتطوير البنية التحتية وكل ذلك يخلق مناخا مناسبا لتشجيع استثمارات مستقبلية.

"عرب 48": ولكن هناك من يقول إن المطلوب تغيير سياسات اقتصادية للقضاء على التمييز البنيوي الذي خلق هذه الفجوات وعمقها وليس العمل على تقليص فجوات لن يتم ردمها طالما ظل التمييز قائما في مبنى الاقتصاد والسياسة الإسرائيلية؟

اطرش: صحيح، ولكن الخطة الاقتصادية تعطي مجالا لتحسين الوضع وتقليص الفجوات، علما أن الامتحان هو في التنفيذ وفي جودة التنفيذ وآلياته، ومن الواضح أن التنمية المستدامة تتطلب توفر حد أدنى من العدالة الاجتماعية وتحتاج إلى إعادة هيكلة وتوسيع الخطط الهيكلية ومناطق النفوذ للبلدات العربية وبضمنها المناطق الصناعية والتشغيلية وقضايا الإسكان.

بمعنى إعادة توزيع عادل للموارد وفي مقدمتها الأرض وهو ما يحتاج إلى اجراءات قانونية وتسهيلات إجرائية، ويتطلب تغيير سياسات اقتصادية انطلاقا من كوننا مواطنين متساوين.

"عرب 48": اللافت أن الخطة تركز على التشغيل وهي تتناول التعليم والبنية التحتية وغيرها، في سياق كيفية الدفع بقضية تشغيل النساء والرجال لرفد الاقتصاد الإسرائيلي بمزيد من القوى العاملة وزيادة الانتاجية والنمو؟

أطرش: الموضوع مركب فنحن عندما نتحدث عن تنمية نتحدث عن دخل وتوزيع مداخيل، والمداخيل بحاجة لتشغيل والتشغيل يحتاج لمهارات والمهارات تحتاج لتعليم، ولا نستطيع القول إن هذا لاغ لأن هناك تفكير إسرائيلي يقول بوجود ثغرة لدى العرب والحريديين يجب ردمها لزيادة نمو الاقتصاد الإسرائيلي، فنحن لا نستطيع أن نرفض ما هو لمصلحتنا لمجرد أنه لمصلحة الاقتصاد الإسرائيلي أيضا.

المفروض التعامل مع الموضوع بمنظار إيجابي، فعندما تتحدث عن تنمية ونمو مداخيل فإن رفع المداخيل وتحسين الخدمات الاجتماعية هو موضوع يحتاج إلى مهارات وتأهيل كوادر وتلك الكوادر بحاجة إلى استثمارات، ومن الواضح أن كل ما تفعله كمجتمع وكفرد هو أن تعمل لكي تحسن دخلك وتعيش بمستوى عال.

"عرب 48": ما تقوله صحيح، ولكن إذا كانت هذه حاجة إسرائيلية فلماذا ندفع الثمن، فقد جرى إقرار خطة 922 بدون ثمن سياسي، السؤال هل الخطة الجديدة تختلف جوهريا عن خطة 922 بحيث تتطلب دفع هذا الثمن السياسي الباهظ؟

أطرش: جوهريا لا يوجد هناك اختلاف وكلتاهما ذهبتا باتجاه تقليص الفجوات، علما أن الخطة الأخيرة تطرقت إلى جوانب لم تكن موجودة في خطة 922 والميزانية المرصودة لها مضاعفة، ولكن كما يتضح من تجربة 922 التي وصل إلى المجتمع العربي منها نصف المبلغ المرصود لها، فإن الامتحان هو بالتنفيذ وتحويل كامل الميزانيات المخصصة، إلى جانب تنفيذ التسهيلات التشريعية المطلوبة من أجل تطوير البنى التحتية والسكانية.

يجب أن تتوفر نوايا حقيقية لدى الوزارات المختلفة التي تقبض على الميزانيات لتسهيل الإفراج عنها لصالح تطوير المجتمع العربي، خاصة وأننا نعرف أن نصف ميزانية الخطة يفترض أن تقتطع من ميزانية الوزارات ذات العلاقة، وهو موضوع سبق وأن أثار جدلا لدى وزارات بعينها مثل وزارة الداخلية والإسكان والتربية والتعليم والتي ستتكبد الحصة الأكبر من ميزانية الخطة، حيث أبدت معارضتها على اقتطاع هذه المبالغ من ميزانياتها.

التعليقات