تفاح الجولان ثروة مهددة على محك الصمود والبقاء

زراعة تاريخية في هضبة الجولان السورية المحتلة وموسم كان يعتمده الجولانيون ثروة اقتصادية وطنية ومعيشية، لكنه لم يعد في السنوات الأخيرة كما كان، بل بات مغامرة ومقامرة تتهددها كل الاحتمالات بأثر الحرب الأهلية..

تفاح الجولان ثروة مهددة على محك الصمود والبقاء

صور من الجولان السوري المحتل التقطت بعدسة "عرب 48"

زراعة تاريخية في هضبة الجولان السورية المحتلة وموسم كان يعتمده الجولانيون ثروة اقتصادية وطنية ومعيشية، لكنه لم يعد في السنوات الأخيرة كما كان، بل بات مغامرة ومقامرة تتهددها كل الاحتمالات بأثر الحرب الأهلية وعدم القدرة على تصدير محصول التفاح إلى الوطن الأم من جهة وكساد السوق وعدم القدرة على المنافسة بالسوق الإسرائيلية من جهة أخرى، إلى جانب ذلك حالة الطقس المتقلبة التي أثرت سلبيا هذا العام على الموسم لحد كبير من حيث كمية وجودة ثمار التفاح.

أبو معضاد: 'عندما يكون الوطن بخير فنحن بخير'

المزارع أبو معضاد ابن بلدة مجدل شمس من الجيل القومي القديم، يعتبر أن 'كل المواسم لم يعد لها طعم ومعنى حقيقي خاصة في ظل الحرب والجراح المثخن بها الوطن'.

استذكر أيام زمان بألم وحسرة، وقال لـ'عرب 48' إنه 'صحيح أن إسرائيل تحتلنا منذ قرابة خمسة عقود، لكننا كنا على أمل وننتظر العودة للوطن، كانت مواسم التفاح أعراس وأفراح للصمود بتكافل أهل الجولان والثقة بالتحرير، وكانت الأرض والمروج تنتظر العودة كما كل طفل وامرأة وشيخ جولاني، لكن حال الوطن وما يتعرض له من تدمير شامل لم يترك لنا فسحة للراحة أو الفرح، بل انعكست آثار الحرب الأهلية على البشر والشجر وعلى هذا المرج الذي كان بمثابة موسم جامع لأعراس الفلاحين بعلاقاتهم ومودتهم وكرمهم وحسن معشرهم'.

وأضاف أن 'الموسم لم يعد له ذلك المعنى وتلك البهجة، بل يلفه الحزن والألم، وعندما أنظر إلى شجرة التفاح أو شجرة الكرز أراها تدمع وتبكي، ناهيك عن أن شجرة التفاح ومجمل الموسم كان الوطن لها الحاضن والمحب خاصة بعد أن سمح في أواخر السنوات قبل الحرب بفتح السوق السورية أمامنا لاستيعاب محاصيلنا بأسعار عالية ومربحة كدعم لاقتصادنا وتعزيز صمودنا إلا أنه وللأسف دمرت الحرب الأهلية كل شيء، لكننا نبقى على أمل لمعافاة الوطن'.

عواد: 'متشبثون بالوطن حتى الرمق الأخير'

واستعرض المزارع وصاحب بسطة في السوق الشعبي قبالة مقام 'اليعفوري' ويدعى عواد بدوره المتغيرات بلهجة الأسى والعتب، واعتبر أن 'ما كان من أمان في الماضي رغم الاحتلال من الصعب أن يعود'.

وأضاف 'أنا على المستوى الشخصي أتدبر أموري كما حال الكثيرين، لكن طعم التفاح وطعم المواسم لم يعد ذلك الطعم من نكهة الصمود والوطن المعافى والعلاقات الاجتماعية'.

ولفت عواد إلى أن 'التراجع طردي فكلما تواصل واشتد حال الحرب والعنف في الوطن كلما ألقى بظلاله على الجولانيين بمختلف مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والمعنوية'.
 

وشدد بالقول 'أنا قلق وكثر مثلي على مصير هذه الزراعة التي باتت معلما من معالم الصمود والبقاء والمعيشة في ظل الاحتلال، إذ أننا نقع بين نارين بل متاهة لا نعلم إلى أين تقودنا بعدما كنا ننتظر تحرير الوطن والرجوع للوطن الأم سورية، فالأمر مقلق للغاية وكأننا في متاهة لا ندري كيف وأين ستستقر بنا؟!'.

وخلص إلى القول 'إننا سنعمل المستحيل للتشبث بهذا الموروث من الأرض والنمط الفلاحي المميز حتى الرمق الأخير من حياتنا'.

قلعاني: 'لنعيد للوطن هيبته..'

وقال رفيق قلعاني، وهو ليس مزارع ولا يملك أرضا، بلغة الاغتراب، إنه على عكس الأكثرية الساحقة من أهل الجولان كونه  لا يملك أرضا ولا بساتين، لكنه يعتبر نفسه 'جزءا من الروح التي نبض بها مرج الجولان وبساتينه'.

وأضاف لـ'عرب 48' بالقول 'كنت جزءا عضويا من الجولان في الماضي وجزءا من روحه ومعانيه الاجتماعية ودلالة الكفاح والصمود إلا أنني أعتقد أن الأسى يلف الجميع كما هي حالي اليوم، وحقيقة لست متفائلا بعد أن فقدنا روح هذا الوطن وما يشهده من حالة كارثية، وبالتالي لم يعد التفاح تفاحا ولا المرج مرجا، لقد بات كل شيء كالحا وباهتا بل حزينا ومأساويا، ومع ذلك آمل أن تتغير الأحوال ليس لنعيد للتفاح نكهته، بل لنعيد للوطن سلامته وهيبته'. 

التعليقات