شعب: 150 حالة سرطان وعشرات الوفيات بالمرض

ومع ارتفاع الوفيات والإصابة بمرض السرطان، طرح البعض مجددا موضوع الهوائيات الخليوية والتي يعتقد غالبية السكان أنها سبب أساسي لهذا المرض.

شعب: 150 حالة سرطان وعشرات الوفيات بالمرض

الهواجس من الهوائيات في شعب مع انتشار مرض السرطان

شهدت بلدة شعب في الجليل الغربي في الشهور الأخيرة حالات وفاة نتيجة الإصابة بالسرطان في ظل انتشار الهوائيات الخليوية بكثافة في القرية، التي يربط الأهالي بين وجودها وبين انتشار السرطان في القرية.

وكان آخر ضحايا المرض الخبيث، المرحوم شحادة شحادة (44 عاما) الذي وافته المنية  قبل أسابيع.

وسجل بالعديد من الأحياء السكنية في القرية حالات وفاة نتيجة الإصابة بالسرطان. ومع ارتفاع الوفيات والإصابة بمرض السرطان، طرح البعض مجددا موضوع الهوائيات الخليوية والتي يعتقد غالبية السكان أنها سبب أساسي لهذا المرض.

وفي أعقاب ذلك والهواجس من الهوائيات وانتشار المرض وتواصل حالة الوفاة بالسرطان، قامت مجموعة من المهتمين بالأمر والقضايا الشعبية والاجتماعية بتنظيم تظاهرات احتجاجية للمطالبة بإزالة  هذه الهوائيات الظاهر منها والمخفي.

وتم استدعاء مجموعة من المختصين بالبيئة والصحة لإجراء فحوصات لمستوى الاشعاعات بالبلدة.  موقع 'عرب 48' قام  في جولة ميدانية بالقرية سلط من خلالها الضوء على انتشار مرض السرطان والوفيات جراء المرض والهواجس من الهوائيات.

والدة المرحوم شحادة: لا يخافون الله يقتلون الناس بسبب المال

والدة المرحوم شحادة الذي توفي قبل  ثلاثة أسابيع بمرض السرطان، سردت بحسرة وبقلب يعتصره الألم والأسى فراق ابنها، وقالت: 'هناك تأكيد أن كثرة أمراض السرطان في شعب سببها الهوائيات وابني شعر بألم فجائي بالرئتين فنقلناه للمستشفى، وسألت أبنائي عن حال شقيقهم، وقالوا لي أنه يعاني وعكة صحية بسيطة وسيعود للبيت قريبا بعد التماثل للشفاء'.

لم تمر ثلاثة أسابيع، تقول الوالدة 'حتى عاد إلى المنزل وقد فارق الحياة  بعد أن أهلكه المرض الخبيث'، وتنهدت تنهديه عميقة موجهة حديثه لمن يسمح لنفسه بنصب الهوائيات الخليوية: 'منهم لله، يقتلون الناس من أجل حفنة من المال دون مخافة الله. لقد ترك شحادة خلفه زوجة وثلاثة أطفال تيتموا وحرموا من والدهم لكي يحصل البعض على المال'.

وتساءلت: 'ألا يخافون على أبنائهم؟ فبعد هذه الوفيات حان الوقت ليحكموا ضمائرهم ويعيدوا النظر بأعمالهم'.

وحيد: هناك قرابة  150  حالة مرض بالسرطان في القرية التي لا يتجاوز عدد سكانها 6500 نسمة

أما وحيد شحادة، شقيق المتوفى وهو عضو في السلطة المحلية، أكد أن هناك قرابة  150 حالة إصابة بالسرطان في القرية التي لا يتجاوز عدد سكانها 6500 نسمة، وقال وحيد: 'منذ خمس سنوات عندما كنت نائبا لرئيس المجلس، قمنا بإجراء فحوصات داخل الأحياء السكنية في القرية مع توخي السرية التامة، وكان قد تبين في حينه إشعاعات عالية بتفاوت بين منطقة ومنطقة'.

وأضاف وحيد: 'لكن يبدو أنه كانت هناك معلومات تتسرب عن سرية الفحص ليتم التشويش على النتائج، لكن مع ذلك تضح أن هناك مستوى عال من الإشعاع، ولكن فجأة تنخفض مما يؤشر لعملية تحايل لإخفاء الأمر، وكان لدينا معلومات أيضا أن بعض هؤلاء كانوا يقومون بشحن هذه الهوائيات بالطاقة الكهربائية ليلا وينصبوها نهارا بالخفية'.

 وخلص إلى القول: 'لا يعقل أن يتم اكتشاف خمس حالات بمرض السرطان في نفس الحي وأربعة منهم توفوا بفترات قصيرة جدا، وطفلة لم تتجاوز الثلاث سنوات تلقت العلاج في ألمانيا وعادت لتعيش مع عائلتها حالة ألم ووجع  تتمزق  لها القلوب، لكن يبقى الأمر الأهم  هو أن تستفيق ضمائر من يقوم بنصب الهوائيات داخل الأحياء السكنية مقابل المال'.

 نمارنة: ليس هناك إثباتات واللجنة الشعبية تتابع

من جانبه، استعرض عضو اللجنة الشعبية، عبد نمارنة وهو خبير ومركز مشاريع بيئية  لـ'عرب 48 ' الوضع في كل ما يتعلق بمعدل الاشعاعات في قرية شعب، وأكد أنه في أعقاب تخوف المواطنين وتزايد عدد الوفيات والإصابة بمرض السرطان بالبلدة، تم إجراء الفحوصات اللازمة بغرض التأكد من المعلومات وكل ما يتعلق بمعدل الإشعاعات ومصدرها.

 وقال نمارنة: 'لقد توجهنا للسلطة المحلية وكان هناك استجابة لطلب اللجنة الشعبية بإجراء فحوصات لمعدل الاشعاعات المنبعثة في مناطق مختلفة بالبلدة، حيث انتدبنا شركة لتقوم بهذا الفحص وهي شركة محترفة ومعروفة بمجال قياس الاشعاع'.

 وأضاف: 'أتضح أنه في كل مكان وفي كل زاوية يوجد إشعاع، لكن السؤال، معدل الاشعاعات، مصدره، وبحسب الفحص في القرية تبين وجود إشعاع في إطار المسموح و ليس هناك إشعاعا يضر بالصحة'.

 وحول سؤال إذا ما تم استخدام الأجهزة المتطورة في هذا الفحص التي بالإمكان الكشف عن الهوائيات المخفية، أجاب: 'الهوائيات المخفية لا تلتقطها أجهزة الفحص العادية، كون من ينصب مثل الهوائيات وقبيل إجراء الفحوصات يقوم بقطع التيار الكهربائي عن الهوائية ما يصعب على الأجهزة إمكانية الكشف عن مكان وجودها'.

وعن دور السلطة المحلية في توفير أجهزة متطورة يمكنها الكشف عن موقع الهوائيات ومصدر الإشعاعات حتى وإن قطع التيار الكهربائي،  قال نمارنة إن 'تكاليف مثل هذه الأجهزة ليست باهظة، وأنا موافق أن نوعية الجهاز مهمة ويجب أن يكون صالح بالإضافة للمختصين. فعلى سبيل المثال يوجد مثل هذا الجهاز في بلدية شفاعمرو وعلى كل سلطة محلية أن تمتلك مثل هذا الجهاز لكي لا يكون هناك أي تحايل أو محاولة لإخفاء الحقائق والنتائج بكل ما يتعلق بمعدل الإشعاع، كما أن الأمر بحاجة إلى حملة توعية للحفاظ على البيئة والتحذير من أي مخاطر تهدد صحة المواطن'.

عبد الرحمن: هناك عوامل مسببة لمرض السرطان غير الهوائيات

 بدوره، أوضح رئيس قسم البيئة في مجلس محلي شعب، سعيد عبد الرحمن أن عدد مرضى السرطان هو كبير جدا، وأنه قد تكون كل عائلة في شعب لها قريب مصاب، لكن الحديث عن وجود هوائيات بأعداد كبيرة جدا في شعب هي أقوال مضخمة وقد يكون فيه من الصحة أن قبل سبع سنوات كانت هناك هوائيات منتشرة بكثرة، وهذه الوفيات اليوم قد تكون بسبب ما كان بالماضي وليس ما هو موجود اليوم.

وأشار عبد الرحمن إلى أن المسببات  لانتشار مرض السرطان والوفيات في شعب هي كثيرة، مثل مكبات النفايات والمحارق والمواد الكيماوية في محيط القرية، وقال إن 'قرية شعب تبعد مسافة  عدة كيلومترات بخط هوائي عن مصانع 'فروتوروم' الكيماوي ومصنع 'طمبور' وعن خليج حيفا وعكا، ومعروف أن من هناك تنبعث كل المواد المسرطنة وهي أكثر منطقة ملوثة'.

 وخلص إلى القول: 'لا يوجد بحث علمي عالمي يؤكد وجود علاقة ما بين الإشعاعات التي مصدرها الهوائيات وأمراض السرطان،  لكن أقول هذا بتحفظ وحذر، كوننا نخشى أن تكون هذه الأبحاث موجهة من شركات ربحية وتكون أبحاث تجارية ولها غاية ربحية، لكن علينا أن نقوم بالتوعية والتثقيف البيئي والصحي للتخفيف من الأضرار التي تنتجها طبيعة العصر، ونحن من جهتنا سنتابع ونواكب كل ما يتعلق بالأضرار البيئية للتقليل من الأمراض قدر الإمكان'.

التعليقات