الرامة: 13 قتيلا خلال 13 عاما

قرية الرامة لا تزال تلعق جراحها إزاء تفشي جرائم القتل في السنوات الأخيرة علمًا أن هذه الجريمة الثالثة عشرة في غضون 13 عاما بما يعادل جريمة قتل واحدة في كل عام

الرامة: 13 قتيلا خلال 13 عاما

اتشحت الرامة بمنطقة الشاغور بالسواد منذ ساعات صباح اليوم، الإثنين، في أعقاب مقتل لينا أحمد متأثرة بجراحها الخطيرة الناتجة عن تعرضها لجريمة إطلاق نار بينما كانت تقود سيارتها في حي 'الدبة' بالقرية.

وأعرب مواطنون من الرامة في حديث لـ'عرب 48'، من مكان الجريمة صباح اليوم، عن قلقهم وغضبهم الشديدين في ظل استشراء العنف والجريمة في المجتمع العربي، مطالبين بوضع حد لظواهر العنف والإجرام التي باتت تهدد حياتهم.

يشار إلى أن قرية الرامة لا تزال تلعق جراحها إزاء تفشي جرائم القتل في السنوات الأخيرة، علمًا أن هذه الجريمة الثالثة عشرة في غضون 13 عاما، بما يعادل جريمة قتل واحدة في كل عام.

كانت أولى هذه الجرائم في العام 2004، حين قتلت داليا غزاوي بإطلاق نار في شهر كانون الأول/ديسمبر، ثم في عام 2006 قتلت نوال حسن بجريمة طعن في شهر أيار/مايو، وفي عام 2007 قتلت كل من مريم وابنتها وردة بارود بجريمة طعن في شهر أيار/مايو.

وفي عام 2010 قتل كل من رائد سواعد بإطلاق نار في شهر آب/أغسطس، وأيال حمدان بإلقاء قنبلة على مكان عمله في شهر تشرين الأول/أكتوبر.

وفي عام 2012 قتل مضر خطيب بإطلاق نار في شهر شباط/فبراير، بعدها قتل د. مجدي أبو لطيف وهو شقيق رئيس مجلس محلي الرامة الحالي، شوقي أبو لطيف، بإطلاق نار في شهر نيسان/أبريل من العام ذاته.

يذكر أن العام 2016 كان الأكثر دموية في قرية الرامة، بعد أن وقعت خلاله 4 جرائم إطلاق نار أودت بحياة كل من سميرة إسماعيل في كانون الثاني/يناير، حسين قبلان وهو شقيق رئيس مجلس محلي بيت جن، بيان قبلان، في شهر أيار/مايو، بالإضافة إلى سعيد سمعان وأنور فارس اللذين قتلا سويا في شهر تشرين الأول/أكتوبر.

وقال المختص في علم الإجرام، د. صالح نجيدات من قرية عيلبون، لـ"عرب 48"، "هناك أكثر من سبب يقف وراء تفشي العنف والجريمة في المجتمع العربي في البلاد، لا سيما وأن غالبية الانحرافات السلوكية والفكرية تحدث بسبب افتقار الأفراد المنحرفين إلى احتواء أسرهم وتوفير الحضن الدافئ لهم، كما بسبب الحرمان العاطفي وجفاء العلاقات بين الأهل والأبناء، ما يؤدي مستقبلا إلى استعمالهم المخدرات وانتشارها والتجارة فيها وبالسلاح الغير مرخص، في ظل غياب التربية الملقاة على كاهل الأهل والمؤسسات التربوية والتعليمية، كما ضعف صلاحيات المعلم واهتزاز مكانته والتركيز على التعليم وليس على التربية في المدارس، الأمر الذي يؤدي إلى تنامي ظاهرة العنف بين طلابنا حتى تصبح اللغة الوحيدة لحل المشاكل هي العنف".

وأضاف "من هذا المنطلق نرى بأن الروابط العائلية وصلاحيات الأهل قد ضعفت كثيرا نظرًا لانشغال كل منهما في أموره، علمًا أن أكثر من 60 بالمئة من الأهل هم محدودو الثقافة، ومن ناحية أخرى غير قادرون على التربية في عصر الانفتاح والعولمة والثورة التكنولوجية".

وأكد أن "جيل الآباء لم ينجحوا في نقل الموروث الحضاري من قيم وعادات وتقاليد إلى الأبناء، الأمر الذي أدى إلى حدوث فراغ  ثقافي وتربوي ملأته محطات التلفاز الهابطة واقتباس الأبناء قشور الحضارات الأخرى، ما أدى إلى ضياع قيمنا وعاداتنا التي شكلت في الماضي السور الواقي والمانع من الانحرافات وارتكاب الجرائم، كما أن إهمال التربية والإرشاد أدى إلى تسرب نسبة من طلاب المدارس في سن صغير من مقاعد الدراسة حتى باتوا بدون إطار تربوي، الأمر الذي دفعهم إلى التسكع في الشوارع بدون عمل إلى جانب مرافقة أصدقاء السوء وانحرافهم وانزلاقهم إلى مستنقع العنف والجريمة، مع الإشارة إلى أن الأبحاث العلمية تشير بأن أخطر المجرمين خرجوا من هذه الشريحة".

وأشار إلى أنه "كانت لي توجهات عديدة لرؤساء سلطات محلية وجهات مسؤولة أخرى، حيث اقترحت عليهم استنباط وظيفة مصلح اجتماعي في كل قرية مكون من محامين ورجال إصلاح وموظفين اجتماعيين في سبيل حل المشاكل قبل أن تصل إلى ما لا نحمد عقباه، إلا أنه وللأسف الشديد لم ألق أي تجاوب مع ذلك حتى الآن".

وشدد أن "تقاعس الشرطة وعدم القيام بدورها في فك رموز جرائم القتل بالمجتمع العربي، يؤدي بدون شك إلى تشجيع ووقوع جرائم قتل أخرى نظرًا لعدم وجود رادع، بخلاف ما نراه في المجتمع اليهودي".

وأردف أن "جرائم قتل النساء معظمها ترتكب على خلفية ما يسمى بشرف العائلة، وفي هذا الصدد نرى أن عدد جرائم قتل النساء في المجتمع اليهودي أكبر منه في مجتمعنا العربي".

وأنهى حديثه قائلًا إنه 'ومن أجل كبح جماح ظواهر العنف علينا نشر التوعية في المؤسسات التربوية والتعليمية، وتربية أبنائنا بحسب القيم، وأهمها التسامح، والتي نرى أنها غائبة بالفعل فيما بيننا'.

 

التعليقات