أهالي شهداء شفاعمرو: الشهداء ضحايا الإرهاب الرسمي

السياسات الرسمية التي تمارس التحريض وتزرع العنصرية والأحقاد والعنف وتخلق مناخا عدائيا هي السبب الأساس في تزايد المجرمين وجرائم العنصرية والإرهاب

 أهالي شهداء شفاعمرو: الشهداء ضحايا الإرهاب الرسمي

وضع أكاليل الزهور على النصب التذكاري للشهداء اليوم

تحيي مدينة شفاعمرو الذكرى العاشرة لشهداء المجزرة مساء اليوم، الثلاثاء، والتي راح ضحيتها أربعة من أبناء المدينة في شهر آب/ أغسطس من العام 2005 على يد الإرهابي نتان زادة، وهم ميشيل بحوث ونادر حايك و الشقيقتان هزار ودينا تركي نمارنة، وذلك بعد أن قام الإرهابي باطلاق النار بشكل عشوائي بهدف قتل مواطنين عرب استقلوا حافلة من حيفا إلى مدينة شفاعمرو، قبل أن يتمكن مواطنون غاضبون من شفاعمرو من صد الإرهابي ومنعه من مواصلة جريمته.

مع حلول الذكرى العاشرة تبين أن بعضا من أهالي الشهداء رحلوا وهم يحملون الجرح الذي رافقهم حتى الممات، وأحياء ما زالوا يحملون الجرح، ويستذكرون أعزاءهم، وينددون باستمرار التحريض وتفشي العنصرية التي ترعرع في ظلها القاتل الإرهابي.

اعتبر جان بحوث، النجل البكر للشهيد ميشيل بحوث، أن والده راح ضحية الإرهاب الرسمي، وأن هذه السياسات الرسمية التي تمارس التحريض وتزرع العنصرية والأحقاد والعنف وتخلق مناخا عدائيا هي السبب الأساس في تزايد المجرمين وجرائم العنصرية والإرهاب.

وقال 'على هذه المؤسسة أن تتدارك مخاطر ذلك، لأن لا أحد سينجو من دوامة العنف المتصاعدة. وأنا أعتقد أن الأمر خطير للغاية، حيث يتفشى العنف السياسي والعنف المجتمي، وبات العنف مشهدا يوميا يقلق الجميع، ينعدم معه الشعور بالأمن والأمان.

يوم الجريمة.. المجزرة

مارون ووسيم وجان أبناء المرحوم ميشيل بحوث لا زالوا طلابا يتابعون تعليمهم، ويستذكرون اليوم المشهود في حياة العائلة وتداعياته لغاية اليوم.

يقول جان: 'كنت في جيل 16عاما، ولا أفقه شيئا في السياسة. كنت أعيش مع أحلامي الصغيرة، وننعم بالأمان في بيت ودود ومحب وأب حنون محب للحياة ويتميز ببسمته العريضة الدائمة. ولم يخطر على بال أحدنا أن حياتنا ستنقلب رأسا على عقب، لتتوقف أحلامنا وطفولتنا عند حدود رصاصة غادرة وحاقدة أنتجتها السياسات العنصرية'.

وأضاف أن 'تلك اللحظة حددت دوري ومهماتي كابن بكر عليه أن يحمل المسؤوليات تجاه الأسرة لتحترق أجمل سنوات شبابي. لكن بالإرادة والمثابرة واصلنا مع أم حنون ومحبة طريقنا، رغم هذا الوجع ومر الفراق ومصاعب الحياة'.

وتابع: 'أذكر أنني كنت في عصر ذات اليوم نائما إلا أنني استيقظت مذهولا على صوت نحيب أمي وبكائها المر. سألتها عن السبب قالت أطلقوا النار على حافلة والدي. هرعنا على الفور إلى بيت جدي في منطقة السوق القديم في منطقة باب الدير لنجد حشودا من الأهالي ومن خارج المدينة. حاولنا معرفة التفاصيل حيث كان هناك تضارب في الحديث حول ملابسات الجريمة وعدد الضحايا. وبعد أن تأكد نبأ استشهاد والدي والشهداء الآخرين حاولت الوصول إلى مكان الجريمة إلا أن الناس منعوني من ذلك'.

الشهيد مدرسة للتفاؤل وحب الحياة..

يستعد جان أيام لعقد قرانه على شريكة حياته، ويختلط عليه الشعور بالفرح والحزن الشديد. ويقول 'أستفقده اليوم على نحو خاص. كان يردد أمامي دوما: إن كبر ابنك خاويه. أستفقده اليوم أكثر من أي وقت لأني اصبحت شابا وسأنهي تعليمي الجامعي، وسأستقر، وهذا شعور بالغياب والفقدان القاسي والمر، فأنا أحتاجه كما أشتاق له، وأستذكر بسمته وفرحه الدائم بنا'.

وحول القدر والجريمة استذكر جان 'في نفس يوم الاستشهاد لم يكن الوالد الشهيد يرغب بالذهاب للعمل بسبب فرح ابنة شقيقه إلا أنه تحت ضرورة الالتزام قرر أن يقوم بيوم عمل قصير قبل الظهر، وسفرية أخرى في ساعات العصر، ولكنها كانت الأخيرة'.

وأنهى حديثه بالقول 'سيبقى بالنسبة لنا مدرسة للمحبة والتفاؤل وحب الحياة. هكذا كان يربينا، وعلينا أن نستمر في الحياة مع العمل على نبذ العنصرية والأحقاد بكل أشكالها سواء كانت دينية أو قومية وغيرها'.

'عتبي على من يضع اسم الإرهابي إلى جانب أجمل الرجال'..

ميلادي بحوث، أم جان، زوجة الشهيد ميشيل بحوث، تعتب على وسائل الإعلام لمجرد ذكر الإرهابي باسمه. وتقول: لدي عتب على وضع اسم الإرهابي المجرم إلى جانب اسم أجمل الرجال وأنبل الناس، وهم الشهداء. لدي طلب وهو أن تعرفوه بالإرهابي والمجرم فقط دون تسميته'.

وتابعت: 'تأتي الذكرى العاشرة والحزن والفقدان لا يتقادمان بل يعمق الجرح والوجع لأن الأسباب التي قتل زوجي على خلفيتها لا زالت قائمة وتتزايد، فالتحريض العنصري يستمر من رأس الهرم إلى الشارع، ويتزايد القتل والحرق في هذه الأجواء الحاقدة'.

وتضيف أن الجريمة تتحدث عن ذاتها. فقد ارتكبها مجرم بدم بارد متأثر بأجواء العنصرية والتحريض الرسمي.  ولفتت أم جان إلى أن الأبناء أصبحوا شبابا، وتضيف 'نستفقده اليوم أكثر ونشتاق له كأب استثنائي بمحبته ومسؤوليته، وكانسان مسالم أحب الناس جميعا دون تمييز. عانيت الأمرين كمعيلة وحيدة، لكن عزائي بأبنائي الذين أفتخر بهم، وكذلك محبة الناس واحترامهم للشهيد زوجي. سنواصل الحياة على طريقه بمحبة الناس ونبذ الأحقاد والكراهية، وأنا أهتم بتربية أبنائي قبل التحصيل التعليمي لأن الأخلاق هي أولا.

شقيق الشهيد نادر حايك: رحل الوالدان بعد استشهاده وجرحهما مفتوح..

الصيدلي نزيه حايك، شقيق الشهيد نادر حايك، يختصر الكلام، ويعتبر أنه يجب أن يكون العمل ضد العنصرية والعنصريين، وأن عشر سنوات ليست كفيلة بدمل الجرح خاصة عندما يكون القاتل عنصريا حاقدا.

ويشير إلى أن فقدان نادر كان يمكن أن يكون فقدانا لأي عائلة كانت، لأن رصاص العنصرية والحقد أعمى، ولا يميز إلا وفقا لهوية الضحية القومية.

ويضيف أن والده رحل قبل أربع سنوات، في حين رحلت الوالدة قبل أشهر قليلة مع جرحها ووجعها على فقدان نادر.

وعن شقيقه الشهيد يقول: 'كان إنسانا خلوقا ومسالما تملأه الطيبة والحيوية. كان يتجمع حوله الشباب في متجره في باب الدير، وتدور نقاشات لطيفة، وكان يوليهم كل الاهتمام'.

يضيف: 'نقبل القدر، ولكن لا نقبل هذا الإجرام المدفوع بالأحقاد العنصرية. لقد أرادوا ترهيبنا وتفريقنا إلا أن الجريمة كانت عاملا موحدا وجامعا لنا. وبعد هذه الخسارة الكبيرة في هذه المجزرة علينا أن نحافظ على وحدتنا ومصلحتنا المشتركة في نبذ العنصرية بكل أشكالها'.

التعليقات