القضايا العشر

مع بدء الدورة البرلمانية الجديدة ودخول ممثلي الجماهير العربية لأول مرة في قائمة واحدة للكنيست، ولكثرة الهموم السياسية والاجتماعية التي سيحملها نوابنا خلال عملهم البرلماني في السنوات المقبلة، نقدم لهم في ما يلي أهم عشر قضايا تنموية

القضايا العشر

تصميم: رازي نجار

مع بدء الدورة البرلمانية الجديدة ودخول ممثلي الجماهير العربية لأول مرة في قائمة واحدة للكنيست، ولكثرة الهموم السياسية والاجتماعية التي سيحملها نوابنا خلال عملهم البرلماني في السنوات المقبلة، نقدم لهم في ما يلي أهم عشر قضايا تنموية ستُحدد مصير المجتمع العربي في المستقبل القريب. 'إرادة شعب' تتكلم.


في الدورة العشرون للكنيست سيبلغ عدد النواب العرب 16 نائبا، 12 للقائمة المشتركة، وعضو واحد في كل من ميرتس، المعسكر الصهيوني، يسرائيل بيتينو والليكود. الاختلافات السياسية والفكرية بين النواب العرب في مختلف الأحزاب والقوائم هي كبيرة في معظم الحالات، وغير قابلة للتجسير أحيانا، خصوصا مع النواب العرب في الأحزاب الصهيونية اليمينية الذين لا يعتبرون أنفسهم بالضرورة ممثلين للجمهور العربي. لا أحد يعول أو يطمح في عمل سياسي موحد متناسق بين جميع النواب، لكن في المقابل ليس هناك ما يمنع أن يوحد جميع النواب جهودهم للنهوض بالقضايا الاقتصادية التنموية الخاصة بالمجتمع العربي في البلاد والتي لا خلاف عليها وعلى أهميتها.

وللتسهيل على النواب، الجدد منهم والمخضرمين، في تحديد المواضيع والقضايا التنموية- الاقتصادية المُلّحة للمجتمع العربي في إسرائيل، نعرض في ما يلي 10 قضايا مركزية تحتاج إلى معالجة فورية ومستعجلة، ويمكن من خلال أدوات العمل البرلمانية المتوفرة النهوض بها ومعالجتها على أرض الواقع، أو على الأقل الضغط على الجهات الحكومية المسؤولة ومتابعة عملها في المجالات ذات العلاقة.

الأزمة المالية في السلطات المحلية العربية

هي المرض المُزمن والمستفحل الذي تعاني منه غالبية السلطات المحلية العربية. الأسباب معروفة للجميع؛ شح في الموارد المالية، ضعف في جباية الضرائب، فساد الإدارة، المستوى المهني المتدني للقوة البشرية وما شابه من عوامل أدت إلى تحول السلطات المحلية العربية إلى مؤسسات تعجز عن توفير الحد الأدنى من الخدمات البلدية الأساسية، ليصبح جمع النفايات وتوفير مياه الشرب ودفع رواتب الموظفين 'إنجازات' تتفاخر بها إدارة السلطات المحلية، وأمست خطط التنمية البشرية والبلدية المُستقبلية أحلاما جريئة لأصحاب الخيال الجامح. في المقابل تتعامل السلطة المركزية مع السلطات المحلية العربية عبر سياسية تمييزية واضحة من خلال اتباع سياسات تمويل ودعم مُجحفة لا تتوافق إطلاقا مع خصوصية السلطات العربية المحلية والصعوبات التي تواجهها على مستوى الجباية والضرائب والإدارة السليمة. تقع مسؤولية تدهور الحكم المحلي العربي على كاهل الكثيرين، أهمهم السلطات المحلية نفسها والجمهور العربي نفسه، لكن مسؤولية العلاج الفوري والجذري هي من مسؤولية السلطة المركزية والجهات الحكومية ذات العلاقة.

البطالة والتشغيل

في المجمل، وبحسب المعطيات الرسمية، نسبة مشاركة العرب في قوى العمل في إسرائيل لا تتجاوز 13%، أقل بكثير من نسبتهم من مجموع السكان (حوالي 20%). نسبة البطالة العامة في الدولة أقل من 7%، أما في المجتمع العربي فتتجاوز نسبة البطالة 25%، أي ربع القوى العاملة. ونحن نؤكد أن الحال على أرض الواقع أصعب وأن الإحصائيات الرسمية لا تعكس فعلا حجم المشكلة. في إطار قضية البطالة، نُسلّط الضوء على ثلاث محاور أساسية تتطلب حلا جذريا مستعجلا: البطالة بين النساء، البطالة بين الأكاديميين والبطالة بين كبار السن. في نظرنا يعتبر حل مشكلة تشغيل النساء المفتاح الأساسي لحل جزء كبير من مشاكل المجتمع العربي، الاقتصادية والاجتماعية. نسبة النساء العربيات المنخرطات في سوق العمل لا تتجاوز 30%، وهذا تقدير متفائل ويشمل النساء اللواتي يعملن في وظائف جزئية أو برواتب تقل عن الحد الأدنى للأجور. أما بين الأكاديميين فنجد أن المشكلة الأساسية لا تتعلق بالضرورة بإيجاد عمل، إنما في ملائمة العمل بالشهادات الأكاديمية، خصوصا في المجالات التي تُعاني من 'عرض مُفرط'، كالمعلمين/ ات، الصيدلة والمحاماة. أما بطالة كبار السن فلا أحد يتطرق إليها رغم أنها تنتشر حولنا في كل مكان. من منا لا يعرف عاملا أو أجيرا توقف عن العمل وهو في أواخر الأربعينات أو الخمسينيات لأسباب صحية أو بسبب فصله من مكان العمل وصعوبة إيجاد عمل جديد. فمن المعلوم أن نسبة كبيرة من قوة العمل العربية تعمل في أعمال يدوية/بدنية يصعب مزاولتها بعد سن معينة وتسبب أمراضا وآفات صحية مرتبطة بهذه الأعمال، الأمر الذي يدفع بالعامل إلى ترك في سن مبكرة نسبيا والاتكال على مخصصات التأمين الوطني البسيطة. معالجة قضايا البطالة العربية تتطلب رؤية شاملة وحلولا خاصة تأخذ بالحسبان الإشكاليات التي تُميزها في المجتمع العربي.

القرى البدوية غير المعترف بها في النقب

الغالبية العظمى من المواطنين العرب في البلاد تقطن في الجليل والمثلث. في النقب يسكن أكثر من 200 ألف عربي بدوي. فلنكن صريحين، بعدنا الجغرافي عن النقب يجعل أهله العرب شفافون بنظرنا. العرب في الشمال والمثلث لا يلتفتون في الغالب لما يحصل في الجنوب البعيد. يعيش في النقب 85 ألف عربي في 38 قرية غير معترف بها في ظروف معيشية يصعب علينا تخيلها، لا كهرباء ولا ماء ولا بنية تحتية أساسية، ولا مدارس ولا مؤسسات. نسبة وفيات الأطفال في هذه القرى أربع أضعاف المعدل العام. نسبة البطالة 80%. الظروف الاقتصادية وغياب الحل العادل يُحول أهالي هذه القرى إلى ضحايا الفقر والمرض والعنف. القضية في الأساس قضية أرض، وقضايا الأرض في جوهرها سياسية. لكنها أيضا قضية تنموية بالدرجة الأولى. تغيير حال سكان القرى غير المعترف بها هو شرط أساسي لتغيير حال العرب البدو في جميع مناطق النقب وللأمر إسقاطاته على المجتمع العربي ككل.

أزمة السكن

أصدر المركز العربي للتخطيط البديل مؤخرا بيانا في أعقاب صدور تقرير مراقب الدولة حول أزمة السكن في البلاد جاء فيه: 'عرض مراقب الدولة تقريرا مفصلا حول ازمة السكن في البلاد، وتطرق الى العديد من القضايا والمعيقات التي تسبب لهذه الأزمة ويبرز ان التقرير تجاهل ازمة المسكن في البلدات العربية، وهي ازمة متفاقمة اكثر بكثير من المعدل العام في كافة البلاد. ويرى المركز العربي للتخطيط البديل ان ضائقة المسكن تنبع من عدة اسباب اهمها عدم وجود تخطيط وعدم تقديم مساعدات في المسكن للأزواج الشابة، مما يؤدي الى ازمة خانقة في مناطق النفوذ وعدم وجود امكانيات اختيار في قضايا المسكن. فمثلا ارتفع ثمن قسائم البناء منذ عام 2009 بنسبة 450% اما عند قرار العائلة شراء شقة سكنية فعندها يظهر فارق كبير بين معدل الاجور الذي تحتاجه العائلة لشراء بيت في البلدات العربية مقابل المعدل العام. فمثلا في مدينة الناصرة تحتاج العائلة ل-190 معاش شهري لشراء شقة سكنية مقابل 145 المعدل العام. كما ان البلدات العربية تعاني من سكن غير منظم، حيث توجد أكثر من 30000 وحدة سكن بدون اي تنظيم تخطيطي، وتتواجد هذه الوحدات على اراض خاصة داخل مناطق نفوذ البلدات العربية. ويعاني اصحابها كل الوقت من شبح الهدم والغرامات الباهظة. وهذا بسبب عدم وجود تخطيط ملائم ومتعاون مع السلطات المحلية العربية ومع حاجيات وخصوصيات البلدات العربية. إلى جانب هذا، تبين المعطيات أن 60% من الجمهور العربي لا يملك أرض للبناء، والمخططات الحكومية لا تعطي اجوبة وحلول لهذه الشريحة الواسعة من المجتمع بالرغم من ان الحق في المسكن هو حق اساس على الحكومة ضمانه للمواطن. هذه الوضعية تجبر الازواج الشابة على البحث عن حلول اخرى، واحد البدائل السكنية الآخذة بالانتشار هو تقسيم بيت العائلة الى بيوت صغيرة وإسكان الابناء فيها'. السطور أعلاه تعكس في رأينا أخطر قضية اجتماعية-اقتصادية تواجه مجتمعنا العربي في المستقبل المنظور. على عكس وسائل الإعلام العبرية، يتجاهل الإعلام المحلي هذه القضية تماما، ربما بسبب عدم وجود معطيات كافية حولها أو لأنها لا تزال أزمة في طور التبلور. يتوجب على ممثلي الجماهير العربية في الكنيست وضع هذه القضية على رأس سلم أولويات عملهم واستخدام كافة الأدوات ووسائل الضغط على صنّاع القرار للتعامل مع هذه القضية والحرص أن تكون معالجة أزمة السكن في المجتمع العربي ضمن باقة الحلول التي ستُقدم للتعامل مع أزمة السكن العامة في البلاد.

العرب في القطاع العام

في الدوائر والمؤسسات التشريعية تُصنع القرارات، أما التنفيذ، أو التجميد، ففي يد 'البيروقراطية'. والبيروقراطية هي أجهزة إدارة الدولة من وزارات ومؤسسات وشركات حكومية وسلطات مُختلفة ومتنوعة. كثيرا ما نسمع تذمّر السياسيين من قوة 'الموظفين' ومن سيطرتهم على الموارد وعلى آليات تنفيذ القرارات. في عدد قليل من المؤسسات العامة نجد حضورا لا بأس به لموظفين عرب، أما في غالبية المؤسسات العامة والوزارات فنجد أن نسبة الموظفين العرب هي ما بين 'نادرة جدا' إلى 'معدومة'. بحسب الاحصائيات الرسمية، نسبة الموظفين العرب في القطاع العام 8%. هذه المُعطى مُضلل لأنه يشمل وزارة الصحة، حيث نجد تمثيل كبير للعرب بين الأطباء والممرضين/ات، ووزارة التربية والتعليم التي تضم آلاف المُعلمين العرب، ولا يعكس الواقع الحقيقي للغياب شبه المُطلق للعرب في غالبية الوزارات والمؤسسات والشركات الحكومية (مثلا: أقل من 1% في بنك إسرائيل، وزارة الإسكان، وزارة المالية، وزارة المواطنين القدامى). تعزيز الوجود العربي في القطاع العام وخاصة في الوزارات والسلطات المركزية شرط أساسي لتنمية المجتمع العربي، ولا أنسب من البرلمان لفرض هذا الأمر على صُنّاع القرار ومنفذيه.

هايتك عربي

منذ عقدين تقريبا، تُنافس تل-أبيب كبرى المدن العالمية في سباق تصّدر قائمة المراكز الدولية لصناعة الهايتك، أو باسمها العربي 'الصناعات فائقة التقنية'. في عام 2014 بلغ عدد العاملين في قطاع الهايتك الإسرائيلي 269 ألف مستخدم، أي نحو 10% من القوى العاملة في إسرائيل. عدد الشركات المُصنفة تحت هذا القطاع بلغت 5900 شركة في مختلف مجالات الصناعة. صناعة الهايتك الإسرائيلية بيضاء اشكنازية ذكورية ونسبة اليهود الشرقيين في هذه الصناعة تقل عن الربع. أما الحضور العربي في هذه الصناعة فقد ظل حتى بضعة سنوات معدوما تماما، في الغالب لحجج أمنية. دخول بعض الشركات العالمية إلى إسرائيل (إنتل، أمدوكس، مايكروسوفت وغيرها) غير الصورة قليلا وفتح الباب أمام المهندسين العرب للاندماج في هذه الصناعة. في السنوات الأخيرة ظهرت عدة مبادرات لمنظمات المجتمع المدني لتغيير الوضع وتعزيز مشاركة العرب في الهايتك الإسرائيلي، لكن على الرغم من الجهود، فإن نسبة العرب من مجمل العاملين في هذا القطاع لا تتجاوز 0.01%، أي أقل من 3000 مستخدم. لا يمكن تغيير الوضع بالاعتماد على مبادرات المجتمع المدني فقط بل تستوجب التحرك على مستوى تشريعي لإجبار الشركات والمؤسسات التكنولوجية على استيعاب موظفين عرب وتقديم امتيازات مالية للشركات التي تتبنى مبدأ التنوع في القوى البشرية وتعزيز الحضور العربي في هذه الصناعة، أيضا من خلال إدخالها للبلدات والمدن العربية.

المناطق الصناعية العربية

تعتبر المناطق الصناعية التابعة للمدن أو البلدات من أهم مؤشرات تطور وتحضر المدينة. في المناطق الصناعية تتمحور أهم النشاطات والفعاليات الاقتصادية والتنموية للمدينة وفيها تتجمع غالبية المرافق الصناعية والخدماتية. وتعتبر المناطق الصناعية أيضا مصدرا أساسيا للدخل للسلطة المحلية وللمدينة ككل. 2.5% فقط من المناطق الصناعية في إسرائيل هي في مناطق نفوذ مدن وبلدات عربية. 1% فقط من مدخولات الضرائب من المناطق الصناعية تأتي من مناطق صناعية عربية. عدم وجود مناطق صناعية في البلدات والمدن العربية هو السبب الأول في فشل النمو الاقتصادي لهذه البلدات. غياب المناطق الصناعية أو وجودها بمساحات صغيرة جدا (كما هو الحال في الناصرة مثلا) يعني القضاء على أي خطة تنموية اقتصادية حقيقية للبلدة، وترسيخ مكانتها كمكان للنوم فقط بالنسبة لغالبية القوى العاملة فيها وحصر أي نشاط صناعي أو خدماتي بالمشاريع الصغيرة فقط. نقص المناطق الصناعية في غالبية البلدات العربية لا يعني أن الموجود منها في حالة جيدة. المناطق المتوفرة تعاني من فقر شديد في البنى التحتية ومن البناء غير القانوني وغيرها من المعوقات التي تجعل المناطق الصناعية عالة على كاهل البلدة بدل من أن تكون رافعة اقتصادية حقيقية لقطاع الصناعة العربي.

المواصلات وقطار للعرب

في تاريخ 5.11.2006 أعلن شاؤول موفاز، وزير المواصلات آنذاك، عبر صحيفة دا ماركر الاقتصادية عن إقامة محطات للقطار في الوسط العربي حيث سيتم بناء خط قطار بين حيفا والناصرة مرورا بشفاعمرو ومحطات في بلدات عربية على خط 'قطار الأغوار'، وذلك ضمن خطة استراتيجية لتحسين المواصلات العامة في المجتمع العربي. في إطار تلك الخطة كان من المفترض إنهاء خط حيفا الناصرة خلال أربع سنوات، إلا أن المشروع ألغي لأسباب مختلفة. حاليا تشمل شبكة سكة الحديد في إسرائيل 55 محطة من نهاريا شمالا وحتى بئر السبع جنوبا. عدد المحطات في البلدات العربية صفر. حتى محطة 'لهافيم- رهط' في الجنوب هي عمليا في لهافيم (6000 نسمة) وليست في رهط (55 الف نسمة). خط القطار عكا كرميئيل الجاري تشييده حاليا يمُر بالقرب من الجديدة- المكر وبمحاذاة مجد الكروم، إلا أن البلدتين حُرمتا من محطة للقطار. عزل البلدات والمدن العربية عن شبكة القطارات يعني تقييد قدرتهم على الحركة والسفر مقارنة بسكان المدن والبلدات اليهودية (من نهاريا إلى حيفا هناك تسع محطات) وعائق في طريق التنمية الاقتصادية – المجتمعية. وإذا كانت متابعة وتغيير واقع شبكة سكة الحديد أمرا عسيرا على النواب العرب، يمكنهم العمل على تغيير واقع المواصلات العامة في البلدات العربية، فغالبية هذه البلدات تعاني من نقص حاد في خدمات المواصلات العامة المدعومة (خاصة الباصات)، وإلى البنية التحتية المطلوبة لتشغيل شبكة مواصلات عامة ناجعة.

سياحة عربية

سنة 2014 بلغ حجم السياحة الوافدة إلى إسرائيل 3.3 مليون سائح، في إطار السياحة الداخلية فقد تجاوز عدد الحجوزات الفندقية 16.7 مليون حجز. باستثناء الناصرة، لا نصيب يُذكر للبدات العربية من قطاع السياحة، لا الأجنبية ولا الداخلية، وهي تفتقر أصلا للبنى التحتية المطلوبة لبناء قطاع سياحي عربي. في المقابل نجد أن الإمكانيات السياحية الكامنة في البلدات والقرى العربية كبيرة جدا. في قسم كبير من البلدات العربية هناك 'بلد قديمة' إضافة إلى مواقع تاريخية وأثرية متنوعة مُهملة يمكن أن تتحول إلى نقاط جذب سياحية للسائح المحلي والأجنبي. كما وأن الموقع الجغرافي للعديد من القرى والبلدات، في الشمال وفي الجنوب، يمنحها أفضلية سياحية خاصة. بناء قطاع سياحي عربي يعني توفير آلاف فرص العمل الجديدة للمواطنين العرب إضافة إلى فتح مجالات عمل واستثمار غير قائمة حاليا في جميع مجالات السياحة (مطاعم، مقاهي، فنادق وغيرها). المسؤول الأول عن بلورة رؤيا شاملة لتطوير القطاع السياحي العربي هي الحكومة والجهات التخطيطية المختلفة، وبدون ضغط ممثلي الجمهور العربي لن يتحرك أحد في أبراج السلطة العاجية لتغيير الوضع القائم.

الزراعة العربية

نحن، فلسطينيو الداخل، أبناء وأحفاد فلاحين. السواد الأعظم من الفلسطينيون في الجليل والمثلث كانوا مزارعين بسطاء، وبفضل الزراعة، التي كانت القطاع الاقتصادي المركزي للمجتمع العربي في البلاد في الأربعينيات والخمسينات، نجحنا في الصمود والبقاء على هذه الأرض. حاليا يُشكل قطاع الزراعة العربية جزءً ضئيلا من الاقتصاد العام للعرب في إسرائيل، إذ لا تزيد نسبة العرب العاملين في الزراعة عن 3% (سنة 2008). تراجع القطاع الزراعي هو أمر طبيعي في أي اقتصاد حديث تميل فيه قوى العمل للانخراط في قطاعات الصناعة والخدمات، لكن ما حصل مع الزراعة العربية في بلادنا لا ينحصر فقط في 'التطور الطبيعي'. الأرض هي المورد الأساسي للزراعة، والأرض هنا هي أصل وجوهر الصراع، وعليه، كانت الزراعة العربية الخاسر الأكبر في الصراع الكبير على الأرض منذ بداية القرن وحتى يومنا هذا. مصادرة الأراضي لم تكن الأداة الوحيدة في يد السلطة لإضعاف وتهميش المزارعين العرب، فقد استخدمت خلال السنوات أدوات أخرى مثل منع العرب من زراعة أنواع معينة من المزروعات، وإقصائهم من برامج التطوير الزراعية التي تبنتها الدولة، ومنعهم من دخول مجال الزراعة الحيوانية (تربية المواشي والأسماك) وتأسيس محالب تجارية مستقلة وما شابة من معوقات. تطوير قطاع الزراعة العربية يستلزم إبطال وتعديل العديد من القوانين والأنظمة العنصرية التي تعيق تطويره ليصبح قطاعا اقتصاديا فاعلا في اقتصادنا العربي.

القضايا العشر المطروحة أعلاه هي جزء من مجموعة أوسع من القضايا التي تُشكل معوقات أمام أي مشروع تنموي للمجتمع العربي في البلاد. لم نتحدث عن ضرورة تحسين جهاز التعليم، ولا عن حقيقة عدم وجود أي مستشفيات حكومية في أي مدينة عربية، ولا عن ضرورة إقامة جامعة عربية والمزيد من القضايا. واقع الفقر والعنف والتهميش هو نتاج مباشر لفشل الدولة في حل هذه الأزمات (على فرض أن النية موجودة عندها أصلا).  في المقابل، نؤكد على أن توفير الحلول لمعالجة القضايا المفصلة أعلاه سيُشكل دفعة كبيرة للنهوض بالاقتصاد والمجتمع العربيين، فهل سيعي ممثلونا في البرلمان الإسرائيلي أهمية هذه القضايا ودورهم في تغيير واقعنا الاجتماعي – الاقتصادي؟ وهل سيكون بإمكاننا، نحن الجمهور، تحمل المسؤولة المطلوبة لمسائلتهم عندما تدق ساعة الحساب؟

(نُشر المقال في عدد أيار/ مايو الجاري من مجلة "مالكم" الاقتصادية - لتصفح المجلة إلكترونيا: www.malakom.net)

التعليقات