الطيبة: ما الجدوى من فتح مركز جديد للشرطة؟

تُكثّف الشرطة الإسرائيلية عملها بهدف تنفيذ مخطط فتح 10 مراكز جديدة في البلدات العربية وتجنيد 1350 شرطيا جديدا، بادعاء محاربة العنف والجريمة في المجتمع العربي، في الوقت الذي أثيرت فيه تساؤلات عديدة حول أهداف المخطط السلطوي والجدوى منه.

الطيبة: ما الجدوى من فتح مركز جديد للشرطة؟

انتقادات لاذعة واستياء عارم من عدائية الشرطة (صورة توضيحية)

تُكثّف الشرطة الإسرائيلية عملها بهدف تنفيذ مخطط فتح 10 مراكز جديدة في البلدات العربية وتجنيد 1350 شرطيا جديدا، بادعاء محاربة العنف والجريمة في المجتمع العربي، في الوقت الذي أثيرت فيه تساؤلات عديدة حول أهداف المخطط السلطوي والجدوى منه.

وفي بلدية الطيبة استُقبل، الأسبوع الماضي، اللواء في الشرطة الإسرائيلية، جمال حكروش، وعدد من ضبط الشرطة، عرض على إدارة البلدية برئاسة المحامي شعاع منصور، خطة عمل بزعم 'تحسين خدمات الشرطة في الطيبة'، وروّج لمخطط فتح مركز تجنيد أبناء وبنات الطيبة في الشرطة، في الوقت الذي تُوجه فيه اتهامات للشرطة بالتعامل بعنصرية مع المجتمع العربي مثلما جاء في تقرير 'لجنة أور'، التي حققت في هبة القدس والأقصى العام 2000 في أعقاب سقوط 13 شهيدا من المواطنين العرب.

وأعلنت الشرطة أمام الحضور في الجلسة أن 'هدف الزيارة إلى بلدية الطيبة يهدف لدمج الشباب والصبايا من المدينة بالشرطة'، وذلك بادعاء 'مكافحة العنف والجريمة وتحسين خدمات الشرطة'.

إلى ذلك، لاقت تصريحات الشرطة معارضة شديدة وانتقادات لاذعة واستياء عارم في الشارع الطيباوي، وهاجموا هذا المُخطط الذي يستهدف أبناء وبنات الطيبة، وطالبوا بلدية الطيبة برفض هذه التصريحات والمخططات التي تحاول أن تفرضها السلطة في محاولة جديدة لشطب الهوية العربية الفلسطينية من ذاكرة الأبناء، وتجنيدهم بالشرطة التي فشلت فشلا ذريعا في مكافحة العنف والجريمة بالبلدات العربية، وأسرلة العرب الفلسطينيين في الداخل.

لا تزال مدينة الطيبة تلعق مرارة اللوعة والألم، بسبب جرائم القتل التي شهدتها في السنوات الماضية، فأكثر من 150 جريمة قتل شهدت المدينة خلال 20 عاما، أخفقت الشرطة بفك رموز الغالبية الساحقة منها، إضافة إلى أن الطيبة إحدى البلدات التي قُتل عدد من أبنائها الشباب برصاص الشرطة، فقد شيّعت الطيبة 6 ضحايا قتلوا برصاص الشرطة كان آخرهم الشاب سند حاج يحيى (26 عاما) في شباط/ فبراير مطلع العام الجاري.

موقف بلدية الطيبة

وقال الناطق بلسان بلدية الطيبة، فالح حبيب، لـ'عرب 48'، إن 'المعلومات المتوفرة لدي تُشير إلى أن هذه الزيارة ترمي إلى تحسين الخدمات الشرطية في المجتمع العربي وتطويرها'.

وأضاف أن 'هناك أزمة ثقة عميقة ومتجذرة بين المجتمع العربي وجهاز الشرطة لأسباب عديدة يطول شرحها، ولا أجدد في ذلك، لهذا الشرطة مطالبة دائما بتفعيل دورها المدني تجاهنا كمواطنين عرب في البلاد وليس دورها الأمني فقط لجسر الهوة بين الطرفين'.

منظر عام لمدينة الطيبة

غير أنه قال إن 'السلطات المحلية هي مؤسسات رسمية جماهيرية خدماتية يتوجب عليها التعاون مع جميع الجهات سعيا منها لتوفير وتعزيز الخدمات والظروف المعيشية الكريمة للمواطن، وهذا يجب أن يكون واضحا دون تأتأة، وهذا ليس بالضرورة مشروطا أو مربوطا بإِفراط أو تفريط وسلخنا عن هويتنا'.

وأكد أنه 'للأسف مجتمعنا العربي ينزف والعنف فيه مستشر، ودائما، سرعان ما نُحمّل المسؤولية للسلطات المختلفة وجهاز الشرطة، وبحق، وفي نفس الوقت نجد من يطالبها بعدم دخول قرانا ومدننا العربية، لهذا يجب اِتخاذ وتحديد موقف واضح جاد شمولي في هذه القضية وغيرها، إلى أين وجهتنا كمجتمع. أما فيما يتعلق بالموقف العام، فبلورته مسؤولية جماعية لكل القوى السياسية الاجتماعية الوطنية وغيرها التي تمثلنا كأقلية وكمجتمع عربي'.

أزمة ثقة

وقال الشاب محمود حاج يحيى، لـ'عرب 48': 'نحن نرفض بشدة التجنيد لصفوف الشرطة وغيرها من المؤسسات التي تعمل على محو هويتنا الوطنية'.

وأكد أن 'الشرطة في الطيبة فشلت في كل المجالات، ليس لها الحق أن تطلب من الشباب أن يخدموا في صفوفها، الشرطة تنتشر في الشوارع لنشر الخوف والرعب بين الشباب، هذا شعورنا تجاهها ونحن لا نثق بها بتاتا'.

وقالت والدة المرحوم عبد الحميد تلي، الذي سقط ضحية برصاص الشرطة في العام 1992 بعد مطاردة بوليسية، لـ'عرب 48'، 'إن النار بقلبي على جريمة قتل ابني برصاص الشرطة لم تنطفئ لغاية اليوم، لقد قتلوه بدم بارد مع العلم أنه كان باستطاعتهم أن يقبضوا عليه، لكنهم اختاروا أن يقتلوه. ولو لم يكن ابني عربيا لما قُتل، يد الشرطة على الزناد سهلة جدا عندما يكون الضحية عربيا'.

ورأت أن مخطط تجنيد شباب الطيبة لصفوف الشرطة الإسرائيلية، 'وقاحة من قبل الشرطة التي تحاول أن تستدرج شبابنا، في وقت لا تعمل شيئا لصالحنا، لا نريد ان يكون شبابنا في الشرطة التي تقتل أبنائنا بدم بارد، الشرطة تتعامل معنا كأعداء، فكيف لنا أن نقبل بالتطوع أو الخدمة في صفوفها؟'.

ووجهت رسالة للشباب، وقالت: 'ارفضوا التجنيد ما دام في وجوهكم ذرة نخوة، الشرطة مثلها مثل الجيش الإسرائيلي، إنها جهاز قمع للعرب فقط'.

نقد للبلدية

وقال شادي برانسي، لـ'عرب 48': 'أعتب من باب الحب والأخوة على بلدية الطيبة بالذهاب بعيداً وفتح الباب على مصراعيه لأجهزة الشرطة والأمن لتنفيذ مخططات هدفها النيل من مجتمعنا، ونطالب بلدية الطيبة بالعدول عن هذا المسلك والعودة إلى أحضان الشارع الطيباوي والعمل بانسجام مع مطالب الشارع الطيباوي وعدم اتخاذ قرارات مصيرية مليئة بالمخاطر على مجتمعنا'.

وأشار إلى أن 'الشرطة الإسرائيلية أثبتت على مدار الزمن أن وجودها بالمجتمع العربي لا يتعدى كونها كذراع أمني بامتياز، وهي جهاز عنصري، آخر ما يعنيها مصلحة الشارع الطيباوي وأمنه'.

وتابع قائلاً: 'أنا مع بناء جهاز تطوعي محلي كبير ودائم، يشجع ويعطي الفرصة والمحفزات لكل من يريد التطوع، بعيداً عن أجهزة الدولة الأمنية'.

وأضاف أنه 'على بلدية الطيبة مطالبة شرطة إسرائيل، بشكل رسمي وعلني، بأن تتحمل مسؤولياتها تجاه الطيبة وإنهاء ظاهرة الأسلحة المرخصة وغير المرخصة وإعادة الأمن والأمان للمواطن الطيباوي بكل مناحي الحياة، دون تنازلات غير مبررة. واجب إعادة المصداقية للشارع الطيباوي تتحمله الشرطة لا غير'.

مكيجة

وأعرب عضو بلدية الطيبة، سامي ياسين، عن عدم استغرابه من زيارة جمال حكروش وضباط من الشرطة الإسرائيلية لبلدية الطيبة، وقال لـ'عرب 48'، إن 'حكومات إسرائيل المتعاقبة لم تكف عن المحاولات لتجنيد شبابنا لأجهزتها الأمنية المختلفة منذ قيام الدولة، وبعد فشل كل مخطط سلطوي كهذا تقوم السلطات الإسرائيلية بإغراق بلداتنا العربية بمخططات جديدة، بصورة محسّنة ومجمّلة عن سابقاتها، مرة بزعم الواجبات قبل الحقوق وأخرى باسم الخدمة المدنية، وكذا الشرطة الجماهيرية و'ميلا'، ثم مخطط تجنيد الشباب العرب المسيحيين، بهدف دق الأسافين بين أبناء الشعب الواحد'.

وأضاف أن 'جماهيرنا تعاني يوميا من بطش الشرطة التي تتعامل معنا كأعداء وليس كمواطنين. لم ننس هبة القدس والأقصى العام 2000، منذ ذلك الحين قٌتل أكثر من 52 مواطنا عربيا برصاص الشرطة، ولم يُعاقب القتلة حيث أغلقت ملفات التحقيق بحق أفراد الشرطة الذين قتلوا 13 زهرة من شبابنا في العام 2000، وبعد تقديم توصيات لجنة 'أور' لم يٌحاكم شرطي واحد، وأُغلقت كل الملفات ضدهم، ورغم أننا جمعنا 250 ألف توقيع مطالبين بفتح الملفات من جديد وتقديم أفراد الشرطة الذين قتلوا أبناءنا بدم بارد للمحاكمة، لم نلق أي اهتمام من قبل السلطات'.

اقرأ/ي أيضًا | مراكز جديدة للشرطة في 10 بلدات عربية

وأعرب عن عدم ثقته بالشرطة، وقال 'لا نثق بالشرطة والأجهزة الأمنية الإسرائيلية التي تستجوبنا بالمطارات فهي نفس الشرطة التي تقمعنا بالمظاهرات وهي نفس الشرطة التي تغلق كل ملفات الجرائم بالمجتمع العربي بادعاء عدم توفر الأدلة'.

اقرأ/ي أيضًا | إجماع رافض لفتح 10 مراكز شرطة في بلدات عربية

وحذّر الجميع مما وصفه بـ'الكلام المعسول المغموس بالسم'، مؤكدا أنه 'على الشرطة أن تقوم بواجباتها أولا، لا أن تحمّل المسؤولية للضحية'.

التعليقات