رمان كفركنا: هل سيصبح تاريخا فقط؟

قانا الجليلية التي اشتهرت قديما ببساتين الرمان التي قضي على معظمها بسبب تفاقم الضائقة السكانية لأهل البلدة، ولكن ما زالت زراعة الرمان ملحوظة ومنتوجها من أجود أنواع الرمان الموجودة في البلاد.

رمان كفركنا: هل سيصبح تاريخا فقط؟

رمانك يا حبيبي يا ريتو من نصيبي"، تغنى به الكثيرون في بلاد الشام وفلسطين ، تغزل به العشاق في القدم واستخدمه الأطباء لعدة علاجات وقال به الإمام علي بن أبي طالب: "كلوا الرمان (المر) بشحمه فإنه دباغ للمعدة ، وحياة للقلب ، ويذهب بوسواس الشيطان".

قانا الجليلية التي اشتهرت قديما ببساتين الرمان التي قضي على معظمها بسبب تفاقم الضائقة السكانية لأهل البلدة، لكن ما زالت زراعة الرمان ملحوظة ومنتوجها من أجود أنواع الرمان الموجودة في البلاد.

يرافقنا بائعو الرمان في بلدة كفركنا بجولة في سوق الرمان الحالي ويشرحون عن الفروق بين اليوم وما كان عليه في السابق، يتذمرون من عدم توافر مياه عين كفركنا وقلتها بسبب حي "هار يونا" الواقع على سفح جبل سيخ، وعدم وجود مسطحات البناء الكافية الذي ساهم في قلع عدد كبير من بساتين الرمان في البلدة والسبب التضييق الذي تقوم به السلطات الإسرائيلية لبناء مشروع خط الغاز وتوسيع مسطح نتسيريت عيليت.

 وعند الحديث عن جودة الرمان وأنواعه قال بائع الرمان بهاء مصطفى "أبو علي": "موسم الرمان له أقسام حسب نوع الرمان، فهناك الرمان البغالي "الرمان الأحمر" الذي يبدأ موسمه في منتصف شهر آب (أغسطس)، ويتميز هذا النوع من الرمان بلونه الأحمر وطعمه الشبه مر والحلو، أما الرمان المليسي فيبدأ موسمه في منتصف شهر أيلول (سبتمبر)، وهذا النوع من الرمان مربوط بعيد الصليب، وهناك الرمان الشامي الذي يتميز بحبته الكبيرة وطعمه الحلو، ما تبقى من رمان موجود في أرضنا على مساحة دونم ونصف الدونم الذي ورثناهم عن أجدادنا، فلعائلتي تاريخ حافل مع الرمان، فهم تجار للرمان منذ زمن".

وأضاف: "لكن لضيق مسطحات البناء لم يبق لنا سوى هذا البستان، إن الرمان الموجود هنا حتى اليوم يشرب من ماء عين كفركنا، هذا الرمان موجود منذ مئة عام، وشح ماء العين التي جفت تقريبًا بسبب الحفريات التي تقام في جبل سيخ حيث مستعمرة هار يونا التابعة لبلدة نتسيريت عيليت، بدا يضر بالزراعة. سوق الرمان لم يعد مثلما كان في الماضي، لا أقول إن الكيبوتسات استولت بشكل كامل على المحاصيل، ولكنهم أصبحوا يزرعون الرمان وهم من يصدرونه للبلدة ولكافة البلاد".

بدوره قال عاطف أمارة "أبو النمر" : "الرمان مزروع في بلدنا منذ سنين طويلة، لا يوجد هناك إقبال من مشتري الرمان للبلدة والسبب هو قلة الرمان، لغاية الآن هناك إقبال ولكن ليس كثيرًا، انعدمت زراعة الرمان بسبب ضيق المسطحات السكنية، لكن المواطنين باتوا يقلعونه ليبنوا بيوتًا لأبنائهم، رمان كفركنا يعتبر من أشهى الرمان الموجود في البلاد، ومعروف بطعمه وجودته ولكن ما يحصل هو نتيجة لازدياد عدد السكان وقلة البساتين التي يزرع بها".

ويسترجع الحاج صالح عثمان أمارة ذكريات الموسم ومحصول الرمان في الماضي ليقول بحسرة: "كانت الحياة للفلاح الفلسطيني وخاصة في بلدة كفركنا ترتكز على زراعة الرمان والملوخية وعدد من المحاصيل الأخرى،وكان الرمان هو المحصول المركزي، حيث تتميز بلدتنا بالرمان الشهي وذو الجودة العالية، إن شجرة الرمان حين تقوم بقصها ينبت مكانها شجرة أخرى بجودة ممتازة، الرمان في أرضنا ثلاثة أصناف ، الرمان الأحمر فهو من الخارج أحمر وحبه أحمر - الرمان المليسي، لونه أخضر وحبته مخلوطة ما بين الأحمر والأخضر– رمان اللفاني الذي نصفه حامض والنصف الأخر حلو، أنا أذكر كل هذه الأصناف فقد عملت بها منذ صغري عندما كنا نأتي على أحواض الرمان ونقطفهم ونوزعهم".

تابع الحاج صالح حديثه قائلاً: "الرمان الكناوي وصل إلى فرنسا وألمانيا من خلال الشركة الإسرائيلية "جريسكو" التي وقعت اتفاقية بينها وبين ألمانيا وفرنسا لتصدير الرمان لهم ولكي يدخلوا العملة الصعبة الأجنبية إلى إسرائيل، وتم العاقد مع أصحاب الأراضي لشراء الرمان من أرضنا وتصديرها للخارج، ومع الختم أنها من كفركنا، واتفق أن تدفع لنا إسرائيل بالعملة الاسرائيلية وتأخذ العملة الصعبة لها، في حينه تسلمت بلدة كفركنا مكتوب من وزارة المالية في فرنسا بأن رمان كفركنا قد حصل على المركز الأول للرمان في بلادهم و هو الأعلى سعرًا لأن جودته عالية ومذاقه لذيذ".

وأضاف الحاج صالح: "عدم توفر ماء العين هو سبب في قلة محاصيل الرمان في هذه الأيام، فالمجلس المحلي بنى عينًا حديثة وطمر مياه العين لتأتي لنا بالقليل، ناهيك عن الحفريات التي تقام في جبل سيخ وسحب مياهها، جودة رمان كفركنا وحجمه سببها توفر المياه بشكل كبير ومياه الأمطار طبعا، بحيث أن الجرف الذي يحدثه الشتاء مع اختلاط السماد يجعل شجرة الرمان مثمرة ومنتوجها أكبر، ولكن عسى أن تعود تلك الأيام".

وحدثنا بائع الرمان معمر غازي حمزة: "قل الرمان كثيرا في البلد، فقد قطعت المياه تقريبًا عن الأراضي، بسبب قلة الأمطار والانعدام الجزئي لمياه العين وقلة المحاصيل، نحن نأخذ الرمان من أرضنا فما تبقى لنا سوى بعض الشجرات التي نقطفها ونبيعها وهناك قسم نأخذه من الكيبوتسات، موسم الرمان هذه السنة لم يكن جيدًا وكما تعلم لم يكن فصل الشتاء قوي كفاية لكي ترتوي الأرض منه، ما يميز رمان كفركنا هو طعمه ولونه والسياح يستلذون بطعمه ويشترون منا الكثير حين قدومهم للحج في البلدة ".

 

 

التعليقات