استطلاع: فلسطينيو الداخل يؤيدون اندلاع انتفاضة

أظهر استطلاع للرأي أن 58% من فلسطينيي الداخل يؤيدون اندلاع انتفاضة في مناطق 48 في حال استمرت الأوضاع من سيء إلى أسوأ، و58% منهم يؤيدون اندلاع انتفاضة ثالثة في الضفة وغزة في حال استمر انسداد الأفق السياسي وتعثر المفاوضات، و63 % منهم قالوا إنه من حق ايران امتلاك مشروع نووي.

استطلاع:  فلسطينيو الداخل يؤيدون اندلاع انتفاضة

أظهر استطلاع للرأي أن 58% من فلسطينيي الداخل يؤيدون اندلاع انتفاضة في مناطق 48 في حال استمرت الأوضاع من سيء إلى أسوأ، و58% منهم يؤيدون اندلاع انتفاضة ثالثة في الضفة وغزة في حال استمر انسداد الأفق السياسي وتعثر المفاوضات، و63 % منهم قالوا إنه من حق ايران امتلاك مشروع نووي.

النتائج صدرت عن استطلاع للرأي أشرف عليه البروفيسور "سامي سموحه" في جامعة حيفا بالتعاون مع مركز "اسرائيل الديمقراطية".  وثمة عدة مؤشرات على أن فلسطينيي الداخل على أعتاب موجة غضب جديدة قد تتحول إلى مواجهات دائمة، ودخول العلاقة بين النظام الإسرائيلي العنصري والمواطنين العرب في فصل جديد من المواجهة الفعلية التي قد تكون أكثر شمولية وحدة  وأطول زمناً من هبات الغضب العارم الذي تجلى في يوم الأرض عام 1976 وفي الأيام الأولى للانتفاضة الثانية عام 2000، حيث اجتاحت الجماهير العربية داخل الخط الأخضر الشوارع ومفارق الطرق الرئيسية والتي كانت نتيجتها سقوط الشهداء والجرحى.  ومن بين تلك المؤشرات: مظاهرات النقب- وخاصة المظاهرة الساخنة الأخيرة.  إغلاق شارع وادي عارة. التظاهرات والاحتجاجات التي جرت في العام الماضي إسناداً للأسرى.

وبالعودة إلى الاستطلاع،  وفي الجانب المتعلق باليهود، رأى 51% من اليهود أن هنالك خشية من استمرار التكاثر السكاني للعرب، و72% منهم أيدوا طبيعة يهودية للدولة.  وتدعم هذه النتائج الجهود الحثيثة للمؤسسة الإسرائيلية لسن القوانين العنصرية كـقانون المواطنة وقانون الولاء، قانون النكبة، قانون يهودية الدولة،  وسلسلة قوانين أخرى موجهة ضد فلسطييي الداخل.  

أنطوان شلحت الباحث والمحلل السياسي ومدير وحدة "المشهد الإسرائيلي" في "مدار"  يقول إن  لعل أهم ما تعنيه هذه النتائج هو أن الفلسطينيين يرفضون استمرار الوضع القائم الذي يوشك أن يتحوّل إلى وضع دائم، وأنهم جاهزون للتمرّد عليه بغية تغييره. وأفترض بأن إعراب معظمهم عن تأييد تفجير انتفاضة ثالثة يأتي في سياق الإجابة عن تأكيد دعم الخيار الذي طرحه الاستطلاع. وما يجب قوله هو أن ثمة خيارات أخرى، في مقدمها إعادة تقويم ما يسمى بـ "العملية السياسية"، بما يؤدي إلى ترتيب الوضع الفلسطيني الراهن الذي يعتبر برأيي مسئولا عما آلت إليه الأحوال عمومًا، بدرجة لا تقل عن مسؤولية الاحتلال والسياسة الإسرائيلية العامة. ويمكن التنويه بعدد من الإشارات الملموسة القوية التي تدل على التطلع العام إلى خيارات من هذا القبيل، مثل شتى الحراكات والمبادرات الشعبية التي تنطلق من القواعد ولا تقف أمام سقف التحركات السياسية أو الدبلوماسية، وتستلهم ما يشهده العالم العربي من وضعية صخب وغليان تعيد الاعتبار إلى الجماهير وإرادتها ورغبتها الدفينة في التغيير، التي تنتظر من يحركها أو يضفي عليها الحيوية.

ويرى شلحت أن انعكاسات هذه النتائج على الخيارات المطروحة أمام الفلسطينيين في الداخل تبقى مرهونة بأداء الحركة الوطنية والأحزاب السياسية. ويعتقد أن هذه النتائج تحمل الحركة الوطنية والأحزاب مسؤولية أخذ زمام المبادرة والاتفاق على استراتيجيا تضع المصلحة الوطنية فوق أي حسابات حزبية أو انتخابية ضيقة. وهنا لا بُد من التذكير بضرورة التركيز على موضوع تنظيم كفاح الفلسطينيين في الداخل ضمن إطار جامع، يكون صاحب مكانة تتيح له إمكان أن يكون هو المبادر، وذلك على قاعدة التوافق على وسائل مواجهة القضايا الداخلية التي تشكل قاسمًا مشتركًا للجميع، وعلى أساس منحها أولوية لا تقدر عليها الخلافات فيما يتعلق بالقضايا الخارجية، فهذه القضايا الأخيرة لا تبرّر أي شرذمة أو تقاعس.

  ويضيف شلحت مشككًا في هذا الاستطلاع بالقول أنه قد يكون الهدف الذي يرمي إليه هذا الاستطلاع هو زرع الخوف من مواقف الفلسطينيين في الداخل، وأقصد ذلك الخوف الذي تستغله أوساط إسرائيلية يمينية وسلطوية للدفع بمزيد من القوانين العنصرية والإجراءات التمييزية. إن المهم في هذه النتيجة هو أن الفلسطينيين في الداخل غير راضين عن أحوالهم قطّ، ولا سيما في ضوء ازدياد هذه الأحوال سوءًا، وعاجلا أو آجلا سيهبون لتغييرها. ومرة أخرى فإن هذه الحقيقة يجب أن تكون ماثلة أمام الحركة الوطنية والأحزاب السياسية، ذلك بأنها تبدو متقدمة كثيرًا على طروحات يتبناها بعضها، وعفا عليها الزمن.

في حين قال د.مهند مصطفى من قسم العلوم السياسية في جامعة حيفا معقبا على النتائج أنه على الرغم من تحفظي الكبير على فهم التوجهات السياسية للناس من خلال طريقة استطلاعات الرأي، إلا أنها تقدم لنا مؤشرًا ليس أكثر، وإذا أردت أن اقرأ هذه النتائج مع تحفظي المذكور آنفا، وخصوصًا على استطلاعات البروفيسور سامي سموحة، فإنني أقول أن الفلسطينيين في إسرائيل يدركون أكثر من أي من وقت أن الحكومة الحالية، والتي سبقتها غير جادة في إنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية عام 1967، وغير جادة في إقامة دولة فلسطينية سيادية، وان ما تقوم به هو عبارة عن إدارة صراع مكشوف للجمهور الفلسطيني، وأعتقد أن المجتمع الفلسطيني في إسرائيل يرى في اندلاع انتفاضة الخيار الأنسب لإنهاء الاحتلال في أراضي 1967، والسلوك السياسي الأنسب لتحصيل حقوقه الوطنية والمدنية، بعد أن أغلقت الأفق السياسية أمامه في العقد الأخير، وباتت الكثير من وسائله النضالية غير مجدية في نظام سياسي إقصائي مغلق ويزيد من إحكام إغلاقه عاما بعد عام، وما نشهده من مشروع مصادرة وتهجير بالنقب دليل واضح على ذلك. وتعبر هذه النسبة عن بداية تآكل صدمة أكتوبر 2000 في صفوف المجتمع العربي، واستعداد المجتمع الفلسطيني، بعد انسداد الأفق السياسي والمدني أمامه، إلى الخروج إلى انتفاضة لتحصيل حقوقه المدنية والقومية.
 

التعليقات