الخيام السود: حكاية العشائر العربية في الساحل الفلسطيني (1)../ د. محمد عقل

أشكنازي في بحثه الإثنوجرافي أن يبرهن بأن العشائر العربية في المنطقة المذكورة ما هي إلا شظايا لقبائل، وذلك ليفسح المجال أمام الاستيطان اليهودي، ورغم نظرته المتعالية والمنحازة وغير الموضوعية إلا أنه يعترف بوجود هذه العشائر التي لا يذكرها اليوم أحد في أية مفاوضات!

الخيام السود: حكاية العشائر العربية في الساحل الفلسطيني (1)../ د. محمد عقل

الشيخ شاكر أبو كشك

في عام 1932 نشر طوبيا أشكنازي كتابًا أسماه 'الخيام السود: من اليركون إلى جبل الكرمل'. وهو ثمرة عمل ميداني متواصل قام به أشكنازي عن العرب البدو في منطقة الساحل الفلسطيني الممتد من نهر العوجا واللد والرملة إلى جبال الكرمل.

وتنبع أهمية هذا الكتاب من أنه يوثق لأسماء العشائر وأصولها وعاداتها ومسيرة حياتها، خاصة وأنه لم يبق لهذه العشائر أي وجود في منطقة الساحل بعد أن طُردت وهُجّرت خلال حرب 1948. قسم من أبناء هذه العشائر وصلوا إلى قرى المثلث ويافا واللد والرملة وجسر الزرقاء وما زالوا يحتفظون بأسماء عشائرهم، ولكن معظم أبناء هذه العشائر يعيش، حاليًّا، في مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية وشرق الأردن وفي الشتات.

في تلك الفترة كان طوبيا أشكنازي مستشرقًا يعمل في مخابرات 'الوكالة الصهيونية' و'الكيرن كييمت' في القدس، ويقدم تقارير 'معلوماتية' عن المجتمع العربي عامة وعن البدو خاصة. في سنة 1932 سافر إلى باريس، والتحق بجامعة السوربون وحصل منها عام 1938 على الدكتوراة في الفلسفة عن أطروحة بعنوان 'بدو شمال فلسطين'.

كتاباته كلها متمركزة في أحوال البدو (بمن فيهم التركمان) المعيشية، وتقاليدهم وعاداتهم ومعتقداتهم، وأفراحهم وأتراحهم حتى ليخيل للقارئ أنه واحد منهم. في الحرب العالمية الثانية تجند للقتال في صفوف الجيش البريطاني، فأصبح قائدًا في مصر وشرق الأردن وفلسطين. في عام 1949 خدم في الجيش الإسرائيلي، ثم سافر إلى الولايات المتحدة. توفي في أواخر عام 1969 عن عمر يناهز ال 65 سنة.

في مكتبتي الخاصة نسخة من كتابه 'אוהלי קידר-למן הירקון עד הכרמל' (الخيام السود: من اليركون حتى الكرمل) الصادر بالعبرية في لندن والقدس عام 1932. يحاول أشكنازي في بحثه الإثنوجرافي أن يبرهن بأن العشائر العربية في المنطقة المذكورة ما هي إلا شظايا لقبائل، وذلك ليفسح المجال أمام الاستيطان اليهودي، ورغم نظرته المتعالية والمنحازة وغير الموضوعية إلا أنه يعترف بوجود هذه العشائر التي لا يذكرها اليوم أحد في أية مفاوضات!

وفيما يلي معلومات عن عشائر الساحل استنادًا إلى الكتاب المذكور أعلاه:

يقول إشكنازي إن البدو الذين يعيشون في سهل الشارون ليسوا من جلدة واحدة، وإنما هم عبارة عن مزيج من عائلات مختلفة مرتبطة بقبائل بدوية كبيرة ما زالت تعيش في جنوب البلاد، في محيط غزة، في بئر السبع والنقب، وحتى من شرق الأردن. لهجاتهم مختلفة، وظروف معيشتهم متفاوتة. جميعهم يعيشون في خيام مصنوعة من شعر الماعز، وقليل منهم يعيشون في أخشاش وأكواخ ومبان مصنوعة من الخشب والصفيح. هؤلاء البدو هم في الحقيقة 'أنصاف بدو' لأنهم يعملون، كذلك، في زراعة الأرض ومجال تنقلهم ومساحة ترحالهم محدودة. أنماط حياتهم تعكس بوضوح مرحلة الانتقال من حياة الترحال إلى حياة الفلاحين المرتبطين بالأرض بصورة ثابتة. العلاقات والصلات التي كانت، سابقًا، قائمة بين كل عشيرة وعشيرة وكان لها وزن كبير في حياتهم بدأت تضعف خلال المائة سنة الأخيرة. كثير من عاداتهم وطرق معيشتهم آخذة بالاضمحلال وذلك نتيجة للتغييرات التي طرأت على أنظمة الدولة عامة والتي تركت بصماتها الواضحة في حياة هؤلاء البدو. من العشائر البدوية التي سكنت في الشارون عرب أبو كشك مع كثيرين ممن انضم إليهم. وفيما يلي معلومات عن العشائر الفلسطينية في الساحل استنادًا إلى كتاب طوبيا أشكنازي:

1.عرب أبو كشك:

مكان عرب أبو كشك الثابت شمال نهر العوجا (اليركون). قسم منهم يعيش في خيام، والقسم الآخر في أكواخ (صرفان)، مبان وأخشاش. رئيس العشيرة هو الشيخ شاكر أبو كشك، وهو يعيش في بيت كبير من حجر. في هذا البيت توجد ساحة كبيرة، ديوان لاستقبال الضيوف الكبار، وقاعة لاستقبال أواسط الناس. في البيت أربع غرف، حظيرتان للأبقار، واسطبلان للخيول. قبل سنة غرس شاكر أبو كشك بيارة في 140 دونمًا، وهي ملكه الخاص. في البيارة بئر وماتور وبركة من إسمنت. كذلك بنى صريفًا للمدرسة. يتعلم في هذه المدرسة 50 ولدًا. التلاميذ هم من أبناء القبيلة والمنطقة.

يعمل أبناء عرب أبو كشك في زراعة الأراضي. عندهم جمال، أبقار، وقليل من الماعز. قبل سنوات أخذوا يربون ويشترون إناث الخيل، ولديهم خيول للحراثة.

تعود أصول عرب أبو كشك إلى جنوب البلاد. جاؤوا قبل 120 سنة إلى المنطقة واستولوا عليها، وصارت أراضيها ملكًا شرعيًا لهم. قسم من الأراضي تابع لأوقاف سيدنا علي (الحرم). الجد الأكبر لهذه العشيرة اسمه أسعد. دخل عرب أبو كشك في صراع مع الأمير الحارثي الذي سيطر على منطقة وادي الحوارث الواقعة في شمال أم خالد (نتانيا) وقد ساندهم في ذلك مطلق الشقيري شيخ عرب التركمان.

حسب إحصاء سنة 1922 بلغ عدد عرب أبو كشك: 155 نسمة منهم 75 رجلاً، 80 امرأة. انضمت إلى عرب أبو كشك بقايا عشائر، وهم ينصاعون لأوامر الشيخ شاكر محمد فارس أبو كشك. حول العشيرة تكوّن ما يشبه الحلف الصغير مؤلف من مجموعة من شظايا عشائر التي يبلغ تعدادها 450 نسمة بالتقريب. من زعماء عرب أبو كشك كان فارس أبو كشك جد شاكر. كان فارس رجلاً ثريًا، كريمًا، ومن الوجهاء في العهد التركي، وناب عنه أخوه محمد اليوسف أبو كشك في تدبير الشؤون الخارجية، وفي عهده بدئ ببناء المستعمرة اليهودية 'بتاح تكفا'. وقد قتله أحد عبيده الذي كان عبدًا في السابق للأمير الحارثي. فصار محمد الفارس زعيم العشيرة، ولكنه توفي في سنة 1916م بسبب مرض رئوي. تزوج محمد أربع نساء، وانجب: شاكر، وعمره اليوم 30 سنة، توفيق وعمره 28 سنة، شريف وعمره 26 سنة، عبد الله وعمره 25 سنة، سيف الدين وعمره 25 سنة، فوزي وعمره 20 سنة، وبنتًا واحدة.

في عهد محمد الفارس كانت اتفاقية صداقة بين اليهود وبين شيوخ العرب في المنطقة. في حالة وقوع سطو أو طوشة كان اليهود يتوجهون إلى محمد الفارس، وهو بدوره كان يعمل لفض النزاعات وإعادة الحقوق لأصحابها بالطرق السلمية. في فترة الحرب العالمية الأولى ساءت العلاقات بين اليهود والشيخ محمد الفارس بسبب أعمال سلب ونهب من المستعمرة ما أدى إلى تقديمهم شكوى ضده لدى حسن بك والي يافا الذي استمع إلى الطرفين وأصلح بينهما فعادت الأمور إلى مجاريها.

شاكر محمد فارس أبو كشك، ولد في العوجا، وهو ذو قامة متوسطة. شارك في الهجوم على مستعمرة بتاح تكفا لذا حبس ثلاث سنوات ونصف. بعد خروجه من السجن تزوج من قروية من سلفيت الواقعة في قضاء نابلس. وكانت زوجته من عائلة وجيهة وأخت شيخ سلفيت، عمرها اليوم 35 سنة، اشتراها ب 150 جنيهًا (يقصد مهرها). يعيش معها بهناء، عندما تسافر إلى المدينة تضع نقابًا على وجهها. شاكر رجل ذكي، سليم الجسم، قوي، ذو وجه جميل، حنطي اللون، يعامل أبناء القبيلة بأدب، يسارع في تقديم المساعدة للمحتاجين والمتضررين. تأثيره في منطقة الشارون عظيم. يحترم الأفندية في يافا والمنطقة. يكثر من مخالطة الوجهاء المسلمين في يافا، موظفو الحكومة يحترمونه ويأخذون برأيه. ثقافته متوسطة. يقرأ الصحف، لكن من الجدير ذكره أنه لم يتعلم القراءة في صغره وإنما تعلمها بين جدران السجن. أخوته ينصاعون له ولأوامره ويبجلونه. لدى شاكر 500 دونم ملك.

توفيق أبو كشك، كانت زوجته الأولى من عائلة أبو كشك، وأنجبت له ابنه غالب الذي يبلغ من العمر اليوم سبع سنوات، تزوجها حين كان أخوه شاكر في الحبس. قبل حوادث شهر آب 1929 أحب فتاة بدوية فطلق زوجته الأولى وتزوج بالفتاة. لم يرق هذا الأمر لشاكر فوبّخ أخاه، لكن هذا لم يرتدع وخرج من بيت أخيه البكر وبنى له كوخًا من صفيح (صريفًا) على أرضه. قبل ثمانية أشهر عشق فتاة بدوية أخرى من عرب السوالمة، وجاء بها إلى بيته رغمًا عن أنفها وضد إرادة أخيه شاكر. هذه المرة توجه توفيق إلى أخوته وأقاربه ومشايخ القبيلة كي يعملوا على اقناع أخيه البكر بالموافقة على هذا الزواج. بعد تدخل هؤلاء في الأمر استجاب شاكر لنداء أخيه، وسافر إلى عرب السوالمة لمصالحة والد الفتاة وشيخها، ونجح في إرضائهما بعد أن دفع تعويضًا.

توفيق هو مختار عرب أبو كشك. يضاف إلى مدخولاته الكبيرة جدًا تأجير أراضي الوقف. خمس مدخولاته يأتي من حراثة وزراعة أراضيه الخاصة به، يعاونه في ذلك رجاله.

شريف أبو كشك: تزوج امرأة بعد حوادث شهر آب 1929، وهي ابنه فلاح من عائلة مرموقة وغنية من قلقيلية. قامته متوسطة، نحيف الجسم، وجهه شاحب، له شارب أسود وقصير، يستقبل ضيوفه بترحاب. هو بعيد عن الضجيج السياسي والإعلامي، يحب الحياة الهادئة ومتواضع في حياته، له ابن واحد. يقرأ ويكتب ولكن فخره هو بركوب الخيل وبه يعتز. ممتلكاته: 50 دونمًا هي ملكه الخاص. له نصيب من أراضي الوقف التابعة لعائلة أبو كشك. يعتاش على الفلاحة وتأجير أراضي الوقف.

سيف الدين أبو كشك: تزوج بابنة عمه. شاب قوي، بدين، وسليم الجسم. يقرأ الصحف العربية. له نصيب من أراضي الوقف التي تدير شئونها عائلة أبو كشك.

هبة الشيخ شاكر أبو كشك:

منذ سنة 1916 أصبح شاكر أبو كشك شيخًا لعشيرة أبو كشك وحلفائها. لقد أحس شاكر بالضيم بعد توسع المستعمرات اليهودية بين 1920-1921 في منطقة بيتح تكفا على حساب الأراضي العربية. في تلك الفترة قام الأفندية بتحريض البدو والفلاحين ضد اليهود المستعمرين، ناهيك عن أن البدو كانوا قلقين من قوة تحصينات اليهود واقتلاع العرب من أراضيهم. بين السنوات 1920-1922 كانت لشاكر أبو كشك علاقات وصلات بالأوساط القومية العربية الموجودة في مدينة يافا. منذ أيام أبيه كان عمر أفندي البيطار يدخل ويخرج من بيتهم وصار لهم صاحبًا وصديقًا. كذلك أعضاء الجمعية الإسلامية المسيحية صاروا من زوار بيته. لقد أمطروه بوابل من الوعود وأغروه بمعسول كلامهم واشتدوا في تحريضهم. لما هاجم عرب أبو كشك ومن رافقهم من العرب مستعمرة بتاح تكفا سقط منهم قتلى على أرض المستوطنة، وقد بقيت جثثهم خمسة أيام منذ 5 أيار 1921م، لأنهم لم يجرؤوا على جمعها وأكلتهم الثعالب. صحيح أن الشرطة توجهت للمستوطنة بطلب لإخراج الجثث، ولكن اليهود اشترطوا استعمال العربات فقط في تنفيذ هذه المهمة، لأنهم لم يرغبوا في القيام بعملية الدفن. ولئلا يقول المحرضون إنهم لم يقبروا كما يجب شرعًا قبر هؤلاء في قبر جماعي واحد بالقرب من سكة حديد فروحيه في خيرية. زاد عدد القتلى من عرب أبو كشك والعربان الآخرين وغيرهم من العرب عن الثمانين رجلاً، من بينهم فقط عشرة من عرب أبو كشك. قام بالهجوم المذكور عرب من 32 قرية على رأسهم عرب أبو كشك، يضاف إلى القتلى السابق ذكرهم جرح من العرب نحو مائتين.

بماذا وعدت الأوساط القومية في يافا شاكر أبو كشك؟ أولاً وعدوه بإعطائه بيت روزوف هدية، الجائزة الثانية فرس إبراهيم ميخال (ابراهيم شبيرا) المسماة بجميلة بتاح تكفا ناهيك عن القسم الأكبر من الغنائم. هذا ما وعدت به الجمعية الإسلامية المسيحية.

من هاجموا مستعمرة بتاح تكفا جاؤوا مدججين بالسلاح. كانت في أيديهم بنادق جيدة من أنواع صالحة من صنع ألماني، بريطاني وفرنسي. بين أيديهم كانت أسلحة بيضاء، وقنابل، وأدوات طبية لإسعاف الجرحى. الهجوم كان منظمًا ما يدل على أن يدًا موجهة كانت من وراء ذلك.

بعد أن جرى الصلح بين شاكر أبو كشك ومستعمرة بتاح تكفا التأمت الجراح شيئًا فشيئًا وصار بينهم حسن جوار.

قبل حوادث سنة 1929 جاء إلى الشيخ أبو كشك رجال كبار ومن أوساط الناس يدعونه إلى إعادة الكرة والهجوم على المستعمرة، وقد بالغوا في أقوالهم عن القومية العربية والوطنية. لكن هذه المرة لم ينجرف الشيخ مع تيار الإغراءات والتحريض فحسب، وإنما أصرّ على رأيه، وقال: 'لن أنزل معكم، لقد سرت يومًا في المقدمة ورأيت النتائج'. في الآونة الأخيرة عندما حاولوا التأثير عليه قال لهم: 'اسبقوني وإذا نجحتم، سأحضر لمساعدتكم'. ثم أردف قائلاً: 'دفعت تعويضات بمبلغ 6.000 جنيهًا (منها حصلت بتاح تكفا على 2.000 جنيهًا)، بعت أراضي ودفعت ديوني والآن ليس لدي قوة، وأنا الآن لي علاقات صداقة مع اليهود، ولا يوجد مخلوق بإمكانه إيقاف هذه العلاقات'. بسبب تصريحاته هذه قلب له رجال يافا ظهر المجن وراحوا يهاجمونه.

2. عرب أبو روالي:

يعيشون بالقرب من عرب أبو كشك.

3. عرب السوالمة:

يعيشون في خيام مصنوعة من شعر الماعز، وفي أخشاش. في السنوات الأخيرة منذ سنة 1929 بدأوا بإقامة بيوت من الصفيح (صرفان) وأبنية. يقطنون شمال نهر العوجا (اليركون) إلى الغرب من مضارب عرب أبو كشك. حسب روايتهم يعودون بأصلهم إلى القبيلة الضخمة الحويطات التي تسكن في شرق الأردن، من عشيرة ولد أبو تايه التي منها الشيخ عودة أبو تايه المشهور بين مشايخ العرب. يعتاشون على الفلاحة. يزرعون القمح والشعير والذرة والبطيخ والخضراوات الصيفية البعلية. يبيعون خضارهم في بتاح تكفا ومستعمرات الشارون. لديهم أراضي ملك خاصة. الأراضي كلها أراضي وقف وأراضي ميري. يربون الخيول والأبقار. مستوى معيشتهم جيد، ولكنهم غارقون قليلاً في بعض الديون. العائلة الأكثر وجاهة في القبيلة هي عائلة طوقان السلامة الذي مات قبل الحرب العالمية الأولى، أما ابناؤه فهم:

-أبو طالب: هو شيخ العشيرة وعمره 60 سنة؛

-عبد الله: وهو المختار وعمره الآن 50 سنة.

وهذان أنجبا بنين وبنات.

العائلة الثانية في الوجاهة في هذه العشيرة هي عائلة درويش. رئيس هذه العائلة هو صالح درويش وعمره الآن 50 سنة. اسم والده درويش وليس لأنه كان درويشًا.

حسب الإحصاء الرسمي سنة 1922 بلغ عدد العشيرة: 70 نسمة منهم 30 رجلاً، و-40 امرأة.

لم تشارك هذه العشيرة في عام 1921 في الهجوم على مستعمرة بتاح تكفا. بالعكس رجال هذه العشيرة جاؤوا إلى إبراهيم شبيرا في الليل، عند فجر الخامس من أيار، وحذّروه من الحوادث التي ستجري. هم كذلك توجهوا إلى شاكر أبو كشك بتحذير قائلين: 'لا تهاجم مع رجالك بتاح تكفا، لن تنجح، وعلى كل الأحوال لن نشارككم في الهجوم'. يمتاز أبناء العشيرة بقوتهم الجسمانية، وهم على علاقة جيدة مع عرب أبو كشك.

4.عرب الجماسين:

تعود أصولهم وجذورهم إلى وادي الحوارث. ثمة اعتقاد بأن اسمهم مشتق من الجواميس التي ما زالوا يربونها. مضاربهم في ثلاثة مواقع: جنوب نهر العوجا (اليركون). بجوار قرية صميل وشارونه. إلى الغرب من مستوطنة بتاح تكفا.

قسم منهم لهم بيارات. كل بيارة مغروسة على مساحة 3-5 دونمات. لهم حدائق خضراوات ويبيعون خضارهم في تل أبيب والمستوطنة بتاح تكفا. طرق السقاية على النحو التالي: بئر عمقه 3 أمتار، بجوار البئر آله يدوية بدائية لنشل الماء. في الآونة الأخيرة بدأوا باستعمال الآلات الحديثة لسحب المياه من باطن الأرض بقوة خمسة أحصنة.

في السنوات الأخيرة أدخلوا الأبقار الدمشقية، وصاروا يبيعون الحليب في تل أبيب. الخيول والبغال لديهم قليلة ويستعملونها في نقل الحليب إلى المدينة وللعمل في الحقول.

يعيشون على جزء من أرض البصة في بتاح تكفا التابعة للحكومة، ولهذا أقاموا الدعاوى الكثيرة ضد محمد بيدرس من قرية الشيخ مونس الذي توفي قبل سنتين. محمد بيدرس ادعّى بأن أرض البصة تابعة له، ولكن بعد استيضاح الأمر قررت المحكمة أن البصة من حق الجماسين بحكم وضع اليد عليها. الآن يستغلون البصة لصالحهم. يزرعون فيها الخضراوات والتلتان، ويربون فيها الجواميس لبيعها للجزارين ولجني حليبها، ولديهم قطيع من الغنم البيضاء مؤلف من 400 رأس. نصف أبناء العشيرة يعتاشون على العمل كأجيرين في بتاح تكفا، وكسائقي عجلات.

في سنة 1921 شاركوا في الاضطرابات في يافا وتل أبيب، وفي التعرض للمارين في الطرق.

خيامهم مضروبة بالقرب من الجبل المعروف بجبل نابليون الصغير. هم ينصاعون لأوامر الشيخ شاكر أبو كشك. في السنوات الأخيرة اشتروا 60 دونمًا من أرضي القرية العربية بني براق.

اعتاد الناس في تلك المنطقة ترديد المثل القائل: 'شرف الجندرمه وشرف الجمسي'.

حسب إحصاء الحكومة الرسمي لعام 1922 بلغ عدد سكان الجماسين 150 نسمة منهم 75 رجلاً، 80 امرأة.

شيخ العشيرة صالح أبو درعة، عمره 50 سنة. عمل سائقًا لعجلة البارون، وعاش مع أفراد عائلته في فنائه، وبعد أن جمع مالاً عاد إلى العشيرة. اشترى جواميس وأغنامًا، وفرسًا للمطاردة، ونصب له خيمة صغيرة وأعلن عن نفسه مختارًا لعرب الجماسين. اشتهر عندما فتح مضافة وصار شيخًا للجماسين.

5.عرب جرملة (الجرامنة):

مكان عيشهم بجوار رأس العين. في أيام الشتاء يعيشون في جبال نابلس، وفي الربيع والصيف يعودون إلى منطقة الساحل. تقع أراضيهم بين بتاح تكفا ورأس العين. جاؤوا إلى هذه المنطقة من جبال نابلس، من قرية غسان الواقعة بين الزاوية ومجدل يابا أو مجدل الصادق، وأصلهم من شرق الأردن.

يرى أبناء العشيرة أنفسهم شرفاء من دون العرب القاطنين في الشارون. ورغم أنهم يراعون ما يقوله الشيخ شاكر أبو كشك، إلا أنهم مستقلون عنه، وهم عشيرة شبه مستقلة.

يعتاشون في الأساس على تربية الأغنام وبيع الحليب والجبنة في بتاح تكفا. اشتروا قسائم أرض وعملوا في الزراعة المنتظمة. قبل 50 سنة كان علي حسن شيخ هذه العشيرة، وبعد موته صار ابنه حسين العلي شيخًا، أما اليوم فشيخ العشيرة يوسف أبو زر وجمعة من نفس العائلة. يبلغ عددهم نحو 100 نسمة وهم لا يتكاثرون لأنهم يعيشون في المستنقعات. ما يجدر ذكره أنهم لم يشاركوا في حوادث عام 1921م.

6.عرب السواركة:

تقع مضاربهم إلى الشرق من مستوطنة بتاح تكفا، ولكنها غير ثابتة. ليس لديهم أراض خاصة. يرتحلون من مكان إلى آخر حول مستعمرة بتاح تكفا. جاؤوا إلى الشارون من منطقة العريش وأصلهم من قبيلة السواركة البدوية التي تعيش بين غزة وبئر السبع. يبلغ عددهم حسب إحصاء 1922 نحو 100 نسمة. لا يميلون إلى التخاصم والنزاعات ولكن وجهتهم نحو الهدوء. عمل بعضهم حراسًا في مستعمرة بتاح تكفا. يعتاشون على الفلاحة ونقل الزفزف (الرمل) من شاطئ البحر، وبعضهم يعملون أجيرين في بتاح تكفا. منهم قصاصو أثر يساعدون الشرطة، بعيدون عن السياسة والسياسيين. وضعهم المالي جيد بسبب عملهم في المستعمرة. لديهم جمال وخيول. رؤسائهم: حمد دلدوم: عمره 80 سنة، قصاص أثر وهو شيخ عرب السواركة، وسليمان القوز، عمره 40 سنة، عمل سائقًا لمركبة تجرها الخيول في بتاح تكفا، يتقن التكلم بلغة الإيديش. ليس له تأثير في العشيرة.

7.عرب السهيلة:

أصلهم من قرية بني سهيلة الواقعة في محيط غزة.

8. عرب من خان يونس.

9. عرب العرايشية:

أصلهم من بيت حنون الواقعة إلى الشمال من غزة. يعيشون في عرائش.

ملاحظة: شظايا القبائل رقم 6، 7،، 8، 9 هم أغراب عن الشارون. لا توجد لهم أراضي ملك وليس لديهم مكان ثابت. خيامهم منصوبة في جنوب وشرق مستوطنة بتاح تكفا. لا يزيد عددهم على 200 نسمة.

التعليقات