بعد 64 عاما على النكبة؛ اقامة متحف وأرشيف لتوثيق نكبة فلسطين في أم الفحم

من جانبه يقول القيم على البرنامج إسماعيل ناشف: يأتي معرض "ذاكرة وهجرة" ليثير من جديد المحور الأساسي في حياة المجتمع الفلسطيني اليوم: مواجهة مأساة 1948 وأبعادها على حياة المجتمع منذ ذلك الحين وإلى يومنا هذا. ما يميز هذا المعرض هو طرحه لموضوعة الذاكرة والهجرة على ضوء التغييرات العميقة التي يمر فيها المجتمع الفلسطيني اليوم، من جانب، والتطورات التكنولوجية التي تمكّن من استخدام طرق تعبير بصرية مختلفة عن المأساة الفلسطينية، من جانب آخر

بعد 64 عاما على النكبة؛ اقامة متحف وأرشيف لتوثيق نكبة فلسطين في أم الفحم

64 عاما على النكبة معرض "ذاكرة وهجرة" في صالة العرض والفنون في مدينة أم الفحم والتي تواصل تحضيراتهالافتتاح هذاالمعرض الفني والأرشيف المدون في منتصف الشهر الجاري بالتزامن مع الذكرى الـ64 للنكبة، وفي إطار الاستعدادات الجارية استضافت صالة العرض العشرات من مديري المتاحف من البلدان الاوروبية لتبادل الخبرات حول الأعمال الفنية والتاريخية التي توثق رواية الشعب الفلسطيني.


فعاليات المعرض التي ستستمر حتى نهاية الشهر المقبل، تتضمن عرضا لأفلام وثائقية عن فلسطين، ومعرضا فنيا بعنوان "800 عام على أم الفحم"، وأرشيف "ذاكرةالمكان" الذي يوثق التاريخ المصور لمدينة ام الفحم ووادي عارة والنكبة من خلال 250 شهادةشفوية مصورة لناجين من مجازر النكبة في العام 1948 الى جانب مشاركة تيار جديد من الفنانين الفلسطينيين الذين يعتمدون ادوات تعبير فنية مختلفة عن الجيل التقليدي في تجسيد النكبة والذاكرة.

وجاء ذلك بحسب القيمين على هذا المشروع في مساعي لتصحيح الرواية المزورة بحيث ان رغم مشهد اللجوء والشتات والاستعمار منذ عام 1948، وما انتج من إفرازات علىواقعالشعب الفلسطيني، إلا أنه بقي يعيش حالة ارتهان للنكبة دون تأطيرها بمتحف أو أرشيفليكون رافعة لمواجهة وتفنيد الرواية التي دأبت لتشويه وتزوير النكبة، وبالمقابل ترسيخ الذاكرة الجمعية والتأريخ .

رئيس قسم التاريخ والفلسفة في الجامعة المفتوحة والمسؤول الاكاديمي لمشروع الارشيف برفسور مصطفى كبها انتقد غياب ارشيف ومتحف للتوثيق واشار الى مبادرات سابقة ومنها في جامعة بير زيت اخفقت بسبب انعدام الخبرات وغياب التعاون والتنسيق او شبه معدوم، وان هناك مشاريع ولكن بمبادرات فردية، واضاف برفسور كبها ان هذه الخطوة بمثابة انطلاقة نحو التوثيق الشامل واعتقد ان افضل طريقة لبناء ارشيف هو الانطلاق بارشيفات محلية بحيث يعكس ذلك صورة الوضع العام،كما نتطلع لان يشكل الارشيف المحلي نموذج ومثال لاقامة ارشيفات اخرى ليتم بالتالي التشبيك بينها لتشكل ارشيف متكامل،وحول مصاعب العمل.

وقال: إن خطط العمل مبنية على كوادر العاملين الذين استمر تاهيلهم مدة سنة كاملة وهم من طلابي ومهتمين في التاريخ بالجامعة المفتوحة،بحيث ان كل واحد منهم كان عليه ان يقوم بمقابلات شفوية على محاور ثلاث:الرواية الشفوية،الصور ،ووثائق مكتوبة،بحيث اصدرنا الكتاب الاول "التاريخ المصور" لوادي عارة 1903-2008ويضم مئات الصور من قرى ومدن وادي عارة من سالم في الشرق وعلى جانبي عارة من الجنوب والروحة من الشمال بما في ذلك القرى المهجرة بالمقابل قمنا بجمع الاف الصور من الارشيفات العالمية والداخلية والشخصية،وتم اجراء قرابة 180مقابلة شفوية مع اشخاص شركاء في صنع الاحداث او شاهدين بحيث ان التجاوب لم يكن سهلا بحيث تعتبر الوثيقة من الخصوصيات،وكنا مضطرين لتصويرها واعادتها لاصحابها كما جمعنا تسجيلات صوتية ومصورة تعود لسنوات الثلثينات من القرن الماضي من الارشيفات البريطانية،ونحن الان بصدد اصدار الكتاب الثاني يتضمن ارشيفات وادي عارة.

مدير صالة العرض والفنون في مدينة أم الفحم الفنان سعيد أبو شقرةإن معرض "ذاكرة وهجرة" قالان الفكرة الأساسية اعتمدت تقنيات التدوين السرديةوالبصرية للنكبةوهيغير ثابتة بل متحولة ، ولذلك فان المعرض تاسس علىفكرة رصد هذه التحولات من خلال تقنيات التدوين بهدف فحص الجمالية المنبثقة عنها كمداخلةلاعادة تشكيل الفهم السائد للنكبةومواجهته.

واعتبر ابو شقرة ان أهمية الأرشيف أو المتحف تندرج ضمنالمحاولة لتجسيد رواية الشعب الفلسطيني وعدماندثارها، والانعتاق من حالة الارتهان، وسردرواية فلسطينية جماعية تنسجم مع الماضي والحاضر وتتطلع للمستقبلبحفظ التاريخ وصيانة الهوية.

من جانبه يقول القيم على البرنامج إسماعيل ناشف: يأتي معرض "ذاكرة وهجرة" ليثير من جديد المحور الأساسي في حياة المجتمع الفلسطيني اليوم: مواجهة مأساة 1948 وأبعادها على حياة المجتمع منذ ذلك الحين وإلى يومنا هذا. ما يميز هذا المعرض هو طرحه لموضوعة الذاكرة والهجرة على ضوء التغييرات العميقة التي يمر فيها المجتمع الفلسطيني اليوم، من جانب، والتطورات التكنولوجية التي تمكّن من استخدام طرق تعبير بصرية مختلفة عن المأساة الفلسطينية، من جانب آخر. ينبني المعرض على فكرة مفادها أن هذا المفترق وَلّد لغة بصرية/مرئية مختلفة عن اللغة المعهودة، هذا بحيث أنها شكلت تحدياً للنظام الاجتماعي السياسي القائم. إن النظام البصري/المرئي الفلسطيني الجديد يُلزم فحصاً معمقاً للبديهيات التي جعلت من الحقل السياسي ونظامه يُخضعان شتى مجالات الحياة الاجتماعية والثقافية لهما. المعرض يطرح أسئلة حول مميزات هذا التغيير بالحقل البصري/المرئي الفلسطيني، كما حول تعبيراته وأبعاده على الحقل الفني المهموم بقضايا الذاكرة والهجرة. 

ويضيف: يحتم موضوع المعرض استحضار زوايا فنية وتوثيقية عديدة لمحاولة الإلمام جزئياً بهذه التغييرات. لذلك، جرى اختيار سبعة فنانين ذوي خلفيات متباينة، ولكن كل الفنانون منشغلون بقضية التعبير البصري من جديد لقضية الذاكرة والهجرة بالمستويين التوثيقي والفني.

الفنانون هم: أسامة سعيد، زهدي قادري، محمد فضل، أنيسة أشقر، مهند يعقوبي، إسماعيل بحري، فازال شيخ. يشارك أسامة سعيد بأربع لوحات زيتية من العام الماضي، وهي تقوم بتشكيل الحلظة التالية للمأساة، تلك اللحظة التي تتشكل فيها الضحية كهوية مرئية اجتماعية. أما زهدي قادري فيشارك بلوحات زيتية من فترات مختلفة تعالج كلها موضوعة العلاقة بين الشكل وماديّة العمل الفني، وبهذا فهو يفتح من جديد سؤال مادية جسد المأساة الفلسطينية وكيف يمكن لهذه المادية أن تعيد صياغة أدوات التعبير عن ذاتها.

يعرض محمد فضل جزءاً من سلسلة "عسل" (2011)، تثير هذه السلسلة قضية عدم إمكانية الجَسر بين واقع اللجوء اليومي والرمزي والحلم العسلي بالعودة والتحرر، فالبيئة اللونية هي عسلية بينما الأشكال هي للسلاح والعسكر.

عمل الفيديو "احفظ التاريخ:بعد الظهر" (2011) لأنيسة أشقر ياخذ المشاهد إلى جولة في حطام المدينة الفلسطينية، فهي إذ تخرج من متحف حيفا لتعود مشياً إلى أزقة وادي النسناس باحثة عن المدينة الضائعة، نجدها تفشل في العودة حين تغلق العمل في متحف حيفا. "الجسر" (2012) لمهند يعقوبي، هو عمل فيديو نشاهد به خروج الفلسطينيين/ات عبر جسر العودة المدمر على نهر الأردن عام 1967، قام مهند بتجميع هذه المشاهد من سبعة أفلام مختلفة حول المأساة الفلسطينية، والفيديو ذو إيقاع بطيء جداً بحيث يجبر المشاهد على عبور الجسر مع من عبره حينها.

يشارك إسماعيل بحري بعمله Orientation (2010) وهو فيديو لجولة في مدينة تونس يصور خلالها الفنان نفسه وهو يحمل كأس مليئة بالحبر، كل دقيقتان إلى ثلاث دقائق يقف الفنان ويضع الكأس على الأرض، تقترب عدسة الكاميرا إلى الكأس وتركِّز على الصورة المتشكلة على سطح الحبر، وهي صورة أعلى المدينة مقلوبة. 

إن المدينة العربية في العهد الما بعد كولونيالي هي في الحقيقة المرآة التي تعكس ما يمكن أن تكون عليه المدينة الفلسطينية المفقودة. فازال شيخ يعرض جزء من مجموعته Erasure (2012) وهي تسجيل فوتوغرافي لآثار عملية محو المجتمع الفلسطيني على مختلف أجزائه، وفي هذا الجزء يتطرق إلى أم الفحم. عبر البورتريه، وصور قديمة لأفراد العائلة، وبيت مهجور، يقوم فازال بإعادة تركيب قصة المجتمع الذي جرى محوه. 

ويضيف ناشف: تتناول الأعمال الفنية المشاركة الذاكرة والهجرة عبر مجاز بصري يعمل وفق مبدأين ناظمين. المبدأ الأول هو السعي المراوح واللحوح في طريق العودة، كما رأينا ذلك في أعمال أنيسة ومهند وإسماعيل. أما المبدأ الثاني فهو ثقل جسد المأساة الفلسطينية، وذلك كما تبين في أعمال أسامة وفازال وزهدي ومحمد. يبدو أن العلاقة الجدلية بين ثقل جسد المأساة والسعي في طريق العودة ستستمر في تحديد كيفية نظر الفلسطينين/ات إلى أنفسهم كما كيفية نظر الآخرين إليهم. 

التعليقات