أم الفحم: صدمة من حالة انفلات أخلاقي لمراهقين

اقتحام وباء الإباحية لجدران المدارس من أوسع الأبواب وتسريب عشرات الصور الفاضحة لفتيات

أم الفحم: صدمة من حالة انفلات أخلاقي لمراهقين

في الأيام الأخيرة، زادت الأوضاع سوءا في مدينة أم الفحم من الناحية الاجتماعية، وخاصة في صفوف المراهقين، والمقصود هنا طلاب وطالبات المرحلة الثانوية.

ولعلّ سبب ازدياد الأوضاع سوءا هو اقتحام وباء الإباحية لجدران المدارس من أوسع الأبواب.

وكشف موقع عرب 48 عن أنه تم خلال هذا الأسبوع تسريب عشرات الصور الإباحية والفاضحة لأكثر من عشر فتيات.

وعلم أن شرطة أم الفحم حققت مع طالب ثانوي، جرى طرده لاحقا من مدرسته، بسبب ما فعله.

وقد أخلت الشرطة سبيل الطالب شريطة الاعتقال البيتي الذي انتهت مدته الأحد، الماضي، وسيتم عرض القاصر على ضابط الأحداث ومن ثم سيتقرر ما إذا سيتم إغلاق الملف أم سيقدم القاصر للمحاكمة.

ومن المتوقع أن تشهد المدينة في الأيام القريبة حملة اعتقالات مكثّفة في صفوف الطلاب على خلفية تسريب الصور.

يشار إلى أنه إضافة إلى هذه الصور، فقد تم أيضا تسريب تسجيلات صوتية لبعض الطالبات الثانويات.

وعمّت مدينة أم الفحم حالة من الغضب والاستنكار. وأكد بعض العاملين الاجتماعين صحة هذه الأنباء.

ومع مرور كل يوم، يتم الكشف عن فتاة أو فتاتين من المنطقة ممن بعثوا بصورهن إلى الشبّان، ولا زالت الأسباب مجهولة.

وذكرت مصادر أن هناك أنباء حول محاولة شبان الإيقاع بالفتيات عبر نشر صورهن، وتعميمهن بين جمهور الطلاب الثانويين'.

يشار إلى أن أشد ما أثار الشارع الفحماوي، هو كيف تم تسريب كل هذه الصور خلال أسبوع واحد؟ وما أهداف ذلك؟

وأعد 'عرب 48' تقريرا صحفياً تحدث فيه مع عاملين اجتماعيين ومعلمين بهدف مكافحة واجتثاث هذه الظاهرة قبل انتشارها.

وعن أسباب ذلك تقول العاملة الاجتماعية، أمال جبارين في حديثها لموقع عرب 48 إنها تعود، حسب رايها لـ'الفراغ الذي يعيشه الشباب اليوم،  وعدم وجود تقارب بين الشاب والأهل، والعيش بوحدة مع الحاسوب وشلة الأصحاب دون رقابة الأهل، وعدم إعطاء فرصة للشاب لتخطي مرحلة جيل المراهقة بطريقة سليمة ومع التوعية الكافية'.

وتابعت 'شبابنا ينكشفون لموضوع الجنس من خلال الحاسوب دون معرفة كافية بخطورة هذا الانكشاف وأضراره'.

وأضافت: 'والطريقة لعلاجه برأيي هو من خلال دورات تثقيفية وتوعوية بموضوع جيل المراهقة والتربية الجنسية، بالإضافة لموضوع هام جدا، وهو العمل على التركيز مع الأهل والمربين والمستشارين في المدارس للتركيز على موضوع الرجوع للأخلاق والقيم، وبضمنها إعطاء الآخر حقه واحترامه، ومن هنا نتعلم احترام الجنس الآخر، وعدم التعرض لهن واحترامهن. موضوع التوعية ليس فقط للشباب وانما للفتيات أيضا، ومحاولة التقرب منهن وتوعيتهن قدر الإمكان من الوقوع في شرك أمثال هؤلاء الشباب. كما وأرجو التركيز على موضوع التواصل بين الأم وابنتها وابنها وكذلك الأب'.

وأشارت إلى أن: 'من تجربتي مع الآباء والأمهات، هناك فجوة بين الأهل وأبنائهم بالنسبة لكل موصوع جيل المراهقة والتغيرات الجسدية والنفسية والاجتماعية التي يمر بها الشباب في هذه المرحلة، وألاحظ عدم وجود قدرة وأدوات لدى الأهل للتعامل مع المشاكل في هذه المرحلة، لذا أرى من الواجب العمل على توعية الأهل وإعطائهم الأدوات للتعامل مع أبنائهم وضرورة التقرب منهم قبل فوات الأوان. ويجب على أئمة المساحد التركيز على هذا الموضوع في خطبة يوم الجمعة أو الدروس الدينية التي تعطى في المساجد أو في أي فرصة تتاح لهم للحديث عن هذا الموضوع'.

وقال مركز اتحاد الشباب الديمقراطي في أم الفحم، محمد خضر جبارين، في حديثه لموقع عرب 48: 'إن ما نراهن عليه في كل الأوقات والأزمنة هو الشباب. هذا الجيل الذي صنع التاريخ وحرر أوطانا وشعوبا تقدمت حضاريا من ابتكار وفكر الشباب، اليوم نحن في مأساة فهناك شباب يغرقون في حالة ضياع، حيث من السهل أن يتأثر جيل شاب بجيل سابق لا رادع عنده، والانصراف إلى التفاهات والتصنع والاستخفاف'.

وأضاف 'لذلك نرى هذه الشوائب، من انفلات أخلاقي في المدارس، ومن زعرنة على الطرقات، وواسطة مركيات تجوب الشوارع بموسيقى صاخبه مزعجة وتثير الاشمئزاز، ناهيك عن إطلاق الرصاص في ساعات متأخرة من الليل وبات مصدر رعب لأطفالنا. اليوم يجب أن نقف كلنا ونستنكر هذه الأفعال بشكل جازم وحازم، إذ لا يمكن أن نبقى مكتوفي الأيدي، ونحن نعرف أن الشرطة متقاعسة، وبشكل واضح كأنها هي المساعد والمساهم في انحراف شبابنا'.

وأشار إلى أنه 'على كل الجهات أن تأخذ دورها، من أب وأم ومجتمع ومؤسسات وأطر فاعلة اجتماعيا، وأيضا البلدية التي يجب أن تتخذ إجراءات صارمة  حيال مركز الشرطة. وكذلك البحث عن إستراتيجية تكمن في بناء نوادي وملاعب وبرامج شبابيه تستوعب شبابنا. نحن كمجتمع يجب أن تكون لنا كلمة أيضا حتى لو كان من خلال إضراب ليوم واحد ضد كل هذه الظواهر الهادمة، وأن نبني لجنة شباب مستقلة من أشخاص لهم باع في العمل الوطني والاجتماعي والديني'.

واختتم حديثه بالقول: 'بالنسبة للأهل، يجب أن نستيقظ من سباتنا، فإذا ضاع شبابنا ضاعت حياتنا. يجب الاهتمام بهم وبتربيتهم. الحديث طويل والألم كبير، ولكن الأهم ألا نبقى غافلين عن أبنائنا'.

بدوره قال الناشط الاجتماعي، الطالب قيصر أبو شما لموقع عرب 48: 'بدايةً إخواني وأخواتي الأعزاء أتقدم بأحر التعازي إلى ضمائر هؤلاء الشبان الذين يسمحون لأنفسهم بفضح عرض وشرف أي فتاة مهما كانت صفاتها الأخلاقية من خلال نشر صور إباحية لها عبر مواقع الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الإجتماعي خاصة. ظاهرة ليست جديدة على الوسط العربي، ولكنها ظاهرة تصنع الخزي والعار لكل من شارك في تذويتها سواء من شاب أو فتاة'.

وقال 'لن أعتلي منبر المدافعين عن حقوق المرأة في هذه الحالات، ولا منبر الشاب الذي يبرر الفعل الذكوري الذي له دور لا يقل عن دور الفتاة في مثل هذه الحوادث الشائنة والحوادث الفاضحة التي قد تؤدي ضياع المستقبل، سواء للشاب أو الفتاة بحكم العادات والتقاليد والطقوس الدينية المتجذرة في أكثر من ثلثين الوسط العربي في البلاد'.

وتابع: 'في مثل هذه الحالاتِ عادةً ما تقع مثل هذه الحوادث نتيجة علاقةٍ عاطفية موهومة في جيلِ المراهقة التي لا تصلح لاتخاذ قرارات جدية، مثل قرار شريك الحياة أو الزوج، ومن منطلق الجهل نرى أن العلاقة تحولت من علاقة عاطفية إلى علاقة حيوانية جنسية المستوى المنحط الذي يسبب أضرارا مؤكدة'.

ووجّه أبو شما نصيحة للطلاب دعاهم فيها إلى تجنب ارتكاب مثل هذه الأفعال الشائنة، والتمسك بالأخلاق الحميدة والقيم.

وعقّب الناشط الاجتماعي، محمود حصري على الموضوع قائلا لعرب 48: 'لعل أحد الأسباب التي أدت ببعض شباب هذا الجيل إلى الانفلات الاخلاقي والجنسي هو افتقارنا للثقافة الجنسية، والتثقيف على أن المرأة هي إنسان له حقوق، وليست مرمى أهداف للشهوات الجنسية'.

وبحسبه فإن الثقافة الجنسية مطلوبة، ومن شأنها أن تساهم في تفادي مثل هذه الأفعال.

ووجّهت المربية إسراء محاميد رسالة للمراهقين عبر موقع عرب 48 قالت فيها: 'كما نعلم جميعا، فإن العولمة قد اجتاحتنا من كل حدب وصوب، حتى لم نعد نستطيع السيطرة على مجرياتها، وبات أبناؤنا يسبقوننا بحقبات زمنية من حيث التكنولوجيا والخبرة بعالم الانترنت الافتراضي حتى بتنا نشعر أن بيننا وبينهم فجوة وهوة، وأصبحنا نسير وإياهم في خطين متوازيين لا يلتقيان، ورغم كل هذه العقبات إلا أنني أجد أفضل وسيلة لرأب الصدع وإغلاق الفجوة هي الحوار والتقرب منهم وإيصال أمور تربوية لهم بشكل غير مباشر، وليس على سبيل الأوامر. ومن المهم أن يكون التقرب جسديا وعاطفيا وفكريا بحيث نحتضنهم على جميع هذه المستويات'.

وأكدت: 'أبناؤنا هم فلذات أكبادنا، وهم نتاجنا في هذا العالم، لذا فلنحسن النتاج ولنجلب للعالم أفرادا صالحين، يسعون للإصلاح في المجتمع'.

وقالت 'أحب أن أتطرق لأحد الجوانب الرهيبة في عالم الانترنت، والذي أصبح يهددنا ويهدد جيلا بأكمله، فبتنا نسمع عن شباب وفتيات في عمر الزهور يسقطون في فخ الانترنت وشبكات التواصل ويستسلمون لقذارته'.

وزادت: 'فلا تظنن أيها الوالد أن ابنك أو ابنتك في مأمن من أهوال النت، بل كن على يقين أن تواجده هناك أخطر بكثير من التواجد في الشارع، لذا كن رقيبا حسيبا وتنبه لخطواته، شاركه همومه ومشاعره وقصصه حتى لا ينفلت إلى عالم الجريمة الانترنتية التي لا تقل فسادا عن أي جريمة. ولا أريد أن أتطرق هنا إلى أنواع الجرائم التي ترتكب على النت وباسمه فالجميع يعلمها. ويبقى السؤال إلى متى سنترك أبناءنا يغلقون أبواب غرفهم عليهم كي ينفرد بهم هذا الوحش الإلكتروني دون أن نضعهم على الطريق السليم ونعلمهم الخطأ من الصواب'. على حد قولها.

وختمت حديثها بالقول: 'أدعو لصحوة أبوية جارفة قبل أن يفوت الأوان، فنتمنى أن الذي جرى ما كان'.

التعليقات